مساهمة صادقة للرئيس القادم

> السفير /نبيل خالد ميسري:

> قرابة أربعة وأربعين عاماً لثورة 26 سبتمبر وقيام الجمهورية وتسعة وثلاثين عاماً لاستقلال جنوب الوطن من الاستعمار البريطاني وستة عشر عاماً لقيام الوحدة المباركة، والمواطن اليمني يسمع شعارات وبرامج حكومية وأخيراً برامج انتخابية كلها وعود، ولا أحد يمكن أن ينكر أنه لا يمر عام ومنذ عام 1962م إلا وقد تحقق شيء للوطن والمواطن لكن ليس بنفس الآمال والطموحات، ليس بسبب شحة الإمكانيات المادية والبشرية في معظمها، لكن للسياسات التي اتبعت من قبل الأنظمة الحاكمة، لكننا جربنا وتعلمنا الكثير ولا شك أن هذه التراكمات تمثل اليوم خبرة للقائد والمواطن على حد سواء.

ومما تعلمناه أن هناك فجوة بين رؤية الحاكم ورؤية المعارض، وأن كل طرف لا يؤمن بالآخر ويعتقد أنه وحده على حق، أما المواطن العادي فلا يجد سوى النتائج التي تخلقها الرؤى والسياسات، وبالتالي فإن الحوار البناء بين الحاكم والمعارض هو السبيل الوحيد لإيجاد قاسم مشترك للاتفاق على مصلحة الوطن والمواطن.

وما نلاحظه في الحملة الانتخابية من كافة المرشحين هو وعود لا يستطيع أحد منهم أن ينفذها دون مشاركة الآخرين، وهي جميعها تصب في خدمة الوطن والمواطن كشعار، إلا أنها سرعان ما تتحول بعد ذلك إلى اتجاهات أخرى وفقاً لمصالح حزبية وصراعات فيما بينها لا تخدم الوطن والمواطن وإنما مصالح ذاتية وحزبية ليس إلا.. وهكذا تمر السنون.

نحن نقترب من العشرين من سبتمبر يوم العرس الديمقراطي الحقيقي في اليمن والمنطقة العربية عموماً، الذي سينتخب فيه الشعب رئيسه لأول مرة بطريقة سيشهد لها العالم بأسره، وبالتالي فإن الرئيس الجديد سيكون في مكانة تاريخية تحمله مسئوليات جساماً خلال السبع السنوات القادمة.

وبعد إعلان النتائج وفوز الرئيس الجديد الذي نتمنى أن يكون انتصاره انتصاراً لليمن وأن يكون خطابه الأول نحو ثورة جديدة لبناء يمن جديد بمستقبل أفضل وأن يكون هذا الخطاب يشمل أهم ما يعزز بناء دولة حديثة برؤية جديدة مختلفة تماماً عن سابقتها، وأن يؤمن بحق معارضيه بالمشاركة في بناء الوطن، وأن يصبح رئيساً لمعارضيه ومؤيديه على حد سواء، رئيساً للوطن بكامله، صفته العزة والكرامة والعفو والدعوة للجميع لمرحلة جديدة.

وستبدأ مرحلته الجديدة عبر نجاحه في اختيار رئيس حكومته وأعضائها وبرنامجها للسنوات القادمة، وكذلك رؤية صادقة في أن تكون السبع السنوات القادمة ثورة جديدة تعالج متطلبات الشعب بدرجة رئيسة، وكما تعودنا في برامج الحكومات أن تسعى لتطوير كافة القطاعات، ولكننا نتمنى أيضاً ان تشهد تركيزاً على قضايا غاية في الأهمية لنجاح الثورة القادمة وتقسيمها على مراحل وتحديد عام محدد لكل قضية، بحيث يتم حشد كافة الجهود والإمكانات نحو تحقيقها في موعدها المحدد، ويمكن ترتيب القضايا حسب السنوات السبع القادمة على النحو التالي:

1- إعادة بناء سلطة القضاء المستقل فعلياً، ونأمل أن يبدأ عام 2007م بإعادة بناء سلطة القضاء لتحقيق العدالة المنشودة وإحقاق الحق لأصحابه وخلالها يتم حشد الطاقات والإمكانات والاستفادة من تجارب الأشقاء والأصدقاء لبناء نواة الدولة الحديثة، وبالتالي يكون عام 2007م عاماً لبناء السلطة الثالثة.

2- المواطنة المتساوية: ويمكن أن تبدأ في عام 2007م إلى العام التالي ليكون عام 2008م عاماً خاصا بها يتم وضع خطة وبرامج مشتركة لتعزيز المواطنة المتساوية بحيث لا تكون لمنطقة أو قبيلة أفضلية على غيرها وأن الجميع أبناء وطن واحد وأن يجسد هذا الإحساس عمليا وليس شعاراً.

3- استقلالية الإعلام وحرية الصحافة، وليكن عام 2009م عاماً خاصاً بذلك بحيث تكون هيئة مستقلة كسلطة رابعة فعلاً وأن تلتزم بالقانون.

4- خلق الظروف المساعدة لتعزيز دور معارضة حقيقية في المجتمع ويكون عام 2010 عاماً لاستكمال تتويج الجهود التي تبدأ عام 2007م مباشرة وفقاً لخطوات متفق عليها، والمعارضة المطلوبة هي الوجه الآخر للنظام ولصالح الوطن أولاً وأخيراً، فمن يحكم اليوم سيكون غدا في المعارضة، وبذلك يتأسس مبدأ التداول السلمي للسلطة بشكل طبيعي.

5- استكمال تعزيز السلطات المحلية ويكون عام 2011 تتويجا لعرس ديمقراطي آخر وهام بحيث تمنح المحافظات سلطات كاملة وفقاً لتشريعاتها التي تستند إلى الدستور والقوانين، على أن تكون السلطة المركزية مسؤولة عن السياسة الخارجية والدفاع عن حدود الوطن، والإشراف للسلطة التنفيذية المركزية، والرقابة عبر السلطات التشريعية على سلطات المجالس المحلية.

6- بناء مؤسسات الدولة الحديثة: يكون عام 2012 استكمالا لخطة مدروسة وبرامج عملية للسنوات 2007-2012 بحيث يتم بناؤها على أسس علمية وعملية ولا تكون رهناً لتغيير الحكومات أو الأفراد بل تستند في تأسيسها على القوانين.

وأخيراً عام 2013 يكون عاماً للتقييم الصادق سواء لهذه القضايا أو لبرامج الحكومات خلال السبع السنوات لإبراز الإخفاقات ووضع التصورات لمعالجتها مستقبلاً وإظهار الإيجابيات التي تحققت.

بهذه الرؤية وبهذا الوضوح يمكن أن نحكم على الرئيس الذي انتخبه هذا الشعب وفوضه لقيادة الوطن ولبناء يمن جديد بمستقبل أفضل، وإلا فإن الأرقام ستظهر عام 2013 مدى أحقية أن يكون هذا الرئيس مثالاً للقائد الصادق والامين على مصالح أمته، أو أنه قائد كغيره ممن مروا في التاريخ دون بصمات تذكر.

وإن غداً لناظره قريب.

القنصل العام للجمهورية اليمنية بومباي/الهند

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى