المحـطـة الأخـيرة .. عن الديمقراطية وأخواتها

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
تنعقد هذه الأيام في العاصمة القطرية (الدوحة) أعمال المؤتمر الدولي السادس للديمقراطيات الجديدة والمستعادة. ويختلف هذا المؤتمر عن نظائره من المؤتمرات المنعقدة في هذا الخصوص خلال السنوات الماضية، بدءا من مؤتمر الديمقراطيات الأول في (مانيلا) وحتى اليوم، في أن الأخير حظي باهتمام عالمي أوسع، سواء من حيث المشاركة، أو من حيث نوعية القضايا المعروضة للتداول. وواقع الحال أن موضوع الديمقراطية صار منذ مطلع القرن الحالي سلاحاً جديداً تشهره الدول الغربية القوية ضد الدول الضعيفة، تارة بتعيير حكام الأخيرة بتخلف أنظمتهم عن الديمقراطية وتارة بتأليب شعوب الأخيرة ضد حكامها تحت اللافتة نفسها والاتهام ذاته.

ولهذا أصبحت (أي الديمقراطية) في السنوات الأخيرة الشغل الشاغل للمتحدثين في السياسة، سواء أكانوا يتحدثون عنها في المحافل والمؤتمرات أو في المدارس والمقررات أو حتى - على أدنى تقدير- في المقايل والمسيرات.

لقد مر على الدنيا زمان كان جميع الحكام يدّعون الديمقراطية، فالفاشيون والنازيون كانوا إلى وقت قريب يسمون أنظمة حكمهم بأنظمة الديمقراطية الوطنية. وكذلك كان جيرانهم الشيوعيون والاشتراكيون يسمون أنظمتهم بأنظمة الديمقراطيات الشعبية، أي أن السيدة الفاضلة المسماة الديمقراطية تشبه في هذه الحالة السيدة الأسطورية (ليلى) التي ادعى عشقها معظم شعراء الغزل في الأدب العربي:

فكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى *** وليلى لا تقر لهم بذاكا

اليوم، ومع انعقاد هذا المؤتمر العالمي في هذا الشأن، يبدو من خلال القضايا التي أعلن عن مناقشتها فيه أن المسألة أخذت تقترب من الجدية، فقد جرى الإعلان بأن الفساد والفقر هما أكبر أعداء الديمقراطية، بمعنى أنه لا يمكن لأي بلد في العالم المعاصر الادعاء بممارسة الديمقراطية في ظل وجود الفساد (بمختلف صورة وأشكاله) ووجود الفقر (وهو غني، ولله الحمد عن التعريف). لهذا تأمل الشعوب المحتارة في أن يخرج إعلان الدوحة لهذا المؤتمر الدولي بما يقطع عنها دابر الحيرة في هذه الإشكالية، وبما يقدم أكثر الإجابات واقعية وصحة إزاء هذه المعادلة غير المحلولة، فليس بالانتخابات وحدها تتحقق الديمقراطية، إلا إذا اخترعنا فوق ما اخترع المخترع وركبنا فوق القناة سناناً وصنعنا كما صنع علماء النحو العرب بأن جعلوا لـ(كان) أخوات ولـ(إن) شقيقات، تأخذ حكمها في المعنى وفي الإعراب، صدقاً حيناً وبهتاناً في أغلب الأحيان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى