عدن وحضرموت أقدم الديمقراطيات ..فلماذا الاستبعاد؟

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
تشهد الدوحة هذه الأيام أعمال المؤتمر الدولي السادس للديمقراطيات الجديدة والمستعادة، وقد سبق أن انعقد المؤتمر الأول في مانيلا، وغيره من اللقاءات الدولية والإقليمية حول نشوء تجربة الديمقراطية في البلدان، وبغض النظر عن من يدعي الديمقراطية والمنادي بها أو الأهداف لها فقد تقاربت الدعوات في العالم خلال السنوات الأخيرة، بعد سيطرة الحكام على الشعوب والأنظمة وعلى رقاب الناس بتسميات ديمقراطية، وشهدنا فصلاً من الحكم العسكري ثم استبداله بربطة العنق والادعاء بالديمقراطية وتمسك حكام شداد غلاض بهذا المعلاق إلى يومنا هذا، وذهبوا إلى النواب وإلى أمريكا يطلبون الرضى ويقـدمون التنـازلات .. وهـذا ليس حديثنا.

جال بخاطري وأنا أشاهد وقائع مؤتمر العاصمة القطرية 2006م وتخيلت أن تكون عدن وحضرموت، وهما من محافظات الجمهورية، حاضرتين في مقاعد هذا المؤتمر بتمثيل المجالس والخبرات والباحثين على الاقل، ضمناً في نطاق وفد الجمهورية اليمنية أو تُدعيان كمحافظتين لهما مجالس محلية منتخبة حرة، ولكن لماذا تُدعيان؟ السبب المباشر والمستحق والذي على أساسه تدخل محافظتا عدن وحضرموت مؤتمر الديمقراطيات وأي مؤتمر آخر يعنى بتاريخ الديمقراطية أو النظام الحر الشعبي والمبكر في هذا العالم، أن عدن تستحق أن تذهب إليه تحمل هدية الزمن بصدق العمل السباق في الجزيرة العربية بل وفي نطاق المحدود من العالم العربي بعد مصر تقريباً.

عدن شهدت بداية تأسيس البلديات عام 1888م وهذا ينظم الحياة المدنية ويضع المصطلحات: نعم ولا، والحقوق والواجبات، وعلاقة المواطن بهذا القانون وهو ارتقاء حقيقي لمجتمع ينهض ويتعايش بسلام، وهذا ما كان، فما إن جاء عام 1955م حتى شهدت عدن الواقعة في الركن الجنوبي الغربي للجزيرة العربية وفي بلاد العرب أيضاً أولى الانتخابات الديمقراطية، ويظهر بعدئذ المجلس التشريعي العدني المنتخب، ويدخله السيد المغفور له باهارون وعدد كبير من وجوه عدن آنذاك منهم بيومي ومكاوي والأستاذ محمد علي باشراحيل وبازرعة، وعني هذا المجلس بعدن وأهل عدن وتطوير عدن، ونطقت الديمقراطية عندئذ، وعلينا أن نصدق التاريخ وأن نعطي كل مستحق حقه.. عدن سباقة إلى الديمقراطية وهي بلد ومدينة ومحافظة وسكان وتاريخ ووثائق لن تمحى مع الزمن، بل من الوطنية وربط قضايا البلاد تكريم عدن لتاريخ ظهور الديمقراطية بانعقاد مثل هذه المؤتمرات الدولية والإقليمية بها.. إنها تستحق هذا، ثم لدورها الكبير في تطوير الحياة المدنية والتعليم والصحافة والسياسة لا شيء ينفصل عن الآخر، إلا أن طمس الحقائق وعدم الاستذكار هو في نطاق صنع بداية أخرى للتاريخ والادعاء وشطب الآخرين فكرا وتاريخا ووقائع، ومع هذا لماذا استبعدت عدن عن الحضور ولو في وفد الدولة .. لماذا؟

في حضرموت وضع السلطان صالح بن غالب القعيطي قوانين البلديات والانتخاب عام 1939م وجرت في عام 1962م أولى الانتخابات الحرة الديمقراطية للشعب في حضرموت، وتنافس الرجال وصعد إلى المجلس المنتخب الراحل عبدالله عبدالرحمن باهرمز، رئيس المجلس وأبوبكر سالم بن الشيخ أبوبكر رحمه الله، وصالح عوض غزي، ومحمد علي باحشوان، ومحمد صلاح الذيباني والصحفي والشاعر والمحامي حسين محمد البار، وعبيد أحمد بلحمر من أعيان شرج باسالم، وأبوبكر عمر باناعمة من أعيان ديس المكلا، رحمهم الله جميعاً.

ونحن نعلم جميعاً أنه إلى هذه الفترة لم تشهد بعد لا اندلاع ثورات ولا حروب المواجهة للتحرير لا هنا ولا هناك، ووصلت الديمقراطية في حضرموت يومذاك إلى المدارس إذ تنتخب مجالس الطلاب في المدرسة الوسطى بالغيل 1958م وما بعده بالاقتراع المباشر، وهو شكل المدرسة الديمقراطية للعالم يومها، وكذا اتحاد الطلاب الحضارم والعمال والسيارات وحقوق الناس، ويقف السؤال لماذا لم تكن حضرموت حاضرة في الدوحة في نطاق وفد بلادي الموقر .. لماذا؟

لا شيء يمحو التاريخ ولا تُمسح الذاكرة، ومن له شيء فليعطه .. لكننا نتساءل لماذا يتجاهل الخطاب السياسي دور عدن وحضرموت رغم أن السبق الحقيقي للديمقراطية ووضع تاريخ جديد يعود لهما؟ .. تحية لعدن وحضرموت ولتاريخ الديمقراطية الحقيقي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى