أيــام الأيــام..الانتخابات ووطن على مفترق طرق

> محمد علي محسن:

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
للانتخابات المحلية والرئاسية القادمة ميزة ونكهة وقيمة لا تضاهى أو تقارن أبداً منذ عرف الشعب اليمني أول انتخابات ديمقراطية تعددية يوم 27 أبريل 1993م وهذه الصناديق المعول عليها صناعة اليمن الجديد والحديث وبوسائل وأدوات عصرية وحضارية لم تكن سوى طريقة مبتدعة لإعادة إنتاج الحكم المهيمن على إمكانيات ومقدراته الدولة. رأينا كيف وئدت أول تجربة تنافسية متعددة الأحزاب والأقطاب في انتخابات السلطة التشريعية عام 93م على الرغم من التباهي بتوافر الحد الأدنى من النزاهة والشفافية وغيرها من الشروط والمؤهلات التي ميزت هذه الانتخابات عما لحقها إلا أنه وبالنظر لنتائح تلكم الانتخابات الأولى نجزم التأكيد بحقيقة الممارسة الخاطئة من قبل النظامين الشطريين اللذين أفسدا العملية الديمقراطية بجعلها تحت السيطرة والتحكم، بحيث قدرلنا رؤية الوجه البشع والمشوه فقط لهذه الانتخابات وظهر جلياً بذلك الاصطفاف الشطري المقيت الذي بدوره أفضى لحرب صيف 94م التي مازالت حاضرة بقوة ومن المستحيل إزالة آثارها من النفوس والعقول والتنمية والديمقراطية والوحدة دون إصلاح النظام السياسي ودونما إعادة الاعتبار للديمقراطية وللإدارة الحرة الجمعية.

لأول مرة تتاح الفرصة أمام الناخب اليمني وعلى هذه الشاكلة من التصويت الحر والمباشر لرئيس الدولة القادم، علاوة على انتخابات المجالس المحلية.. نعم ثمة مثبطات وموانع واقفة في طريق هذا الخيار السلمي الذي ما زال الجميع يتعلم(L) أحزاباً وأفراداً وقبائل ومناطق وحكاماً.. الخ، لكننا في المجمل مجمعون ومتفقون على أن الانتخابات الرئاسية ربما ستكون هي الأولى من نوعها مهما حاول البعض العبث بها أو تشويه صورتها الجميلة والمأمولة لكل يمني حر ومتحرر من عقد ورواسب الاستبداد والتخلف، يكفي هذه الانتخابات المنشودة في 20 سبتمبر هذا الاصطفاف الجمعي المؤسس بحق لنواة الدولة الوطنية الواحدة المتجاوزة حدود الطائفة والقبيلة والجغرافيا الشطرية، وعلى هذا الأساس ينبغي التأكيد على حتمية التضحية والثمن المقدمين إذا ما أردنا التغيير الحقيقي وبواسطة الصندوق وليس المدفع أو الدبابة، حيث إن إرادة الناخب بحاجة قصوى لتوعية وإرشاد وأيضاً لحماية وحرية وبما يمكنها من التعبير دون ضغوط أو إقصاء أو مصادرة.

السؤال المطروح اليوم هو هل باستطاعة اليمنيين الانتصار لخيار الديمقراطية باعتبارها بوابة المستقبل الذي يطمح ويتطلع له معظم أبناء الوطن؟ المؤكد أننا جميعاً أمام اختيار صعب ومكلف لكنه جدير بالانحياز، لا مجال أمامنا عير إضاءة الشمعة بوجه الظلام الدامس فذلك خير من لعنه، فكيف إذا ما كانت انتخابات رئاسية بهذا الحجم والقدر غير المسبوقين في تاريخنا المعاصر؟ لسنا هنا في مقام المتفائل أو المتشائم من إمكانية التداول السلمي للسلطة وفي بلد متخم بالجهل والفقر، لكننا بكل تأكيد من أبناء هذا البلد ونعيش فيه كل الوقت وبما أننا مخلوقون من هذه البيئة الغارقة في المعاناة الحياتية فإننا اليوم أمام حالة جديدة ومختلفة عن الانتخابات، وما نسمعه ونراه بأم العين يؤكد أن اليمن على مفترق طرق فإما ولوج طريق الانتخابات الحرة والنزيهة والتسليم بنتائجها مهما كانت صعبة وغير مألوفة للأحزاب والأفراد لكنها بمصلحة شعب ووطن، وإما الطوفان والصوملة لا سمح الله، وهذا باعتقادي ما يستلزم أخذه بالاعتبار ونحن على مسافة أيام قليلة من أول استحقاق ديمقراطي يعول عليه الشعب اليمني قاطبة في التغيير الحقيقي لمجمل أوضاعه المعيشية والتنموية والديمقراطية بل والوحدة الوطنية التي لا أبالغ إذا ما قلت إن الانتخابات الحرة والنزيهة كفيلة بإعادة الروح لها ثانية، ولعل الصورة المشاهدة والمعاشة في الحاضر وفي كل محافظات ومناطق وقبائل الوطن الموحد فيها ما يغنينا عن الكلام، إذ إن الصورة واضحة البيان والدلالة ولا يماثلها سوى ذلكم الاصطفاف الجمعي في الشطرين من أجل الوحدة المباركة قبل عام 90م واليوم ها هو الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه وانتماءاته على موعد آخر لا يقل أهمية عن الوحدة على اعتبار أن الديمقراطية والوحدة توأم لا ينفصلان أبداً، فإذا كنا أخفقنا مرة تلو الأخرى جراء غياب هذه الديمقراطية عن الوحدة فإن الاصطفاف الحاضر مرهون بقيمته وجدواه للديمقراطية والوحدة والدولة اليمنية الحديثة بآفاقها المستقبلية الواسعة والمستوعبة للجميع بلا استثناء، فدون قاعدة احترام القانون والنظام يصعب الحديث عن الديمقراطية المؤهلة للتداول السلمي للسلطة ودون الانحياز الواعي والجمعي لخيار الديمقراطية والتعددية بكل ما تعنيه من أحزاب وبرامج وعقائد فكرية وانتخابات وخطاب وقيادات وقواعد وغيرها لا يجدر المراهنة على التغيير من خلال التعددية فقط طالما والقبيلة والطائفة والجغرافيا عوامل حاضرة ورئيسة في أية عملية مرجوة، الا أن هذه الانتخابات ربما نجدها جامعة لكل هذه الأشياء المتناقضة والمتداخلة والمتفقة أيضاً والخشية كل الخشية من التوظيف الخاطئ لهذا الاصطفاف أو التزوير لإرادته طالما واتفقنا جميعاً أن الوطن فوق الجميع حاكما أو محكوما، أحزابا أو أفراد منطقة أو قبيلة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى