على طريق المواجهة

> محمد ابرهيم:

> بنتيجة الحرب على لبنان توضحت احوال المحورين المتواجهين على امتداد الشرق الاوسط,المحور الاول الرباعي (ايران، سوريا، حزب الله، حماس) يبدو في حال افضل.

فرغم القيود التي فُرضت على طرفه اللبناني، والمتمثلة بتعطيل الاحتكاك الحدودي بينه وبين اسرائيل، والرقابة على الحدود اللبنانية - السورية، فإنه حقق عدداً من الانجازات.

لم تعد الحلقة الفلسطينية معزولة في مواجهة منفردة مع اسرائيل. ولم يعد برنامج "حماس" الغامض في ما يتعلق بالاعتراف بإسرائيل مسألة محلية.

المواجهة بين "حزب الله" واسرائيل، والقصور العسكري الاسرائيلي في المعركة البرية، نفعا النظرية التي تقول إنه من الممكن استعادة شعار تحرير فلسطين روحاً جديدة.

وهذه الروح لا تقتصر على اطراف المحور الرباعي بل تجد صدى لها لدى جماهير عربية واسعة.

وانكفاء الطرف اللبناني في المحور لا يخرجه من المواجهة، طالما بقي مصراً على الاحتفاظ بسلاحه، بأي صيغة من الصيغ، وطالما بقي جاهزاً للمشاركة في اي مواجهة اقليمية، مما يعوض عن اضطراره مرحلياً الى اغلاق ملف المناوشات الحدودية.

الطرف السوري في المحور يبدو الاكثر ارتياحاً، فبدون تضحيات تذكر، بات مفتاح المواجهة ومفتاح الحل بحسب ما يقرر المحور الآخر.

فإذا كان القرار العمل على تفتيت المحور في وسطه، فإن الثمن محدد سلفاً: الجولان، ونفوذ اقليمي، "لبناني".

اما اذا كان القرار معاكساً، فإن المواجهة مع سوريا لن تكون عبارة عن حرب خاطفة اسرائيلية - سورية. لقد سبق ان اعلنت ايران التزامها الدفاع عن سوريا، كما ان "حزب الله" و" حماس" سيساهمان في المعركة، بالاضافة طبعاً الى مساهمة "الشارع العربي".

من جهتها تستفيد طهران من التخبط الاميركي في العراق، ومن فاعليه ومن امتداداتها العربية، لكي تجعل من ضرب امكاناتها النووية جزءاً من حرب اقليمية شاملة، وليس مجرد عملية استئصالية محدودة على طريقة التعامل الاسرائيلي السابق مع مفاعل تموز العراقي.

لقد كشفت الحرب على لبنان كل اوراق المحور الرباعي والتي تضع الاميركيين امام حدين اقصى وادنى، الاول هو عبارة عن حرب شاملة والثاني عبارة عن تسوية شاملة، مع سوريا حصراً، باعتبار ان التسوية الشاملة مع بقية اطراف المحور مستحيلة عملياً.

هذا كله يضع المــحور المقابل امام تحدي الاختيار والمبادرة: السلم ام الحرب؟ والحرب، اين، ومع من، كبداية على الاقل؟

يصعب تصور ان جورج بوش في ما بقي له من ولايته الثانية سيكون مستعداً لدفع ثمن السلام مع سوريا، مما يتطلب مقاربة مختلفة لعدد كبير من الملفات، خصوصاً ان ذلك يجري في ظل الفكرة السائدة عن ان الحرب على لبنان اثبتت واقعية الحرب المفتوحة مع اسرائيل.

الراجح ان ينهي بوش رئاسته بالمزيد من الامر نفسه، اي اختيار ساحة المواجهة التي سيعتبرها مناسبة لكسر المحور المقابل. وعلى هذا الصعيد تبدو الادارة الاميركية ومعها اسرائيل في خضم دراسة الاحتمالات والتهيئة لها.

اما العنصر الحاسم في قرار المواجهة فسيكون التعاطي مع الملف النووي الايراني، باعتبار ان ما تبقى من ملفات لا يطرح تحديات لا يمكن تأجيلها.

وحدة الملف الايراني اساسها الموقع الخاص لاسرائيل في السياسة الاميركية الشرق الاوسطية والمعنى الرمزي والواقعي لامتلاك ايران السلاح النووي بالنسبة الى وجود اسرائيل.

ايران ليست عشية انتاج قنبلتها النووية الاولى، لكن المدى الزمني المتوافر لبوش لم يعد رحباً، والادوات الشرعية التي راهن عليها (مجلس الامن الدولي) لا تبدو وتيرتها متناسبة مع قراراته المصيرية. لذلك ربما بدأ الحديث عن "تحالف الراغبين".

عن «النهار» اللبنانية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى