دروس مستفادة (6)

> محفوظ سالم شماخ:

>
محفوظ سالم شماخ
محفوظ سالم شماخ
ملامح طريق المستقبل قد رسمتها المعركة الانتخابية الرئاسية والمحلية الماضية.. أطروحات عن الفساد من كل الأطراف.. انتقاد لأداء الماضي تفصيلاً من المعارضة وإجمالاً من الطرف الحاكم.. ألوان جديدة طرأت على الحياة الاجتماعية.. كذا بروز القطاع الخاص ليدلي بدلوه كمشارك وليس كممول.. علاوة على ذلك ظهر بوضوح ما يقوله المراقبون على الساحة وما يقولونه عندما يعودون إلى بلدانهم.. كل ذلك يدعو القطاع الخاص خاصة وكل القطاعات بصورة عامة إلى ترك السلبية.. وما يهمني هنا هو «القطاع الخاص» فالمرحلة القادمة تتطلب منه أن ينفض الغبار عن نفسه وأن لا يتقوقع في زاوية المانح بالرضا او بالإكراه أو لتجنب الإضرار بمصالحة (مكافأة شر).. وهذا يتطلب تغييراً كاملاً في أسلوب تعامله المالي والإداري ليس مع المسؤولين فحسب.. بل مع نفسه أولا ونفسه ثانياً ونفسه ثالثا.. لابد للقطاع الخاص أن يتخلص وبسرعة من الاعتماد على علاقته مع المتنفذين وجعلهم المدخل لحصوله على هذه الميزات أو تلك.

كذا عليه أن يكشف بوضوح كل العناصر التي تتقمص لباسه وهي في الحقيقة واجهة للمسؤولين والمتنفذين.. فلتكن معركة داخلية ستنتهي بهروب عناصر الشيطان.. أيضاً فإن خضوعه للابتزاز من جانب أي جهة كانت وخارجاً عن إطار القوانين يجب أن ينتهي وأن يشتد في مقاومة هؤلاء حتى يقطع دابرهم.

أيضاً عليه أن يكون واضحاً وصريحاً تجاه تجار مافيات التهريب والغش التجاري بفضحهم والتشهير بهم وبمقاطعة سلعهم وأن يتمثل بالقول (من غشنا فليس منا).. أيضاً عليه أن يعمد فوراً إلى الأخذ بأساليب الحداثة في إدارته لأعماله وتجارته وصناعته.

كذا عليه أيضاًَ أن يقود المجتمع كله إلى تبني سياسة الإنتاج وليس الاستهلاك فحسب.. كما عليه أن يقاوم وبكل الوسائل القانونية المتاحة أي تهور من جانب أي سلطات لجرجرته إلى اتفاقيات ضارة مثل العولمة والمناطق الحرة. الخ، قبل أن ينفذ خطة الإصلاح الداخلي والتنمية المطلوبة ليكون قادراً على الدخول في تلك الاتفاقيات.. كذا فإن عليه أن يكافح ويفرض الشراكة الفعلية في كل الأمور المتعلقة بالاقتصاد والتنمية على الحكومة والدولة ويجب ألا يستمر في السكوت على دور «المحلل» في كثير من المحادثات والعقود التي تبعث إلى الخارج وتقام في الداخل.. وعليه أن يكون عاملاً أساسياً في تطبيق ما يتم التوصل إليه من قرارات في تلك المجالات.

كما يجب على القطاع المصرفي أن يتخلص من أطره العائلية وأصحابه عند المشاركة الفاعلة في التنمية الفعلية، كذا عليه ألا يسكت طويلاً عن تقوقع البنك المركزي وتحوله إلى صندوق ودائع خارجية أو داخلية.

كل هذا يتطلب من القطاع الخاص أن يكون له واجهة إعلامية قوية، غرف تجارية فاعلة وتلاحم قوي مع أفراده وبنائه علاقات قوية مع باقي القوى الوطنية وهذا يتطلب أن يدفع بسخاء من ماله فذلك بحق لا يقل عن تمويل «الجهاد» في سبيل إصلاح الأوضاع وإنهاء البطالة وتنمية المجتمع والنهوض بالمستوى المعيشي لكل المواطنين.

قد يقول البعض إن هذه خيالات.. فلتكن ولكنها قابلة للتنفيذ.. هي المدخل الوحيد الذي اتبعته كل دول العالم للنهوض بمستواها.. لا أدعو حتماً إلى سيطرة رأس المال ولكن أدعو لأن يكون رأس المال هو القائد والوقود الذي يحرك عجلات قطار أو قطارات التنمية في بلادنا.

على المسؤولين ألا يقلقوا من ذلك فبإمكانهم وبما قد توفر لديهم من رأس مال أن يدلوا بدلوهم بعد أن يتخلصوا من الشعور بالخصوصية وعدم المساواة.. ما لم يتم ذلك فإن القطاع الخاص سيبقى على حاله وكأننا يا سعد لا رحنا ولا جينا.

وبالله التوفيق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى