السلطة في اليمن وتهيئة المجتمع ديمقراطياً!!

> عامر علي سلام:

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
في زمن أكثر ما يتصف بعولمته وكونيته المفرطة، نجد أن أكثر السلع المتداولة فيه فكرياً وعقائديا ًوأيدلوجياً هي (الديمقراطية) وقد تعني في أبسط معارفها المعجمية بأنها (حكم الشعب لنفسه) لكننا لو قارنا فقط ديمقراطيات العالم الحديث والمتطور بعضها ببعض سنجدها تختلف في تنوع أشكالها وممارساتها حتى عن طبيعة المجتمع وتركيباته الطبقية والاجتماعية، فديمقراطية أمريكا تختلف عنها في بريطانيا وهي كذلك في فرنسا أو ألمانيا الحديثة، كما أن ديمقراطية الكيان الإسرائيلي تختلف عن ديمقراطية الدولة الإسلامية في إيران!! وهي كذلك في الدول الأسكندنافية مثل (فنلندا والسويد والنرويج) وهي أيضاً تختلف في دول شرق أوربا الحديثة من تحولها من منظومة الدول الاشتراكية إلى طلب الولوج في دائرة الأمم الأوربية، وهي أيضاً بعيدة المدى في الهند وباكستان وماليزيا وإندونيسيا ودول شرق آسيا..وهي أيضاً مختلفة تماماً في أمريكا اللاتينية.

هذه المقدمة - عزيزي القارئ - أردت بها فقط لفت نظرك بأن الديمقراطية هي سلعة العصر الحديث التي يبيعها أقوام ودول على أنها خلاص الأوطان، ولكن في جوهرها يستحيل أن تتشابه في كثير من الدول وأن الصندوق الانتخابي في ديمقراطيات العالم وأشباهها موجود، ولكن السؤال.. كيف نصنع هذا الصندوق؟ وكيف نستطيع أن نحافظ على مكانته الديمقراطية؟ وكيف ندير عملية الدخول والولوج فيه والخروج منه بنتائج ديمقراطية صحيحة؟!!

فقد أثبتت الانتخابات الأخيرة في بلادنا مستوى التدني الفكري والعملي للعملية الانتخابية، وظهر للعيان من خلال الحملات الانتخابية مدى ضعف السلطة الحاكمة في بلادنا في مواجهتها لمعارضة هي أيضاً هزيلة (وهذا ما جعل التنافس يخرج من إطاره المحترم ديمقراطياً ودولياً إلى إطار الشتائم والسخرية والقذف بالماضي وويلاته وظروفه العامة المخزية تاريخياً لكل أبناء اليمن)، حتى غدت قناة الجزيرة للأسف أشبه بسلة مهملات إعلامية نرمي فيها فضلات تجربة لم ترتق ولن ترتقي إلى أي مستوى مطلوب إذا استمرت بالشكل والصورة التي ظهرت عليها الأحزاب اليمنية برغم تعددها السياسي إلا أنها تسير بمستقبل الوطن وأبنائه في ظلمات الماضي الذي لم نستطع حتى اللحظة الخروج منه بقوة وإرادة صادقة في بناء وطن معافى ومتطور يملك إرادة صنع المستقبل.

وللأسف حتى اللجنة العليا للانتخابات ظهرت وكأنها لا تجيد قراءة الأرقام.. ولا تستطيع أن تتعامل مع الزمن ودوراته.. ولا التواصل مع مراكزها لحظة بلحظة .. (وهنا مربط الفرس.. أو الخيل)!! ليأتي السؤال الصعب الذي نوجهه إلى السلطات التشريعية البرلمانية والتنفيذية الحكومية.. هل استطاعت بلادنا أن تهيئ المجتمع اليمني ديمقراطياً؟!!ونقولها بشفافية صادقة يعجز عن قولها حتى المراقبون الدوليون.. لا.. ولأسباب عدة أهمها هو عدد المقيدين في سجل الانتخابات الذي لا يتجاوز أربعة مليون مواطن يمني في حين أن المجتمع اليمني مجتمع شاب ويبلغ تعداده حوالي عشرين مليون مواطن، وأيضاً لماذا لم تستطع اللجنة العليا للانتخابات أن تدير الانتخابات (إعلامياً) أولاً، و(رقابياً) ثانياً، وهل من الضرورة أن تتدخل قوات من الجيش والأمن المركزي في ضبط الأمن في مراكز الاقتراع؟ وعلى أي أساس تم تجهيز قوائم وسجلات الناخبين؟ وغيرها من الأسئلة المسببة التي تحتاج إلى إجابة وإعادة نظر!!

لذلك.. فإننا بحاجة إلى إعادة النظر في التجربة وتهيئة المجتمع اليمني ديمقراطياً من خلال: أولاً رفع مستوى الناخب اليمني وإعطاؤه الثقة بنفسه وباختياره دون ترغيب أو ترهيب أو رشوة، وثانياً يجب أن تلغى اللجنة العليا للانتخابات بأعضائها الحاليين والممثلين حزبياً.. وتشكل لجنة انتخابات قضائية عليا يرأسها (رئيس مجلس القضاء الأعلى) وعضوية رؤساء المحاكم في كل محافظة من محافظات الجمهورية، حتى تكتسب انتخاباتنا القادمة شرعيتها القضائية والقانونية والدستورية، وحتى لا يطعن في نزاهة أعضاء اللجنة العليا ونقول هذا من حزب (كذا) وذاك يتبع (كذا) ويكون هناك تقاسم فيها لا يخدم الانتخابات ولا يقدر للوطن ديمقراطيته، وثالثاً أن تتم الانتخابات بالبطاقة الالكترونية (الرقم الوطني) من خلال إعادة إصدار بطائق إلكترونية ذات رقم وطني لكل المواطنين اليمنيين ممن بلغوا السن القانونية والتعامل مع ذلك من خلال أجهزة وزارة الداخلية التي تنظم الإصدارات وتقيدها الكترونياً وتصدر لكل محافظة أسماء الناخبين فيها بأرقام مواطنيها الوطنية.. وأيضاً أن تقوم (وزارة الداخلية) فقط بحماية الأمن والإشراف الأمني في يوم الاقتراع كل محافظة بإدارة أمنها وأفرادها في مراكزها وأقسامها المنتشرة في كل مديريات الوطن وتحت إشراف مجلس القضاء الأعلى (بلجنته الانتخابية) بحيث يكلف رئيس اللجنة العليا اللانتخابات (رئيس مجلس القضاء الأعلى) رؤساء المحاكم والتنفيذية بالإشراف المباشر والمتابعة لأي خروقات في حينها وحسمها لكل صغيرة وكبيرة كل في محافظته، وحتى نستطيع أن نقول إن القضاء اليمني قضاء نزيه يستحق ثقة الجميع وهم النخبة المؤتمنة على تطبيق العدالة في المجتمع، وبالتالي هم أكثر القوم أهلية.. وأكثرهم تطبيقاً للقانون والدستور والشريعة.. (فالعدل كما يقال أساس الحكم)!! وعلى السلطة اليمنية (حكومة وبرلماناً) البحث فيما قلناه وتهيئة المجتمع ديمقراطياً، بحيث يحق لكل مواطن لديه إثبات هويته برقمه الوطني حق الانتخاب والترشيح في موطنه (سكنه) وتنظيم ذلك في قانون انتخابات جديد أو (معدل) ليس لنا فيه أي ادعاء!! ولكن لمستقبل اليمن وحتى تكون اليمن فاعلة في تطبيق الديمقراطية الحية.. ليس ديمقراطية (إسرائيل) العسكرية، ولا ديمقراطية (أمريكا) التجارية، ولا ديمقراطية (أوربا) الحديثة، ولكن ديمقراطية شعب يمني كتب على نفسه (الشورى) قبل آلاف السنين وصنع حضارته دون تسويف أو تضليل!!

وحتى تستطيع السلطة والمعارضة في اليمن أن تقول:

نعم.. لقد قال الشعب كلمته.. وبحرية.. نعم نحن نستطيع أن نبني لهذا الوطن ولأبنائه المستقبل المنشود!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى