أيــام الأيــام..المثقفون .. وثقافة الانتخابات

> عامر علي سلام:

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
لا أدري من يتحمل مسؤولية مواجهة التخلف الديمقراطي في بلادنا، فكثيرون يعتقدون أن الانتخابات أياً كانت محلية، رئاسية، نقابية، حزبية أو غيرها ما هي إلا فترة يتم فيها توزيع مغانم الديمقراطية وتُبعثر الأموال، وتأتي لجان .. لتعمل لجان في لجان فرعية، مركزية، مديرية، محافظة .. مزيج من التفرعات للاحتواء، فتجد أن مراكزنا الانتخابية قد تحولت إلى ثكنات عسكرية وأمنية وتجد كلاً يعمل لنفسه دورا وأهمية للكسب والتعيش أو الاحتواء أو التضليل باسم الانتخابات والديمقراطية.

ونحن للأسف بعيدون كل البعد عن الفهم العميق للديمقراطية، وتطبيق ممارساتها على أرض الواقع ومنها بل وأهمها الاستحقاقات الانتخابية والعملية الانتخابية برمتها، ديمقراطية سهلة، راقية وطبيعة التغيير فيها وأعلى أهدافها، وليس بالعنتريات أو المماحكات، أو حتى الصفقات والاسترضاءات والإغراءات أو ربما تنتهج نهجاً آخر غير الاسترضاءات هو التهديدات (انسحب وإلا...!).

فمن يتحمل تدني الوعي الحقيقي للممارسة الصحيحة والواضحة لاستحقاقاتنا الانتخابية، المواطن البسيط الذي يبحث عن لقمة عيشه الصعبة أو يبحث عن الاكتفاء والستر في حاله ولا يهمه ما كان ويكون، لأنه منشغل في دوامة حياته التي ربما لا يستطيع الخروج منها إلا مرة واحدة إلى العالم الآخر؟ أم ذاك المسؤول الموظف الذي يحاول أن يحافظ على مكانه ومكانته بأي وسيلة كانت، فيحث موظفيه باتجاه معين مثله مثل قائد المعسكر الذي يأمر جنوده بانتخاب فلان من الناس فقط لأنه كذا وكذا، أو أنها مسألة فوقية.. قيادية، تعتقد أن المسألة هي لعبة ديمقراطية تدخل فيها كل أنواع الألاعيب والاحتيال والتحايل، فمن هو المسؤول الذي يجب أن يتحمل مسؤولية مواجهة التخلف في هذا البلد، وفي مجالات مختلفة إدارياً وتنظيمياً في مرحلة الانتخابات وبعدها؟!

فيما أعتقد أن المثقف هو السلوك العام والمميز للمجتمع، المثقف هو من يجب أن يحمل رسالته الوطنية بالدرجة الأولى، مسؤولية أن يوعّي من حوله.. من يقرأ له .. من يكتب لأجله بأن (صوته الانتخابي له ثمن .. وثمن إشارته على ورقة الاقتراع غال جداً لأنه ثمن التغيير)، لذا يجب أن يدرك كل مواطن حقوقه ويسعى من خلالها وبها نحو التغيير ليس لمرة واحدة أو ثانية أو عاشرة ويمكن حتى لألف مرة لأنه سيأتي يوم تصبح ديمقراطيتنا هي ديمقراطية تغيير دائم وتصحيح مستمر، فقط إذا ما ملكنا الوعي الحقيقي وملكنا أصواتنا التي بها فقط نستطيع أن نمارس حقا دستوريا وحقا طبيعيا يجب ألا نتنازل عنه أبداً (وهي أمانة نحاسب عليها أمام أنفسنا وأمام ربنا ومجتمعنا ومستقبلنا)، فالمثقف عندما يتحدث عن الديمقراطية ويكتب صفحات وصفحات ومقالات وكتباً وندوات عن الديمقراطية، بعضهم للأسف يستخدمها للاستهلاك والغناء والتطبيل على الموجة، لأننا نلاحظه ونشاهده وهو يمارس العكس في البيت، في العمل، في المكتب وحتى في إطار حزبه الذي ينتمي إليه.. فكيف نتصور ذلك؟ فتأسيس وبناء دولة حديثة يحتاج إلى مواجهة، إلى شجاعة، وإلى أن يتحمل المثقفون بالدرجة الأولى المسؤولية، فليس هناك أي تغيير إلا بالمواجهات القائمة على الدراسة الواعية والفهم العميق لطبيعة التغيير وأهدافه، لذا فإن الديمقراطية والانتخابات الحديثة تقع مسؤولية ممارستها ممارسة صحيحة وواضحة وراقية على كل أبناء اليمن (الجندي والعامل والموظف والضابط والفلاح والصياد والتاجر والطالب والعاطل عن العمل وربات البيوت ..إلخ) ولكن بالدرجة الأولى يتحملها المثقفون، الجامعيون، المدرسون، الأطباء والصيادلة، الأدباء، الكتاب والحقوقيون وحتى خطيب الجامع (لماذا يتحدث عن الماضي السحيق ولا يدخل إلى حياة الناس ومعيشتهم وتفاعلاتهم وحياتهم العصرية..إلخ؟).

إذاً نحن بحاجة أولاً إلى وعي في رؤوسنا وإدراكنا للمسؤولية تجاه مجتمعنا ومستقبل حياتنا ومستقبل أولادنا، لذا علينا أن نفكر بديمقراطية مفتوحة صريحة وصادقة، قبل أن نمارس أي لون من ألوان الارتجالات الانتخابية.. نحن بحاجة إلى ديمقراطية التغيير، ديمقراطية التصحيح، ديمقراطية للغد وليس لليوم أو الاستهلاك المؤقت (بفترة القيد والتسجيل وفترة الاقتراع والانتخابات) وانتهت هنا ديمقراطيتنا وحيّ الله بها بعد سنوات سبع أو ست أو حتى عشرين .. إذا لم تحمل روح التغيير والتصحيح فلا داعي لها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى