أيــام الأيــام .. يستطيع التغيير

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
آليت على نفسي التريث قليلاً، ثم مراجعة وقراءة مشهد الانتخابات الماضية على مهل وبعيداً عن الانفعالات وردود الأفعال العاطفية، وكانت الخلاصة: أننا شعب جدير بالديمقراطية كما هي وسيلة من وسائل العصر لارتياد مكانة أفضل بين الأمم والدول، وأن درجات الوعي الشعبي تقاس، ليس فقط بتلك الاستجابة الطوعية للمواطنين للخروج والمشاركة في الانتخابات، وإنما بتغليب مصالح الوطن في الاختيار، لتكون هي قول الفصل في حسم ذلك التنافس المفيد مهما بلغت درجة الحمى الانتخابية.

ولا أخفي شعوراً بالخوف، في ظل تلك الحمى، من أن تعبر الحالة الديمقراطية يمنياً عن نفسها، بوسائط عنيفة في بلد يختزن من السلاح أكثر مما يختزن من الطعام، وبسقوط مقولات التنافس وشعارات المتنافسين على حالة جماهيرية قابلة للتأثر والتحرك وفقاً والتعبئة السياسية، ولكن ما حدث برهن مرة ثانية على ارتفاع مستوى المسئولية الوطنية في عقل وضمير وقلب كل يمني، وسقطت رهانات كثيرة، وانمحت توقعات كثيرة، وشهد بنزاهة الانتخابات وسلاستها وشفافيتها كل الناس في الوطن من أبنائه أو من المراقبين الدوليين، ويكفي أن نقتبس بعضاً مما قالته البارونة نيكلسون رئيس بعثة الاتحاد الأوربي لمراقبة الانتخابات في اليمن حيث أعربت: عن ارتياحها لنجاح العملية الديمقراطية في الانتخابات وأكدت على مستقبل طيب للعلاقات القادمة مع اليمن بسبب شفافية ونزاهة هذه الانتخابات وبشهادة أعضاء بعثتنا ومراقبينا من مختلف البلدان الأوربية والبالغ عددهم (130) شخصاً توزعوا في مختلف مراكزهم في عموم اليمن حيث لمسنا أن كل شيء كان مفتوحاً لنا بل وأدركت (والكلام للبارونة) من خلال وجودي في البلاد مع المراقبين الأوربيين أن النظام بكامله كان مفتوحاً لكل الأطراف والمنظمات غير الحكومية التي راقبت الانتخابات في اليمن، وهذه السلاسة والشفافية في الوصول إلى قلب الحقيقة لم تتح لي (البارونة) من قبل في أي دولة راقبتها.

فالفوز الكاسح لشخص فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، مستحق بكل المقاييس التي قرأت الواقع اليمني قراءة موضوعية، وإنجازات الرجل التاريخية وفي مجالات عديدة لا تخطئها العين، وتهيئة الملعب السياسي لفترة قادمة لن تكون ميسرة لغيره، مع التأكيد أن مستحقات القادم من السنوات سوف تحدد جدية الرئيس في إحداث تغييرات جوهرية في صميم التوجه العام لليمن، ينتشلها من حالة التردي والفساد وسيطرة أصحاب النفوذ ورجال الحرس القديم على مقدرات الوطن. فليس من طريق آخر أمام فخامة الاخ الرئيس سوى طريق التغيير والإصلاح الشامل وهو يستطيع (للرد على الذين يشكون في قدرته) أن يقود الثورة الثالثة على الفساد ورموزه، وهذه الاستطاعة لا تأتي هكذا عفو الخاطر، وإنما هي خاصية متأصلة في رجل إذا قال فعل، تسندها خبرة ودراية واعية بأوضاع الوطن واحتياجاته لا تتوفر لغيره، علاوة على أن الرئيس صالح محفوف هذه المرة بحب وثقة الملايين من أبناء شعبه، وليس هناك من أحد غير الشعب يستطيع أن يتباهى بفضله على الرئيس في وصوله إلى السلطة من أي جهة أو فئة أو فصيل، مما يجعل مصدر الزعامة -وقد تحققت على مدى 28 عاماً - هذه المرة دستورية شعبية ديمقراطية شرعية لا تتوفر لزعيم عربي آخر في الوطن العربي، وما رأيناه من تباشير رمضانية في خطاب فخامته الأخير في مجال تعميق تجربة السلطة المحلية لتغدو حكماً محلياً بما في ذلك انتخاب المحافظين ومدراء العموم، وتدوير الوظيفة العامة، كلها عناوين بارزة لمرحلة يمنية قادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى