وتلك الأيــام .. فضل النقيب والتاريخ

> محمد فارع الشيباني:

>
محمد فارع الشيباني
محمد فارع الشيباني
فضل النقيب شاعر مرهف وأديب متميز، يضاف إلى ذلك قدرة فائقة على وصف اللحظة المعاشة وبأسلوب ظريف شبه ساخر وعندما تقرأ له تحس كأنك تشاهد أمامك المنظر الذي رسمه كتابة.

أردت بهذه المقدمة البسيطة لا أن أعرّف بالعزيز فضل النقيب فهو أكبر من أن يعرّف لكني أردت أن أنقل للقارئ انطباعي الشخصي عنه وكما أراه وبعيداً عن صداقة ربطتني به منذ زمن أراه الآن بعيداً، كما أني أذكر أجمل الأيام التي قضيناها معاً وكانت في مدينة سيئون (الطويلة) أثناء تصوير المخرج العالمي بيسر باولو بازولليني فيلم (ألف ليلة وليلة) في تلك المدينة الساحرة.

ولكن تلك أيام مضت وما بقي منها هي الذكريات كذكرياته التي جمعها في كتابه (دفاتر الأيام) وعندما نزلت عدن في أيام عيد الفطر سمعت الناس يتكلمون عنه ومع الأسف كان هناك من يتكلم عنه بغضب وتشنج ومن لا يعلق وذلك كعادة اكتسبها أيام حكم الاشتراكي (القبائل الماركسية) هرباً إلى السلامة، وكان هناك من يتكلم بحماس عن الكتاب وعن شجاعة فضل النقيب لكتابته عن فترة من أحلك الفترات التي عاشتها عدن حيث اقتلعت أشجارها من جذورها وقلبت رأساً على عقب. وبما أني لم أكن قد قرأت الكتاب فقد آثرت عدم التعليق وبحثت عن نسخة منه ولكن لم أجده ولقد كانت فرحتي شديدة عندما أعطاني ابني العزيز محمد هشام باشراحيل النسخة المهداة له من الكاتب لكي أقرأها ثم أعيدها له وكان أجمل شيء تعليقه على الكتاب والذي قاله ببساطة عادية وغير مفتعلة «إنه كتاب جيد يا عمي فقد قرأته خلال ساعات لأني لم أستطع أن أؤجل القراءة والعودة إليه مرة أخرى»، وقرأت الكتاب وفعلاً لم أستطع تركه وقرأته إلى أن أكملته ولقد صدمت بما جاء فيه من إجرام واغتيال شعب بأكمله ورغم أني عشت تلك الفترة وعايشت حصول تلك الأحداث المؤلمة والمؤسفة ولكن عند قراءتها وبأسلوب فضل الأخاذ كنت أحس أني أسمع عنها لأول مرة فجميع الأحداث التي ذكرها هي حقيقة حصلت ويعرفها جميع الذين عاشوا تلك الفترة ولكن يبقى السبق للأخ فضل بأنه كتب عنها وبشجاعة يحسد عليها. لقد عبر فضل عن مأساة شعب وألمه واغتيال أحلامه بالعيش في وطن مستقل ينعم فيه بالرخاء والأمان ولا أزيد على ذلك.

وأخيراً تعليق قصير فقد قال لي أحد الزملاء «لقد كان فضل جزءاً من تلك الأحداث وعاشها واستفاد منها فلماذا لم يرفض ذلك في حينه ولماذا خدم تلك السلطة؟» وردى عليه بسيط ومن أحداث وقعت في البلد الأول للاشتراكية التي مازال زميلي يؤمن بها، فعندما هاجم الرفيق خروشوف أمين عام الحزب الشيوعي السوفيتي في أحد مؤتمراته، ستالين، جاء صوت من القاعة يقول: «أين كنت أنت حينها ولماذا تهاجمه الآن؟»، فرد عليه خروشوف:«كنت جالساً في القاعة وفي المكان الذي تجلس فيه أنت الآن».

شكراً لصديقي وعزيزي فضل النقيب أولا لشجاعته في خرق التابو، وثانياً لقدرته الرائعة على وصف وتصوير تلك الأحداث، وأقول إن الشجرة المثمرة هي التي ترمى بالحجارة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى