أيــام الأيــــام .. «الأيام» بين أجيالها الثلاثة

> د.هشام محسن السقاف:

>
د.هشام محسن السقاف
د.هشام محسن السقاف
الحبل السري الذي يربط «الأيام» بقرائها في كل مكان هو المصداقية في نقل الخبر بمهنية عالية تتوخى الدقة والسرعة ناهيك عن إخراجه ليقدم كوجبة جاهزة للقارئ. وقد قرأت مشاعر الارتياح والإعجاب في وجوه عدد من الإخوة، جمعتنا وإياهم مأدبة غداء في منزل الزميل الأستاذ هشام باشراحيل، وكان من ضمنهم الأخ العزيز أحمد محمد الكحلاني محافظ عدن، وهم يتصفحون «الأيام» ذلك اليوم، فيها صورة ناطقة مع خبر عن غرق شاب مأسوف عليه ممن يرتادون شواطئ عدن في عطلة العيد، مما دعا الأخ المحافظ أن يتساءل عن مصدر «الأيام» الذي أبلغ بالواقعة لتكون الـ «كاميرا» في مكان الحدث لحظة إخراج الغريق، وكان رد الزميل هشام «المواطنون». ومن المفارقات العجيبة أن إحدى الصحف الرسمية الصادرة في ذلك اليوم قد نشرت استطلاعاًَ في صفحة كاملة مرصعاًَ بعناوين بارزة عن عدم حدوث حالات غرق في شواطئ عدن طوال فترة العيد!!

وتذكرت هذه الخاصية :«الأيام» والقراء.. والعلاقة الوطيدة، عندما فوجئت (حقيقة فوجئت) بمرور الذكرى 16 لإعادة الإصدار الثاني من «الأيام» في 7 نوفمبر بعد توقفها القسري لمدة 23 عاماً، مرصوداً في آراء القراء بصحيفتهم في عدد يوم 7 نوفمبر الحالي، واستمتعت بقراءة مقالة الزميل عبدالقادر باراس، المعنونة بـ «الأيام جريدة ترضينا» فأعجبت بالكاتب الذي يطل علينا بين فينة وأخرى من وراء انشغالاته في هيئة التحرير بهذا الأسلوب الصحفي الجميل في الكتابة ورأيت أن أفق «الأيام» القادم سوف يحمل إلى الواجهة جيل «الأيام» الثالث - وهذه سنة الحياة - يتقدمه - طبعاً - باشراحيل هشام باشراحيل وأخواه هاني ومحمد، وبقية الفريق الشاب حيث يلعب (باشا) دور الـ «مايسترو» في الانتقال بالصحيفة إلى أفق المواكبة للصحافة العصرية.

وبعودة إلى ما بدأت به الفقرة السابقة من مفاجأتي بالعدد الاحتفائي يوم 7 نوفمبر الحالي، لادعائي القرب من الصحيفة وأهلها فإن مرد ذلك في الأساس إعراض الأخوين العزيزين هشام وتمام باشراحيل عن الايحاء لكتاب الصحيفة، مهما كانت صلات الصداقة والزمالة بين الطرفين، بموضوع واتجاهات الكتابة في الصحيفة، غير أن تشابه الأفكار والرؤى وتواتر الخواطر وربما الحاسة السادسة تجمع أهل المهنة دون سابق إنذار أو تنسيق حيال ما هو موضوع أمامهم ليكتمل نهج الصحيفة وسيرها اليومي وفق سياسات المؤسس الراحل الأستاذ الكبير محمد علي باشراحيل، طيب الله ثراه.

ولعلنا في مصاف صاحبة الجلالة نعقد المقارنة مع مجلة أهلية أقرب إلى صحيفة لـ «الأيام» أشرقت في سماء الصحافة العربية في فترة مبكرة برأسمال قدره 17.5 جنيه مصري، هي «روز اليوسف» لتصبح أقوى مجلة في المنطقة العربية والأكثر انتشاراً، يقول الصحافي الكبير كامل زهيري عن (روزه) في تلك الفترة: كان توزيعنا في العالم العربي قدر توزيعنا في الداخل -يقصد في مصر- خمسة آلاف نسخة في السودان ومثلها في سوريا ومثلها في العراق. وكانت «روز اليوسف» مدرسة الرأي وكان (إحسان عبدالقدوس) الكاتب والصحفي الكبير رئيس التحرير لا يتعامل مع الصحفيين بصفته صاحب الجريدة، كنا جميعاً إخوة كما كانت تقول دائماً السيدة «روز اليوسف» أم الأستاذ إحسان، ولأنه كان موهوباً وواثقاً من نفسه لم يكبر عليه أحد، كان كرئيس تحرير ناجح، يعمل على أن يكبر معه الآخرون. يسمع - مثلاً - أن «يوسف إدريس» ينتقده ويهاجمه فيأتي به ليعمل معهم، ولذلك ضمت «روز اليوسف» في تلك الفترة مجموعة ممتازة من الصحفيين الموهوبين، والذين أثروا الصحافة المصرية، كان ينصحني فيقول يجب أن تتعلم كيف تصل للقراء ببساطة (مجلة «العربي» العدد 575 ص72). وهكذا هي «الأيام» تغزل مع طلوع شمس كل صباح خيوط الثقة المتجددة مع قرائها في كل مكان من الوطن وخارجه.

والجدير بالملاحظة أن السيدة الحاجة سعيدة محمد عمر الشيبة (جرجرة) أم الزميلين العزيزين هشام وتمام كانت سر نجاح «الأيام» في عهد زوجها المؤسس الراحل محمد علي باشراحيل، بكدها وسهرها ومؤازرتها له بكل ما تملك، كما أنها وراء هذا النجاح الذي تحققه «الأيام» في عهد ابنيها هشام وتمام فهي القارئة المتفحصة - كما علمت - لكل عدد من أعداد الصحيفة قبل أن يقرأه الجميع، وقد أرسلت تحايا الإعجاب والتشجيع على مقال كتبته يوماً، وما أحسبني إلا أن أضعها في مكان السيدة (روزة) بالنسبة لـ «الأيام» باستحقاق الجندي المجهول الذي يحقق النصر ولا يأبه أو يلتفت للأوسمة أو النياشين.

وفي مكان آخر من (وجهاً لوجه) في مجلة العربي العدد المشار إليه آنفاً يقتبس كامل زهيري قول المفكر الاشتراكي (جان جوريس):«علينا أن نأخذ من الماضي جذوته المشتعلة وألا نكتفي بالرماد..» و«الأيام» وقد تجذر عودها أصبحت الرقم الذي لا يقبل القسمة في الصحافة اليمنية بجهد يجمع بين أصالة ماضيها ودور الرائد المؤسس، ومعاصرة الناشرين هشام وتمام وتطلعهما الدائب للرقي بصحيفتهما دون إخلال بوصايا الأب الكبير، لتغدو «الأيام» مفخرة اليمن الصحفية مهما بلغ الجهد والتعب والسهر والإقلاق المتعمد وغير المتعمد وضيق صدور البعض من الدور الوطني الذي تؤديه، واعتماد الصحيفة على حر مال أصحابها لتواكب بالجهد والمال كل جديد في عالم الصحافة والمطبوعات، وسوف يحمل الجيل الثالث بعد حين على كتفيه أمانة الحفاظ على هذه الصحيفة كما أرادها الجد الكبير والآباء من بعده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى