نصائح نبوية (17)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضنبري:

> العمل قيمة من القيم الإنسانية العظمى التي حث عليها ديننا العظيم، وأقام عليها مبادئ حياة المسلمين المادية والمعنوية، الدنيوية، والأخروية، وجعل الإسلام العمل طريق الإيمان وسبيل النجاة والنجاح ومفتاح التقدم والتطور.. وبالعمل فضل الله آدم عليه السلام على الملائكة وعلمه الأسماء كلها ليعمل ويختار ويكد ويكدح، والعمل المطلوب هو: بذل الجهد الإنساني الواعي لتحقيق مقاصد الشرع من استخلاف الإنسان فوق هذه الأرض.

وقد حدد الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه( الذريعة إلى مكارم الشريعة) المقاصد الشرعية من الإنسان في ثلاث نقاط:

أولاً: العبادة : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} الذاريات 56.

ثانياً: الخلافة، كما قال تعالى: {إني جاعل في الأرض خليفة} البقرة 30.

ثالثاً: العمارة: كما قال تعالى: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} هود 61.

وهذه المقاصد الثلاثة متشابكة ومكملة لبعضها، فعمارة الأرض والسعي إلى العمل المباح الحلال -إذا كان بنية صالحة -نوع من أنواع العبادة إذ العبادة كما يعرفها ابن تيمية «اسم لما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة»، وهذا العمل مرفوقاً بالعبادة قيام بحق الخلافة والعبادة بمفهومها العريض الواسع تشمل الخلافة والعمارة، ولا خلافة بغير عبادة وعمارة.. ومعنى هذا أن الحق جل وعلا لا يريد من الإنسان أي عمل بل يريد منه العمل الحسن فقال: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قديرü الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} الملك 1و2.

قال النبي صلى الله عليه وآله سلم: «ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده» رواه البخاري.. فهو- صلوات ربي وسلامه عليه -يدعو إلى أن يعمل الإنسان ويكدح بصبر ودأب وألا يكون عالة على غيره، ويرسم لنا القدوة من النبي داود عليه السلام.

وافضل الأعمال ما فيه خير للآخرين ومنفعة للناس {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} الرعد 17..وإن أقذر وأنذل وأرذل الأعمال ما كان فيه استغلال أو غش أو احتكار أو ربا أو متاجرة بالحرام أو سطو على أموال الناس أو اختلاس للمال، أو سرقة حقوق الآخرين وجهودهم. إن العمل الصالح الطيب المباح الحلال قربة إلى الله، ولو اهتم المسلمون بقيمة العمل لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولما عاشوا عالة على غيرهم في غذائهم وكسائهم ودوائهم ..ولنتذكر قول الله لنبيه العظيم شعيب {ويا قوم اعملوا إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب} هود 93.

اللهم أعنا على العمل لطاعتك، والسعي في مرضاتك، ووفقنا للعمل في خدمة دينك، والدفاع عن شرعك.. آمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

مدرس بكلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى