رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- محمد بن هاشم بن طاهر .. الولادة والنشأة .. محمد بن هاشم بن طاهر من مواليد عام 1883م الموافق 1300هـ بقرية مسيلة آل الشيخ التي تبعد حوالي ستة أميال جنوب مدينة تريم بحضرموت (راجع «الأيام»- 25 مايو، 2006م، محمد بن هاشم بن طاهر، معلم الأجيال وشيخ الصحافة الحضمية: عمر أحمد الشاطري)، نشأ بن طاهر نشأة طهارة وتحصيل علمي على أيدي علماء أجلاء أمثال الشاعر الكبير العلامة الجهبذ أبوبكر بن عبدالرحمن بن شهاب والعلامة عبدالله بن عمر الشاطري إمام رباط تريم وعلماء آخرين ونهل على أيديهم جرعا من علوم اللغة والدين والتاريخ والمنطق والفلك (مرجع سابق).

تميز محمد بن هاشم بين أقرانه من طلاب العلم وأصبح يشار إليه بالبنان وبلغت ثقة شيوخه به أنه كان ينوبهم في تدريس الطلاب عند غيابهم وكان ذلك مؤشرا وبشيرا أن هذا الطالب النجيب سيكون له شأن كبير.

بن طاهر يحمل رسالة التنوير إلى إندونيسيا:
تشير ثائق التاريخ الحديث إلى أن الحضارمة تميزوا على غيرهم من العرب والمسلمين بنقل رسالة التنوير إلى جنوب شرق آسيا (إندونيسيا والملايو وسنغافورة) وحملوا على أكتفاهم رسالة العمل السياسي والتربوي والصحفي والديني والتجاري (لمزيد من التفاصيل راجع «كفاح أبناء العرب ضد الاستعمار الهولندي في إندونيسيا»: حامد القادري- ترجمة د. زكي باسليمان- دار جامعة عدن للطباعة والنشر 1998م) ومن رموز إندونيسيا البارزين من أصول حضرمية: عبدالله بن علوي العطاس، من قادة حركة الجامعة الإسلامية وعبدالرحمن باسويدان، مؤسس حزب عرب إندونيسيا ورائد استقلال إندونيسيا وعوض شحبل، رئيس العرب في سوراكرتا، مؤسس المدرسة العربية الهولندية والداعي إلى تحديث التعليم وحسين العطاس، رئيس اللجنة المركزية لحزب عرب إندونيسيا 1942م والشيخ أحمد عبدالرحمن باجنيد، رئيس الاتحاد الإسلامي للتجارة 1959م وحزب عرب إندونيسيا 1938م وعبدالله بايعشوت، سكرتير الهيئة السياسية للجالية العربية (1947- 1950) وغيرهم (مرجع سابق- حامد القادري).

هاجر محمد بن هاشم إلى جاوة باندونيسيا عام 1907م وبدأ مشواره المهني بتولي ادارة مدرسة شمائل الهدى بمنطقة قرسي وتولى بعد ذلك ادارة مدرسة قلبينان ثم مدرسة جمعية خير بجاكرتا ومدرسة شمائل الهدى بباكلتقان ثم مدرسة حضرموت بسورابايا. (مرجع سابق- الشاطري).

لم يفهم محمد بن هاشم رسالته على أنها إدارة وحسب، بل وقام بإعداد المناهج الدراسية وإدخال مواد جديدة كعلوم الطبيعة والإنشاء والخطابة، وشهد بذلك المؤرخ العلامة عبدالله بن محمد السقاف «تاريخ الشعراء الحضرميين- الجزء الخامس» بأن محمد بن هاشم يعتبر المؤسس للروح الثقافية الحديثة في الشرق الجاوي (مرجع سابق- الشاطري).

محمد بن هاشم رائد الصحافة:
لو دققنا في سجل تاريخ الصحافة في شرق آسيا لوجدنا أن الحضارمة كانوا أصحاب باع وذراع في تلك الصحافة فهذا كشف بأسماء الصحف وأصحابها وأماكن صدورها:

1) البشير لصاحبها محمد بن هاشم بإندونيسيا، 1920م.

2) الشفاء لصاحبها عمر بن سليمان ناجي بإندونيسيا، 1920م.

3) الفسطاط لصاحبها عمر بن علي مكارم بإندونيسيا، 1923م.

4) الاحقاف لصاحبها عمر هيبص بإندونيسيا، 1925م.

5) برهوت لصاحبها محمد عقيل بن يحيى بإندونيسيا، 1929م.

6) بؤرة بدور لصاحبها محمد الهاشمي بإندونيسيا، 1920م.

7) مرآة المحمدية لصاحبها محمد علي فدَّس بإندونيسيا، 1927م.

8) مرآة الشروق لصاحبها محمد بن علي فدَّس بإندونيسيا، 1928م.

9) الوطن لصاحبها محمد بن عبدالرحمن بسنغافورة، 1910م.

10) الوفاق لصاحبها محمد سعيد الفتة بإندونيسيا، 1927م.

11) الإقبال لصاحبها محمد سالم بارجاء بإندونيسيا، 1927م

12) الهدى لصاحبها عبدالواحد الجيلاني بسنغافورة، 1921م.

(راجع: الصحافة اليمنية قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م: علوي عبدالله طاهر، ص 151)

محمد بن هاشم رائد تربوي في حضرموت:
اختتم محمد بن هاشم مشواره التربوي في إندونيسيا عندما ترأس بعثة تعليمية كانت الأولى من نوعها في إندونيسيا وكانت في طريقها إلى القاهرة والتي ضمت (17) طالبا للالتحاق بجامعات مصر.

وفي العام 1395هـ الموافق 1928م عاد محمد بن هاشم إلى حضرموت وأسندت إليه إدارة مدرسة «جمعية الحق» وكانت منعطفا مهما في تاريخ التربية بحضرموت، بل وعلى مستوى الجزيرة العربية وذلك عندما أدخل محمد بن هاشم العلوم الحديثة والفلك على المناهج الدراسية وأدخل ما يسمى «النشاطات اللا صفية» على النظام التعليمي، فانخرط الطلاب في جمعيات أدبية وصحفية ورياضية ونشاطات أخرى مثل الأناشيد المدرسية والخطابة (مرجع سابق: الشاطري).

محمد بن هاشم مع شيخان الحبشي وآخرين في مدرسة الكاف الخيرية الحديثة:
ورد في كتاب «التعليم في وادي حضرموت، النشأة والتطور 1905- 2005م: إعداد لجنة توثيق تاريخ التعليم بالوادي- ص228» أن «مدرسة الكاف الخيرية الحديثة» التي أسست بتمويل من شيخ الكاف، الذي أوقف مالا للمدرسة والمستشفى وتم تعيين السيد عبدالرحمن بن شيخ الكاف ناظراً عليها عند التأسيس عام 1935م وتولى إدارتها الأستاذ بكر حسن شيبة (سعودي الجنسية) وأدارها بعد ذلك عبدالمولى بن طاهر واستقرت نظارتها عند السيد حامد بن عمر الكاف.

أما هيئة التدريس فقد تكونت من الأستاذ محمد بن هاشم بن طاهر والأستاذ شيخان الحبشي والأستاذ توفيق فرج أمان والأستاذ عمر بن علوي الكاف والأستاذ سقاف عبدالرحمن الكاف والأستاذ محمد بن سالم بن حفيظ والأستاذ سالم علوي الخرد والأستاذ محمد بن محسن الهادي والأستاذ حسن سقاف الكاف.

محمد بن هاشم رجل الدولة:
يحيى محمد بن هاشم بن طاهر سكرتيرا للجنة الوطنية والشؤون القضائية (سكرتير الدولة) للسلطنة الكثيرية ولم يطل به المقام في ذلك المنصب وفضل استئناف نشاطه الطبيعي في مجال التأليف والتدريس والتثقيف فعمل مدرسا بمدرسة الكاف ثم بمدرسة جمعية الأخوة والمعاونة ويلقي المحاضرات بنادي الشبيبة المتحدة بتريم ونادي الإخاء وكان يرفد مجلة «الإخاء» بالمقالات والتي كانت تصدرها جمعية الأخوة والمعاونة بتريم.

محمد بن هاشم في سجل الخالدين:
في شهر صفر 1380هـ الموافق أغسطس، 1960م انتقل محمد بن هاشم بن طاهر العلوي إلى جوار ربه مخلفا وراءه سجلا ناصعا من الباقيات الصالحات وعددا من المؤلفات منها: رحلة إلى الثغرين، الشحر والمكلا وتاريح الدولة الكثيرية وشرح «منظومة اليواقيت في فن المواقيت» للعلامة محمد أحمد الشاطري، ومن مؤلفاته ايضا: العامية الحضرمية أو بنت الفصحى (مخطوط) وتاريخ جاوة ودروس الطبيعة ومدراج الإنشاء والدور الكافي أو الثروة الكافية والنوافع الوردية في تقويم الهند الهولندية وعدداً من المقالات في صحف المشرق الآسيوي وحضرموت ومصر حيث كتب في صحيفة «وادي النيل» وجريدة «السياسة» المصريتين.

اللافت أن عملاقا مثل محمد بن هاشم بن طاهر لم يحظ بالاهتمام بإعادة نشر تراثه الدسم.

2- فيصل علي عبدالله .. الولادة والنشأة .. فيصل علي عبدالله من مواليد مديرية المعلا (عدن) في الفاتح من أغسطس، 1948م وتلقى مراحل التعليم في عدن ونشأ مغرما بالمسرح ويتجلى وذلك بمشاركته اثناء مرحلة دراسته المتوسطة بكريتر بتقديم عرض مسرحي أثناء الحفل الفني الذي أقامته المدرسة وكان العمل المسرحي المدرسي موسوما «اليتيم الكفيف» وقام الطالب فيصل بعملية الإخراج إضافة إلى تحمله دور البطولة وشاركه في التمثيل المخرج الصحفي المبدع قيس أحمد حسن وفرقة المعلا للمسرح التي أسسها فيصل بدعم من والده، الذي كان يعمل خياطا ودوت القاعة بالتصفيق إعجابا بالعرض المسرحي بحسب شهادة صديق عمره المخرج المتألق محمد حسين بيحاني والتي نشرتها صحيفة «14 أكتوبر» في عددها الصادر في 8 مارس، 2006م.

إلا أن الكانب الصحفي أديب الجيلاني أورد إفادة إضافية بأن الفقيد المبدع فيصل علي عبدالله قدم على خشبة المسرح المدرسي عددا من الأعمال المسرحية أبرزها «اليتيمان» و «أين أبي؟» وهما من تأليفه وإخراجه (راجع: أديب الجيلاني: شيخ المخرجين وفقيد الحركة المسرحية- صحيفة 14 أكتوبر- 1 أبريل، 2006م).

فيصل علي عبدالله على خشبة مسرح جامعة القاهرة:
غادر فيصل علي عبدالله أرض الوطن في نهاية ستينات القرن الماضي إلى القاهرة، العاصمة المصرية لدراسة الإخراج المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية وهناك حقق فيصل علي عبدالله قدرا كبيرا من التراكم على المستويين النظري والتطبيقي على يدي قامات مسرحية في مصر.

ساهم فيصل علي عبدالله أثناء فترة دراسته في القاهرة في إخراج مسرحيتي «ثورة بلدنا» على مسرح جامعة القاهرة و«الكنز» على خشبة مسرح العرائس. شارك ممثلون مصريون من طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية في أداء ادوار المسرحيتين. (مرجع سابق: محمد حسين بيحاني وأديب الجيلاني).

فيصل علي عبدالله وتكليف الدكتور عبدالرحمن عبدالله:
عاد فيصل علي عبدالله إلى أرض الوطن في نهاية 1969م والتحق بوزارة الثقافة والإعلام وساهم ي تأسيس أول إدارة للمسرح بديوان الوزارة بتكليف من د. عبدالرحمن عبدالله، وكيل الوزارة (نائب الوزير) آنذاك، (وكان الوزير آنئذ الفقيد عبدالله أحمد خامري) بعد أن كانت قسما في طور التأسيس.

كما ساهم فيصل علي عبدالله في تأسيس «فرقة المسرح اليمني»، التي دشنت أعمالها المسرحية بمسرحية «الكنز» وعرضت على خشبة سينما بلقيس بكريتر والمسرح الوطني بالتواهي.

من إبداعات الفقيد فيصل علي عبدالله:
قام المخرج المبدع، فيصل علي عبدالله بإخراج عدد من المسرحيات منها مسرحية «الصياد» خلال عام 1971م وألفها معتوق عبدالباري والتي شارك فيها الفنان عبدالكريم توفيق ووضع ألحان الأغاني الراحل الكبير يحيى مكي وعرضت المسرحية على خشبة سينما بلقيس والمسرح الوطني.

أما فقيد المسرح عبدالله صالح مسيبلي، فقد قام ببطولة مسرحية «الأرض»، التي عرضت على خشبة مسرح الاتحاد العام لعمال الجمهورية بالمعلا (مسرح أول مايو)، كما قام الفقيد فيصل علي عبدالله بإخراج مسرحيات: «القرار»، و«الأم» وهي مسرحية مقتبسة من الأدب العالمي واستخدم في إخراجها الأسلوب الملحمي البرختي و «المزهر الحزين» وهي مسرحية شعرية غنائية للراحل الكبير لطفي جفعر أمان والتي قدمت في 24 أبريل 1972م ومسرحية «أول مايو» لمؤلفها المبدع حسين السيد، والتي قدمت في الأول من مايو 1972م، ومسرحية «الجبل» مسرحية كتبت بالعامية وعرضت للمرة الأولى في 14 مايو 1972م ومسرحية «السبعين» التي شارك فيها الفنان الراحل المتألق محمد عبده زيدي وتم عرضها في صهاريج الطويلة و«الزحف الأحمر» التي عرضت عام 1975م. (مرجع سابق: محمد حسين بيحاني وأديب الجيلاني).

فيصل علي عبدالله أستاذ المخرجين:
أعطى المخرج والقاص المتألق، محمد حسين بيحاني شهادته للتاريخ (مرجع سابق) وورد في شهادته: «المخرج فيصل علي عبدالله هو أول من أخذ بيدي وعلمني أبجدية الإخراج من خلال تشجيعه ودعمه معنويا لالتحاقي بمعهد التلفزيون العربي في القاهرة لدارسة الإخراج».

فيصل علي عبدالله في كتابات أعزائه:
ترك المبدع الكبير جرحا غائرا في نفوس عدد من أعزائه منهم منصور أغبري ود. علي عبدالكريم وأحمد عبدالله سعد وأديب الجيلاني ومحمد صداعي علي ومحمد حسين بيحاني وعبدالعزيز عباس وفرحان علي حسن وحسين السيد، فمنصور أغبري يتحدث عن سجايا الفقيد ومعدنه النفيس، وأحمد عبدالله سعد يتحدث عن ريادة الفقيد في فن السنوغرافيا، وهو فن توظيف الإضاءة «في إعادة تشكيل المشهد بجمالية تضفي أبعادا درامية تجريبية»، ومحمد صداعي علي ينبش جعبة ذكريات الأيام الخوالي التي أبدع فيها الفقيد منذ أيام معرض المعارض، وعبدالعزيز عباس يتحدث عن ذكرياته مع الفقيد الذي تعرف عليه في إوكرانيا، ومحمد حسيم بيحاني يتحدث عن علاقته بالفقيد التي تمتد إلى ستينات القرن الماضي، وفرحان علي حسن، رجل المهام الصعبة الذي يتحرك طواعية في أحرج الظروف لإسعاف أعزائه تحدث عن رحيل المبدع الكبير في زمن يلفه الصمت والجحود، وحسين السيد عايش الفقيد عن كثب ولا يبخل بإعطائك ما في جعبته لسد حاجتك من المعلومات عن الفقيد (مرجع سابق).

فيصل علي عبدالله في رحاب الخالدين:
بعد مشوار كفاحي وإبداعي طويل ساده حب الناس عامة والأصدقاء خاصة، خاض المبدع الكبير فيصل علي عبدالله صراعا مريرا مع المرض، وفاضت روحه الطاهرة في فجر الخميس 2 مارس 2006م عن عمر ناهز الثامنة والخمسين، مخلفا وراءه سلسلة أعمال مسرحية ودموع المحبين وولدين هما: 1) ياسر. 2) يسرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى