قضية اليمني حمدان أجبرت الادارة الامريكية على الاعتراف بالمعتقلات السرية

> واشنطن «الأيام» وكالات:

> ذكر تقرير صحفي ان قرار المحكمة العليا الاميركية الصادر في يونيو الماضي في قضية سالم أحمد حمدان اليمني الذي يوصف بأنه كان سائق أسامة بن لادن ضد رامسفيلد أدى الى اجبار الادارة الامريكية على الاعتراف بوجود معتقلات سرية وفشل استمرار البرنامج السري لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية.

وينص قرار المحكمة العليا الاميركية الصادر في قضية «حمدان ضد رامسفيلد» على «ان المعتقلين يجب ان يكونوا تحت الحماية التي ينص عليها اتفاق جنيف بشأن الأسرى، وهو في واقع الأمر إعلان لعدم قانونية برنامج وكالة الاستخبارات المركزية» بحسب التقرير.

وأكد التقرير الصحفي ان «محامي البيت الابيض لم يضعوا أي خطط طوارئ تحسبا لمثل هذا القرار الذي كان له وقع الصدمة لديهم».. وان «غالبية كبار المحامين بوزارة العدل الاميركية يعتقدون ان الحكم الصادر سيجبر الحكومة على إغلاق «المواقع السوداء» لوكالة الاستخبارات المركزية، إلا ان محامين آخرين لا يتفقون مع هذه التكهنات».

ومساء يوم الأحد الماضي تم تخدير المجموعة المكونة من ثلاثة باكستانيين ويمنيين وسعوديين اثنين وماليزيين وفلسطيني واحد وليبي وصومالي واندونيسي وتنزاني، ووضعوا في طائرة توجهت بهم إلى خليج غوانتانامو في كوبا. ووصلوا صبيحة يوم العمال وهو يوم هادئ، بطريقة غير عادية في التسهيلات التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

ويعتبر وصول السجناء، الذي شاهده عدد محدود بالإضافة إلى ضباط وكالة الاستخبارات المركزية الذين اصطحبوهم، نهاية خمس سنوات من الجهود لإدارة بوش في إخفاء ما يقرب من 100 من المشتبه في انتمائهم للقاعدة وفي حماية تكتيكات تحقيقات الوكالة وتسهيلاتها عن رقابة الرأي العام. كما كانت أيضا نتيجة لسنتين من النقاش داخل البيت الأبيض، سببه نداء خاص من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للإفراج عن مواطنين بريطانيين تحتجزهم الولايات المتحدة.

وقد أدى النقاش إلى انقسام كبار مستشاري الرئيس بوش مما أسهم في استمرار تسهيلات وكالة الاستخبارات المركزية المعروفة باسم «المواقع السوداء» مفتوحة إلى أن أمر الرئيس بوش، بناء على نصيحة من وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، بتفريغها في الوقت الراهن وربما إلى الأبد.

وفي سلسلة من المقابلات الصحافية، الكثير منها شريطة عدم الكشف عن الهوية، وافق عدد من كبار الشخصيات من جميع أفرع الإدارة الأميركية على مناقشة الأحداث التي أدت إلى الكشف عن واحد من أكثر برامج الرئيس بوش إثارة للجدل. وذكر المسؤولون، اعتمادا على الذاكرة وبعض التعليقات الشخصية المسجلة، ان العوامل الرئيسية التي دفعت الرئيس بوش نحو قراره يوم الأربعاء الماضي كانت مطالب من الحلفاء بإغلاق المواقع، وإلحاح وكالة الاستخبارات المركزية على إيجاد حل طويل المدى لمراكز الاعتقال ونداء من رايس لبوش بوضع إنجازات الإدارة في الاعتبار.

وطوال عام 2004 ضغط المسؤولون البريطانيون على نظرائهم في وزارة الخارجية الأميركية والبنتاغون لدراسة الإفراج عن أربعة معتقلين بريطانيين في غوانتانامو. وكانت حكومة بلير تحت ضغط داخلي لإعادة المعتقلين البريطانيين وإدانة تسهيلات غوانتانامو من منطلقات انسانية. وتجادل كبار المحامين الذين يمثلون كلا من مكتب نائب الرئيس ووزارة الخارجية ووزارة العدل ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حول الطلب. وكانوا قد وافقوا أوائل ذلك العام على الافراج عن خمسة من المشتبه فيهم، ولكنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على الاربعة الباقين.

وكشف الموضوع عن خلافات متزايدة في الرأي بين كبار المستشارين في ادارة بوش، مع تزايد الخلاف بين رايس ونائب الرئيس ديك تشيني حول سياسات الاعتقالات.

ومع استمرار المناقشات، لم يتم التوصل الى رأي جماعي يمكن ارساله للرئيس لاتخاذ قرار بشأنه. وفي ذلك الوقت اثار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير القضية مع بوش خلال رحلة لواشنطن في نوفمبر من ذلك العام. وذكر المسؤولون الذين اطلعوا على مضمون المناقشات، ان بوش وافق فورا على طلب بلير. وذكر مسؤول كبير إن بلير قال انه في حاجة لهؤلاء الرجال، وكان الرئيس بوش سعيدا بمساعدته.

وبعد مرور شهرين، وفي يناير عام 2005، تم إرسال الرجال الأربعة إلى بريطانيا والإفراج عنهم على الفور. ولكن كما تكهن ديفيد ادينغتون محامي تشيني، فتح القرار أبواب غوانتانامو. فخلال الشهور التالية أعيد جميع السجناء الاوروبيين، الذين بلغ عددهم مائة سجين، إلى بلادهم.

وبدأ موقف تشيني ووزير العدل البرتو غونزاليس، اللذين كانا من كبار المؤيدين لبرنامج الاعتقالات، يضعف.

وفي الوقت ذاته طالب المستشار القانوني لوزارة الخارجية جون بلينغر الثالث ومحامي الوزارة فيليب زليكو بإجراء تعديلات شاملة في معاملة المعتقلين. وكان زليكو مديرا تنفيذيا لهيئة 11 سبتمبر، التي اوصت بتعديل سياسة الاعتقال لجعلها اكثر اتساقا مع التقاليد الدولية.

وذكر كبار المسؤولين في الادارة الأميركية ان نقطة التحول في المناقشات، جاءت بعد 10 أشهر، عندما كشفت صحيفة «واشنطن بوست»، في نوفمبر 2005 عن وجود سجون سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية. وقد رفض البيت الابيض آنذاك تأكيد أو نفي وجود مثل هذه السجون، ولكنه قال ان التقرير اضر بالأمن الوطني.

وطالب القادة الاوروبيون علنا بتفسيرات، بينما سعى، بطريقة غير علنية الى انهاء برنامج وكالة الاستخبارات المركزية والاحتجاز بدون محاكمة في غوانتانامو.

وفي الوقت نفسه تسلم الجنرال مايكل هايدين عمله كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية وأشار في حديث له أمام طاقم الوكالة الى انه سيعيد النظر في مدى جدوى البرنامج السري للوكالة. إلا ان هذه الخطوة فشلت في يونيو عندما اصدرت المحكمة العليا الاميركية قرارا في قضية «حمدان ضد رامسفيلد» ينص على ان المعتقلين يجب ان يكونوا تحت الحماية التي ينص عليها اتفاق جنيف بشأن الأسرى، وهو في واقع الأمر إعلان لعدم قانونية برنامج وكالة الاستخبارات المركزية. وعلى الرغم من ان تعليقات القضاة في المرافعات اشارت ضمنا الى انهم من المحتمل ان يصدروا حكما ضد سياسة الادارة الاميركية تجاه المعتقلين، لم يضع محامو البيت الابيض أي خطط طوارئ تحسبا لمثل هذا القرار الذي كان له وقع الصدمة لديهم. وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض ان قرار المحكمة العليا كان اكثر تشددا مما توقعوا. وتعتقد غالبية كبار المحامين بوزارة العدل الاميركية ان الحكم الصادر سيجبر الحكومة على إغلاق «المواقع السوداء» لوكالة الاستخبارات المركزية، إلا ان محامين آخرين لا يتفقون مع هذه التكهنات. وخلال سلسلة من الاجتماعات الطارئة عقب صدور قرار المحكمة العليا في قضية سالم أحمد حمدان اليمني الذي يوصف بأنه كان سائق أسامة بن لادن، أبلغ المستشار القانوني لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، جون ريزو، زملاءه بأن استمرار البرنامج اصبح صعبا بصورة متزايدة. ومنذ الكشف عن المعتقلات السرية في تقارير صحافية طلبت عدة دول من وكالة الاستخبارات المركزية إغلاق سجون الـ«سي آي إيه» الموجودة في أراضيها، كما رفضت دول اخرى طلبات باستضافة مراكز حبس جديدة. وأشار محامون آخرون الى ان ما حدث ألحق ضررا بمقدرة وكالات الاستخبارات الاميركية على العمل مع حلفاء مهمين في أي شيء تقريبا.

وانتهى المحامون الى الاتفاق على عدم قدرة وكالة الاستخبارات المركزية على حبس المشتبه فيهم الى اجل غير مسمى، اذ ان هناك مسؤولين يرون انه لا بد ان تكون هناك نهاية للحبس. وجرى التوصل في إطار تسوية الى الموافقة من ناحية مبدئية على ان القرار الخاص بقضية حمدان لا يعني بالضرورة عدم استمرار وجود مراكز الحبس هذه وإنما يعني في الاساس ان وكالة الاستخبارات المركزية لا تستطيع ان تستمر في التعامل مع المعتقلين خارج إطار اتفاقيات جنيف. وقال محامي البيت الأبيض، دان بارتليت، وهو المسؤول الوحيد الذي وافق على ايراد اسمه في هذا التقرير، ان قضية حمدان اجبرتهم على الإدلاء بالتصريحات الأخيرة. وأضاف قائلا «انه كان لا بد من الاعتراف بأن هذه السجون كانت تحت سيطرتنا». واستطرد بارتليت قائلا ان القيمة الاستخباراتية لعمليات الاستجواب تراجعت كثيرا إلا ان الادارة اعتقدت انه بات بوسع الوكالة «جلبهم للقضاء». وبعد حوالي 24 اجتماعا لكبار المشاركين في صياغة السياسات فيما يتعلق بقضية السجناء، جمع بوش مستشاريه الرئيسيين في نهاية اغسطس الماضي بغرض اتخاذ قرار نهائي. وآثر كثيرون النأي بأنفسهم عن الدفاعات القوية التي تبنوها العام الماضي عن السجون السرية. وكانت كوندوليزا رايس قد اجرت سلسلة من المحادثات مع بوش حول قضية المعتقلين، لكنها وجهت في اجتماع مجلس الأمن القومي النداء الأخير بإجراء تغيير في السياسات.

إذ قال عدد من المسؤولين الذين حضروا الاجتماعات انها قالت أمام زملائها انه من المهم ان تتوصل الولايات المتحدة الى نهاية لهذه القضية من وجهة النظر المتعلقة بالسياسة الخارجية ومن وجهة النظر الاخلاقية. وأشارت كوندوليزا رايس الى ان مراكز الحبس السرية لها اثر سلبي على قدرة البلاد على كسب تعاون الدول الاخرى في عدد من القضايا الاستخباراتية. وحثت كوندوليزا رايس الرئيس بوش على حل هذه القضية، ووافق بوش على ذلك. وظهر الجزء الاساسي من حجة بوش في الفقرة قبل الأخيرة من خطابه الذي اشار فيه الى انه استمع الى مخاوف قادة آخرين تجاه سياسات الادارة الاميركية بشأن الاعتقال: وقال «اميركا دولة قانون. سأواصل العمل مع المجتمع الدولي بغرض بناء مؤسسة مشتركة للدفاع عن دولتنا وحماية حرياتنا».

عن «واشنطن بوست» ....شارك في التقرير تشارلس لين ومايكل ابراموفيتش ودان ايغن والباحثة جولي تيت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى