في دراسة لأستاذ جامعي عن تحديات قانونية أمام الرئيس:تقليص الصلاحيات وتحقيق استقلال القضاء وإلغاء وزارات سياسية ومشاركة القطاع الخاص

> «الأيام» عن «نيوزيمن»:

> اذا لم تنجز السلطة الفائزة في الانتخابات اصلاحا جوهريا من داخلها بما يصوب المسيرة ويعزز الأمل في مستقبل افضل بإجراء تغيير واصلاح سياسي ومؤسسي في الفترة الرئاسية المقبلة يؤدي إلى إحداث بناء تشريعي وقانوني ويحقق ما طالبت به القوى السياسية قبل الاستحقاقات الانتخابية فإن اليمن حسب (رؤية عن تحديات استكمال بناء الدولة في الفترة الرئاسية القادمة 2006 -2013)، سيقع فريسة لمشكلات سياسية اقتصادية وتشريعية كبيرة.

وتذهب الدراسة التي أعدها استاذ القانون العام المساعد بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء د. محمد مغرم إلى إن الطوفان، الذي سيشهده اليمن في حال لم يستفد من الفترة الرئاسية القادمة هو التحول الي الدولة الهشة التي تواجه مخاطر التحول إلى دولة فاشلة.

وفي هذه الدولة- كما تقول الدراسة - تتآكل شرعية النظام ويتلاشى ما تبقى له من تأييد نظراً لعجزه عن تلبية احتياجات الشعب وتنزلق الدولة بالتالي سريعاً إلى الفوضى، حيث يحتمل لجوء البعض إلى بدائل منها الاحتجاج العنيف الذي تتزايد معه فرص الاقتتال الداخلي، وقد يفضي ذلك وفقا للدراسة الى تداول قادم للسلطة يتأتى عن العنف المسلح، بما ينطوي عليه من خسارة انسانية لا تقبل مهما صغرت، ولا تحمد عقباها خاصة فيما يتصل بطبيعة التنظيم السياسي الذي قد يتولد عنها.

هدف الدراسة

هدفت هذه الدراسة إلى تشخيص المجالات التشريعية في بناء الدولة وأهم التحديات الإستراتيجية في بناء الدولة التي ستواجه اليمن خلال الفترة الرئاسية القادمة ، واستحضارها أمام الأطراف الفاعلة والمؤثرة في القرار والفعل السياسي اليمني. كما هدفت إلى تشخيص الوضع الإداري القائم لجهاز الإدارة العامة وتحديد جوانب القصور فيه ,ودراسة المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية وتحديد أثرها المستقبلي على البناء المؤسسي للدولة ووظيفتها ، واستخلاص الوضع المستقبلي لدور ووظيفة الدولة واقتراح البناء التنظيمي الملائم لجهاز الإدارة العامة .

وفي المرحلة الرئاسية القادمة تؤكد الدراسة حاجة اليمن إلى سياسات مختلفة عن السياسات المتبعة حتى الآن، والى الاستفادة في نفس الوقت مما تم انجازه و السعي الى الإضافة إليه .

مشهد التحديات

وقبل أن تضع المعالجات والحلول تشخص الدراسة المقدمة الى منتدى التنمية السياسية البناء المؤسسي القائم من 1990-2005 والذي أطلقت عليه (مشهد التحديات) مؤكدة أن الوضع المؤسسي لأجهزة ومرافق الدولة في اليمن يتسم بتضخم الهيكل التنظيمي والوظيفي في الحكومة ، وسوء تخصيص القوى العاملة ، وعدم خضوع الاختيار والتعيين في الوظيفة العامة للكفاءة والملاءمة ، وفشل عدد كبير من مشروعات القطاع العام والمختلط، ،والتنازع والتداخل في المسئوليات بين الوزارات، وبصفة خاصة السلطات المختصة والأجهزة المرتبطة بها ، وكذا ضعف التنسيق فيما بين الاجهزة الادارية والمؤسسات ، وازدواجية الوظائف بين قيادة المحافظة وفروع الوزارات وبين المحافظات والمديريات ، وتعدد واتساع خطوط السلطة على المستوى المركزي والمحلي ، و غياب التصور الواضح عن العاملين في الحكومة وتوزيعهم طبقًا للبنية والتكوين التنظيمي ، إضافة إلى الافتقار إلى بيانات إحصائية عن العاملين في الحكومة وخاصة توزيعهم الجغرافي ووظائفهم ومؤهلاتهم، ، ووجود العمالة المتكررة، والزائدة، والضعيفة.

ولمعالجة العديد من هذه المشاكل الموروثة والمتطورة التي صاحبت الوحدة اليمنية التي جمعت نظامين مختلفين والممارسات المخالفة للقوانين السائده تشير الدراسة إلى أن الحكومات المتعاقبة سارعت باتخاذ مجموعة من المبادرات، وبصفة خاصة في مجال إصلاح الخدمة المدنية ، واللامركزية الادارية والسلطة المحلية ، و بناء القدرات المؤسسية على المستويات المركزية للحكومة ، وإجراء إصلاحات في السلطة التشريعية والعمل البرلماني ، وكذا معالجات في مجال الانتخابات والممارسة الديمقراطية ، واصلاحات في السلطة القضائية إلا أن كل هذه المبادرات التي كانت بالتعاون مع الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والاتحاد الاوربي ، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وأيضا مع العديد من الشركاء العرب من اجل التسريع في عملية الاصلاح والبناء المؤسسي لم تؤد وفق الدراسة إلى النتائج المرجوة منها.

وتبرر الدراسة ما ذهبت إليه بعدم تناسق السياسات في تحديد دور الدولة أو تقديم توجيه واضح من خلال القوانين واللوائح إضافة إلى أن أنظمة وأدوات الإدارة المالية لا تشجع الاستخدام الفعال لكافة موارد الدولة لأن البيئة الإدارية في الوحدات والدوائر الحكومية لم تشجع تطوير المحاسبة ووسائل كشف المخالفات، يضاف إلى ذلك عدم وجود آليات لتقارير كاملة الشفافية. كما أن عملية الميزانية نفسها لا تشجع الشفافية ووضوح البنود مقارنةً بالمصروفات. إضافة إلى أن السياسة الراهنة لا تحدد معايير لملكية الدولة لمؤسسات تجارية فالسياسات والممارسات الحكومية المتعارضة كما تشير الدراسة تلعب دوراً كبيراً في تردي فعالية الموارد البشرية والحكومية، فمعظم المؤسسات المملوكة للدولة سيئة الإدارة أو غير مجدية أو أنها لا تقوم بالعمل كما إن اللوائح الحالية لا تتيح للحكومة الوفاء كليةً بكامل التزاماتها الدستورية.

وفيما يتعلق ببرنامج تحديث الخدمة المدنية ترى الدراسة أن ما تحقق من التقدم ضئيل بالنسبة للإصلاح الحقيقي بعد المصادقة على الإطار الاستراتيجي عام 1998 فقد كان المتوقع أن تؤدي الإصلاحات إلى تخفيض بيان متأخرات أجور الخدمة المدنية إلى 9.4% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2001 ويتبع ذلك تخفيض عدد الموظفين بما يقارب 20% في السنوات الأربع الأولى من التنفيذ وهذا ما لم يتم تحقيقه إضافة إلى هبوط القيمة الحقيقية للرواتب الذي أدى إلى هبوط مستوى الأداء كما أن مهارات الموظفين لا تفي في معظم الأحيان بمتطلبات المخرجات. مع وجود نسبة كبيرة من عمالة غير ماهرة. وعدد كبير من عمال وهميين برغم شطب ما يقارب 12000 من هؤلاء العمال الوهميين خلال المراحل الأولى من البرنامج.

وتذهب الدراسة إلى أن معظم الوزارات والدوائر الحكومية ليس لديها حالياً التزامات واضحة ومحددة، وفي بعض الحالات تخضع الوزارات لأحكام اللوائح، وفي معظم الحالات تتناقض الحالات أو تتداخل في مضمونها. وباستثناء حالات ملحوظة (منها على سبيل المثال وزاراتا الصحة العامة والسكان والمياه والبيئة اللتين أوجدتا مؤخراً لائحة متناسقة) ، وفي حالات أخرى نشأ دور الجهاز الإداري بدون تكليف ملزم أو لائحة (وزارة التخطيط والتعاون الدولي) .

وبهذا تؤكد الدراسة أن البنية المؤسسية للهيكل الحكومي تعاني من القصور والاختلالات التي تتمثل بتداخل الاختصاصات، و تجزئة المهام ، و العمالة الفائضة ، وغياب الكفاءة ، ووجود وظائف راكدة وهي مهام لم يشملها بصورة كافية نظام الهياكل الحالية. وكذا مهام عديمة الجدوى لا تؤدي مباشرة إلى تحقيق الأهداف الحكومية.

الهيكل التنظيمي الحالي

الهيكل التنظيمي العام الحالي للدولة يقع في قمته رئيس الجمهورية- رئيس المجلس الأعلى للدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يعتبر الرئيس الأعلى لجهاز الإدارة العامة يساعده في القيام بمهامه نائب لرئيس الجمهورية يعينه الرئيس بقرار جمهوري. يلاحظ فيه كما تقول الدراسة ارتباط رئيس الجمهورية بعلاقة غير مباشرة بالسلطتين القضائية والتشريعية إضافة إلى اللجنة العليا للانتخابات ،حيث يرتبط مع السلطة القضائية من خلال ممارسته لبعض المهام ذات الصيغة القضائية و منها تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى ورئاسة اجتماعاته عند الحاجة ،و تعيين رئيس المحكمة العليا وأعضائها والنائب العام والمحامي العام الأول، والمصادقة على أحكام الإعدام أو العفو على المحكوم عليهم بالإعدام إذا رأى الرئيس أن مصلحة وأمن واستقرار البلاد تتطلب ذلك.

كما يمارس رئيس الجمهورية في مجال التشريع دعوة الناخبين لانتخابات أعضاء مجلس النواب في الوقت المحدد ، ودعوة مجلس النواب للاجتماع خلال أسبوعين من تاريخ إعلان النتائج ، وممارسة المهام التشريعية أثناء إجازة المجلس وذلك بإصدار قرارات بقوانين لبعض القضايا ، وإصدار القوانين التي وافق عليها مجلس النواب بقرارات جمهورية ونشرها، وحل مجلس النواب عند الضرورة ، وإصدار قرارات المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات التي يوافق عليها مجلس النواب والإشراف على تنفيذها ، وتعيين رئيس وأعضاء اللجنة العليا للانتخابات بناء على ترشيح المجلس.

وترى الدراسة أن هذه العلاقة قد أدت إلى التداخل في الاختصاصات بين السلطات الثلاث التي أكد الدستور على مبدأ الفصل بينها، بالإضافة إلى اختلال العلاقة بين أجهزة السلطة القضائية نفسها .

وتورد الدراسة الأجهزة التي تقع تحت النطاق الإشرافي لرئيس الجمهورية وفقا للهيكل الحالي وهي مكتب رئاسة الجمهورية ، و المجلس الاستشاري، و الجهاز المركزي للأمن السياسي، و الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، و مجلس الدفاع الوطني، و مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، و مكتب رفع المظالم، و المركز الوطني للوثائق، و المركز الوطني للمعلومات، و الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية ، واللجنة الوطنية للطاقة الذرية.

متغيرات أثرت على وظيفة الدولة

المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية فرضت تحديات كبيرة على جهاز الادارة العامة ومنظومة الأعمال الخاصة منها حسب الدراسة الاهتمام بجودة الخدمات والسلع وحماية المستهلك ،والتركيز في العملية الانتاجية على تطبيق اساليب فعالة للرقابة على الجودة لضمان مخرجات منافسة للخدمات والسلع الاجنبية كما فرضت اهتمام الدولة ومؤسساتها المختلفة بتوفير مراكز متميزة تهتم بالجودة والانتاجية وتساعد منظمات الأعما ل العامة والخاصة على تحقيقها ، بالإضافة إلى إعداد الكوادر الفنية الادارية القادرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها.

وهذا وفق الدراسة لن يتأتى إلا بوجود جو من الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية واحترام حقوق الانسان وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي ويتطلب ايضا اعادة البناء المؤسسي للدولة اليمنية الحديثة وفقا لهذه المتغيرات.

مشهد التغيير

في تناولها للامكانات والفرص المتاحة للبناء المؤسسي في الفترة الرئاسية القادمة والتي أطلقت عليها (مشهد التغيير المؤسسي) تقول الدراسة: في النصف الأخير من القرن العشرين ظهرت فكرة الدولة الديمقراطية الحديثة والحديث عن دور ووظيفة الدولة في المستقبل يعكس نفسه في المرحلة التي تقبل عليها اليمن بعد الاستحقاقات الانتخابية للفتره الرئاسية القادمة 2006-2013 إذ لابد في المرحلة المقبلة من احداث تغيير في جميع الاصعدة وعلى وجه الخصوص في البناء المؤسسي يقوم على أسس قانونية وتشريعية تتمثل في ترشيد وتحسين أدائها وتحديد الشكل الأمثل لدورها ووظيفتها.

وفي ضوء ذلك فإن مهمة الفترة الرئاسية القادمة 2006-2013 سوف تتحدد حسب الدراسة بما تقوم الدولة بنفس الوظائف الحالية مع تغيير الدور حيث يتقلص دورها في إدارة النشاط الاقتصادي ومشاركة القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في بعض الخدمات سيتعاظم دورها في مجال وظيفة العدالة والأمن العام والدفاع ويمكن استخلاص الدور المستقبلي للدولة في توفيرالحد الأدنى من الخدمات الأساسية واللازمة لحفظ المجتمع وحمايته، سواء ما يتعلق بتوفير الأمن والعدالة في الداخل أو الحماية من المخاطر الخارجية، كما ستعمل الدولة على توفير عدد من الخدمات الأساسية الأخرى المتعلقة بالبنية الأساسية للمجتمع مثل شق الطرق، وتقديم خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والنقل ونتيجة للتوسع في مفهوم الحاجات العامة والحاجات الاجتماعية وضعف القطاع الخاص وعدم قدرته على تقديم الخدمات الاجتماعية بكفاءة سوف تستمر الدولة في توفير خدمة التعليم والبحث العلمي والرعاية الصحية وتوفير البيانات والإحصاءات كما أن مجالات الإعلام والثقافة ورعاية الشباب وحماية البيئة اصبحت من مهام الدولة العصرية وقد امتد نشاط الدولة كذلك إلى تقديم الضمان الاجتماعي ضد مخاطر الشيخوخة والبطالة والمرض والعجز كما ستعمل الدولة على وضع إطار تنظيمي للعلاقات ووضع نظام قضائي وأمني يضمن الالتزام بالقواعد وحماية الحقوق وحل المنازعات بين الأفراد والمؤسسات وكذا رسم السياسات الاقتصادية الكلية وفقا للتوجهات الجديدة .

وإذا كانت الدولة ستتحمل أعباء توفير الخدمات الأساسية المذكورة فإنها تحتاج وفق الدراسة إلى موارد مالية مناسبة لتمكينها من أداء هذا الدور وذلك من خلال مراجعة النظم والتشريعات والآليات المنظمة لتعزيز دورها في تحصيل الموارد فمن خلال دراسة وتحليل الوضع الراهن لواقع جهاز الإدارة العامة يتضح وجود مجموعة من الاختلالات التنظيمية والإدارية في عناصر البناء المؤسسي والتنظيمي لجهاز الادارة العامة والمتمثلة في ( التكوين التنظيمي والأهداف والأنشطة) الأمر الذي يتطلب مراجعة شاملة لوحدات جهاز الادارة العامة ومعالجة الاختلالات التي يعاني منها بما يتلاءم مع التطورات والتغيرات ودور ووظيفة الدولة الجديد.

الدررسة وضعت تصورا للبناء التنظيمي لجهاز الادارة العامة المستقبلي شاملا التكوين التنظيمي والأهداف والأنشطة والهيكل العام للدولة ويتمثل التصور بمعالجة الحكومة عددا من القضايا الهيكلية الهامة على مستوى عال ومن خلال الوزارات قبل حدوث عملية إعادة الهندسة وبعدها في إطار كل وزارة على حدة خلال عملية إعادة الهندسة. وأكثر تلك المشاكل الهيكلية جدارة بالاهتمام حسب الدراسة هي تداخل المهام بين الوزارات والدمج أو الانفصال المتكرر للوزارات الذي يقوم أحياناً على متطلبات سياسية وليست فنية، ووجود تباينات وطبقات متباعدة من الإدارة في الهياكل الحكومية كلها، إضافة إلى أهمية السعي لتحقيق اللامركزية العمود السادس من أعمدة التنمية الاجتماعية الاقتصادية السبعة كما ذكرت في الخطة الخمسية الثانية.

وترى الدراسة أن قانون الإدارة المحلية رقم 4/2000 يوفر الأساس لتنظيم وإدارة تنمية اجتماعية واقتصادية على أساس مبدأ لامركزية مالية والغرض من قانون السلطة المحلية رقم 4 هو نقل الاستقلالية إلى التخطيط وتحديد أولويات التنمية والإدارة إلى المحافظات ومع ذلك يلاحظ وفق الدراسة تواصل الحكومة المركزية تجاوز السلطات المحلية المنتخبة ولا تزال ترسل الخطط والميزانيات إلى صنعاء للموافقة النهائية عليها من قبل لجنة وطنية تتكون من ممثلي وزارات الإدارة المحلية والمالية والتخطيط والتعاون الدولي. و قيود اللامركزية هي أسس الموارد المحدودة (المهارة والمالية) لمعظم المديريات، خصوصاً تلك الواقعة بعيداً عن المركز ويسودها الفقر. و طبيعة عتمة ومركزية التحويلات الحكومية تعيق القدرة على التنبؤ للتخطيط من قبل المجالس المحلية. كما تفتقر المجالس المحلية إلى الخبرة في استيعاب أدوارها الملزمة وعلاقاتها بالسلطات المركزية. و تعاني جميع الجهات الحكومية في السلطة المركزية بالإضافة إلى المحلية من ضعف المراجعة والرقابة الداخلية.

ويتطلب الأمر مراجعة دور السلطة المحلية، و مراجعة أدوار كافة الوزارات التي لها فروع في المديريات أو المحافظات، ومراجعة الصلاحيات بين السلطة المحلية والمحافظ والوزير.

التغيير في السلطة المركزية

يتطلب تحديث الحكومة حسب الدراسة قيامها بتسهيل وتنظيم القطاع الخاص إذ لا يزال القطاع الخاص ضعيفاً باستثناء بعض المشروعات الصغيرة والقطاعات الرئيسية مثل النفط والغاز اللذين يجتذبان الاستثمارات الأجنبية الكثيرة و تعتبر اللوائح حالياً في نظر الدراسة وظيفة تتعلق بالضريبة والجباية أكثرمن كونها لوائح فنية خاصة بتقديم الخدمات. ويتم تنفيذ الوظيفة الأخيرة بشكل سيئ ويجب تقويتها كجزء من مراجعة التكليف الملزم.

أما الوظيفة الأولى يجب مراجعتها ضمن إيجاد وضع ملائم بصورة أفضل كما لا تستطيع الحكومة تخفيض نطاقها وحجمها دون أن تضمن حماية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بالمواطنين وهذا يقتضي إعداد ترتيبات لإعادة التدريب ومراجعة خطط معاشات التقاعد بما في ذلك وظائفها وهيكلها وفاعليتها وعلاقات المسئولية في تقديم التقارير إلى الوزارات وتناسقها مع احتياجات الهيكل الحكومي المتغير ومراجعة سياسات وخطط صندوق التقاعد الطوعي وإذا لم تعالج هذه القضايا بالتزامن مع مراجعة أدوار الحكومة، فلن يكون هناك هيكل تبنى عليه التغييرات من حيث الحجم والنطاق سيصبح التغيير في البناء المؤسسي مجرد حبر على ورق.

وفيما يتعلق بالمعالجات المؤسسية في الفترة المقبلة تنظيميا ووظيفيا تشدد الدراسة في المجال الدستوري على ضرورة الفصل بين سلطات الدولة الثلاث وتحديد المهام والاختصاصات والعلاقات التنظيمية والوظيفية وتقليص اختصاصات رئيس الجمهورية وتخفيض الفترة الرئاسية الى 5 سنوات المعيار الرئيس المتبع في معظم دول العالم الديمقراطي .

وفي مجال الوظيفة القضائية ترى الدراسة أن تعزيز استقلالية السلطة القضائية ومنع كافة أنواع التدخل في شئون القضاء وتفعيل دوره في حماية الحريات واحترام الحقوق العامة والخاصة وضمان تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم دون تطويل وانسجاما مع توجهات الدولة المستقبلية والتزاماتها بإصلاح القضاء فمن الضروري إصدار قانون حماية استقلال القضاء، وإعادة هيكلة وبناء وحدات الأجهزة القضائية و تفعيل دور هيئة التفتيش القضائي، والمعهد العالي للقضاء بما يعزز دور الأخير في مجال القضاء الاداري، ونقل النيابة العامة من النطاق الإشرافي لوزارة العدل إلى النطاق الإشرافي للسلطة القضائية، و استكمال البنية التشريعية الموحدة لأنظمة إجراءات التقاضي أمام المحاكم وفقا لقانون المرافعات وضرورة إصدار اللائحة المنظمة لوزارة العدل، و تبسيط إجراءات التقاضي والبت السريع في القضايا، و إنشاء قضاء إداري مستقل، وتنظيم الشرطة القضائية وان تبعيتها للقضاء .

التوصيات

استخلاصا مما سبق توصي الدراسة بمراجعة الهياكل الرأسية للسلطة التنفيذية والحد من ازدواجية الممارسات باعتبارها مسألة ذات أولوية كما توصي بالاهتمام على وجه الخصوص بهياكل السلطة المحلية لضمان عدم عكسها صورة الحكومة المركزية بل باعتبارها هيئات متفانية وموجهه نحو الالتزام الدستوري الخاص بالفرع الثالث «لاداء الخدمة».

وبالتزامن مع هذا ينبغي تنظيم هياكل الحكومة المركزية وترشيدها لتخفيف الازدواجية من خلال تخفيض عدد المجالس العليا بصورة ملموسة وترشيد وتقنين الازدواجية الواضحة في مهام الوزارة وتخفيض عدد الوزارات إلى 21 كخطوة أولى وخلال فترة 3-5 سنوات إلى ما يتناسب فقط مع تلك التي يحددها الدستور بالإضافة إلى وزارات استراتيجية وخدمية و مراجعة الدوائر والصناديق سعيا إلى ترشيد وتقنين الازدواجية والتكرارية بعد نقل أو تقليص مهامها التي يمكن أن يؤديها القطاع الخاص بصورة أفضل ، ومراجعة جميع التشريعات السارية وتحديثها لتعكس الالتزامات الجديدة، ومراجعة دور الدولة مقارنة بوظائفها الدستورية والمسئوليات الاستراتيجية والاجتماعية وتحديد وظائف لم يعد للحكومة حاجة إلى توليها ووضع آليات للاستغناء عنها أو نقلها إلى القطاع الخاص وكذا تحديد الوظائف المتداخلة بصورة كلية وترشيدها بين الوزارات (ويشمل ذلك دمج بعض الوزارات أو الدوائر أو الاستغناء عنها) و مراجعة وصياغة التزامات على أساس أدوار ومهام جديدة /مقننة/استرشادية، ومراجعة اللوائح بحيث تعكس الالتزامات الجديدة و إعادة هيكلة الوزارات بحيث تحقق وظائفها القانونية على أفضل وجه (المتطلبات من الهياكل التنظيمية والإجراءات والأنظمة والمهارات)، بالإضافة إلى مواصلة مراجعة أدوار ووظائف الوزارات الجديدة مقارنة بما تم الاتفاق عليه من دور للدولة لضمان اكتمال التغطية وتخفيض أي وظائف أو ازدواجية متبقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى