دعوها فإنها منتنة

> «الأيام» أسامة بن محمد الكلدي -المعلا - عدن

> أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن جابر بن عبدالله قال: كنا مع النبي صلى الله عليه في غزاة فكسع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار - أي ضربه على دبره - فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال: «ما بال دعوى الجاهلية؟» فقالوا: يارسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«دعوها فإنها منتنة».

اشتمل هذا الحديث النبوي على ذم التعصب، ونسبه إلى الجاهلية، بل وصفه بالنتانة كي يجُتنب كما يجتنب الشيء النتن.

وما أشبه الليلة بالبارحة، ففي يمننا الميمون تجري هذه الأيام أمور وأحوال هي من الجاهلية التي جاء الإسلام بوضع كل قبيح فيها، ومحاربته بشتى الوسائل والطرق. فالكذب والنفاق والتقليد وتعدد الوجوه والتفرق والتحزب والتباغض والتدابر والتحاسد ونصرة الظالم، والتنافس للدنيا، والغلو، واتباع الهوى والظن وسفك الدماء والتعصب وبطرُ الحق وغمْطُ الناس، ولبس الحق بالباطل، كلها أمور لا تجوز بحال، وإن تفلسفت الأقوال، ودغدغت العواطف بالآمال.

ويالله العجب من أقوام يدينون بالإسلام يقول قرآنهم:{واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} (آل عمران 103) ثم يعارضونه ولسان حالهم يقول: وتفرقوا عن حبل الله جميعاً ولا تعتصموا. وعملوا بسنة إبليس في التحريش بينهم للتفريق والاختلاف. أين العقلاء ليعتبروا بمن مضى، فرقتهم الأحزاب والألقاب، ومزقتهم الأسماء والأهواء، فآلت أمورهم إلى جوع وخوف، ونقص في الأنفس والأموال والثمرات، وضياع الحقوق، وضعف الشوكة، وشماتة الأعداء؟!

أيها اليمنيون، يا أهل الإيمان والحكمة والفقه: ألا يدعوكم ما جرى في الماضي من صراعات أهلها، وجرت البلاد والعباد إلى الدبار والدمار إلى الاعتبار والانزجار والاستفادة من الدروس.

وبعد، فالحاجة ماسة اليوم إلى تصفية وتربية، تصفية للعقول والعقائد والأخلاق من نتن الجاهلية، وأوضار الماضي، ومخلفات التبعية والتقليد، تعقبها تربية على إيمان صادق وإسلام مصفى، لا شرقي ولا غربي يأخذ بالأجيال إلى طيب الأقوال وحسن الأعمال، ليخرج منها قادة صالحون بررة، يلون أمور الناس في دينهم ودنياهم بالعدل والإحسان، ويقودون شعوبهم نحو حياة كريمة وسعادة حقيقية.

وإن غداً لناظره قريب، فابذر البذرة ولا تستعجل الثمرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى