نحو رؤية ومحتوى جديد للحكومة اليمنية «الإلكترونية»

> «الأيام» د. يحيى محمد الريوي:

> على الرغم من أن مصطلح الحكومة الإلكترونية يحتوي على الصفة «إلكترونية» إلا أن جوهر هذا المصطلح هو الإدارة أو الجانب الإداري كما أن الهدف ليس مجرد الأتمتة والتقنية وإنما إحداث تحول وتغيير وتطوير حقيقي في أسلوب عمل الإدارة العامة وتقديم الخدمات العامة الحكومية للمواطنين.

وتبرز أهمية تطبيقات الحكومة الإلكترونية وخاصة في الدول النامية ومنها الجمهورية اليمنية في كونها ضرورة ينبغي الشروع في تطبيقها، كما أن هذه التطبيقات ليست أمراً اختيارياً يمكن التباطؤ في تنفيذها ولا خياراً ترفياً يمكن الاستغناء عنه وتوفير التكلفة المترتبة على تطبيقه، لأن إدخال التقنية الرقمية في الأجهزة الحكومية لتوفير البيانات والمعلومات اللازمة لأداء العمل وتبسيطه إلكترونياً عبر شبكة الإنترنت بدقة وسرعة أصبح خياراً استراتيجياً من أجل تطوير الحصول على الخدمات والمعلومات الحكومية وتعامل المواطن مع الحكومة بشفافية والتقليل من الوساطة والمحسوبية وتعزيز مشاركة الوطن في صنع القرار.

وفي هذا الإطار اتجهت حكومة الأستاذ عبدالقادر باجمال بتشكيلتها الأولى إلى تناول موضوع الحكومة الإلكترونية في اليمن لأول مرة، وذلك في ندوة نظمتها وزارة الاتصالات آنذاك في ديسمبر 2001م ثم تتابعت الجهود باتجاه إعداد وثيقة لمشروع الحكومة الإلكترونية والذي أطلق عليه التسمية اليمنية «البرنامج الوطني لتقنية المعلومات»، حيث تم إقراره من قبل مجلس الوزراء في نوفمبر 2002م.

واليوم وبعد مرور ما يقارب الأربع سنوات فإن مشروع الحكومة الإلكترونية في اليمن يحتاج إلى وقفة تقييمية وإعادة بلورة.. وبالمناسبة فقد كان ذلك موضوع بحث شاركت به جامعة عدن في المؤتمر العام السنوي السابع للإدارة العربية المنعقد في الدار البيضاء بالمملكة المغربية، والمنظم من قبل المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية وبالتعاون مع وزارة تحديث القطاعات العامة بالمغرب للفترة من 27-31 أغسطس 2006م وذلك من خلال البحث الذي أعده وقدمه كاتب هذه الأسطر في المؤتمر والموسوم بعنوان: «تحديث الإدارة عبر تطبيقات الحكومة الإلكترونية - تجربة الجمهورية اليمنية».

وبالاستناد إلى آخر المعلومات والمؤشرات التي تم جمعها واحتسابها فقد تم دراسة التجربة وتحليلها بهدف تطويرها وتم تقديم رؤية مستقبلية لمشروع الحكومة الإلكترونية في اليمن تتجاوز التعثرات الحالية في سير المشروع، وتنطلق على خلفية اعتباره جزئية هامة ضمن منظومة الإصلاح والتحديث الإداري ومحاربة الفساد والوفاء كذلك بأهداف ومقومات الحكم الجيد، كما احتوت الرؤية على حلول مقترحة لتلافي حالة التشتت والهدر وغياب التنسيق بين المشاريع المعلوماتية القائمة في البلد، والتي يمكن تشبيهها بجزر معلوماتية متناثرة تفتقد جسور التواصل فيما بينها البين بتأسيس مجلس وطني أعلى للمعلوماتية، هذا المجال الهام الذي يشكل قطاعاً رائداً ويتداخل أفقياً ورأسياً مع كافة جوانب الحياة والتنمية في اليمن، كما أكدت الرؤية أيضاً ضرورة الإسراع في صياغة استراتيجية وطنية واضحة للمعلوماتية لبلادنا.

وعند تناول وضعية موقع الحكومة اليمنية الإلكترونية على شبكة الإنترنت الدولية الذي تدشينه في بداية يناير 2003م باعتباره منفذاً أو بوابة إلكترونية للجهات الحكومية المختلفة لتوفير وتقديم المعلومات الضرورية والكافية التي يتوقع أن يحتاجها المستخدم «المواطن» عن الخدمات والمعاملات الحكومية، والذي يعتبر أيضاً بمثابة الخطوة الأولى التي على أساسها سيرتكز مستقبلاً تقديم المعاملات والخدمات بشكل إلكتروني على شبكة الإنترنت، فإنه وللأسف الشديد وعند زيارة هذا الموقع الذي قدرت تكلفة تصميمه بـ 150000 دولار أمريكي يتبين أن الحكومة اليمنية الإلكترونية تغط في سبات عميق، حيث إن الموقع لا يجاري أو يعكس حقيقة ما يدور في إطار الحكومة اليمنية الفعلية منذ بداية العام 2003م، ولم يسهم الموقع في تقديم معلومات ذات درجة عالية من الموثوقية والدقة، كما لم يساعد على نشر المعلومات وشفافيتها وإتاحة الوصول إليها.

وانعدم كذلك مبدأ تحديث محتوى الموقع بشكل دوري، بل وتأخرت كثيراً مواكبة المعلومة المتوفرة فيه للواقع مما أوجد فجوه كبيرة بين محتوى الموقع الذي هو واجهة ونافذة محلية وعالمية، وبين واقع الجمهورية اليمنية الفعلي وحكومتها، حيث لا يزال الموقع مصراً على تقديم تشكيلة وهيكلية وزارية قد تعاقبت عليها تشكيلات وتعديلات عديدة، والأدهى من ذلك أن الموقع يعرض البرنامج الانتخابي للأخ الرئيس الذي يحمل عنوان «البرنامج الانتخابي للأخ علي عبدالله صالح مرشح المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والمجلس الوطني للمعارضة لرئاسة الجمهورية» 1999م، ولم يواكب الموقع بعد المستجدات الهامة ومنها الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة 2006م وهو مثال على الزمن الذي يعيشه الموقع وعلى الفجوة والهوة التي ذكرتها.

وتقودنا هذه المسألة للتنويه بحالة ومستوى تواجدنا الكمي والنوعي الضعيف على شبكة الانترنت الدولية، حيث إن مواقع عديدة لمؤسساتنا المختلفة لا تتصف بالمعايير والمواصفات المناسبة لكي تمثلنا بشكل مُرضٍ، وتعاني أغلبها من أنيميا معلوماتية حادة وهو ما يستدعي إيلاء الاهتمام اللازم لتطويرها فنياً وإغناء مـحتـواها المعـلوماتي.

في النهاية أوجه دعوة نحو رؤية ومحتوى جديد للحكومة اليمنية الإلكترونية ولموقعها وللاستفادة من نتاج البحث العلمي المرتبط بهذا الشأن، خصوصاً وأن مجلس الوزراء قد قام بتكليف فريق وزاري لمراجعة آليات تنفيذ مصفوفة محاور البرنامج الانتخابي للأخ الرئيس بما يحتويه من رؤى إصلاحية وتحديثية. آملاً أن تجد هذه الدعوة الاستجابة لدى المعنيين.

أستاذ بجامعة عدن

مستشار الأمم المتحدة - الأسكوا - في مجال المعلوماتية

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى