رجال في ذاكرة التاريخ

> نجيب محمد يابلي:

> 1- صالح عبدالرحمن: أضلاع مسيرة حياته: عدن - أبوظبي - القاهرة .. الولادة والنشأة .. صالح عبدالرحمن محمد سعيد من مواليد الشيخ عثمان عام 1932م حسب تقدير أبرز مجايليه الأستاذ عبده حسين أحمد، الذي قال لي: صالح عبدالرحمن يرحمه الله يكبرني بثلاثة أعوام، ولذلك فهو على الارجح من مواليد عام 1932م، أما الأخ العزيز سالم صالح غراب، أحد فرسان كرة القدم في خمسينات وستينات القرن الماضي فقد قال لي: كان صالح عبدالرحمن، يرحمه الله بعمرنا ولذلك فأنا أرجح تقدير الأستاذ عبده حسين أحمد.

نشأ صالح عبدالرحمن في الشيخ عثمان وتلقى دروسه الأولى في كتاتيبها ثم التحق بمدارس عدن واعتمد بعد ذلك على تثقيفه الذاتي وأثر وتأثر بالمناخ الثقافي والسياسي الذي ساد الساحة التي أنجبت نوابغ وفلتات قلما يجود الزمان بمثلها، وخرج صالح عبدالرحمن إلى ميدان العمل والحياة وكان من حسن طالعه التحاقه بشركة (شل) البترولية وكانت واحدة من أرقى المؤسسات الاقتصادية.

كان من زملاء صالح عبدالرحمن في شركة شل: الفنان الكبير محمد مرشد ناجي والأخ محمود عبدالله عراسي، محافظ عدن الأسبق والأخ محمد عمر باطويل، الشاعر المعروف والأخ عبدالغني مقطري (الدكتور حاليا) إلى جانب آخرين سنأتي على ذكرهم.

صالح عبدالرحمن من الرعيل النقابي الأول
في قصيدة رثاء طويلة قالها الأستاذ عبدالقادر أمين، العضو الأسبق للجنة التنفيذية للجبهة القومية الرئيس الأسبق للاتحاد العام لعمال اليمن في الفقيد المناضل صالح عبدالرحمن محمد سعيد، الرئيس الأسبق للنقابة العامة لعمال البترول وأحد قادة حرب التحرير جاء في مطلعها:

لئن شاءت الأقدار ليس يردها

طبيب وعلم بالقوانين محكم وجاء في سياقها:

وفي صالح العمال كم كان مخلصا

يضحي بأرقى منصب فيه يفهم ماذا يقول عبدالرزاق معتوق؟

كان صالح عبدالرحمن من اللاعبين المتألقين في خمسينات وستينات القرن الماضي وارتبطت شهرته مع شقيقيه أحمد عبدالرحمن ومحمود عبدالرحمن بنادي الهلال الرياضي في الشيخ عثمان ووردت تفاصيل ذلك في كتاب «تاريخ الحركة الرياضية في عدن - جنوب اليمن» (ص-151) لمؤلفه عبدالرزاق معتوق ومنها أن نادي الهلال تاسس في 19 يوليو 1951م وأرجع الفضل الأكبر في تأسيسه إلى السادة: حسين عبدالله عمر القاضي وناصر محمد مريدي وصالح عبدالرحمن وعبدالرحيم قائد علي وأحمد قحطان وناصر عمر فرتوت، وكان من أبرز لاعبي فريق ذلك النادي: علي محمد سعيد مسرج وناصر محمد مريدي وسالم صالح الغراب وناصر عرجي وصالح عرجي وصالح عبدالرحمن ومحمود عبدالرحمن وأحمد عبدالرحمن وعبدالله أحمد عبيدو وإبراهيم أحمد عبيدو وغيرهم.

صالح عبدالرحمن وملاذه الآمن في دولة الإمارات
تمتع صالح عبدالرحمن وغيره من المواطنين بكامل استقرارهم الذهني والنفسي في ظل الإدارة البريطانية ومن جزئيات ذلك الاستقرار تمكين الموظف في السلك الحكومي أو الخاص الأجنبي من حق السكن، إما في مساكن أنشأتها الدولة وهي كثيرة في سائر مدن عدن، أو من خلال قروض ميسرة كانت تمنحها حكومة عدن لموظفيها أو الشركات الأجنبية، ومنهم صالح عبدالرحمن وأصدقاؤه في شركة (شل) البترولية ومنهم محمد مرشد ناجي ومحمد علي سكاريب ومعتوق عبدالباري الذين تيسرت لهم مساكن في بلوك (40) بمدينة المنصورة بقروض منحتها لهم الشركة.

تعرض صالح عبدالرحمن للفصل القهري من عمله عام 1971 وحرم من مستحقاته وتحت وطأة تلك الظروف اضطر إلى مغادرة أرض الوطن صوب منطقة الخليج، وهناك في أبوظبي وجد ضالته في الاستقرار الذهني والنفسي الذي انتفع منه وعاد مردوده على أفراد أسرته وأقاربه.

قاهرة المعز تحتضن جثمان صالح عبدالرحمن
أحيل صالح عبدالرحمن إلى التقاعد في دولة الإمارات بعد أن اكتسب جنسية تلك الدولة، وفي آخر زيارة قام بها إلى أفراد أسرته في عدن تعرض لأزمة صحية نقل على إثرها إلى القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية لتلقي العلاج، وكانت إرادة الله انتقال صالح إلى جواره (أي جوار ربه) في 21 أغسطس، 2003 . ووري جثمانه الطاهر ثرى قاهرة المعز.

الفقيد صالح عبدالرحمن متزوج ولديه ولد واحد (جلال) وثلاث بنات.

وأوضح الأستاذ عبدالقادر أمين في الهامش بأن الشركة عرضت على صالح عبدالرحمن في عام 1958 منصب رئيس فرع شركة شل في مطار عدن الدولي واشترطت عليه التخلي عن العمل النقابي، فرفض ذلك المنصب ليبقى أمين عام نقابة عمال شل.

ماذا نشرت «الأيام» في مايو 1965م؟
نشرت «الأيام» موضوعا موسوما «وداعا العزيز صالح عبدالرحمن» للأستاذ فضل علي عبدالله، الشخصية الوطنية والنقابية والحقوقية في عددها الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 2003م ورد فيه أن «الأيام» نشرت في صفحتها الأولى بتاريخ 31 مايو 1965م خبرا عنوانه «صالح عبدالرحمن نجم انتخابات نقابة عمال وموظفي أمانة ميناء عدن» جاء فيه أن أصوات عمال وموظفي أمانة ميناء عدن تعالت ليلة 30 مايو 1965م حين كانوا مجتمعين في ساحة المؤتمر العمالي بالاتحاد العام للنقابات في المعلا، مطالبين بمشاركة صالح عبدالرحمن في اعمال اللجنة المشرفة على الانتخابات ضماناً لعدم تزوير الانتخابات.

ماذا يقول عبده علي سعيد؟
نشرت «الأيام» موضوعا موسوما «صالح عبدالرحمن وداعا» للأستاذ عبده علي سعيد، الشخصية الوطنية والنقابية والاجتماعية المعروفة في عددها الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 2003م أفاد فيه بأن نقابة ميناء عدن أعلنت خطوة العمل البطيء SLOW WORK واستمرت أكثر من (45) يوما وتوسط بعد ذلك الرجل الفاضل علي محمد مقطري، عضو أمانة ميناء عدن بين النقابة والأمانة وكللت وساطته بالنجاح وكان الفقيد صالح عبدالرحن من ضمن لجنة التحكيم، الذي كلف بقراءة الاتفاق من محطة إذاعة عدن.

كما أفاد الرجل الطيب عبده علي سعيد بأنه أحد الذين تشرفوا بالعمل مع الفقيد صالح عبدالرحمن في إطار النقابات الست، حيث كان الأول من نقابة عمال وموظفي أمانة ميناء عدن، وكان الثاني من النقابة العامة لعمال البترول، وتحدث عن دائرة الزمالة والصداقة للفقيد التي شملت صديق عمره النقابي الكبير الأستاذ عبدالقادر أمين، أول رئيس لاتحاد العمال بعد الاستقلال، وصديقه الأستاذ فضل علي عبدالله، نائب الأمين العام والفاضل الحاج علي، أمين مال النقابة العامة لعمال البترول والأخ فؤاد محمد سعيد، نائب أمين المال والأخ محمد شاهر سلام، مدير مكتب النقابة والنقابي الكبير المعروف محمد عبدالله الطيطي.

2- عبد اليوسفي: مناضل ينشد المساواة بين مناضلي الثورتين اليمنيتين .. الولادة والنشأة .. عبد سعيد عبدالله اليوسفي من مواليد عام 1939م في ثنهة بمنطقة سرار (جعار)، سلطنة يافع الساحل في أسرة فقيرة كابدت شظف العيش في فلاحة الأرض التي لا تسد الرمق وتسعف عبد اليوسفي ذاكرته أن البؤس بلغ حدا ولد القناعة لديهم بعدم دفع العشر من محصول الأرض، ويتذكر عبد إحدى الوقائع التي حدثت عام 1948م في عرشان (الحصن حاليا)، عندما حضر جنود «الحرس الحكومي» (وكانت معروفة بقوات شبر، نسبة إلى القائد الانجليزي SHEPERD) فرفض المزارعون دفع العشر وخاصة آل المنصري وكان يتصدرهم المرحوم العاقل حسين ثابت المنصري والعاقل صالح حسن الجلادي ونشبت على إثرها معركة ضارية.

عبد اليوسفي في الحرس القبلي
التحق عبد اليوسفي بحرس سلطنة يافع الساحل 1955م في جعار وتعارف الناس على تسمية الحرس بـ «ترابل جارد» وهي التسمية الانجليزية TRIBAL GUARD (أي الحرس القبلي) وبعد تفجر الخلاف بين الإدارة البريطانية والسلطان محمد بن عيدروس العفيفي وانتهى بانسحابه أولاً إلى منطقة يافع الحيد (القارة) وناصرت قبائل يافع السلطان الثائر بن عيدروس وتجمعت في «مكر» حطاط عام 1958م وكان معظم أفراد الحرس قد انسحب مع السلطان الثائر بن عيدروس ولجأت السلطات البريطانية إلى استخدام سلاح الطيران الملكي البريطاني لضرب حطاط ومناطق أخرى من يافع الساحل فنزح بن عيدروس وأنصاره إلى المناطق الشمالية من الوطن (المملكة المتوكلية اليمنية).

ذكريات عبد اليوسفي عن الثورتين اليمنيتين
يتحدث المناضل عبد اليوسفي عن ذكريات منطقته (يافع الساحل) عقب سقوط نظام الإمامة في 26 سبتمبر 1962م ويقول إن مجاميع جنوبية من مختلف المناطق توافدت إلى الشمال ومنهم أبناء يافع ويذكر أن المناضل حسين عاطف الجردمي استشهد دفاعاً عن ثورة سبتمبر وأن محمد جبران قاسم يوسفي وعلي أحمد صالح يوسفي وعبده راجح حيدرة توفوا وهم في طريق العودة.

من ذكريات عبد اليوسفي أن قتالا ضاريا نشب بين القوات البريطانية وثوار ردفان واستشهاد راجح بن غالب لبوزة وكان ذلك إيذانا بانطلاق ثورة 14 أكتوبر 1963م وتعرضت عدة مناطق من ردفان والضالع والصبيحة لغارات جوية بريطانية، وجراء ذلك نزحت عدة أسر ردفانية إلى يافع ومنها ثنهة، ومنها أسرة محمد غالب لبوزة وبالليل راجح لبوزة وصالح علي الغزالي وصالح حسين وقاسم حسين والمناضلة دعرة سعيد ثابت. أعلنت قبائل يافع ومنهم آل يوسف وقوفهم إلى جانب ثوار ردفان وانضم العديد من أبناء يافع إلى جبهة ردفان الشرقية (وادي بنا) وتشكلت فرق من آل يوسف ومختلف مناطق يافع وفي 8 مارس 1964 سقط أول شهيد من يافع (من آل يوسف) في جبهة ردفان وهو الشهيد ناجي سعيد عبدالله اليوسفي في منطقة نقيل الربوة وقد شارك في تلك المعركة عبد اليوسفي ومحمد أحمد الوهج وسالم جابر قطيبي وقاسم حسين قطيبي وآخرون ويروي عبد اليوسفي أن أبرز الفدائيين الذين كانوا يتفقدون سير العمليات الفدائية: سالم ربيع علي وسعيد صالح سالم وقاسم الزومحي وعلي محضار وحسين محضار المحرمي ومحمد المجعلي.

عبد اليوسفي والأسلحة الخشبية
يروي عبد اليوسفي أن قيادة الجبهة القومية في معسكر صالة كانت تتلقى الأسلحة من القيادة المصرية وكان سيف أحمد الضالعي مسؤولا عن خزائن السلاح عام 1964م وفي العام الذي تلاه خلفه علي سالم البيض. ويضيف عبد اليوسفي أن أول مرة قدموا فيها إلى تعز كانت في مطلع 1964م وكان عددهم (50) فردا من ردفان وآل يوسف وسلمت لهم أسلحة خشبية ومدافع رشاشة (برين جن) وكان أحد القادة المصريين يقول لهم: هذه الأسلحة حررت بورسعيد وبها ستحررون الجنوب.

عبد اليوسفي يشكو التمييز بين المناضلين
يروي عبداليوسفي أن المناضلين قدموا أرواحهم على أكفهم في ميدان الواجب فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر والثورة اليمنية واحدة سواء أكانت في الجنوب أو في الشمال، إلا أن الإعانة التي تترواح بين 520 ريالا و1200 ريالا شهريا هي من ناحية لا تليق بمكانة المناضل ومن ناحية أخرى لا تلبي أبسط المتطلبات الأساسية والضرورية له ولأفراد أسرته ويسأل: لماذا الكيل بمكيالين؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى