أقبل العيد ولكن أين ذهبت سهراته؟

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
«أقبل العيد حبيبي، وأي شيء في غداة العيد أهديك وأفرح؟» هذه البهجة التي تهل علينا (العيد السعيد وأفراحه)، وعودة العيد المباركة لنا فيها عادة اجتماعية وثقافية وتراثية، وتجسدت هذه الملامح في كل السنوات، ورافقت العيد أغاني العيد الشهيرة إحداها التي بدأنا بها المقالة وهي غناء كرامة مرسال ولها مذاق خاص ولذة ونشوة، هذه الأغنية لم نعد نسمعها، اختفت، صرنا نتذكرها همساً مثل منشور سياسي ممنوع.. تباعدت المسافات ما بيننا وبين فننا والأغاني المتخصصة أو النوعية، لم نعد نسمع أيضاً «واعيدوه» للفنان الكبير محمد مرشد ناجي ولا أغاني طه فارع وسعيد دحي وجاوي ومحمد عبده زيدي، لم نعد نسمع «اشتقت لك أشتي اشوفك زي ما كنا زمان» لأحمد قاسم، صوت عدن الغنائي، لم نعد ولم نعد... أشياء كثيرة نأسى عليها لأنها في متناول أيدينا وهي بحجم بل وأكبر مما نرى ونسمع في الفضائيات من أغان شذر مذر، ويا عابر الطريق ضحكني!

ترى لماذا لم نعد نسمع هذه الأغاني التي نحبها وتحبنا ليلة العيد ونهار العيد وأيام المعاودة؟ في هذه العجالة لا أستعرض هنا ضعف الإعلام والقناة الفضائية والمساحة المستحقة لنا في الإنصات والاستمتاع بأغان طربية عدنية، حضرمية، يافعية، لحجية.. أين يمكن لعاشق عدني لأحمد قاسم أن يشبع غناء به ومنه؟ وكذا لماذا لم أسمع أنا وزملائي ليلة العيد من المكلا صوت مرسال (اقبل العيد) أو حسن بن عثمان يصدحان بالعيد؟ من يدل الولهان بحب فنه على إذاعة أو محطة مرئية تمنحه هذا؟ نعم نحن نتلقى نصف أغانينا من فضائيات الخليج، نسمع (ايش جابك لابلادي) و(من هو مصوب يعرف جراحه) وأيضاً (من نظرتك يازين)، ولكننا في العيد وعندما يشتد بنا الشوق على ساحل المكلا في خلف وحلة، ندير المؤشر فلا نسمع إلا صراخاً وإذاعات هي داخل الوطن لكنها لا تنتمي لنا! ونفتح التلفزيون ونصاب بالكآبة والسبب أنه لا توقيت صحيحاً للبث العيدي ولا مادة تناسب المشاهدة، وهناك ما هو أبلغ من هذا كله أننا لا نعرف برنامجاً فنياً أو اجتماعياً أو مسلسلاً أو حواراً يمكن متابعته باليوم والوقت، كل شيء فجأة يرمى إلينا شئنا أم أبينا، لهذا فإن النجاة بالعقل من الفضائية اليمنية نحو ما شاء الله من قنوات هو الحل، أما فيما يخص تلفزيون عدن فلم نعد نعرف شكل الإرسال والمذيعين وماذا يحوي، وإن ذكر لي صديق من أبناء كريتر: أنتم في نعمة لأنكم لا تشاهدون عدن (يقصد التلفزيون). بل ونصح بعدم المطالبة بوصولها إلينا في حضرموت وشبوة والمهرة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

أعود وأتساءل، نحن في عدن أولاً ثم في المكلا بعدئذ سبقنا غيرنا من الجوار في تنظيم وبث سهرات العيد الغنائية ولنا فيها تجربة وبعد وانتشار كبير منذ السبعينات.. تلفزيون عدن تميز بالسهرات الرائعة الرفيعة، فنانون أصحاب مقام كأحمد قاسم، الزيدي، المرشدي، محمد سعد عبدالله، صباح منصر، فتحية الصغيرة، وأنور صالح الفنان الشاب الصداح وغيرهم من المكلا كعلي العطاس وكرامة مرسال وكندارة والفنان الكبير محمد سالم بن شامخ وغيرهم.. ليالي عدن يهزنا الشوق إليها وكانت تأتي إلينا ولم يكن هذا إلا وسيلة لنشر الثقافية الفنية والشعر واللحن والأصوات .. وكبرت ونمت، ثم خفتت، وسكت كل شيء يوم ذهب السحاب الأبيض وأمطرت في كل الشوارع وسالت الوديان.

تنتابنا الحسرة ونحن نتوسل الاستماع إلى أصواتنا، إلى بعض من أغانينا العدنية الجميلة حقاً، إلى ما تيسر من أغان حضرمية طربية بها من عمق الكلام والرمز ما يكفي لكل وقت، نخلط التوسل بالتفاؤل ولكن مع هذا يطول ويطول انتظار (مش مصدق) و(يا عيباه).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى