الإشاعة .. ازدهار تجارة

> غسان سالم عبدون:

> لم تكن (الإشاعة) في يوم ما مصدر عيش لأي شريف.. ولم تكن البتة نوعا من أنواع التجارة لأي إنسان لديه نبض ضمير وحياة قيم وجمال أخلاق!! هي إذاً سلاح يلجأ إليه بعض الساسة وقلة من (المتمصلحين) في أوقات هيأوا ميعادها وحددوا سلامة اللجوء إليها!! وهي أداة خبيثة يستخدمها من فاته (قطار) الفائدة أو ينتظر (بواسطة محطتها) هدفه المنشود (سيئاً كان أم حسنا ً وفي الغالب الأول).

قرأت عن الإشاعة في كتب مختصة.. وتعايشت مع (لفحات) من أجوائها خلال تجربة حياتي القصيرة حتى الآن.. وفي كلا الحالتين تبين لي أن ثمة ضحايا لهذا الأسلوب وبعض يدعي أنه (فن) كيف لا؟ وما دام للجنون فنون؟ .. أهم الضحايا وأبرزهم الإنسان البسيط العادي الذي لا له علاقة بطرفي معادلة المواجهة أو الاستهداف! المؤكد أن تأثيره يسري في دم وفكر الغالبية بل ومنتسبين في مرتبة المجتمع الراقية، ذلك أن (تكراره) وطبيعة المحيط الاجتماعي ومساحته وواقعه المعيشي وعلاقاته الإنسانية اليومية ومستوياته العلمية المتفاوتة، وفي ظل (صمت الواثقين) بخطأ ما يحمله إطار الأسلوب أو كيان الإشاعة ومفرداته وبما يعبر عن حماقة باعثيه ومروجيه الذين غالباً يغوصون في بحر التداول العامي للإشاعة نفسها، ووسط الإيمان والاعتقاد الجازم من طرف المستهدَف (بفتح الدال) بأنها محاولة فاشلة لتقزيم نجاح عملاق تحقق وآخر قادم (بنظره) وهو ما لا يروق لغريمه المتضرر، وهنا طبعاً الاختلاف لا تتوسطه طاولة مصلحة المواطن والمجتمع والوطن بشكل عام بقدر ما يريد النيل من شخوص بعينها.. أراد أحدهم (مهما كان فرداً أو جماعة أو حزباً أو غيره) أن ينال منه بعد أن خارت قواه، ولم تجده نفعاً في العلن والمناسبة العلنية الشريفة!!

أقول إن تأثير الإشاعة بغض النظر عن استحالتها أو عدم توافقها مع الحقائق والوقائع واستناداً على (أريكة) التكرار والصمت والثقة والإيمان من المستهدف.. عوامل رئيسة لانتشاره، بعضها من قبل المواطن نفسه بقصد عفوي وصادق للتحقق مما سمعه أو قيل له.. وهنا يطول الأمد ويزداد القلق المشروع وتتسع فجوة الفضول وترد هو (تجارة) التبادل والإخبار.. دون أن يعلم أصحابه البسطاء أن وراء الأكمة ما وراءها وأنهم ومن بث الإشاعة هم الضحايا الحقيقيون لها ولا نخفي الأثر النفسي المتفاوت والمحتمل الذي ربما تجد بصماته في شعور الطرف الآخر.. والدليل أن ما سمعوه هو لسان حال أيامهم وشهورهم بل وسنينهم القريبة.

وفي خلاصة هذه التناولة أستطيع القول وبصراحة شديدة أن ما نشهده هذه الأيام وبالذات عقب الانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في 20 سبتمبر الماضي من إشاعات واجتهادات سواء عبر الشارع الشعبي أو الوسائط الإعلامية وبعد قراءتها بتمعن سنتذوق (مرارة) الافتراء وسنشعر بألم الخبيبة من استخدام (الإشاعة) لكسب ما كان يمكن كسبه من دونها وفي وقته!!

المحزن حقاً أن تطال الإشاعات مجالات معيشة الناس اليومية .. المؤسف جداً أن تجد طريقها لتمس شخصيات وطنية وإنسانية واجتماعية ناجحة وخلوقة مع الإيمان المطلق أن الافتراء والتغيير من سنن الحياة، مس الأول أطهر خلق الله سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه، ولامس الثاني مواقع شخصيات نراها جديرة، والحال ينطق بذلك، لكن إلى متى ستظل في مواقعها والخلود لله وحده سبحانه وتعالى.

صحيح أن الألم يتضاعف بازدهار الإشاعة في أعظم شهور السنة (رمضان)، صحيح أن الأسف يتناسل جراء وصولها (العمدي الكيدي) لأناس أقل ما يمكن أن يقدمه لهم الوطن ورود إعجاب وتقدير، وناسه الطيبون أكاليل الوفاء والثناء، لكن المحزن جداً أن لا أجد جواباً شافياً ومعي مئات آلاف من الناس (لهلوسات وشكوك ومرام الإشاعات).

لقد صدقت يا من لك في القلب مكان وفي العين مسكن، عندما همست لي بثقة في ليلة رمضانية روحانية: «دعهم يا غسان، الواقع هو الحكم واللي في البرمة بايبيّنه المقدح» وخواتيم مباركة وكل عام وأنتم بخير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى