...ولماذا لا نحاكم الشهداء؟

> غسان تويني:

>
غسان تويني
غسان تويني
لا نريد أن ندخل مع فخامة رئيس الجمهورية في سجال حول ما تفتقت به قريحته المفاجئة في القانون الدولي عن المحكمة التي اقرها مجلس الامن - وهو الحاكم خارج الشرعية الدولية وبالتمرد عليها... وذلك احتراماً منا للثقافة الحقوقية التي يعرف الناس ونعرف كم هو غريب عنها!

حسبنا ما قاله في الرد على "المذكرة الرئاسية" اللاسابقة دستورية لها ولا قاعدة ما قاله وزير العدل، وهو من هو بالنسبة الى العماد لحود، وما قاله الوزير مروان حماده الذي كان الضحية الاولى للسلسلة الارهابية موضوع المحاكمة التي ستحدث رغم المعارضة اللحودية وما ومن يحتويها ربما دفاعاً عن النفس.

شيء اساسي يهمنا التوقف عنده هو خشيتنا أن يكون موقف رئيس الجمهورية الخطوة الاولى في انهاء الحدب الدولي على لبنان، وحماية حقوق الانسان وحرياته في دولته التي بشّرونا بالخطة لزعزعتها طموحا، ربما، الى اعادة هذه الدولة الى استظلال النظام الامني الطيب الذكر(!!!) الذي كان يقال إن لحود كان قد غدا رمزه ورأس حربته وحارسه الامين والمدافع عن المتهمين بارتكاباته، بدليل تصريحاته الوقحة في محاولة تبرئة الضباط المحالين على القضاء... وكأنه هو ليس المؤتمن على استقامة السلطات الدستورية بل المكلف خربطة نظامها وزعزعة توازنها والغاء احترام بعضها لحدود البعض الآخر!

والاخطر من ذلك كله أن تصريحات الرئيس، في استعجالها فتح النار على كل ما يتصل بمنظمة الامم المتحدة، لم يوفّر القوات الدولية "اليونيفيل"، جاهلا او متجاهلا استهداف اسرائيل لها بالحوادث مع الاسطول الالماني والقوة الفرنسية.

ترى، هل يريد من لا يزال يتكنّى بلقب رئيس الجمهورية (حتّام يا ترى، حتّام؟) أن يعيد لبنان الى عزلة دولية، ملعباً لحروب الآخرين وقاعدة للارهاب؟

أم أنه يريدنا أن نظن أن الشهداء الذين اغتيلوا في لبنان في عهده قد استشهدوا انفسهم وماتوا منتحرين - ليس رفيق الحريري فقط، بل باسل فليحان وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني - ويجب أن نعدّل نظام المحكمة الدولية كي تحاكمهم هم بتهمة الارهاب؟

لا، كلا... العدالة الدولية ستظل هي الاقوى والاقدر على الغلبة، مهما تحصن المسؤولون عن الاجرام بسفسطات لا تقنع انساناً ولا تنفذ الى مؤسسة.

يبقى همنا الاكبر ألا تكون دماء شهدائنا قد أُريقت سدى وأن الوطن الذي قضوا من أجله سيسمح لمن يغتصب حكمه أن يقسّمه ارباً ارباً، وأن يهدر وحدته ورسالته وحقوقه.

عن «النهار» اللبنانية 31 أكتوبر 2006

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى