الكتابة على ورقة العملة .. تشويه للعملة وللوطن

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
عملات ورقية تالفة
عملات ورقية تالفة
العملة الوطنية ليست مجرد عملة للتداول، بل هي صورة البلد وهي من تحمل نبض الوطن الاقتصادي، ولكن تلك العملة لحقها العديد من التشوهات والتمزقات التي أفقدتها أهميتها وقللت من قيمتها، فالحفاظ على العملة الوطنية واجب مقدس وبها يكون للاقتصاد معنى وقوة لتقف العملة بين العملات بشموخ وجدارة وتقول أنا عملة اليمن الريال بكل فئاته فهل من منافس؟ فلم تصنع العملة لتختبئ بخجل من منظرها الملخبط بالحبر الأسود وتدني قيمتها بين أوساط العملات في محلات الصرافة أو في البنوك أو في أيدي العملاء، فقد أصبحت الكتابة على النقود هواية غريبة يمارسها البعض دون وعي منهم بأن هذا العمل يشوه العملة الوطنية ويقلل من قيمتها.

«الأيام» قامت بجولة سريعة في بعض البنوك ومحلات الصرافة لمعرفة آراء المواطنين وتسليط الضوء على هذه الظاهرة التي أصبحت عادة يمارسها أغلب الناس دون إدارك منهم بأنهم يقومون بعمل غير حضاري.

< التقينا أولا المواطن يوسف سالم في محل للصرافة، فقال: «الكتابة على النقود الورقية ظاهرة تعني التخلف، فكيف تسمح لنفسك ان تشوه عملة وطنية تحمل هويتك؟ فهناك من وصل به التبلد حد الجهل بقيمة العملة الوطنية أليس يكفي أنه ليس لها قيمة أمام العملات الأخرى خاصة الدولار هذا الغول الذي أعطى له تدني عملتنا الفرصة للظهور والتسيد في سوق المال؟».

< أم مصطفى، ربة بيت تعاتب الرجال وتقول: «هم من يكتبون على الورق فزوجي عندما يتسلم الراتب يقسمه: هذا حق البقال، هذا حق الهكبة، هذا حق المدارس وهذا حق القرض، ويسجل في كل رزمة أوراق نقدية لمن هي، هذه الحاجات البسيطة أصبحت عادة لديهم حتى إذا أعطاهم أحد رقم تلفون يسجلونه على الورقة النقدية وكأن أوراق الكتابة اختفت وانعدمت».

< المواطنة سامية حميد، تقول: «والله هذه مشكلة وعلى الدولة أن تجد لها حلا، فعملتنا الوطنية لا تسر عدوا ولا حبيبا فكيف يكون الوضع عندما يأتي سائح اجنبي ويصرف نقود بلده هنا وبالمقابل يحصل على نقود ممزقة مشوهة؟ والله شيء مضحك أن تجد ورقا نقديا عليها بعض أنواع الكتابة، وهذا صادفني عندما صرفت مئة دولار في إحدى المرات في محل صرافة إذ أخذ مني الصراف الورقة النقدية وفحصها ساعة ليرى إن كان فيها ولو خدش بسيط، وعندما أعطاني عملتنا الوطنية وجدت فيها الكثير من الورق الممزقة والمشوهة بالكتابة وإحداها كان مكتوب عليها (كيلو بطاط، كيلو بصل، كيلو طماط، 10 بامية، 10 بسباس اخضر، نصف كيلو صيد) والله جاحة (تكسف) وتقلل من قيمتنا، وبعضها كتبت عليها أشعار وأحيانا نجد كلاماً يخدش الحياء.

ولو قارنا عملتنا بالعملات الأخرى سنجد العملة الاجنبية جديدة وكأنها لم تلمس بيد، وبالمقابل نجد عملتنا وكان قطارا مسرعا داس عليها».

< أبو أحمد، يقول: «هذا تصرف مرفوض وبعيد عن التحضر لأن العملة ملك للجميع ويتداولها كل الناس، ووضع الحبر عليها يضر أولا بالعملة ويعرضها للتلف السريع وبالتالي ضرر اقتصادي في المقام الأول على البلد، لأن هذه العملة تكلف الكثير، وضرر آخر وهو ضرر صحي على المجتمع بشكل عام بسبب تداول العملة وانتقالها من يد إلى يد ولذلك أرى شخصيا أن هذه التصرفات لا تصدر إلا من اناس غير مثقفين ولا يمتلكون القدرة على أن يكونوا عناصر فاعلة في المجتمع». سالت (أبو احمد) هل تمارس هذا العادة القبيحة فقال «أنا أمتلك ثقافة محدودة، لكن الحفاظ على العملة أبسط الامور التي يجب أن نفكر فيها ولا يحتاج الى علم بل هذا شيء ينبع من داخلنا».

توجهت الى محلات الصرافة والبنوك الخاصة، وكانت نفس الشكوى والغيرة على العملة الوطنية التي لا أحد يعمل على تغيير حالها حسب أقوال من يتعامل بها من الصرافين والبنوك.

< ومن محلات الحظاء للصرافة فرع عدن يقول الأخ عبد العزيز الاكوع، مدير الفرع: «نحن نأخذ العملة كاملة إلى البنك المركزي وعندما يفرزها يخرج التالف منها ويأخذ نسبة عليها، فمن يتحمل ذلك؟ نحن نتحمله، ونواجه غضبا من الزبون إذا لم نقبلها حيث يقول هذه عملتنا ولازم نقبلها بأي صورة». وينصح الأخ عبدالعزيز كل من يمسك قلما ويكتب على الورق قبل أن يكتب عليه أن يعي أن هذه عملة وطنية تعتبر واجهة البلد ولا يصح أن نشوهها، لكي نحافظ على قيمتها فإذا شُوهت الورقة النقدية تفقد قيمتها».

< ويشاركه الرأي زميله سالم باحكيم ويطالب البنك المركزي بسحب العملات التالفة من الاسواق ومنع التداول بها، وأي عملة تصله يحتجزها ولا يعيد تلك النقود مرة أخرى إلى التداول في الاسواق خاصة فئتي (العشرين) و(الخمسين) التي يصيبها التلف بشكل كبير والتي يجب سحبها نهائيا حتى لو اضطر إلى إصدار عملة معدنية بدلا منها، وينصح المواطنين بعدم الكتابة عليها».

< الأخ عبود مساعد يسلم عبدالله، رئيس قسم الاعتمادات الخارجية النقابية في بنك الإنشاء والتعمير فرع عدن يقول: «نحن نتسلم النقود من العملاء بشكل عام وبعدها يتم فرزها ويتم إدخالها حساب البنك في البنك المركزي التابع للدولة ومن ضمنها النقود التالفة من قبل» وأضاف: «نحن لا نتلف النقود بل هذه من وظائف البنك المركزي». سألته هل يقبل البنك المركزى منكم كبنك خاص النقود التالفة؟ فأجاب: «يعتمد البنك النقود التالفة وفي حالة وجود بعض الاوراق النقدية التالفة بشكل لافت للنظر مثلاً أن تأتي ممزقة ولا يظهر رقمها المتسلسل في هذه الحالة يعتمد البنك المركزي نصف قيمة الورقة النقدية عند عملية التبديل». وعن رأيه في الكتابة على الورق قال: «هي عملية غير حضارية تؤدي إلى تشويه العلمة الوطنية». وينصح الأخ عبود المواطنين بضرورة الحفاظ على العملة المحلية قائلاً لهم: «هذه عملتنا الوطنية ولا يجب أن تشوه عبر الكتابة وطرح ألفاظ غير مقبولة أو طرح أشعار وهذه العملية ممنوعة دوليا».

< الأخ محمد محمد الزبيري، مدير بنك اليمن والخليج فرع عدن يقول:

«البنوك الخاصة مجرد وعاء مالي تستلم وتسلم، فنحن نجمع السيولة من العملاء بعدها نفرز التالف منها ويرحل إلى البنك المركزى التابع للدولة حسب المدة المحددة من البنك المركزي» وعن كيفية إتلافها ومراقبة عملية الإتلاف يقول الزبيري: «إتلاف النقود مهمة البنك المركزي ومن ضمن اختصاصاته، وعملية الرقابة مسؤولية البنك المركزي وليس مسؤولية البنوك الخاصة وهناك لجنة للورق للتالف، أما البنوك الخاصة فدورها يقتصر على جمع النقود التالفة فقط من العملاء».

ويوضح مدير بنك اليمن والخليج بأن البنك المركزي وزع حافظة للنقود وعمل دعاية في البنوك بضرورة استخدام هذه الحافظات للحفاظ على سلامة الأوراق النقدية وعمل إعلانات في مختلف وسائل الإعلام، ولكن للاسف لا توجد توعية لدى الجمهور ولا شعور بالمسؤولية.ومسؤولية البنك المركزى أن يكثف من حملات التوعية عبر كل وسائل الإعلام المتاحة. وعن رأيه في مسألة الكتابة على النقود يقول الزبيري: «العملة لا يكتب عليها أي شيء فهي عملة متداولة وقيمتها الأساسية في نوعية الورقة، وكتابة الرسائل او المقتطفات الشعرية تسيء كثيراً للعملة، كما أنها تنمي الشعور بعدم المسؤولية وهو ما يجعل عملتنا الوطنية اكثر تعرضا للإتلاف نتيجة عدم الاحتفاظ بها بشكل سليم، وهي لا تؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام ولكن تؤثر من حيث القيمة لأنها تُتلف وتكلف البنك والدولة عناء إصدار عملة جديدة الى جانب الإساءة إلى سمعتنا كيمنيين من خلال عملتنا».

< ومن البنك التجاري اليمني فرع عدن تقول لنا لينا فرحان البشيري، مديرة البنك عن الكتابة على النقود: «هذا سلوك يمارسه المتخلفون وأسلوب غير حضاري، فنحن في عصر العولمة والانترنت فكيف نعتبرها نقدية لتداولها وهي ممزقة أو مشوهة بالكتابة، فبهذا تفقد مصداقيتها مما يؤثر على البلد، فالعملة هي واجهة البلد ويجب الحفاظ عليها».

وعن كيفية مواجهة هذا السلوك تقول لينا البشيري: «بالنسبة للبنك التجاري اليمني نحن نتواصل مع عملائنا وعملنا إعلانا في مدخل البنك يقول لا نقبل أي نقود عليها كتابة أو ممزقة أو تالفة. وإذا كانت الكتابة خفيفة وليست مؤثرة نقبلها ولكن إذا كان لا يمكن التغاضي عنها نسحبها من حساب العميل ونخبره أن هذه لا تقبل فتمزق أمامه في نفس الوقت، ويدفع العميل غيرها».

سألتها: هل تعوضون عن النقود التالفة؟ اجابت: «لا ولكن نعوض في حالة إذا تسلم العميل الاوراق النقدية من خزانة البنك التجاري اليمني». وعن كيفية التعامل مع البنك المركزي تقول: «نحن نرسل كافة النقود التالفة الى البنك ويقوم البنك باستبدالها مباشرة من خلال جلسة القاصة، والنقود التي لا يمكن أن تستبدل تفقد قيمتها أو تستبدل ولكن بنصف قيمتها، وهنا نتواصل نحن مع العميل لدفع قيمتها». الأخت لينا البشيري وجهت نصيحة لكل من يمارس عادة الكتابة على النقود «كفاية! فالشعوب وصلت إلى المريخ والقمر وأصبح العالم في عصر العولمة كقرية صغيرة وأنتم ما زلتم في التخلف وتمارسون الكتابة على الورق النقدي ومضغ القات، فهل عجزنا عن الكتابة على الورق أم انعدمت الورق حتى نكتب على العملة الورقية؟ هذا كسل وتخلف ورجعية .. لماذا نحافظ على العملة الاجنبية ونهمل عملتنا الوطنية وهي واجهة البلد، ويجب أن تكون التوعية من الحكومة نفسها ومن رئاسة الوزراء وأن يقود البنك المركزي حملة التوعية هذه وأن لا يقبل من أي عميل عملة تالفة». أصر كل من التقيناه أن يأخذ البنك المركزي دوره في الحفاظ على العملة الوطنية. ولمعرفة رأي البنك المركزي توجهت إلى فرع البنك بعدن وحصلت على الترحيب الجيد من قبل قيادة البنك في عدن، وحينما طرحت اسئلتي عليهم طُلب مني العودة لتسلُّم الرد على ما طرحت وحُُددت لي مدة، وبقدرة قادر امتدت المدة الى زمن ليس له معالم واضحة.وحين مل مني الانتظار وحتى لا يفقد الوضوع قيمته تواصلت شخصياً مع الإدارة العامة للبنك المركزي بصنعاء، وتحدثت تلفونياً إلى مكتب محافظ البنك، الذي حصلت منه على الكلام والترحيب الجيد، وقيل لي قد يكون الفاكس من عدن لم يصل، وطلب منى أن أرسل الفاكس فأرسلته وبعد ثلاثة أيام اتصلت للاستفسار عن الرد فقيل لي إن محافظ البنك اطلع على الموضوع وأرسله بدوره إلى قسم العلاقات العامة للرد عليه، فتواصلت مع القسم وطلب مني أن أرسل الفاكس مرة أخرى وأرسلته ... وعود ووعود ولم ألق حتى يومنا هذا رداً من البنك المركزي سواء في عدن أو صنعاء رغم أني تركت رقم تلفوني لديهم للتواصل، ولا أدري هل محافظ البنك في صنعاء على علم بذلك أم لا؟!

رغم أن الهدف من هذا الموضوع هو توعية المواطنين بعدم ممارسة الكتابة على الأوراق النقدية والحفاظ على العملة الوطنية باعتبارها عملة البلد وواجهتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى