دروس مستفادة (4)

> محفوظ سالم شماخ:

>
محفوظ سالم شماخ
محفوظ سالم شماخ
لا بد لي أن أشير لما على الحكومة، أياً كانت، أن تستوعبه من دروس ناتجة عن معركة الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة.. فغبارها قد أخرج إلى العلن الكثير من الأخطاء وسوء الإدارة التي حدثت في المراحل السابقة.. وليس مقبولاً من أحد أن يكابر إزاء ما أثير أو يدس رأسه في رمال السلطة ويمضي في ما درج عليه.. ولهذا فإن ما أراه هو وجوب إدراك ما يلي:

أولاً: الأسلوب الإداري لكل مؤسسات الدولة: وزارات، مصالح، هيئات.. الخ، كلها بحاجة إلى إعادة النظر فيها وتحديثها بحيث تصبح قادرة على تنفيذ الخطط من دون أن تقع في دوائر المتنفذين مهما كانت مكانتهم.

ثانياً: لا بد من التوصيف الوظيفي وتحديد اختصاصات كل إدارة وكل مسؤول في أي مرفق بتكامل وليس باتكالية على ذوي المناصب العليا..أي لا بد من تحميل المسؤوليات للإدارات ورؤوسها ومحاسبتهم بعد ذلك إن هم أخلوا بما يجب أو ظهر أنهم غير أكفاء.

ثالثاً: لا بد من الشفافية ولا بد من أن يعلن كل مرفق عن ما أصاب فيه وما أخطأ بكل وضوح ليتسنى تدارك الخطأ وإصلاحه.

رابعاً: الإجراءات المالية سواء ما كان منها ما يسمى بإدارة الشؤون المالية في داخل المرافق أو في وزارة المالية ذاتها، كلها بحاجة إلى (ثورة) وتحديث لأنها بحق أصبحت العائق الرئيس أمام الحقوق بل ربما كما ذهب البعض إلى وصفها بأنها مصدر خلل وإخلال.

خامساً: مشاريع الحكومة، التي أصبحت مهزلة وأضحوكة يتندر بها الجميع ابتداءً من وضع مواصفاتها وترسيتها، وانتهاء بتكاليفها التي تصل إلى أضعاف ما يجب أن تكون عليه، لا بد من وضع حد لهذه المأساة.

سادساً: لا بد من أن يعرف كل العاملين في أجهزة الدولة أنهم (دولة واحدة) وليست عدة دول، أي لا بد أن تكون أعمالها متناسقة ومتناغمة واحترام بعضها البعض، وما يحصل حالياً هو أن كل مرفق (يغني على ليلاه) ولا بد من خلق هذا الترابط و وحدة القرار والتنفيذ.

سابعاً: إلى متى ستظل المناصب الكبرى في الحكومة خاضعة للتكتلات والمزاجية والشللية والتي أصبح فيها كبير الوزراء أو رئيس الوزراء غير مسيطر على بعض وزرائه لأنهم غير مستعدين لاستيعاب وحدة الخطط وغير مستعدين للتخلي عن خدمة و مصالح شللهم بدلاً من الصالح العام.

ثامناً: توزيع أملاك الدولة ومنها الأراضي التي سادها العبث والمحسوبية وغير ذلك من الأوصاف التي لا يجوز تحديدها في الشهر الكريم.. لا بد من إعادة النظر فيها و استعادة - وأكرر استعادة- أملاك الدولة ومن بلعها بيضاً علينا أن نخرجها منه كتاكيت، ويتم إيقاف العبث بالأراضي والممتلكات من أي كان، والمتطاولين على أملاك الأوقاف.. تم إفلاس حكومتنا حتى أنها لم تعد تجد أراضي للمشاريع العامة.. عيب.

تاسعاً: القضاء ومهزلة إصلاحه التي لم ولن تصل إلى هدفها لأن الخلل من داخل الجهاز ذاته ومن تدخلات الكبار والصغار وإخضاع القضاء لأهوائهم.. أصبحت الشريعة والمنازعة في بلادنا تعني الكارثة للشاكي والمشتكي به.. أما آن لنا أن نضع حداً لذلك.

عاشراً: في ظل المماحكات السياسية عمدت الحزبية إلى تسييس الوظيفة العامة: حزبي وغير حزبي.. اضطهد فيها كل من ليس حزبياً وارتقى أعلى المراتب من هو حزبي وليس كفؤاً.. وتم ترحيل موظفين من محلات إقامتهم الأصلية إلى أماكن بعيدة لا تكفي رواتبهم لتغطية استئجار بيوت سكن لهم فيها.. لا بد من معالجة هذا الوضع المشين بشفافية وموضوعية وتصويب الأخطاء والامتناع نهائياً عن العودة إلى تلك المماحكات التي لا تليق ببلد الحكمة.

أحد عشر: الإنفاق الحكومي في نواحي البذخ: سيارات فارهة، سواقين، وقود، مرافقين، حراس.. الخ، من أين كل ذلك، أليس من قوت ومصالح الشعب؟ أثاث مكاتبنا أرقى من أثاث مكاتب أغنى دول العالم.. كذا فإنه لا وجود للترميم للأثاث أو غيره.. كفى عبثاً ومن لم تحمه وتحسن مظهره نزاهته وإخلاصه فلن تحميه مرافقته وفخفخته، وليس لأي الحق أن يبرر تلك الإخلالات فلا أنا ولا غيري سيكون مثل هدهد سليمان الذي برر لبلقيس عدم إيمانها بالله ولا كالنملة التي التمست عذراً لجيش سليمان أن يدوس قومها.

اثني عشر: الوعود التي تكال من المسؤولين كباراً أو صغاراً ولا تنفذ وكذا أحجار الأساس التي توضع لذر الرماد في العيون.. أهذه أخلاقنا..؟ هل يجوز السكوت على ذلك لنصبح أضحوكة للكبير والصغير في الداخل والخارج.

ما ذكرته هو بعض وليس الكل.. القائمة طويلة... ولكن ما ورد يكفي لكي تحدث ثورة في إدارة الدولة.. وفي الحلقة القادمة سأتناول الإعلام الرسمي وغير الرسمي المسموع والمقروء ومن على المنابر..

وبالله التوفيق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى