غرفة بحمام..!

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
هذه أمنية مبدع كبير وفنان مرهف، أن يكون لديه غرفة وحمام، «بس» في التواهي. ياسلام: ما أبسط الطلب وما أغلى الطالب. أحمد الجابري النسمة العابرة في حياتنا كأنسام الربيع المنعشة، والذي كتبت عنه في الأسبوع الماضي، أو بالأصح هو الذي كتبني، فقد كان في حياتنا العامة التي حياتي جزء منها لاعباً رياضياً فاتناً، وأستاذا تربوياً بالغريزة والنموذج، وشاعراً غنائياً أحضر الحقول الخضراء والجبال الشماء الممطورة لتتمشى على سواحل عدن وفي قلوب المحبين وفي وجدان الزمن، وهو ممن يقال عنهم «سبع صنائع والبخت ضائع»، ومع ذلك فهو يعمل على ثلاثة كتب منجزة أو شبه منجزة ويحتاج إلى إطلالة على بحر التواهي حيث فراشات الطفولة وهتافات المعجبين مازالت أصداؤها تتردد ومواطن الإلهام الأولى لهذا المبدع الذي لم يشخ وإنما غرق في شيخوخة زمن:

أتى الزمان بنوه في شبيبته

فسرهم وأتيناه على الهرم

..لا أريد أن أطلب للجابري شيئاً من أحد لأنه سيطردني من محبته لو فعلت، وأنا مش حمل هذا، وذلك أن ساكن الراهدة على طريق الحب اليماني الذي نصه سيول والنص مع الأحباب على حد تعبير «الفضول» يعيش رغم فداحة الهجر «كالنسر فوق القمة الشماء» وتلك كبرياء الروح التي لم يجرّبها الذين لا يشبعهم واديان من ذهب، ولكنني بدون استئذانه أطلب من الدولة، من المحافظة، من المحافظ، فعل أمر لا يكلف شيئاً ذا بال، ولكنه يجلب من الصيت الحسن ما تنوء به الجبال، غرفة بحمام لوجه الله، لوجه الوطن، لملكوت الفن، أو شُقيقة تصغير شقة تتسع لرجل في حجم الوطن وعطائه، وأراه مع الأستاذ عبدالله هادي سبيت نزيل مستشفى السعيد في تعز شفاه الله، من نوع الروائي اليوناني العظيم كازنتزاكيس صاحب «زوربا» و«المسيح يصلب من جديد» الذي كان يطلب من الناس أن يعطيه كل واحد دقيقة من عمره لينجزه «عمله» وكلاهما يعاني من مشكلة السكن، لا مشكلة الزمن التي عاناها «نيكولاس كازنتزاكيس» الذي عاش كالمليونيرات من عوائد إبداعه.

تحدثت إلى الأستاذ الجابري، الذي لا يرد على أي اتصال إلا بضربة حظ، لم أشعر بلوعته إلى التواهي التي كان له فيها وكان سوى هذه المرة والرجل لا يريد أن يشكو ولا ينبغي له:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة

على النفس من وقع الخسام المهند

نعم.. لديه ما ينجزه فهل يريد أحد ضماناً من البحر بذلك، بحر التواهي سيضمن لأنه يعرف صاحبه جيداً. تذاكرنا الأخلاء والأصدقاء فلم يذكر لي سوى عبدالله فاضل فارع- أستاذ الجيل، الذي يختلف إليه بين فينة وأخرى كبقية من عطر الزمن الجميل. ذكرني أنه كان معي في المقابلة التلفزيونية مع محمود درويش أوائل سبعينيات القرن الماضي وما أنسانيه غير الشيطان حين لم أتذكر ذلك في إحدى مقالاتي. الآن أتذكر الجابري محاوراً بارعاً حصيفاً ، أما ذاكرته التفصيلية «امسكوا الخشب».

غرفة على بحر التواهي أو بجواره قد تعني الوطن، كل الوطن، لفنان جميل لم يستطع مغادرة عباءة الطفولة.

غرفة لوجه الله والوطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى