رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> الميلاد والنشأة:أستاذنا الجليل علي محمد عبدالله من مواليد قسم (دال) بمدينة الشيخ عثمان، إحدى ضواحيTOWNSHIP عدن في يوم الجمعة، الموافق 22 نوفمبر 1929م، وتلقى تعليمه الأولي في كتاب (معلامة) الشيخ قاسم صالح السروري (والد المناضلين الوطنيين عبدالباري ونورالدين قاسم) وكان الكتاب ملحقاً بمسجد العيدروس في مدينة الشيخ عثمان.

تلقى دراسته الابتدائية للأعوام الثلاثة الأولى (1937م-1940م) في مدرسة الإقامة RESIDENCY SCHOOL (مدرسة السيلة الابتدائية للبنين لاحقاً والمتحف الحربي حاليأً) بكريتر (عدن) وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدرسة كيث فولكنر التبشيرية بمدينة الشيخ عثمان خلال الفترة 1941-1944م وانتقل بعد ذلك إلى المدرسة الثانوية الحكومية بكريتر (ثانوية لطفي أمان حالياً) بنظام الأربع سنوات 1945-1949م.

التعليم الثانوي أيام زمان تاريخ لا يعيد نفسه
كان نظام التعليم في عدن قبل افتتاح كلية عدن ADEN COLLAGE عام 1952م ينقسم إلى مرحلتين: ابتدائية وثانوية، الأولى مدتها (4) سنوات والثانية مدتها (7) سنوات وكان عامة الناس يقيسون المرحلة الثانية بـ «الأبواك» (مفردها «بوك» وهي كلمة إنجليزية BOOK ومعناها «كتاب») فالخريج مثلاً في سنة خامسة

V STANDARD أصبح صاحب «خمسة أبواك».

اتسمت المدرسة في ظل الإدارة البريطانية بالنشاطات اللاصفية، وتوزعت طاقات الطلاب في جمعيات SOCIETIES وفرق رياضية وهي: المأمونية والعمرية والطارقية والراشدية والخالدية والصلاحية، أي أنها كانت تنتسب لشخصيات إسلامية خالدة، كما كان الطلاب يديرون النظام المدرسي تحت إشراف إدارة المدرسة، فالمراقب داخل الصف أو العريف كان يسمى MONITOR أما عريف الساحة PREFECT فقد كان يؤدي مهامه تحت إشراف كبير العرفاء SCHOOL CAPTAIN وهناك نشاط آخر لهؤلاء العرفاء إذ كانوا يديرون مقصف المدرسة TUCKSHOP وكان عملهم آخذاً في التحسن بفضل الملاحظات التي يطرحها الطلاب في صندوق الشكاوى، وبإمكانك أن تطلع على كل تلك النشاطات من خلال نشرة (PROGRESS) التي كانت تصدرها المدرسة الثانوية الحكومية بكريتر (ثانوية لطفي أمان حالياً)، وكان يرأس تحريرها حسن سالم باصديق ومساعدوه: عبدالرحمن حاجي محمد وزوار حسين وعبدالرحمن يوسف.

من أخبار النشرة أن عميد المدرسة عين علي محمد عبدالله كبيراً للعرفاء وأنه تم انتخاب خليفة عبدالله حسن خليفة قائداً لفريق كرة القدم المدرسي، وعبدالله عباد قائداً للفريق المدرسي في لعبة الهوكي، وأن طلاب الصفين السادس والسابع حضروا محاضرة ألقاها المدعي العام بالوكالة عن المجلس التشريعي في قاعة مكتبة المدرسة.

من الأخبار التي نشرتها «بروجريس» (معناها «التقدم») أن طلاب الصفين السادس والسابع حضروا جلسة الاستماع الأولية لإحدى المحاكمات في محكمة الشرطة وأن زيارات قام بها الطلاب من الثانوية الصغرى والعليا إلى المملاح وصهاريج الطويلة وتسلق جبل شمسان. ورد في النشرة أيضاً بقلم الطلاب أن كبير العرفاء هو علي محمد عبدالله وأن عرفاء الساحة هم: محمد محيرز وعبدالله محيرز وتوفيق لقمان ومحمد ناصر يافعي (شقيق نصر وفاروق ناصر يافعي) وسالم علي محمد الزغير( والد الشهيد محمد سالم علي الزغير) وحسن باصديق.

أما الجمعية الرياضية العامة فقد كان رئيسها علي محمد عبدالله وسكرتيرها عبدالله محيرز وعبدالرحمن حاجي أمين المال. كان سيف أحمد ضالعي قائداً لفريق كرة القدم، وكان مساعده جعفر علي عزيز. كان قائد فريق الهوكي عبدالله عباد وكان مساعده محمد عبدالقادر محيرز. أما قادة الفرق الرياضية فقد كانوا على النحو التالي:

عبدالله عباد عطية: قائد العمرية، أنور خالد: قائد المأمونية، توفيق لقمان: قائد الراشدية، جعفر علي عزيز: قائد الصلاحية، فيصل خليفة: قائد الخالدية، سيف أحمد ضالعي: قائد الطارقية.

كان الأستاذ محمد نزير، أستاذ الرياضيات الشهير يشرف على الجمعية الرياضية العامة، وكانت تلتقي مرتين أسبوعياً لمناقشة الأوضاع والنشاطات الرياضية وسير أعمال المقصف المدرسي في ضوء الملاحظات والانتقادات المقدمة من الطلاب، وللأمانة التاريخية والموضوعية فإن الديمقراطية تبدأ من المدرسة وتتراكم تجربتها داخل المدرسة ويتخرج الطالب في المدرسة وقد مارس الديمقراطية بحق، إلا أننا ألغينا كل تلك التقاليد واستبدلنا بها الديكتاتورية والتسلط ووضع البشر في خانات التهم التي ما أنزل الله بها من سلطان.

إنهم أساتذة وليسوا طلاباً
لو اطلعت على عددين فقط من نشرة «بروجريس» (المجلد الخامس - العدد رقم 1 سبتمبر 1949م ورقم 2 ديسمبر 1949م) لخيل لك أنك أمام أمجاد العصرين العباسي والأندلسي إذ تجد نفسك أمام أساتذة أجلاء وليس طلاباً. هذا الأستاذ إبراهيم روبلة يشرف على فعالية للجمعيات العربية قدم خلالها طلاب مواضيع متنوعة على النحو التالي:

الكيمياء في الإسلام: عبدالله علي عبيد، الخطابة والشعر في الإسلام: أبوبكر الصافي، الشعر الغنائي في العصر الأموي: عبدالله محيرز، سقوط مملكة العرب في إسبانيا: أحمد شريف الرفاعي، الأخلاق والعلم: فضل لقمان.

هذا الأستاذ هاشم عبدالله يشرف على مداخلات طلابه في المواضيع التالية:

التجارة: أمين قائد، الحماسة: عمر كتبي عمر، عصر النهضة: محمد الهاس، ملك مصر فؤاد: صالح زوقري، الأدب العربي: محمد غالب فارع، الحقوق المدرسية: علي محمد سعيد، اللغة العربية: حسن صالح محبوب.

هذا الأستاذ روبرتسون يشرف على مداخلات طلابه من جميعة الإنجليزية لطلاب الثانوية العليا في المواضيع التالية:

شعراء القرن العشرين: أبوبكر الصافي، الفنان بيكاسو: يونس مكاوي.

تاريخ الأدب الانجليزي في القرن السابع عشر: محمد دعاله.

هذه مداخلات جمعية الإنجليزية لطلاب الثانوية الصغرى تحت إشراف الأستاذ علي محمد علي:

الجهل والخرافة: آدم فرح، الأخلاق الفاضلة: جامشاد ميستري.

كيف تكون صداقات بسهولة: عبدالرحمن يوسف.

علاقة الأدب الإنجليزي بالأدب العربي: أنور خالد.

تحت إشراف الأستاذ نارايان قدمت جمعية الجغرافيا والعلوم للثانوية العليا هذه المواضيع:

الطقس وأثره على الإنسان: علي محمد عبدالله، الأنهار: محمد ناصر يافعي، التجارة في عدن: لاكسمي شاند، قناة السويس: عبدالرحمن ح.محمد، الفيتامينات: توفيق لقمان، التصوير: يونس مكاوي، مرض النوم: الأستاذ سن.

الطلاب يمارسون الشفافية قبل 57 عاماً:
في سلسلة الروائع الواردة في نشرة «بروجريس» رصدت ممارسات الطلاب للشفافية في التعامل مع المال العام، حيث وردت في النشرة تقارير مالية مفصلة خلال الفترة من 5 سبتمبر حتى 10 ديسمبر 1949م مذيلة بتواقيع علي محمد عبدالله رئيس الجمعية العامة لشؤون المقصف المدرسي وع.ع. محسن، سكرتير الجمعية وعبدالرحمن حاجي محمد، أمين المال ومساعده فيصل خليفة.

لم تغفل التقارير أي شاردة أو واردة إلا وتعرضت لها بلغة الأرقام، حيث أوضحت المشتروات من الأواني والأثات وأجور العاملين في المطبخ لتنظيف الأواني والمبالغ المرحلة من فترات سابقة وغيرها من التفاصيل الدقيقة، والتعامل مع المال إن لم يكن مقروناً بالشفافية فإنه يكون نذيراً بتفشي الفساد، كما هو سائد حالياً.

علي محمد عبدالله في فريق كشفي إلى فرنسا:
شارك علي محمد عبدالله مع زملائه الطلاب في مختلف مدارس عدن ضمن وفد كشفي لحضور مهرجان السلام العالمي للكشافة في فرنسا عام 1949م وكان من ضمن أعضاء الوفد :حسين سالم باصديق ومحمد ناصر يافعي وسالم علي الزغير وعمر باناجة (والد الدكتور محمد) ومحمد علي غالب ومحمد عبدالله سلام وكريم خان ومثل الطالب عبدالملك بن همام كشافة حضرموت، وقد تراكم النشاط الكشفي في عدن على خلفية تأسيس الفرقة الكشفية العدنية الأولى عام 1927م.

علي محمد عبدالله من ناشطي نادي الشباب الثقافي:
تأسس نادي الشباب الثقافي في الشيخ عثمان في 21 ديسمبر 1947م بموجب سند استلام الترخيص الرسمي من جي. دبليو. آي. شيب، حاكم القطر COUNTRY COMMISSIONER بتاريخ 17 سبتمبر 1947م (Nدريس حنبلة، الشاعر والمناضل : د. أحمد علي همداني - ص 102). التحق الأستاذ علي محمد عبدالله بالنادي في النصف الأول من خمسينات القرن الماضي وعمل سكرتيراً للنادي في فترة من تلك الفترات وكان من أعضاء النادي في تلك الفترة محمد سعيد مسواط وعبدالله فاضل فارع وطه أحمد مقبل وعلي أحمد ناصر سلامي وإدريس حنبلة وعبدالله عمر البان وصالح عبدالرحمن ومحمد سعيد جرادة وآخرون.

علي محمد عبدالله يطير إلى بريستول ويعرج على المعهد العلمي:
في العام 1950م التحق الأستاذ علي محمد عبدالله بمركز تدريب المعلمين وذلك بعد إكمال تعليمه الثانوي واستغرقت الدورة مدة عام واحد وفي العام 1951م عمل مدرساً في المدرسة الابتدائية (الشرقية) بمدينة الشيخ عثمان وفي العام 1955م ابتعث الأستاذ علي محمد عبدالله مع زميله وصديقه الأستاذ عثمان عبده محمد في دورة تدريبية إلى بريطانيا وحصلا على دبلوم في التربية من المعهد العالي للتربية بجامعة بريستول.

صدر أمر إداري بتاريخ 21 أكتوبر 1957م بانتداب الأستاذ علي محمد عبدالله للعمل مديراً للمعهد العلمي الإسلامي بكريتر اعتباراً من الأول من اكتوبر، 1957م وشمل الانتداب ثلاثة أساتذة هم: محمد علي ننو، وتوفيق عبدالمجيد لقمان وعبدالرحمن جوليد وكان من ضمن أعضاء هيئة التدريس في المعهد الأساتذة: قاسم غالب وعمر سالم طرموم ومحمد سعيد بايعشوت وعبدالله عبدالوهاب القاضي وآخرون.

الأستاذان علي محمد عبدالله وأبوبكر عقبة يطيران إلى بيروت:
أكمل الأستاذ علي محمد عبدالله انتدابه في المعهد العلمي الإسلامي عام 1959م وانتقل إلى مركز تدريب المعلمين TTC في الطويلة بكريتر للعمل مدرساً لمادة الرياضيات وموجها فنياً للمادة في المدارس الابتدائية والإعدادية. عمل الأستاذ علي خلال الفترة من 1960م حتى 1965م مديراً للمدارس الإعدادية في البريقة والتواهي والشيخ عثمان.

في العام 1965م ابتعث الأستاذان علي محمد عبدالله وأبوبكر عقبة في دورة تدريبية في التخطيط والإدارة التربوية بمعهد اليونسكو في بيروت واستغرقت الدورة عاماً واحداً.

الأستاذ علي محمد عبدالله يحلق في أجواء التخطيط والترجمة والتأليف:
بعد حصول المحافظات الجنوبية على الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م شغل الأستاذ علي محمد عبدالله وظيفة ضابط تعليم بنين في وزارة التربية والتعليم للمحافظات الأولى (عدن) والثانية (لحج) والرابعة (شبوة) وذلك خلال الفترة 1968/1969م وشغل بعد ذلك وظيفة مدير إدارة المناهج وترجم كتاباً في الحساب لطلاب سنة أولى إعدادي عن الإنجليزية ثم صدر أمر وزاري وقع عليه الأستاذ عبدالله عبدالرزاق باذيب، وزير التربية والتعليم في 12 أبريل 1970م بتحويل الأستاذ علي إلى إدارة التخطيط ليتفرغ لوضع كتاب مقرر للرياضيات للمرحلة الابتدائية وفق المنهج الجديد.

انتقل الأستاذ علي محمد عبدالله عام 1972م إلى سكرتارية مجلس الوزراء في عهد علي ناصر محمد الذي خلف محمد علي هيثم في منصبه رئيساً للوزراء في 21 أغسطس 1971م. أنيطت بالأستاذ علي مهام الترجمة في الدائرة القانونية إلا أن الشهيد محمد صالح مطيع وزير الخارجية استأنس حاجة وزارته لخدمات الأستاذ علي محمد عبدالله الذي انتقل إلى ديوان وزارة الخارجية اعتباراً من الأول من مارس 1973م وشمل قرار النقل من سكرتارية مجلس الوزراء إلى وزارة الخارجية زملاءه: حسين سالم باصديق وصالح إبراهيم حريري ومحمد مرشد عباد.

الأستاذ علي محمد عبدالله سفيراً ثقافياً لبلاده:
شغل الأستاذ علي محمد عبدالله منصب الملحق الثقافي في السفارة اليمنية في دمشق خلال الفترة 1980/1985م وفي موسكو لفترتين كانت الثانية خلال الفترة 1988/1993م بدرجة وزير مفوض وشغل منصب مدير الدائرة الثقافية خلال فترتين وكانت الأولى في العام 1977م والثانية قبل تقاعده بعامين.

أحيل الأستاذ علي محمد عبدالله إلى التقاعد بدرجة سفير في العام 1995م بعد مشوار حافل بالعطاء والتنوع والإخلاص.

الأستاذ علي محمد عبدالله متزوج ولديه ولد واحد وهو المهندس وليد وابنتان هما: الدكتورة ميادة (طبيبة) والدكتور تسامي (صيدلانية) وتعمل في مختبر الرقابة الدوائية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى