أحزاب ومرشحون من عجينة خاصة!

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
نظمت في العاصمة البريطانية (لندن) في مرحلة ما بعد الحرب اليمنية (المشؤومة) صيف العام 94م، ندوة سياسية مهمة، حضرها عدد كبير من ممثلي الأحزاب اليمنية والقيادات السياسية المستقلة وعدد من الأكاديميين العرب والأجانب وكانت الندوة بعنوان : اليمن إلى أين؟.. وفيها تم تسجيل (براءة اختراع سياسي) لصالح بلادنا اليمن، متمثلة في عملية استنساخ الأحزاب السياسية!! وذلك على غرار عملية استنساخ النعجة الاسكتلندية (دولي).

حدث ذلك حينما استشهدت قيادات من أحزاب المعارضة بنماذج حقيقية تم فيها استنساخ أحزاب صغيرة من (جينات) الأحزاب الأصلية التاريخية التي يتزعمونها، وأمام دهشة المشاركين الأجانب واستغرابهم من (عبقرية وجهنمية) هذه الفكرة سجلت إحدى الجامعات البريطانية التي كانت تراقب الندوة هذه الظاهرة السياسية اليمنية، كظاهرة جديدة تحدث لأول مرة في عالم السياسة، وكان للعقلية اليمنية بطبيعة الحال (براءة اختراعها) وإبرازها للوجود.. ونعم الاختراع!

عملية استنساخ أحزاب صغيرة (لينة) من أحزاب تاريخية (صلبة)، هي ظاهرة باتت مألوفة على ساحة العمل السياسي في بلادنا، وهي ظاهرة بالغة السوء وخطيرة النتائج، كانت ولا تزال تمارس بوتيرة ثابتة ودونما انقطاع أو خجل حتى يومنا هذا.. وربما أن (سواد الوجه) أو الشعور بالخجل وربما الخزي الذي نقول (ربما) أنه سينتج عن التورط في مثل هذه العمليات غير الأخلاقية، هو شعور جماعي يمكن توزيعه بالتساوي ما بين (أوجه) العشرات وربما المئات ممن قبلوا أن يكونوا مواد سهلة التشكيل للحزب (المفرخ)، ولمن ارتضوا لأنفسهم أن يشكلوا (نصال) الغدر التي تغرس في جسد الحزب الرئيس أو بيتهم الأول.. غير أن مسألة توزيع (سواد الوجه) هذه.. وبهذه الكمية الكبيرة، تبدو مسألة غير ممكنة الاحتمال إذا ما كانت من نصيب أو من حصة (وجه واحد)!! إذ كيف يمكن (لرجل واحد) تحمل مثل هذا السواد الكبير؟.. بل كيف يمكنه أن يتعامل مع كل ذلك السيل الجارف من نظرات الازدراء والاستهجان التي يمكن أن تقابله حيثما سكن وأينما تحرك في (العرس الديمقراطي الكبير).. الذي قبل أن يكون له دور نشاز فيه؟؟

من هذا الباب الكبير الذي يفسد الأجواء التنافسية الديمقراطية.. ورغم احترامنا الشديد والكبير لجميع المرشحين ولخياراتهم، إلا أن (البعض) منهم قد اختار أن يسير في الركب (الطيع) ذاته.. والقبول بلعب أدوار (تكميلية) - (تكتيكية) لصالح هذا الطرف و ضد ذاك .. وعلى الرغم من إمكانية القول المعاكس بأن هذا حق مشروع في (اللعبة السياسية) إلا أننا نستنكر على هذا البعض (تصديقه شخصيا) ومطالبته الملحة (لنا) بتصديقه بأنه مرشح ديمقراطي جاد!

فضمن حملته الانتخابية لمنصب رئاسة الجمهورية اليمنية، ألقى مرشح (معارضة المعارضة) خطابه الانتخابي في إحدى القاعات الحكومية بمدينة عدن أمام جمهور لا يتجاوز عددهم الإجمالي العشرين شخصاً فقط! وحينما كان هذا (المرشح) الكبير يستعرض خطابه الحماسي أمام تلك القلة القليلة التي ربما تكون قد حضرت معه من حيث أتى!! كانت الكاميرا تجول بعدستها على هذا (الحشد الكبير) الذي لوحظ انشغاله التام بأحاديث جانبية مشتركة لا علاقة لها بما يقال ولا تعكس حتى الحد الأدنى من الاهتمام والإصغاء!!.. بدا واضحاً وبشكل لافت، أن الكثير من وجوه الحاضرين بدت غير مألوفة لنا نحن القاطنين في مدينة عدن وبدا من أعمار هذه القلة القليلة الحاضرة أنها لم تكن تعلم لماذا أتت إلى هنا! وماذا يقال لها في هذه المناسبة الانتخابية! فلماذا إذا كل هذا العبث على الأقل بمفردات الخطاب السياسي للحملة الانتخابية يا أخانا؟

وتاكيداً على ما نقول.. وحتى لا نتهم بالافتراء أو التحامل على هذا المرشح أو ذاك.. يمكننا أن نورد الدليل من خلال استشهادنا القاطع بما قاله الأخ رئيس الجمهورية.. مرشح المؤتمر الشعبي العام حينما وجه كلمات الشكر الجزيل لأحزاب اللقاء المشترك التي جعلت من هذه الانتخابات - على حد قوله - انتخابات مفعمة بالتنافس، وقال بأنهم قد أعطوا لهذا التغيير حركة مهمة.

إذا الأخ الرئيس قد خص بهذا الثناء الأحزاب التي دخلت المعترك التنافسي من الباب الواسع الشريف والنزيه، وهي شهادة لا يمكن أن تنسحب بطبيعة الحال على هذا (البعض) من المرشحين الآخرين (المستنسخين) الذين نتحدث عنهم والذين لم يشملهم ثناء الرئيس لعلمه التام بعدم أحقيتهم لمثل هذا الإطراء!!.. وعلى الرغم من إمكانية تفهم وجود مثل هذه النماذج في أي مكان على وجه الأرض، إلا أنه من الصعب علي شخصياً تفهم إمكانية قيامي بواحد في المائة من مثل هذه الأدوار السياسية الغريبة.. حقاً.. لله في خلقه شئون.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى