الكيل بمكيالين في قضايا من نوعية واحدة

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
كان على الشيخ حميد الأحمر أن يكون هادئاً ومتريثا وحكيماً في حواره الذي أجراه غاضباً مع الأستاذ علي الشاطر، بشأن قضية القصيدة الملفقة التي تذمه وتصفه بـ (ناكر المعروف)!! وكان عليه أن يدرك أن قدميه تقفان في حقل سياسي مليء بالألغام الموزعة بدقة ومهنية، من قبل الخصوم الذين أسعدهم كثيراً وقوعه في شرك إحداها ولو (بعظمة لسانه).. كان على الشيخ حميد أن يدرك أن نكران الجميل والمعروف بات شعاراً كبيراً وسلاحاً مزدوجاً يتم استخدامه بكل السبل والوسائل التي تناقضه وتنسفه من داخل معانيه الجميلة، حتى مع من كان لهم شرف تحقيق الوحدة اليمنية بجلالة قدرها وعظمة شأنها.. وأما من جهتنا فعلينا أن نؤكد للجميع أن مسألة نكران الجميل والمعروف تشابهت علينا واختلطت مفاهيمها وألوانها.. إلى درجة أننا لم نعد نعلم من قدم الجميل لهذا الوطن العزيز ومن أنكره!! ومن هو صاحب المعروف الحقيقي ومن جاحده! ومن هو الذي بات خارج إطار اللعبة السياسية (كلها) مهمشاً .. وملغياً.. ومشطوباً دوره (شطباً نهائياً) بلا رجعة وبلا أمل.. بغض النظر إن كان هذا (الطرف) كبيراً أو عملاقاً بحجم (شطر) يعادل (الشطر الآخر) ثلاث مرات في الثروة وفي المساحة الجغرافية.

شخصياً - وحتى لا أتهم بالدفاع عن خطأ ارتكب من قبل الشيخ حميد- سوف أعلن استنكاري للغة التهديد التي خرجت من فم حميد الأحمر تجاه الأستاذ علي الشاطر، وهي لغة لا يمكن لأي عاقل أن يدافع عن مفرداتها، ولا يمكن لأي لغة متحضرة أن تقبلها بين معانيها، ولا يمكن لأي ديمقراطية كانت -ناشئة أم متطورة- أن ترضى بالتعامل معها في أي من أطرها الكثيرة والمتنوعة ..اذا.. أخطأ الشيخ حميد بن عبدالله الأحمر بكل تأكيد، ووقع في (الفخ الخطير) الذي لم نكن نتمنى أن يقع فيه.

ولكن، دعونا ننقل إلى مربع آخر من مربعات هذه القضية، حتى نتعرف على ما يمكن أن نطلق عليه معا (المعيار المزدوج) أو مسألة (الكيل بمكيالين) في قضية تحمل (كيفاً) واحداً .. أو بعداً ومفهوماً واحداً ايضاً.. فمن منا لا يتذكر بحزن وألم وحرقة.. أن عملاقاً كبيراً بحجم الوطن كالمفكر الدكتور أبوبكر السقاف، قد ضرب ضرباً مبرحاً، في أحد الأطراف (الجانبية - الخلفية) لعاصمة دولة الوحدة مرتين متتاليتين، بسبب مقالين نشرا له في جريدة «الأيام» الغراء في العايين التاليين لحرب (الردة والانفصال)!!

ومن منا سمع (حينها) أن كتلة نيابية (حاكمة) مؤتمرية أو حتى إصلاحية!!.. كانت قد استنكرت ما تعرض له السقاف أو أدانته؟ ولو بوريقة صغيرة تحمل دمغة برلمانية رسمية! ومن منا سمع أن وزير الداخلية (يومها) قد حرك (قلماً ساكناً) أو أخرج (مخبراً) من زاويته، بهدف البحث والتحري عن هوية الذين ضربوا السقاف واستباحوا دمه وآدميته في وقت واحد؟.. لا أعتقد أن شيئاً من هذا القبيل قد حدث، لأن الذين ضربوا السقاف في صنعاء في ذلك النهار البائس، ربما يكونون قد هبطوا على أطراف (الخط الدائري) من كوكب آخر، وربما أنهم قد جاؤوا إلينا في اليمن، حتى يجعلوا للعبارة الشهيرة (من كتب.. لبج) حدثاً واقعاً تجسده وتمثله دماء الفيلسوف السقاف.. وربما لأن دماء الدكتور العزيز (لدينا) .. والرخيص (لديهم) لم تكن تعني لهم أكثر من قيمة قليل من (المرق) الذي أريق بغباء على قارعة الطريق، وهي القيمة الفعلية لعقلية فيلسوف لدى أفراد الكتلة البرلمانية الحاكمة، والتي تتلهف اليوم لرفع الحصانة عن حميد الأحمر!!

ومن منا أيها السادة.. لا يتذكر أن عضوا شهيراً في مجلس النواب اسمه الأستاذ (عبدالحبيب سالم مقبل) قد قتل في أحد فنادق العاصمة صنعاء في ظروف غامضة جداً، ومن منا لا يعلم الدور الكبير الذي كان يشغله ويقوم به المرحوم (الشهيد) بقلمه الحر دفاعاً عن الحق والعدل وعن قضايا الوطن التي آمن بها والتي انتهت به إلى النوم النهائي المؤبد على سرير (غرفة خاصة) في فندق (خاص جداً).. في ليلة من ليالي القمع وكتم الأصوات بشكل نهائي .. فهل سأل أحد من زملائه النواب الملتهبة حرارتهم اليوم بفعل مكالمة الأحمر عن الظروف التي قتل فيها (زميلهم) النائب ذو الحصانة البرلمانية!!.. أم أن حياة الشهيد عبدالحبيب لم تكن لتستحق أن يغضب من أجلها أحد؟!

وبالأمس القريب جداً.. كان للوسط الصحفي اليمني شرف اختيار الأستاذ جمال عامر، واحداً من ضمن أشجع أربعة صحفيين في العالم، حيث نال جمال هذا الشرف بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من ملازمة الموت المحقق، حينما وضع جسده وروحه تحت إرادة (عفاريت الظلام) وعلى (حافة) جبل شاهق، تحت تهديد ووعيد من اختطفوه (فجراً) وأعادوه(ظهرا).. فهل تحرك يومها عضو واحد من مجلس الكتلة النيابية (الثائرة - الهادرة) اليوم، وطالب وزير الداخلية إحضار ولو ملكية السيارة ذات الرقم المرصود التي اختطفت جمال عامر .. أم أن حياة بن عامر، وروح بن عامر لا تساوي شيئاً هي الأخرى مقارنة بمجرد تهديد الآخرين؟

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى