رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- الأستاذ عبدالله عمر شهاب: مشوار عطاء في مثلث لحج - يافع السفلى - عدن ... الولادة والنشأة .. الأستاذ عبدالله عمر شهاب من مواليد 6 يناير 1927م في قرية الحمراء في السلطنة اللحجية العبدلية وقد ورد ذكر قرية الحمراء في كتاب (هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن) للامير احمد فضل القمندان بأنه يسكنها أهل البان والمحارزة وقرية الحمراء أيضاً هي موئل السادة آل شهاب وأنجبت تلك القرية أعلاماً بارزين منهم د. صالح حرسي ويحيى حرسي وعبدالهادي شهاب ود. طه شهاب وعمر عبدالعزيز شهاب وعبدالله عبده نورالدين وحسن عبده نورالدين وغيرهم.

نشأ الأستاذ عبدالله عمر شهاب في أسرة فقيرة وتلقى دراسته الابتدائية والاعدادية في المدرسة المحسنية العريقة بحوطة لحج وأصبح الأستاذ شهاب مدرساً في المدرسة المحسنية اعتباراً من الفاتح من اكتوبر 1951م، وبدأ مشوار عطائه التعليمي هناك ولمدة ست سنوات، وأصبح من تلامذته الطبيب والمهندس والمدرس والضابط.

الأستاذ شهاب ومذكرة السيد عبدالله علي الجفري

انتقل الأستاذ عبدالله عمر شهاب إلى جعار حاضرة سلطنة يافع الساحل، حيث صدر أمر اداري هناك بتعيينه مديراً لمدرسة جعار الابتدائية في 25 أغسطس 1956م وقد أصدر السيد عبدالله علي الجفري، مدير المعارف في السلطنة اللحجية في 15 مايو 1956م قرار نقل الأستاذ شهاب ورد في سياقه «إنكم متى عدتم للعمل في معارف لحج أن تحسب لكم علاوات السنوات السابقة وتوضعون في نفس المركز الذي يحتله زملاؤكم ودمتم».

تحددت وتنوعت مهام الأستاذ شهاب في جعار والتي خدمت في التحصيل النهائي بناء النشء تعليمياً وثقافياً ورياضياً ووجههت له إدارة سكرتارية السلطنة رسالة شكر وتقدير في 28 يناير 1961م للجهود المثمرة التي بذلها كمدير للمعارف من خلال عمل جماعي منظم نفذه مدرسو المدارس الابتدائية هناك في إقامة حفل مدرسي متنوع. هناك وثيقة وجدتها ضمن وثائق الأستاذ شهاب تشهد بأن الأستاذ شهاب عمل مدرساً في سلطنة يافع الساحل لمدة ثلاث سنوات، وكان خلالها مثالاً للمربي والأستاذ المخلص، ثم تفرغ للعمل كاتباً في إدارة نائب السلطنة بجعار ثم عين مديراً للمعارف في السلطنة، وشهدت مدارس السلطنة طفرة نوعية في العملية التعليمية والنشاطات اللا صفية وكانت إذاعة عدن تقوم بزيارات للسلطنة بين حين وآخر لتغطية تلك الفعاليات، ومن ضمن وثائق الأستاذ رسالة شكر وتقدير من مكتب المندوب السامي البريطاني لنشاطاته التي تركت انطباعات جيدة لدى مسؤول في مكتب المندوب السامي أثناء زيارته لمدارس السلطنة.

الأستاذ شهاب مديراً لمدرسة دارسعد

صدر أمر إداري اتحادي في 6 يناير 1964م وقعه نائب مدير معارف الولايات وجهه إلى «المكرم الأستاذ عبدالله عمر شهاب بواسطة مدير معارف لحج» جاء فيه: «لقد تقرر أن تتولوا مسؤولية إدارة مدرسة دارسعد». وكان الأستاذ شهاب اول مدير لتلك المدرسة (مدرسة الشوكاني حالياً) وتحمل مسؤولية مدارس المنطقة الثلاث: مدرسة دارسعد للبنين ودارسعد للبنات ومدرسة مصعبين، فخلق روح التنافس العلمي والثقافي والرياضي في تلك المدارس وأصبحت تحاكي تجربة عدن علمياً وثقافياً ورياضياً.

الأستاذ شهاب يعمل بمعية الأستاذ محيرز

في العام 1974م انتقل الأستاذ عبدالله عمر شهاب إلى إدارة المناهج المدرسية التابعة لوزارة التربية والتعليم، وعمل فيها لبضع سنوات وانتقل بعدئذ الى المركز اليمني للابحاث الثقافية والمتاحف، وكان مديره العام الراحل الكبير عبدالله أحمد محيرز، وعند إنشاء مكتبة باذيب شغل الأستاذ شهاب منصب رئيس قسم المراجع العربية ويسر من خلال موقعه لابنائه الطلاب الوافدين من كليات جامعة عدن مهامهم البحثية.

الأستاذ شهاب يختتم مشواره في كلية الحقوق

في العام 1985م انتقل الأستاذ شهاب الى كلية الحقوق بجامعة عدن، وعمل فيها رئيسا لقسم المراجع العربية واستقبل من خلال موقعه عشرات بل مئات الطلاب الجامعيين من مختلف المساقات الاكاديمية، ووجد نفسه قريباً منهم وكان رحمه الله واسع الاطلاع وحريصاً على الانضباط في مواعيد عمله وشكل قيمة مضافة للمترددين على مكتبة الكلية وظل على ذلك المنوال في التفاني في أداء واجباته تجاه أبنائه الطلاب والباحثين.

الأستاذ شهاب في رحاب الخالدين

في العام 1989م احيل الأستاذ عبدالله عمر شهاب الى التقاعد بعد مشوار طويل من العطاء بدأه في العام 1951م وقد كرمته وزارة الثقافة والسياحة عام 1981م كأحد العاملين المتفانين في المركز اليمني للابحاث الثقافية، وكرمته ايضاً كلية الحقوق بجامعة عدن عام 1988م نظير جهوده العملية في مكتبة كلية الحقوق. وفي 19 يوليو 2006م رحل الأستاذ شهاب عن دنيانا تاركاً وراءه سيرة عطرة وابنة واحدة اسمها (حنان) وتعمل في إدارة الوسائل والتقنيات التابع لمكتب التربية والتعليم بعدن، وقد تخرج على يديها مئات الطلاب خلال فترة عملها في سلك التعليم ولا تزال تحظى باحترامهم وتقديرهم.

تتطلع أسرة الفقيد الأستاذ عبدالله عمر شهاب لرؤية اسم عميدها في لوحة معلقة على المدرسة التي عمل فيها كأول مدير لها قبل 42 عاماً وتتعشم الأسرة تعاون الأخوين وزير التربية والتعليم ومدير عام التربية والتعليم في استيعاب حفيدة الفقيد التي تحمل بكالوريوس علوم (كيمياء) في سلك التعليم.

2- الفنان عبدالكريم توفيق: مشوار فني طويل بدأه مع الجهبذ فضل محمد اللحجي .. الولادة والنشأة .. عبدالكريم عبدالله توفيق من مواليد الحوطة في 26 يونيو 1946م ونشأ فيها وتلقى مرحلة تعليمه الاولي في المدرسة المحسنية العريقة، وكان الفن قدره منذ سن مبكرة ولا غرابة في ذلك، لأن صلة قرابة تربط عبدالكريم توفيق بأحد أساطين الفن ألا وهو الفنان الراحل محمد سعد الصنعاني، أحد أضلاع الثلث الذي تتلمذ عبدالكريم على أيديهم، والضلعان الآخران هما صلاح ناصر كرد وفضل محمد اللحجي، ويعد فضل صاحب الفضل في تطوير الأغنية اللحجية وأفضل عازف في اليمن والجزيرة العربية آنذاك بل وإن فضل محمد اللحجي هو صانع مقدمة اغنية وامغرد بوادي الدور وتلكم من إفادات بحرنا الفني محمد مرشد ناجي أطال الله عمره ومتعه بالصحة. في هذا السياق أعد الأستاذ محمد أحمد كرد دراسة في عشر صفحات عن فقيد الفن صلاح ناصر كرد، وتفضل بإهدائها لي الأستاذ علي حسن القاضي رئيس فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع لحج (راجع حلقة رجال في ذاكرة التاريخ التي نشرتها «الأيام» في 14 أغسطس 2005م) جاء فيها أن ندوة الموسيقى اللحجية كان لها زيها الخاص وكان شعارها (العود) وأن من المواهب التي انطلقت من الندوة: عبدالكريم توفيق وفيصل علوي سعد ويسلم حسن صالح ومحمد عوض شاكر وفضل محمد كريدي.

الأساتذة العظام لا ينتجون إلا فناً عظيماً

شهدت السلطنة اللحجية طفرة فنية في مطلع النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي بظهور براعم فنية واعدة منها عبدالكريم توفيق ومحمد صالح حمدون وفيصل علوي وغيرهم، وكانوا خامات جاهزة تنتظر التصنيع، وكان هناك صانعون من طراز رفيع نهلوا من معين الامير أحمد فضل القمندان والكوكبة التي أحاطت به، وفي تلك المدرسة تخرج فضل محمد اللحجي وعبدالله هادي سبيت والأمير عبده عبدالكريم ومحمد سعد الصنعاني وصلاح ناصر كرد والأمير محسن بن أحمد مهدي.

برزت موهبة عبدالكريم توفيق عام 1958م وكان في الثانية عشرة من عمره والذي غنى في مرحلة لاحقة لشعراء وملحنين من لحج وعدن وحضرموت وأبين، ومن الروائع التي سكنت في ذاكرة ومهجة عشاق الفن:

1- الا كم يقل لي الليل يا ولهان توب،2- بوالعيون السود،3- جود بالتغريد،4- رخصة شل حبة من دول العنب،5- تقول العين دا ملكي،6- ظبي الجنوب.

عبدالكريم توفيق مطرب وملحن غنى له العديد من زملائه وفي مقدمتهم الفنان الكبير فيصل علوي وأبوبكر سكاريب وغيرهما وشغل في العام 1980م منصب سكرتير أول اتحاد الفنانين لمحافظة عدن وأمين عام الاتحاد لعموم الجمهورية كما شغل عضوية لجنة المصنفات بالإذاعة والتلفزيون في عدن.

عبدالكريم توفيق صاحب باع وذراع في المهرجانات

كان للفنان عبدالكريم توفيق حضور على المستويين الداخلي والخارجي منها عضويته في المهرجانين الأول والثاني للقمندان (الأمير أحمد فضل بن محسن العبدلي)، ورئاسته للمهرجان الثالث وعضويته ورئاسته للجنة الفنية لمهرجان الصهاريج الأول. كما أسس عبدالكريم توفيق مع زميله الفنان الكبير جميل غانم، الفرقة الوترية للقوات المسلحة في العام 1972م وكانت أول فرقة وطنية تمثل البلد في الداخل والخارج قبل قيام دولة الوحدة منها المشاركة في الاعياد الوطنية أو الفعاليات النوعية داخل الوطن أو خارجه ويسجل له مـشاركـاتـه فـي المهرجانات الشبابية العالمية.

عبدالكريم توفيق والتسجيلات الخارجية

كانت باكورة الأعمال الفنية لعبدالكريم توفيق في العام 1964م عندما سجل في إذاعة المملكة العربية السعودية مجموعة أغان وكان بذلك أول مطرب يمني يسجل رسميا في الإذاعة السعودية وفي العام 1965م، سجل عبدالكريم توفيق للتلفزيون والاذاعة الكويتيين باقة من أغانيه وسبقه في ذلك الفنانان الكبيران محمد مرشد ناجي وأحمد بن أحمد قاسم، كما سجل عبدالكريم توفيق عددا من أغانيه لدى عدد من أجـهـزة الاذاعة والتلفزيون العربية والأجنبية.

عبدالكريم توفيق في خانة «كان وكان»

يتضح من خلال النبذة التي أعدها الفنان عبدالكريم عن نفسه بأنه كان موظفا بوزارة الثقافة فرع عدن في إدارة إنتاج الفنون للاحتفالات الفنية بدرجة مدير إدارة، وكان فنانا بدرجة قيادي مع وزارة الثقافة (ق 7) ضمن هيكل الأجور الذي كان ساريا في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة وقد عين بقرار وزاري نائبا لمدير إدارة انتاج الفنون بعدن.

الفنان عبدالكريم توفيق عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفنانين اليمنيين ومتفرغ حاليا لكتابة مذكراته الفنية التي ولا شك ستجد قبولا كبيرا لدى القراء والمهتمين لأن الفنان الكبير محمد مرشد دأب على السير في هذا الاتحاه وألف عددا من الكتب منها: 1) أغانينا الشعبية، 2) صفحات من الذكريات، 3) أغنيات وحكايات .واستكملها الشاعر والباحث والكاتب المتميز عبدالرحمن إبراهيم، بكتابه «المرشدي في عيون المثقفين».عبدالكريم توفيق متزوح وأب لثلاثة هم: طارق ومحي الدين ومطلق.

بن حسينون والسليماني يواجهان بعضهما في ساحة الكولونيل جراي

تناولت في حلقة الأحد الماضي، 27 أغسطس 2006م سيرتي سيف أحمد ضالعي ومبارك علي السليماني. تلقيت في اليوم نفسه تعقيبا من الزميل حسن بن حسينون أفاد فيه أن ثمة أخطاء تتعلق بجزئية اغتيال الكولونيل جراي التي نفذها مبارك السليماني ليلة 20-21 أغسطس 21966م، والتي وردت في سياق سيرته التي اعتمدت في إعدادها على مادة مخطوطة أعدها الزميل علي محمد السليماني.

من ضمن إفادات الزميل بن حسينون:

1- لم يكن مبارك السليماني حارسا لبوابة المعسكر تلك الليلة، وإنما كان مسؤول نوبة الحراسة لمنزل الكولونيل القتيل، والواقع على تلة مرتفعة إلى شمال المعسكر بنصف كيلو. يفصل المعسكر عن المنزل (وادي شعب البادية).

2- أخبر السليماني مجموعة حراسته بالتوجه الى الوادي المذكور للاستمتاع بالرقص الشعبي هناك، وعند عودة الكولونيل بسيارته حوالي التاسعة مساء من دار السينما وكانت زوجته بصحبته وكان أفراد الحراسة غائبين عن موقع نوبتهم (منزل الكولونيل) لانشغالهم بمشاهدة السهرة الشعبية.

3- فور ظهور سيارة الكولونيل جراي بادر مبارك السليماني بإطلاق النار على الكولونيل وزوجته من بندقيته (نوع شرفة البريطانية) اصابت إحداها زوجته في الصدر فيما أصابت طلقات أخرى أجزاء متفرقة من جسمه. قاد الكولونيل الجريح سيارته صوب مستشفى المكلا (مستشفى باشراحيل حاليا)، الا أنه فارق الحياة عند وصوله وأجريت عملية جراحية لزوجته وسافرت على التو الى عدن وأعلنت اذاعة صنعاء بعد أيام قليلة خبر وصول السليماني إلى صنعاء.

4- أن مبارك السليماني لم يثأر لابن قبيلته وإنما ثأر لنفسيته الساخطة، لأن التأديب طاله شخصيا، وانتهى الزميل بن حسينون من سرد الواقعة لأنه كما أفاد بأنه شاهد عيان.

5- يختتم الزميل بن حسينون افادته هكذا: «كما شاءت الصدف والأقدار مرة أخرى أن التقي السليماني بعد عودته من الشمال عام 1969م ليلتحق بمؤسسة الجيش ويعين قائد حراسة مستشفى عبود العسكري برتبة نائب صف ضابط (ثلاثة أشرطة)».

وماذا يقول السليماني؟

اختصارا للوقت والأخذ والرد عرضت تعقيب الزميل حسن بن حسينون على الزميل علي محمد السليماني وجاء رده على النحو التالي:

1- كان جيش البادية الحضري يستوعب أبناء محمية عدن الشرقية وتحديدا أبناء الدولتين الحضرميتين: القعيطية والكثيرية وأبناء السلطنة الواحدية منهم مبارك علي السليماني الذي التحق بالخدمة العسكرية في يناير 1964م.

2- لم يطل الاجراء التأديبي مبارك علي السليماني وإنما طال ابن قبيلته أحمد يسلم عوض السليماني، الذي كان معه ليلة الحادثة وكان مجردا من السلاح، كونه مفصولا من الخدمة من قبل الكولونيل جراي.

3- تم هروب الاثنين (مبارك وأحمد) سيرا على الأقدام واعتقل أحمد يسلم في بئر علي وأودع سجن ميفعة وظل سجينا فيه حتى يوم إعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م، ولا يزال حيا يرزق.

4- أن أفراد الجيش العربي وجيش البادية الحضري استبدلوا ببندقيات «شرفة» بندقيات «كندا» في مطلع ستينات القرن الماضي ولذلك استخدم مبارك السليماني بندقية «كندا».

5- لو أن الأجراء التأديبي او العقوبة طالت مبارك السليماني لما رتبته قيادة المعسكر ضمن أفراد نوبة الحراسة، أو لنقل كيف يمارس المفصول من الخدمة مهام عمله؟

6- أن عملية اغتيال الكولونيل البريطاني عملية تفرد بها مبارك السليماني ولا علاقة للجبهتين آنذاك بالعملية، على الرغم من أن أهل سليمان كانوا منتسبين لجبهة التحرير.

7- أن ديار أهل سليمان تضم: 1) أهل باقشايش، 2) أهل قبلان، 3) أهل زيد، 4) أهل خراقة، 5) أهل محمد بن سعيد.وصل مبارك إلى وادي عرر، حيث كان منهكا عند وصوله إلى منطقة أهل باقشايش، إحدى ديار أهل سليمان الخمس، الذين استقبلوه بالأعيرة النارية ترحيبا به وإعلاناً بوصوله إلى بر الأمان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى