الذعر الكاذب يسود الأمة وحكامها .. إسرائيل تعربد في فلسطين وتهيمن على الشرق الأوسط القديم والجديد وبوش ليس حليفًا والديمقراطي القادم لن يكون كذلك

> عبدالله الأصنج:

>
عبدالله الأصنج
عبدالله الأصنج
اخترت هذه العناوين لا من أجل الإثارة أو المبالغة في توصيف ما يجري في دنيا العرب والمسلمين بل لاختصار إبراز معالم صورة الواقع الماثلة أمام أعين الجميع عرباً ومسلمين وغيرهم.

فالصورة التي أمامنا تؤكد أن حكومات عربية باتت أسيرة مواقف سياسية تعلنها بين حين وآخر في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب.

وبينما الجيش الإسرائيلي يسرح ويمرح ويقتل ويدمر ويحاصر ويخطف ويحاكم زعماء وقيادات فلسطينية بينهم وزراء ونواب ومناضلون. تقف الحكومات والجماهير العربية ساكنة ساكتة هامدة ومتفرجة وهي بين مشفق حزين على واقعها أو متواطئ ضالع في مباركة العربدة الإسرائيلية الماجنة المعززة بدعم لا حدود له من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فالحكومات التي أعنيها هي تلك التي تعتبر النضال ضد أعداء الأمة مصدر تهديد لأمنها وسلامتها وفق التفسير الأمريكي.

وإذا كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل هم المصدر الوحيد الظاهر الذي يدير ويخطط وينفذ مسلسل كوارث واحتلالات واعتداءات على امتداد العالم الذي نعيش فيه، وتتولى إسرائيل تنفيذ ما هو مرسوم لها في واشنطن ولندن وبروكسل مقابل ما تتلقاه من دعم مالي وعسكري وحماية سياسية وغطاء أمريكي يبارك جرائمها في فلسطين ولبنان ويمهد لسيطرتها على كل المنطقة. قد يقول قائل بأن لإسرائيل مصلحة في تأكيد دورها المرسوم لها لحماية وتوجيه شئون نفط عرب المشرق في الشرق الأوسط القديم والجديد والعمل على تمزيق مسلمي إيران وباكستان بعد العراق، لتلتقي في نهاية المطاف مع دور أسترالي يطل بوجهه القبيح على إندونيسيا وماليزيا ليقطع أوصال مجتمعاتها الإثنية وبهذا يتم احتواء وتفكيك كل مقومات وحدة وتضامن وتكامل العرب والمسلمين لما سوف يجسده التكامل من نهضة شاملة للمجتمعات العربية الإسلامية وتأكيد حقها في التنمية والتقدم وبامتلاك كل عناصر القوة والقدرة لحماية مصالحها المشروعة واستعادة حقوقها المسلوبة والمهدرة.

ولا بد هنا من الإشارة إلى هزيمة إسرائيل على أيدي مناضلي حزب الله، وإسرائيل تعوض بذلك الهزيمة التي منيت بها بتصعيد عدوانها على شعب فلسطين بمرأى ومسمع كل العرب والمسلمين، وتفرض صمتاً وتجاهلاً على دول العالم بعد أن طأطأ العرب والمسلمون رؤوسهم وسمحوا للصهاينة بالتمادي والتعالي ولقادتهم من هواة القتل وشن الحروب العدوانية والاستكبار والغطرسة كما يجسدها بيريز وأولمرت ونتنياهو ومن سبقوهم من صناع الحروب وجهابذة الإرهاب ونذكر منهم بن جورين وبيجن وشارون وجولدا ماير، فجميع هؤلاء هم عباقرة وفلاسفة الجريمة وتبرير ممارسات إرهاب الدولة العبرية ضد المدنيين بالقتل المبرح والاختطاف للمدنيين من بيوتهم بعد تدميرها.

وللصمت العربي تفسيران لا ثالث لهما، الأول أن هناك في أوساط عربية خوفاً وخشية من انتشار نفوذ قوة إقليمية تتنامى في إطار مخطط شيعي غير متعاطف ولا متعاون مع أنظمة عربية عاجزة عن دفع الأذى عن ذاتها ناهيك عن الرغبة في مواصلة التصدي لديمومة احتلال القدس الشريف.

والثاني أن اعتقاداً قد ساد وسيطر على عقول أنظمة عربية بأنه من أجل السلامة والاحتفاظ بالسلطة والثروة لا بد من ترضية الباب العالي في البيت الأبيض مروراً بلندن وباريس وبرلين للسلام ومكتوماً بالتحية لـ تل أبيب، وفي الحالتين لا بد لنا من القول بأن الخوف من انتشار الهلال الشيعي هو صناعة أمريكية أوروبية صهيونية، فإيران المرشد الخامنئي وأحمدي نجاد اليوم ليست مختلفة شيعياً عن إيران شاه إيران ومحمد مصدق إلا في ابتعادها عن الارتباط بأمريكا وإسرائيل، وشيعة إيران وعلويو سوريا وشيعة حزب الله هم جزء من نسيج المجتمعات المسلمة عبر التاريخ.

وإذا كانت فتح تناصب حماس العداء وهما أهل السنة ويؤيد أهل سنة طرابلس أهل الشيعة في جنوب لبنان ومع ذلك فالاقتتال يدور فوق أرض فلسطين بين فتح وحماس وهما من أهل السنة، والمسؤولية عن استمرار الانفلات هي مسؤولية جامعة فلسطينياً وعربياً، كما أن الإعلان العربي المبكر عن حسم الخلاف والصراع على السلطة وتأييد المبادرة القطرية باتخاذ موقف عربي موحد كان وما يزال من شأنه أن يحقق سلاماً بين فصائل فتح وحماس وباقي الأطراف الفلسطينية، ويبعث في الوقت ذاته برسالة واضحة لأمريكا وإسرائيل وأوروبا بأن حصار حكومة حماس المنتخبة ديمقراطياً بشهادة معهد الرئيس كارتر ونواب في البرلمان البريطاني لم يعد مجدياً، وأن الحصار هو السبب المباشر في تفاقم التردي للشعب الفلسطيني والمشجع لتمادي إسرائيل. لابد إذاً أن تكسر الحكومات العربية حصار إسرائيل وحلفائها لشعب فلسطين وحكومته المنتخبة، ولا بد لقيادة فتح أن يحاسبوا أنفسهم على مواقف وتصريحات وسياسات انتهجوها على مدى أعوام طوال وانتهاء باغتيال الرئيس عرفات.

ولا بد لحكومات عربية من أن تنهي الخوف من عنجهية بوش وبلير وأولمرت وأن تعلن التمسك بمبادرة السلام العربية وتدعو دول العالم لإقرارها، وأن يعلن قادة الأمة إعادة تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك والتخلص من وهم الخطر الشيعي وعزمهم مواجهة العدوان والخطر والإرهاب الإسرائيلي الأمريكي الأوروبي، وإسقاط التزامات كامب ديفيد التي تنتهكها إسرائيل برفضها كل مشاريع السلام ومواصلة احتلالها لأراضي فلسطين.

أخيراً معلوم أن بوش ورجاله ذاهبون قريباً، وأن بلير على وشك أن يستقيل ويذهب مكرهاً هو الآخر، وأن صديقنا شيراك هو أيضا على وشك الرحيل، وأن للعدوان الإسرائيلي نهاية بمجرد الكف عن وساطة أردنية أو مصرية لا هدف لها سوى التهدئة وأن فك حصار غاشم على حكومة حماس الوطنية لن يخدم الرئيس محمود عباس سياسياً فحسب بل وسيمنع عنه النهاية المؤسفة التي آل إليها الرئيس ياسر عرفات.

ومسك الختام (إنها كلمة في واد إن ذهبت اليوم مع الرياح فستذهب غداً بالأوتاد).

وخواتم مباركة وعيد مبارك.

وزير خارجية اليمن الأسبق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى