وداع الروح

> «الأيام» معمر أحمد عبدالله - أبين/ لودر

> ارتشفت شهد حبه في حليب أمي الدافئ.. أحببته بكل ما لدي من عواطف.. زاد حبه يوما بعد يوم في قلبي، ظل حبه يداعب دواخلي فلا تنطلق إلا اسمه ولا تهفو إلا بحبه، حتى أصبحت على وشك الجنون بل ربما أكون قد جننت من حيث لا أدري.. كان الحياء يغلفه ويسكن ثناياه وكانت الابتسامة لا تفارق محياه، ظلت عجلة الزمان في دورانها، وظل هو في صراعه الدامي مع الحياة تارة يغلبها وتارة تغلبه، لم يكن يدري بما تخفيه الأقدار في جوفها وما تكتنزه الأيام في أحشائها، خاض معترك الحياة العلمية منذ بدايتها فتصدر مراتبها الأولى.. بُنيت بداخله أحلام المستقبل ونمت شجرة الأمل بين جوانحه يسقيها بدم قلبه وتعب الأيام وسهر الليالي حتى غدت شجرة أصلها ثابت في أعماقه وفرعها يكبر مع ربيعات عمره.

ظل سنين وهو يمني النفس بالفرج والاستقرار ونيل المراد، بيد أن هذا الأمل خبا نوره وذبلت زهوره في صحراء الكذب والنفاق واللا مبالاة.. جلدته سياط الألم وأصبحت (جيبوبه) خالية كقعر بئر جف نبعها، وترملت أحلامه وأمنياته في زمن (الأكتاف) ليصبح كل ما بناه مجرد أثر بعد عين.. وحينما لاح في سماء حياته بصيص أمل، وأهلت الفرحة في دنياه أنجبت ما تحمله الأقدار في جوفها، فكان مخاضها عسيراً ومولودها ينذر بالشؤم الكبير.

فعاد به ثلة من الرجال يحملونه على الأعناق جثة هامدة.. محمولا لا حاملا تلك الريالات التي فارق محبيه واغترب لأجلها فخيم على قريته جو جنائزي وأسبلت العيون الدموع واعتصر الألم القلوب وسكنت الحسرة الأحشاء وفارق الدنيا بعد عناء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى