د.ياسين:ليست هناك أية نوايا أو تحالف مناهض للمؤتمر الشعبي العام

> «الأيام» عن «الخليج» :

>
د.ياسين سعيد نعمان
د.ياسين سعيد نعمان
أبدى الدكتور ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ارتياحا للنتائج التي خرجت بها الانتخابات الرئاسية والمحلية التي شهدتها البلاد في شهر سبتمبر الماضي رغم الخروقات الكبيرة التي شهدتها هذه الانتخابات، وأكد أن المعارضة تحملت مسؤوليتها في إرساء تجربة ديمقراطية كبيرة عبر خوضها انتخابات جادة وتنافسية وجنبت اليمن مرحلة الدولة الفاشلة التي كانت تتجه إليها قبل الانتخابات.

وأوضح الدكتور نعمان في حوار شامل مع «الخليج» أن المعارضة صاحبة مشروع للإصلاح لا يرتبط بدورة انتخابية واحدة بل بمشروع إصلاحي متكامل، ونفى أن يكون لدى المعارضة أية مشاريع لتحريك الشارع، معتبراً أن الدعوة للخروج إلى الشارع كانت للتأكيد على أن هناك تزويراً واسعاً قد حدث في الانتخابات وللتأكيد أن الأصوات التي حصل عليها اللقاء المشترك لا تتناسب مع قوته الفعلية.

وشدد القيادي المعارض على أن هدف المعارضة من المشاركة في الانتخابات لم يكن إسقاط الرئيس أو إسقاط النظام الحالي، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي يتمثل في ترسيخ القواعد والحياة الديمقراطية، كما أنه ليست هناك أية نوايا أو تحالف مناهض للمؤتمر الشعبي العام الحاكم كما يدعي البعض أو كما يرى البعض..وفي ما يلي نص الحوار :

< لو أردنا منكم تقييماً لما جرى في الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة، كيف تقيمون ما جرى في هذه المعركة؟

- شخصيا لا أريد أن أسميها معركة، فأنا أفضل تسميتها التجربة الانتخابية الجديدة بشروط وقواعد مختلفة عن الشروط والقواعد التي كانت تقوم عليها الانتخابات السابقة، على الرغم من أنها تبدو كما لو أنها أقرب إلى مضمون المعركة، مع أن أطراف هذه العملية لم يكونوا في معركة ولكنهم كانوا في تنافس، على الأقل من وجهة نظر المعارضة.المعارضة أخذت على عاتقها مسؤولية الانتقال بالحياة الديمقراطية خطوة إلى الأمام، وقررت أن تخوض انتخابات جادة وتنافسية، وكان هذا مباشرة بعد إعلان مشروعها الخاص بالإصلاح السياسي الوطني، ومن ضمن ما حواه المشروع وبالذات في الجانب السياسي هو الانتخابات النزيهة والحرة والتنافسية باعتبارها خطوة نحو إصلاح النظام السياسي، وهذا في حقيقة الأمر ما أصرت عليه المعارضة ممثلة باللقاء المشترك وتم بعون الله تعالى في المشهد السياسي الذي شهدناه خلال الفترة الماضية.أما التقييم الشامل لما حدث، فأعتقد أنه لا يزال من المبكر إعطاء تقييم حقيقي وبالذات في الجانب السياسي، أما في الجانب الفني المتعلق بكيفية إجراء الانتخابات، فقد قلنا ولا نزال نقول إن ما شهدته الانتخابات بالذات يوم الاقتراع من مخالفات كبيرة وخروقات قد أساءت إلى التجربة الانتخابية.

صدمة النتائج

< هل صدمتم بالنتيجة التي حصل عليها مرشح المعارضة، أم أنكم تعتبرونها تراكمات أدت إلى نتائج تعتبر شبه جيدة بالنسبة لكم؟

- لو أن الانتخابات تمت في ظروف طبيعية وخلت من الممارسات التي أساءت إليها لما كنا صدمنا بهذه النتيجة، لأن مصدر الصدمة لدينا هو حجم الخروقات الضخمة التي مورست والتي لم ترتكب في الانتخابات السابقة، ما مورس في هذه الانتخابات من خروقات كان كبيرا إلى درجة أن من مارسها أراد أن يقول للناس، لا تصدقوا أن هناك ديمقراطية في اليمن، وأن لديكم حرية كاملة أن تختاروا من تريدون، ولكن نحن من سنهبكم الديمقراطية وفي الحدود التي سنسمح بها، وهذا الذي حدث.

< لماذا قبلتم بالأمر الواقع كما أعلنتم في مؤتمراتكم الصحافية عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات، علما أنكم ظللتم لفترة طويلة تتحدثون عن خروقات وتزوير وغيره؟

- نحن تعاملنا بمسؤولية مع الحياة السياسية ومع ما تحقق أو ما حققه المشهد السياسي من تحريك الحياة السياسية بشكل عام.نحن أصحاب مشروع، والمشروع الذي وضعناه للإصلاح لم يرتبط بدورة انتخابية واحدة، لكننا نظرنا إلى هذه الانتخابات باعتبارها حلقة في طريق نضالنا من أجل تحقيق هذا المشروع الإصلاحي.من هذا المنطلق لم يكن أمامنا سوى التعامل مع النتائج كأمر واقع، وهذا ما أعلناه وما قلناه، قلنا إن النتائج لم تتحقق على قاعدة خيار شعبي واسع واعتبرناها نتيجة أمر واقع علينا أن نتعامل معه، ولذلك فإنني أعتقد أن تعاملنا المسؤول محسوب لنا وليس محسوباً علينا.السؤال اليوم هو كيف تعامل الطرف الآخر مع موقف المعارضة؟، كان يفترض أن يتعامل الجانب الآخر بمسؤولية أيضا مع موقف المعارضة، لكنه للأسف حتى اليوم لا توجد أية مؤشرات تدل على أن الطرف الآخر مستوعب هذا الموقف المسؤول للمعارضة.

الخروج إلى الشارع

< هذه القناعة التي تتحدثون عنها، هل هي موجودة لدى كافة أطراف اللقاء المشترك، أم هناك من لا يزال يدعو إلى تحريك الشارع؟

- هذه قناعات موجودة لدى كافة أطراف اللقاء المشترك الخمسة، أما الدعوة للخروج إلى الشارع فقد تحدثنا في أكثر من مرة أنه لم تكن الدعوة للخروج إلى الشارع للتظاهر أو إلى الرفض أو التعبير عن غضب، نحن نعرف ماذا يعني ذلك، الدعوة أو الحديث عنها في الشارع كان للتأكيد على أن هناك تزويراً واسعاً قد حدث، وقالها المتحدث الرسمي باسم اللقاء المشترك أن الأصوات التي حصل عليها المشترك لا تتناسب مع قوته الفعلية، وإذا أرادوا أن يتأكدوا من ذلك فليخرج الذين صوتوا للمشترك إلى الشارع ونأتي بمنظمة دولية لتعدهم وذلك لنلفت للحقيقة.هذا الحديث كان يدور بهذا الشكل، ولم تكن هناك دعوة للخروج إلى الشارع للتظاهر أو الاحتجاج لأننا نعرف ماذا يعني ذلك في الظرف الراهن، وكما قلت نحن أصحاب مشروع سلمي ديمقراطي سنختار الوقت والأدوات والشروط التي سنناضل بها، ومع توفر الشروط سنختار الأداة المناسبة وفقاً لذلك.

تزوير شامل

< إذا كانت المعارضة حصلت في الانتخابات الرئاسية على هذه النسبة ؛ فلماذا حصلت المعارضة على نفس النسبة تقريباً في الانتخابات المحلية؟

- هذا السؤال يرد على حقيقة ما حدث، وهو أن التزوير كان شاملاً، ولو نظرنا إلى النسبة التي أريد لها أن تتحقق أو اختارتها السلطة منذ البداية ونسبتها 80% أو أكثر هي نفسها التي تم التأكيد عليها في المحليات.

< كيف قستم مدى تجاوب قواعد اللقاء المشترك للأحزاب الخمسة أثناء حملات الدعاية الانتخابية مع تركيبة التحالف الذي يبدو غريبا لدى البعض؟

- التحالف ليس غريبا، فهو قائم على قاعدة حماية الديمقراطية والانتصار للخيار الديمقراطي ولا يتعدى ذلك، فهو بمقاييس التحالف أو دعنا نقول، التنسيق أو العمل المشترك من أجل قضية معينة مطلوب ومتفق عليه، وهذا التحالف تحتاجه الحياة السياسية اليمنية في هذا الوضع.التفاعل مع هذه القضية بين أعضاء اللقاء المشترك في الانتخابات أستطيع أن أقول إنه كان ممتازاً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قضايا الترشيح والاتفاق والاختلاف حولها تثار حتى داخل الحزب الواحد، في انتخابات الحكم المحلي برزت الخلافات حول من يرشح هنا ومن يرشح هناك، وهذه الأمور تتحكم فيها ليس فقط عوامل سياسية ولكن بعض الأحيان عوامل اجتماعية، ونحن نعرف أن القاعدة الانتخابية الكبرى التي لا تزال تتحكم في موضوع الانتخابات هي المناطق الريفية حيث العنصر الاجتماعي لا يزال يلعب دوراً رئيسياً في عملية الاختيار فلا يلتزم الناس بسهولة لقرار حزبي أو قرار سياسي وإنما يتحاورون ويختلفون حتى داخل الحزب الواحد، فما بالك في 5 أحزاب، ستبرز بالتأكيد بعض الاختلافات، ولكن في المواقع التي كان يجري فيها الاتفاق على مرشح واحد، أعتقد أن التصويت تم لصالح المرشح المختار من قبل أحزاب اللقاء المشترك، وهذا الأمر برز في أكثر من موقع، لكن في المقابل برز أكثر من مكان خلاف، ليس خلافاً سياسياً ولكن كما قلت لك خلاف له طابع اجتماعي وهو إلى حد ما خلاف مقبول.

هذا الموضوع محط تقييم، كما أن هناك موضوعاً خاصاً بالمرأة، ويحتاج من اللقاء المشترك إلى تحليل وتقييم.

< بأي معنى؟

- بمعنى أن الخلاف حول هذا الجانب يجب أن يحسم على قاعدة التوافق في ما يتعلق بالموقف من المرأة، وأعتقد أننا قطعنا شوطاً إلى حد كبير في هذا الجانب.

< هل يمكن أن يقبل الإصلاح مناقشة مثل هذه الأفكار؟

- المسألة ليست مرتبطة فقط بحزب الإصلاح، ولكن بكل الأحزاب، بمعنى أن القضية ليست فكرية فقط ولا ثقافية ولكن أيضا لها جانب آخر، وهو الجانب الاجتماعي.

لا خطط لإسقاط الرئيس

< هل تريد أن تقول لي إن التحالف أراد أن تكون مهمته إسقاط الرئيس وإسقاط النظام الحاكم؟

- لم يكن الهدف لدى المعارضة إسقاط الرئيس أو إسقاط النظام الحالي، الهدف الأساسي كما قلنا ترسيخ القواعد والحياة الديمقراطية، ليس هناك أية نوايا أو تحالف مناهض للمؤتمر الشعبي العام كما يدعي البعض أو كما يرى البعض.نحن نخطو باتجاه تكريس الحياة الديمقراطية، نريد حياة ديمقراطية تسمح للجميع بممارسة الحياة السياسية من دون قيود أو شروط، من دون سلطة من أجلها يلتهم الجميع.وأنا أقول إن هذه الانتخابات أفرزت سلطة وقوة خفية أرادت أن تلتهم الجميع، هي التهمت المؤتمر الشعبي العام وأخرجته من دائرة التنافس، صحيح أنها وضعته كواجهة وشعار عام، لكن الذي أدار الانتخابات الحقيقية ليس المؤتمر الشعبي العام.هذه القوى أرادت أيضا أن تلتهم المعارضة بما فيها أيضا التهام الرئيس علي عبدالله صالح، وهنا مكمن الخطر على الحياة الديمقراطية للمرحلة القادمة وهو أن يتنبه الجميع بدءاً من الرئيس علي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي العام والمعارضة، وهي أطراف حقيقية في الحياة الديمقراطية، على هؤلاء اللاعبين الأساسيين في الحياة الديمقراطية أن يتنبهوا إلى أن هناك قوة خفية تسعى إلى التهام الجميع وهي التي برزت في هذه الانتخابات.

< هل هذه القوة من داخل السلطة نفسها أم من خارجها؟

- هي من داخل السلطة بدرجة رئيسية، وهي أيضا إلى حد ما من خارجها، لكنها قادمة لا محالة، وهي التي ستعمل على ضرب الحياة الديمقراطية، أما المعارضة فهي لا تسعى الى الإطاحة بأحد، هي تسعى بدرجة رئيسية وأعلنت هذا أكثر من مرة إلى تكريس وترسيخ قواعد وشروط الحياة الديمقراطية.إذا تكرست شروط وقواعد الحياة الديمقراطية في اليمن واستطاعت الأحزاب أن تمارس نشاطها السياسي بشكل حر ومستقل ومن دون أية وصايا ومن دون أية عوائق كما يحدث اليوم، فإنني أعتقد أن كل حزب سيجد نفسه قادراً على أن يمارس حياته السياسية من دون حاجة لنشوء مثل هذه التكتلات، إن هدفها الرئيسي هو التوازن السياسي.

اختراق المعارضة

< ألا تعتقدون أن الرئيس علي عبدالله صالح نجح في اختراق المعارضة إلى حد كبير، بدءاً بتحييد الشيخ عبدالمجيد الزنداني ثم إعلان الشيخ الأحمر تأييده للرئيس وما لحق بعد ذلك من قضية الحارس الشخصي لمرشح المعارضة المتهم بالإرهاب وغيرها من التفاصيل التي تعرفونها؟

- الذي لديه القوة والسلطة يستعمل أشياء كثيرة وخاصة إذا لم يكن مخلصاً بشكل جاد للحياة الديمقراطية، لكن في حدود ما تحدثت عنه من اختراقات أي لاعب سياسي يمكن أن يعملها، من حقه أن يمارسها، من حقه أن يخترق هنا وهناك، ولكن السؤال في أي اتجاه يمكن أن يمارس هذا الاختراق، إذا كان الهدف هو ممارسة الاختراق بهدف تشكيل ميزان مختل لصالحه في العملية السياسية، قد لا يختلف الناس على أن مثل هذا الاختراق طبيعي أما إذا كان اختراقاً كما يحدث حاليا بالنسبة لبعض الأحزاب بإيجاد انشقاقات حقيقية وتكوينات معبرة عن ولاءات من خارج أحزاب المعارضة وإفساد الحياة السياسية فهذه ممارسة لا تعبر عن نوايا صادقة تجاه الديمقراطية، لكن كما قلت إن الذي لديه السلطة والإمكانيات وتسييس الوظيفة العامة ولديه القوة بقدرته أن يخترق.من هنا علينا أن نفرق بين نوعين من الاختراقات، اختراقات مؤقتة بهدف إيجاد ميزان انتخابات إلى آخره، وبين اختراقات الهدف منها إفساد الحياة السياسية وإفساد الديمقراطية، الأولى ننظر إليها بأنها طبيعية والثانية ننظر إليها بأنها غير طبيعية.

< هل تعتقدون أن الهجمة الشرسة من قبل السلطة في هذه الانتخابات تركزت بدرجة رئيسية على حزب الإصلاح وكأن هناك تصفية حسابات بين الطرفين؟

- حظيت كل أحزاب اللقاء المشترك بنصيبها من الهجوم.

< هل هذا أضعف العلاقات بين الحزب الاشتراكي والإصلاح أم أنه زادها قوة؟

- لماذا نفترض أن ذلك أدى إلى الضعف، بالعكس أنا أعتقد أن الانتخابات وما حدث أدى إلى تماسك المشترك بشكل أفضل ورسخ لدى المشترك قناعة بأن هناك ضرورة موضوعية لمواصلة العمل المشترك لحماية الحياة الديمقراطية وإنضاج الحياة الديمقراطية لمواجهة تحديات المرحلة القادمة، وأثبتت الانتخابات أنه لا يستطيع حزب بمفرده أن يواجه مثل هذه التحديات في ظل هذا التغول للسلطة وما أبدته من استشراس تجاه الحياة الديمقراطية.

لذلك أعتقد أن المرحلة القادمة بالنسبة للمشترك لابد أن تكون مرحلة لصالح العمل المشترك، وستكون بكل تأكيد هناك خطوات إيجابية باتجاه تقوية لحمة المشترك، وفي نفس الوقت الخروج بمشروع برنامجه الإصلاحي بدلا من أن يبقى حبيس الأحزاب، يخرج إلى الناس ويصبح مشروعاً شعبياً وطنياً للتغيير والإصلاح.

مستقبل ابن شملان

< هل بحثت المعارضة بشكل أو بآخر مستقبل مرشحها للانتخابات الرئاسية المهندس فيصل بن شملان، سواء معها أم أنه سيظل مستقلا؟

- إذا جرى بحث في مستقبل المهندس فيصل بن شملان فلابد أن يكون بحثاً مشتركاً. لن يجري بحث هذا الموضوع بمعزل عن الرجل، فقد عرضنا على الأخ فيصل أن يكون عنصراً فاعلاً في اللقاء المشترك، وأن يكون على رأس اللقاء المشترك لمرحلة معينة أو دورة معينة أو أن يكون جزءاً من اللقاء المشترك، أو يختار الطريقة التي سيتعامل بها مع اللقاء المشترك، هذا موضوع متروك أمامه.وأعتقد أن التجربة السياسية والانتخابية لن تترك فرصة للأخ فيصل أن يعود إلى وضعه القديم من جديد، لابد أن يبقى حاضراً في الحياة السياسية، وأعتقد أنه سيبقى حاضراً في الحياة السياسية.

< بمعنى أنه لن يعتزل العمل السياسي؟

- الحديث الذي تناولته صحف المؤتمر للأسف عن اعتزال فيصل بن شملان للعمل السياسي وعن عزلته هو نوع من المكايدة السياسية التي ليس بالضرورة أن نغرق فيها الناس من جديد وخاصة وقد خرجنا بهذه المحصلة من التجربة السياسية التي يفترض أن نفاخر بها.قرار أن يبقى أو يعتزل هو قرار شخصي للأخ فيصل بن شملان، لكن لا أعتقد أنه سيجافي هذه الجماهير التي خرجت تهتف له في الانتخابات، لابد أن يكون جزءاً منها ولذلك فإن الذين تحدثوا عن اعتزال الأخ فيصل ربما يعبرون عن رغبة بأن يعتزل، وشخصيا لا أرى أن هناك دوافع لأن يبقى معزولا عن الحياة السياسية، عليه أن يبقى حاضراً فيها، وسيكون في تقديري إضافة طيبة في الحياة السياسية كما هو الحال بالنسبة لكل من يستطيع أن يقدم شيئاً إضافياً للحياة السياسية اليمنية اليوم.

< كيف تقيم خطابات الرئيس بعد الانتصار؟

- تحدث في جزء من أحاديثه عن برنامجه الانتخابي بشكل مباشر وبالذات في الجانب الاقتصادي وعن ترتيبات الحكم المحلي، وهذا شيء جميل أن يبدأ يتحدث عن المستقبل ويغادر هو ويغادر الآخرون ما حدث حتى يجري تهيئة الناس للنظر إلى المستقبل، وهذا أمر مطلوب.الشيء الذي كان لافتاً للنظر هو التحدث عن التسامح أو تجاوز ما حدث، وما عبرت عنه صحف المؤتمر الشعبي العام في ضوء حديث الرئيس عن الانقلابيين، يعني التسامح مع الانقلابيين وكأننا في المعارضة الذين خضنا هذه الانتخابات وأوصلنا الانتخابات إلى هذا المستوى الذي جعل العالم يحترم اليمن.هذا الجزء من الخطاب في تقديري وهو خطاب المؤتمر الشعبي العام وصحفه الذي يغرق البلد في ما يمكن أن أسميه محاولة تشويه لما حدث، في الوقت الذي تحدث العالم عن تجربه انتخابية بطرفين، احد أطرافها هو اللقاء المشترك والذي لولاه لما جرى هذا التقييم لحراك سياسي لما شهدته اليمن من انتقال حقيقي نحو الحياة الديمقراطية، لولا هذا المشترك لما تم ذلك.نحن الطرف الذي يستطيع أن يقول إن المؤتمر الشعبي هو من انقلب على الحياة الديمقراطية بالحديث بمثل هذا الموضوع وليس نحن، نحن خضنا تجربة تنافسية أعطت لليمن قيمة في الحياة الديمقراطية عند الآخرين، وكانت اليمن تحتاجها في الظرف الذي كانت اليمن قد وصلت لأن تصبح دولة فاشلة كانت اليمن تحتاج إلى مثل هذه الانتخابات لوقف التدهور وذهاب اليمن إلى الدولة الفاشلة. ونحن نعتبر أنفسنا مسؤولين عن إنقاذ اليمن من أن تذهب إلى الدولة الفاشلة، نحن نرى أنفسنا هكذا.

< هل تؤيد دعوة الرئيس علي عبدالله صالح لفتح صفحة جديدة مع المعارضة ومع الخصوم؟

- لماذا يعتبرنا خصوماً، الخصومة في الحياة الديمقراطية تعد قيمة منبوذة، نحن لسنا خصوماً، نحن رفقاء في الحياة السياسية، عملنا في إطار الدستور والقانون ونافسنا في الانتخابات بغض النظر عن النتائج التي تحققت، لكننا استطعنا فعلا أن ننتقل بالحياة السياسية والديمقراطية خطوة إلى الأمام، وبالتأكيد هذا بتعاون الجميع، لكن النظرة إلينا كخصوم أمر يفسد الحياة السياسية.ونحن لا ننظر إلى المؤتمر الشعبي العام باعتباره خصماً، بل ننظر إليه باعتباره طرفاً في الحياة السياسية، وإن كنا نشفق عليه من تعثره في إنقاذ نفسه من مخالب السلطة التي سيطرت عليه وأفقدته روح أن يبقى حزباً.

نحن إذا انتقدنا هذا الجانب فنحن حريصون على الحياة الديمقراطية مستقبلا، من منظور أن هذا الحزب إن قدر له أن يخرج من السلطة في يوم من الأيام، نريد أن نراه حزباً حقيقياً في الشارع، لا يبقى متخفياً فقط وراء السلطة الآن.نحن نحرص كل الحرص على أن يخرج المؤتمر الشعبي من مخالب السلطة ويبقي مساحة بينه وبين السلطة حتى تستقيم الحياة السياسية والديمقراطية من خلال إثراء التعددية السياسية وضمان استمرارها.

< هل هناك أية اتصالات بينكم وبين الرئيس صالح من أي نوع؟

- لم يجر التعبير عن الوضع الجديد بأي شكل من أشكال الاتصالات، بل بالعكس، جرى القفز على قيادات الأحزاب، مثلا في الدعوات الرسمية التي أجرتها الرئاسة لم تتصل بقيادات الأحزاب، اتصلت بعناصر من الأحزاب الوسطية للحضور، وكان هذا نكاية بقيادات الأحزاب. هذا النوع من التعامل، يصب بنفس الاتجاه الذي تكلمت عنه ربما هناك محاولة تكوين خصومة تجاه قيادات الأحزاب، هذا الوضع لا يخدم الحياة السياسية ولا الديمقراطية، ولا أعتقد أنه يعبر عن قيمة حقيقية من شأنها فعلا أن تجعل تفاعل الحياة السياسية مستقبلا بين كل الأطراف مثمراً.

< هل الشهادات الدولية التي منحت لليمن بأن الانتخابات جرت بشكل شفاف ونزيه منحت النظام صك براءة من التزوير الذي تتحدثون عنه؟

- دعني أقول لك، إن أية شهادة تعطى للانتخابات هي شهادة لليمنيين جميعا، لا ينفرد بها طرف دون آخر، وعندما يتحدث العالم عن أن اليمن شهدت تجربة انتخابية تنافسية، شاركت فيها كل أطراف الحياة السياسية وتميزت عن غيرها من البلدان في العالم الثالث بشكل عام، هذا يعطينا نحن شعوراً في المعارضة بأننا كنا طرفاً في هذه المعادلة أو هذه العملية، لكنني لم أسمع حتى الآن أن هناك من قال إن هذه الانتخابات نزيهة وشفافة 100%، لا توجد شهادة حتى بهذا الشكل.

< على الأقل بعضها قال إنها لبت المعايير الدولية؟

- بالضبط، نحن ننتظر تقرير المراقبين الدوليين وأبرزهم بعثة الاتحاد الأوروبي وبدرجة رئيسية الذين راقبوا هذه الانتخابات هم الأوروبيون ولديهم تقرير أولي وتقرير نهائي سيأتي فيما بعد وسيكون هو التقرير التقييمي الحقيقي للانتخابات.أما التقييم السياسي الذي يصدر في بعض الأحيان فهو نوع من التشجيع، عندما يأتي مثلا بلد يهنئ، هو يشجع، هو عنده معايير أن اليمن لا يمكن أن تكون في وضعها، دولة ديمقراطية بمعايير أوروبية مثلا، لكن يكفي أنها خاضت تجربة ووصلت إلى هذا المستوى، وبالتالي يأتي تقييمهم أو شهاداتهم مرتبطة بتقدير خاص لما تحتاجه هذه البلدان من ديمقراطية، نحن لسنا مع هذا، وإن كنا مع التشجيع، لكن لسنا مع من يقول، إنكم يا يمنيون لا تحتاجون إلا إلى هذه الديمقراطية أو إلى هذا المستوى من الديمقراطية، نحن نرفض هذا جملة وتفصيلا، ليتركوا اليمنيين يقررون طبيعة الديمقراطية التي يريدونها والتي يستطيعون أن يحققوها.

الخيار الديمقراطي

< في رد على سؤال حول ما إذا كانت هذه المرحلة هي مرحلة لتوريث الرئيس صالح الحكم إلى نجله أحمد، رد د. نعمان بالقول:

ـ نحن نسعى إلى انتصار الخيار الديمقراطي لليمن وليس هناك من خيار آخر، جربنا كل الخيارات وكل أشكال الحكم، وأوصلتنا إلى ما وصلنا إليه، لا نريد أن نتعامل مع خيار الديمقراطية على أنه مجرد خيار شكلي كما يجري في النظام الرسمي العربي. نحن في اليمن وضعنا مختلف، نعاني من الفقر ومن التخلف ومن ظروف ربما تقود إلى التمزق أكثر من الظروف التي تقود إلى التوحد، ولا أقول التوحد السياسي ولا أقول التوحد من منظور تاريخي، لكن في عوامل كثيرة أبقى عليها التخلف قائماً حتى اليوم.أعتقد أن خيار الديمقراطية هو الشرط الذي أجمع عليه اليمنيون بشكل عام، ويكفي أن ينتقل اليمنيون من مختلف مشاربهم الثقافية والسياسية إلى هذا الخيار ويقتنعوا بأنه طريق التحول للمرحلة القادمة.أما الحديث عن التوريث وما شابه ذلك فدعنا نتركه للمستقبل وما الذي سيحمله. نحن نعتقد أن ما حدث حتى اليوم أخرج اليمن من هذه الدائرة، بمعنى أن الانتخابات الأخيرة أخرجت اليمن، شئنا أم أبينا، من هذه الدائرة التقليدية بالحديث عن التوريث.

الذي جعل مئات الآلاف من الناس في عمران وفي حجة والمحويت وفي صنعاء والجوف يهتفون لمرشح من حضرموت وجعل مئات الآلاف من الناس في حضرموت وفي عدن وأبين يهتفون لمرشح جاء مثلا من صنعاء، هذا بحد ذاته تلاقح حقيقي للحياة السياسية يجعل التفكير التقليدي في ما يتعلق بانتقال الحكم خارج دائرة البحث في الوقت الحاضر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى