كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
قرأت بعض كتب الفلسفة قبل أربعين عاماً وأكثر.. من تأليف (أبو الفلسفة) في البلاد العربية.. وأستاذ الفلسفة الأسبق في جامعة القاهرة الدكتور (عبدالرحمن بدوي).. ولكن لم أفهمها.. ولم أستوعب معانيها.. كانت هذه الكتب أكبر مني.. وأكبر من عمري وعقلي.. ولذلك تركتها.. ولم تطاوعني نفسي لقراءتها مرة ثانية.. ثم قرأت بعض ما كتبه تلميذه المجتهد (أنيس منصور) عن الفلسفة.. وعن أستاذه الكبير (عبدالرحمن بدوي).. وفهمت قليلاً من معانيها.. ومعاني الحرية.. حرية الشعوب.. وحرية الجماعات.. والحرية الشخصية.

< ذات مرة كتب الأستاذ أنيس منصور عن الرئيس حسني مبارك وحرية الصحافة في مصر فقال:«والرئيس مبارك صادق حين يتحدث عن حرية الصحافة.. لا شك في ذلك.. لا تدخل ولا يتدخل ولا يحاسب أحداً عن الذي قال.. حتى إذا ضاق بما كتبه فلان فإنه يقول لي.. ولا بد يقوله لغيري أيضاً.. فلان هذا ليس منصفاً ولا هو عادل في الذي كتب .. ولكنه حر.. ولن أراجعه.. وأنت لا تقل له شيئاً على لساني».

< وكان تأميم الصحافة في مصر في عام 1961م.. وفرضت الرقابة على الصحف.. وخرجت صحف «الأخبار» و«أخبار اليوم» بأمر الرقيب العسكري.. بمانشيتات عجيبة عن الاختراعات الموجودة في المركز القومي للبحوث: (طوب لا يحترق .. وعسل النحل من مصاصة قصب السكر.. والحرير من ألياف شجرة القطن.. والأحجار التي لها خاصية المطاط لرصف الشوارع فلا تكون ضوضاء.. وتحديد النسل عن طريق زيت الخروع.. وورق الصحف من ألياف الأرز.. واستخراج الألماس من صخور الفحم بكميات اقتصادية).. وكانت هذه الأخبار كلها كذباً في كذب.

< والصحافة عندنا تكاد أن تكون حرة.. لولا أن بعض مواد قانون الصحافة ظالم وتعسفي.. وهو الذي يقيد الصحافة.. وسوف يعصف بحرية الصحافة.. ولا بد من تعديل قانون الصحافة.. ورفع القيود والأغلال والسلاسل عن الصحافة.. لكي تكون صحافتنا حرة مائة في المائة.. أما الذي يقرأ الصحف عندنا فسوف يجد فيها بعض ما كانت تنشره الصحف المصرية بعد التأميم وفرض الرقابة عليها.. ولذلك تتحدث هذه الصحف عن أخبار بعيدة عن الواقع.. واقعنا نحن.. مثلاً عن توليد الكهرباء بالطاقة النووية.. مع أن هذا المشروع جميل ولا بد أن نباركه.. لولا أن هذا المشروع لا يزال في مرحلة (الخيال العلمي).

< إن أكثر الاختراعات التي أبهرتنا وأفزعتنا أيضاً في العصر الحديث.. كانت في الأصل صوراً ونماذج من الخيال العلمي.. ولكن بفضل المال والعقول الخلاقة والصدق والأمانة والحرية الإنسانية وحرية التجربة والخطأ.. أصبحت بعد ذلك حقائق وأشياء تتحرك وتقف.. تتكلم وتسكت.. تطير وتهبط.. وأصبح الحلم حقيقة.. وتحيرت كل المشاعر في كل القلوب والرؤوس والعيون.. بسبب هذا التحول الكبير في حياة الإنسان في العالم الحر.. عالم الحرية والديمقراطية والمساواة بين كل فئات الناس.

< إن في الدنيا أشياء كثيرة ليست معقولة ولا مفهومة.. وليس من المعقول أن نعيش في مناخ أدب (اللا معقول).. وقد خاض الكاتب الكبير توفيق الحكيم هذه التجربة.. وكتب مسرحية (يا طالع الشجرة) التي تقول: «يا طالع الشجرة.. هات لي معك بقرة.. تحلب وتسقيني.. بالمعلقة الصيني».. ولا نعرف معنى هذا الذي يطلع الشجرة فيجد فوقها بقرة .. وربما أن أحلامنا ومشاريعنا من صنف هذه الأفكار.. ممكن جداً!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى