انقلاب تايلاند.. الغرب يغض الطرف ويبقي على رعاياه في البلاد

> بانكوك «الأيام» وكالات:

>
قائد الانقلاب
قائد الانقلاب
اثار الانقلاب العسكري في تايلاند الذي وقع يوم أمس الأول الثلاثاء قلق الاسرة الدولية التي دعت الى حل سلمي للأزمة، ولكن جميع الدعوات لم ترق حتى الى مستوى الادانات حتى إن دولاً عدة منها المانيا وبريطانيا لم تطالب رعاياها بمغادرة تايلاند.

وكانت شوارع بانكوك التي يزورها عدد كبير من السياح هادئة صباح أمس الاربعاء بينما تمركز عدد من الدبابات في بعض الاحياء الاستراتيجية. وقال متحدث باسم الجنرال سونثي بونياراتغلين إن قائد الانقلاب استقبل وفدا من الدبلوماسيين الاجانب لتوضيح "اسباب الانقلاب" وتوضيح اسلوبه المقبل في "الادارة".

واعلن الجنرال سونثي في بيان على التلفزيون إن الملك بوميبول وافق على تعيينه رئيسا موقتا للمجلس الحاكم.

وجاء في بيان تلي على التلفزيون الرسمي "من اجل السلام والنظام في البلاد، فقد عين الملك الجنرال سونثي بونياراتغلين قائدا للمجلس العسكري للاصلاح السياسي".

وأضاف "على الشعب التزام الهدوء وعلى كافة المسؤولين الحكوميين الانصياع لاوامر الجنرال سونثي". وعقب اعلان وصول رئيس الوزراء التايلاندي المخلوع الى لندن قالت بريطانيا إنها لا تسعى لإعادة رئيس الوزراء التايلاندي تاكسين شيناواترا الذي أطيح به في انقلاب امس الأول إلى الحكم وإن قراره السفر إلى لندن ليس له أي مغزى سياسي.

وقال مسؤولون بأحد مطارات لندن إن تاكسين وصل الى بريطانيا أمس في زيارة خاصة.وذكرت وزيرة الخارجية البريطانية مارجريت بيكيت للصحفيين إن بلادها تشعر بالأسف إزاء الانقلاب العسكري الأبيض الذي أطاح بتاكسين أمس الاول الثلاثاء وتأمل أن تجرى الانتخابات المبكرة المقررة في أكتوبر في موعدها. وقالت "لا يرجع الأمر إلينا في أن نقول إنه يجب أن يعود إلى الحكم. دعونا إلى عودة الحكم الديمقراطي."

وقالت بيكيت ردا على سؤال عن سبب اختيار تاكسين التوجه إلى لندن قادما من نيويورك حيث كان يحضر اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة إنها تعتقد أنه يملك شقة سكنية في العاصمة البريطانية.

وأضافت "لا مغزى على الإطلاق لحضوره إلى لندن."وكان متحدث باسم رئيس البريطاني الوزراء توني بلير قد قال في وقت سابق أمس إنه لم ترد أي طلبات من تاكسين أو الوفد المرافق له لعقد أي اجتماعات مع وزراء أو مسؤولين بريطانيين.

رئيس وزراء تايلاند المخلوع مع زوجته في صورة من الارشيف
رئيس وزراء تايلاند المخلوع مع زوجته في صورة من الارشيف
وقال المتحدث إنه لا يعرف المدة التي يتوقع أن يمكثها تاكسين في بريطانيا لكنه أشار إلى أن له أقارب هناك.

وقالت متحدثة باسم الخارجية البريطانية ان تاكسين له ممتلكات في لندن وتدرس ابنته في كلية لندن للاقتصاد ويزور العاصمة البريطانية باستمرار. و ذكرت وسائل الاعلام أن أسرة رئيس الوزراء المخلوع وأصدقاؤه المقربون فروا من البلاد فور علمهم بوقوع الانقلاب مساء أمس الاول الثلاثاء. وقالت صحيفة "ناشن" (الأمة) إن زوجة رئيس الوزراء بوجامان التي تدير ثروته هربت إلى سنغافورة في حين أن سودارات كيورافان وهو من أقرب المقربين لتاكسين هرب إلى باريس.

وأعلن العسكريون أمس الاربعاء سلسلة من الاجراءات الصارمة تهدف على ما يبدو الى تعزيز سلطتهم على البلاد التي ما زالت تحت صدمة عودة الجيش الى الحكم.

وأثارت لقطات ظهر فيها رئيس الوزراء ثاكسين شيناواترا حزينا في نيويورك حيث يحضر اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، قلق التايلانديين الذين لم يعودوا يقدرونه لكنهم لم يكونوا يتوقعون رؤية ضباط ودبابات في شوارع بانكوك وعلى شاشات التلفزيون.

وأعلن المجلس العسكري الذي يقوده الجنرال سونثي بونياراتغلين، اول مسلم يتولى قيادة الجيش في تايلاند الدولة التي يشكل البوذيون غالبية سكانها، انه يسيطر على الوضع أو على الاقل، يعتزم الامساك بزمام الامور. ودعي كل الموظفين في الاقاليم والعاصمة، الى تنفيذ أوامر القادة العسكريين ومنع أي تجمع يضم أكثر من خمسة أشخاص رسميا.كما أغلق منفذو الانقلاب الحدود الشمالية للبلاد مع لاوس وبورما.

من جهة أخرى، فرض منفذو الانقلاب اجراءات مراقبة صارمة على وسائل الإعلام الوطنية والدولية. ويمنح أمر صدر عن منفذي الانقلاب وزارة الاتصال حق منع نشر اي "معلومات مضللة" يمكن ان تضر بالسلطات العسكرية الجديدة.

وفي الساعات التي تلت الانقلاب، قطع بث شبكات التلفزيون الاخبارية الدولية مثل "سي ان ان" وهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" فجأة بينما تقوم محطات التلفزيون التايلاندية ببث بيانات المجموعة العسكرية الحاكمة وصور الملك المسن بوميبول الذي يحترمه التايلانديون ويشير اليه الانقلابيون باستمرار.

سائح غربي يسأل جنود الانقلاب في أحد شوارع بانكوك عن الاتجاهات لزيارة معالم سياحية
سائح غربي يسأل جنود الانقلاب في أحد شوارع بانكوك عن الاتجاهات لزيارة معالم سياحية
وصباح أمس الاربعاء ظهر خمسة ضباط رفيعي المستوى على شاشات التلفزيون. وأعلن الجنرال سونثي (59 عاما) الذي عينه ثاكسين منذ عام واحد قائدا لسلاح البر "لقد تسلمنا السلطة". وأكد ان العسكريين علقوا الدستور وأنهوا ولاية مجلس الشيوخ ومجلس النواب والحكومة والمحكمة الدستورية.. وقال "رأينا ان رئيس الوزراء بالوكالة (ثاكسين) اثار انقساما لا سابق له في المجتمع وفسادا مستشريا ومحسوبية وتدخلا في شؤون الوكالات المستقلة التي لم تعد قادرة على العمل". وأضاف ان ثاكسين ومساعديه الذين يحكمون منذ 2001 "اهانوا الملك بشكل متكرر"، لذلك "كان يجب التحرك لاعادة الامور الى مجراها الطبيعي وإحلال الوحدة في اسرع وقت ممكن".

كما اكد سونثي ان المجلس لا ينوي البقاء الى ما لا نهاية في السلطة ويعتزم "اعادتها الى الشعب في اقرب وقت ممكن". الا أنه لم يذكر اي موعد محدد لذلك. وأكد مسؤولون عسكريون اخيرا أن أحد نواب رئيس الوزراء ويعد حليفا وفيا لثاكسين، معتقل في مقر قيادة الجيش في بانكوك منذ مساء الثلاثاء. وهذا المسؤول هو شيدشاي فاناساثيديا الذي كان وزيرا للعدا ومكلفا بالامن في حكومة ثاكسين.

كما يعتقل الانقلابيون مسؤولين حكوميين سابقين هما برومين ليرتسوريدي السكرتير في مكتب رئيس الوزراء وسومشاي وانغساوات صهر ثاكسين والامين لسكرتير في وزارة العدل.

ودعت الولايات المتحدة التي كانت اول دولة عبرت عن رد فعل، التايلانديين الى "تسوية خلافاتهم سلميا" وقالت انها تتابع عن كثب الاحداث في بانكوك.

ومثلها لندن التي قالت انها تتابع الوضع عن كثب ودعت البريطانيين الذين يمضون عطلة في هذا البلد الى تجنب التجمعات الحاشدة. وقالت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت ان بريطانيا "لا يسرها ابدا" ان ترى انقلابا عسكريا يقع في بلد ما.

من جهتها، عبرت كل من لاهاي واوتاوا عن "القلق العميق". ودعت كندا "كل الاطراف الى العمل من اجل حل سلمي للازمة"، ودعت في اجراء احتياطي، رعاياها البالغ عددهم 1350 شخصا في تايلاند إلى تجنب التظاهرات والمباني الحكومية.

وأكدت فرنسا انها "تتابع الوضع باهتمام كبير" ودعت رعاياها في بانكوك الذين يبلغ عددهم ستة آلاف الى "البقاء في بيوتهم".

وانتقد الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الانقلاب العسكري ودعا الى الهدوء. وقال انان لشبكة التلفزيون الاميركية "سي ان ان" على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة "لا أملك كل التفاصيل لكنه أمر لا يمكن تشجيعه".

ورأت استراليا ان هذا الانقلاب "غير مقبول" على حد قول وزير خارجيتها الكسندر داونر الذي عبر عن "قلقه العميق"، بينما دعا نظيره الياباني تارو اسو منفذي الانقلاب الى "تطبيع الوضع وإعادة النظام الديموقراطي فورا"، معتبرا الانقلاب "مؤسفا".

من جهة اخرى، وجهت وزارة الخارجية اليابانية تحذيرا الى اليابانيين المقيمين في تايلاند ودعتهم الى البقاء في بيوتهم او فنادقهم. كما نصحت بعدم التوجه الى تايلاند الا في حال الضرورة. ويتوجه عدد كبير من السياح اليابانيين الى تايلاند سنويا. وقد قدر عددهم بـ120 الفا في يناير.

من جانبها، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الانقلابيين الى اعادة الحقوق الانسانية الاساسية وحماية الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير والتجمع.

وقال براد ادامز مدير المنظمة لآسيا ان "سلطة ثاكسين قوضت بشكل خطير احترام حقوق الانسان في تايلاند لكن تعليق الحقوق الاساسية الواردة في الدستور ليس الرد الملائم".. ورفضت الصين "التدخل في الشؤون الداخلية" لتايلاند متمنية "الرخاء والهدوء" لهذا البلد. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية كين غانغ ان "التغييرات التي حصلت شأن داخلي لتايلاند. الصين اتبعت دائما مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى". وعبرت كوريا الجنوبية عن تأييدها لحل سلمي في تايلاند وطلبت من رعاياها مراجعة برامج سفرهم الى هذا البلد الذي يعيش فيه 22 الف كوري جنوبي.

ورفضت لاوس، على غرار الفيليبين، التعليق على الانقلاب في جارتها التايلاندية واكتفت بالقول انها "تتابع الوضع" عن كثب في هذا البلد الحدودي لها.

ويعتبر الجنرال سونثي بونياراتغلين الذي قاد الانقلاب في بانكوك اول مسلم يتولى قيادة الجيش في تايلاند حيث الغالبية بوذية ومعروف انه قريب من الملك بوميبول.

والجنرال سونثي البالغ من العمر 59 عاما مقاتل سابق حائز ميداليات كثيرة وهو عسكري براغماتي وكان عارض علنا رئيس الوزراء ثاكسين شيناواترا بشأن السياسة الامنية المعتمدة في البلاد قبل انقلاب مساء الثلاثاء. وكان ثاكسين عينه قبل عام على رأس الجيش. واعتبر تعيينه قائدا عاما للقوات البرية محاولة جدية من الحكومة لايجاد تسوية للنزاع القائم في اقصى جنوب تايلاند الذي يشهد حركة انفصالية اسلامية منذ حوالى ثلاث سنوات. واعتبر مناصروه آنذاك ان في وسع الجنرال سونثي المساهمة في تبديد الانطباع بان السلطات تمارس تمييزا منهجيا ضد المسلمين في منطقة الجنوب حيث يشكلون غالبية.

وكان اقر قبل فترة قصيرة بان بانكوك لا تعرف فعليا من هم قادة التمرد موصيا بإجراء مفاوضات لوضع حد لاعمال العنف التي اوقعت اكثر من 1400 قتيل منذ يناير 2004، غير ان وزراء مقربين من ثاكسين رفضوا مثل هذه المفاوضات.

وذكر المتحدثون باسم الجنرال مساء الثلاثاء الفساد وانقسام المجتمع والاعمال التي من شأنها الاساءة الى الملك لتبرير الانقلاب.

الطائرة الخاصة التي تحمل رئيس وزراء تايلاند المخلوع لدى وصولها الى مطار جاتويك في لندن أمس
الطائرة الخاصة التي تحمل رئيس وزراء تايلاند المخلوع لدى وصولها الى مطار جاتويك في لندن أمس
ولد الجنرال سونثي قرب بانكوك في الثاني من اكتوبر 1946 في عائلة من التايلانديين المسلمين استقرت في البلاد منذ فترة طويلة وهو تخرج من الكلية العسكرية في شولاشومكلاو وانضم الى فيلق المشاة الملكي قبل الالتحاق بوحدات المقاتلين الخاصة. وبتعيينه على رأس القوات البرية وجد نفسه متورطا ولو رغما عنه ربما في بادئ الامر، في الازمة السياسية الخطيرة التي هزت المملكة خلال الاشهر الماضية.

وكان ثاكسين رجل الاعمال الثري البالغ من العمر 57 عاما والذي انتخب رئيسا للوزراء عام 2001، في خضم جدل محتدم بعد أن باعت عائلته في يناير كل الحصص التي كانت تملكها في مجموعة عملاقة للاتصالات اسسها قبل خوض المعترك السياسي.

ودعا رئيس الوزراء الى انتخابات في ابريل في محاولة لحلحلة الازمة غير ان المحكمة الدستورية ألغتها في مايو بموجب مداخلة استثنائية من الملك بوميبول الذي اعتبر العملية "غير ديموقراطية" وقد قاطعت المعارضة الانتخابات.

واستقبل الملك الجنرال سونثي مساء الثلاثاء بعد اعلان الانقلاب. وكان القائد العسكري ألمح في خضم الازمة في الربيع الى ان العاهل المسن قلق للغاية ازاء الاضطرابات السياسية التي لا تعرف حلا.

وقال آنذاك ان "مشكلة (تايلاند) احزنت جلالته وأود بصفتي احد جنود جلالته التخفيف من قلقه وسيلتزم الجيش بشكل تام بأي نصيحة يقدمها لنا".

ومع تفاقم الازمة سارع الجنرال الى نفي كل الشائعات التي كانت تتحدث عن انقلاب لكن حين اعلن عن مؤامرة لاغتيال ثاكسين الشهر الماضي وتم اعتقال خمسة عسكريين، بدأ بعض الدبلوماسيين يطرحون فرضية تقول ان الطوق بدأ يشتد حول سونثي وانه قد يعمد الى التحرك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى