نصائح نبوية (5)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> لست مخطئاً إذا قلت: إن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم قد حدد مهمته بقوله «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» رواه البخاري في الأدب المفرد والحاكم والبيهقى وابن سعد. وفي رواية «لأتمم صالح الأعمال».

ولذلك فهو ينصح كل واحد من أتباعه والمؤمنين برسالته «خالق الناس بخلق حسن».

إن مفهوم «مكارم الأخلاق» من المفاهيم الإنسانية التي تواطأت عليها البشرية منذ بدء الخليقة، فالعدل، والكرم، والسخاء، والبر، والصدق، والأمانة، والشهامة، والعفو، والرحمة، والتواضع، والصبر، والوفاء، والشجاعة، والنظافة، والتجمل، والسماحة، والحلم، والتعاون، والشرف، والإباء، والحياء، والنصيحة، والإحسان، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وإكرام الجيران، بالإضافة إلى المعاني الربانية التي تدخل في صميم الأخلاق الإنسانية المؤمنة الموحدة مثل:

الإخلاص لله، والتوبة، والتوكل، والرجاء، والخوف، والحرص على مرضاة الله، والغضب للحق، ودعوة الناس للتوحيد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ... إلخ، كلها قيم ومثل ومبادئ جاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتمّمها ويعمّمها ويكمّلها ويجمّلها.

ولا عجب إن قلت: إن الله- جل في علاه - يريد أن يتخلق عباده بأسمائه وصفاته عبر عبادته وفي تعاملهم مع غيرهم من عباده .. وبذلك تغدو الأخلاق مسباراً ومقياساً نسبر به عمق الإيمان، ونقيس به درجة ارتفاع حرارة الضمير المؤمن والقلب النقي التقي، فالنبي المعلم صلوات ربي عليه وعلى آله يقرر ذلك ويؤكده بقوله:

«أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم اخلاقاً» رواه الترمذي والحاكم، ليلقي في روعنا ويعمق في أحاسيسنا أن روعة التدين الحقيقي تكمن في صفات وسمات ومزايا يمتاز بها المؤمنون عن غيرهم {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} (يس 59).. {أفنجعل المسلمين كالمجرمين؟ ما لكم كيف تحكمون؟} (القلم 36).

المسلم يمتاز بالخلق الحضاري الراقي حتى مع أعدائه، إنه يخالق «الناس» بخلق حسن، ويعامل «البشر» معاملة طيبة، دونما تمييز في اللون أو العرق، لأن المسلم منفتح على غيره، غير منغلق على ذاته، غير متقوقع ولا منعزل ولا انسحابي هروبي.. بل هو يخالق «الناس» جميعاً مسلمهم وكافرهم، وهو حينما يخالقهم يحترمهم حتى ولو كان يخالفهم، على أساس {لا تبخسوا الناس أشياءهم} (الأعراف 85). {وقولوا للناس حسناً} (البقرة 83).

ومكارم الأخلاق هبة سماوية سامية ما يلقّاها إلا الذين صبروا على معاملة الآخرين وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم عميم عميق من الإيمان والتقوى واليقين، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«إن المؤمن ليدرك بحسن أخلاقه درجة الصائم القائم» رواه أبو داود وابن حبان.

وقال عليه صلوات الله وسلامه: «ما من شيء أثقل في ميزان الإنسان من خلق حسن» رواه أحمد والترمذي، وقال:«أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» رواه أبو داود.

اللهم حسن أخلاقنا، وطهر قلوبنا وضمائرنا وأعماقنا، واجعل لك حبنا وأشواقنا.. آمين.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين .

مدرس بكلية التربية- جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى