مقبّــــلات الحـــــــوار

> سحر بعاصيري:

>
سحر بعاصيري
سحر بعاصيري
لا يحتاج المراقب الى كثير تدقيق في الازمة السياسية في لبنان ليجد موقعها على خريطة المشهد العام للمواجهة الكبرى في المنطقة وما يبدو انه تمهيد متبادل اميركي وايراني- سوري لتحول مرتقب في السياسة الخارجية الاميركية ازاء طهران ودمشق.

طبعا هذا لا يلغي وجود بعض ابعاد داخلية للازمة، لكنه واقع لبنان اليوم سواء أكان الاطراف اللبنانيون مقتنعين به ام لا، يعترفون به ام لا. فما يجري مؤشر من سلسة مؤشرات بدأت وستزيد في المنطقة تترافق في اميركا وصعود نجم العبارة السحرية "الحاجة الى تعاون ايران وسوريا في تهدئة العراق".

انه التوجه الذي يتوقع ان توصي به لجنة بايكر- هاميلتون في محاولة لايجاد مخرج للاميركيين في العراق والذي يبدو ان مضمونه في تصريحات البيت الابيض صار موازيا "لانفتاح الرئيس على افكار جديدة". والتوجه الذي بدأ يتحدث عن اهميته حلفاء ادارة بوش، ويكفي ان ينادي به رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير في هذا الوقت ليكون اختبارا او مقدمة. وليس مصادفة ان يعلن ايهود اولمرت قبيل اجتماعه وبوش انه لا يسعى الى حرب مع ايران وان تنتقل اسرائيل في التعامل مع حكومة وحدة فلسطينية محتملة من التركيز على اعضائها، حتى لو كانوا من "حماس"، الى ما ينوي هؤلاء القيام به.

والاستنتاج الطبيعي اذا ما تحقق "الانفتاح" الاميركي على طهران في الدرجة الاولى وعلى سوريا ان تنحو الصراعات في المنطقة الى نوع من التهدئة ان في العراق ام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. لكن الاستنتاج الطبيعي الذي يسبق ذلك، هو ان الاعداد لاي انفتاح محتمل يستحيل ان يحصل بلا تشدد في المواقف المعلنة او في القضايا الاساسية التي تعني طهران ودمشق. بكلام آخر، اذا كان الامر سينتهي الى صفقة ما، فالان هو الوقت ليرفع كل طرف في البازار "اسعاره" قبل ان تبدأ المساومات.

هذا جزء من "مقبّلات" الانفتاح. فكيف اذا كانت ايران ومعها سوريا تدرك حاجة الاميركيين اليها في العراق اولا وما قد يعنيه ذلك من انعكاسات على المسائل الاخرى التي تعنيها في المنطقة حتى الضفة الغربية وقطاع غزة مرورا بلبنان؟

ايران التي تنتظر لحظة الانفتاح الاميركي عليها، قادرة اليوم على ان تعلن انها "مستعدة لدرس اي طلب رسمي اميركي لاجراء محادثات". واكثر قادرة على القول انها تريد "تغييرا 180 درجة في السياسة الاميركية" في المنطقة. ففي النهاية ستعتبر ايران مثل هذا الانفتاح انتصارا مدويا لها، ومن يدري، ربما "انتصارا الهيا".

وسوريا التي تنتظر هذه اللحظة ربما اكثر من ايران، قادرة لما وقعت به نتيجة مشكلتها اللبنانية وتقدُّم موضوع المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولمعرفتها في الوقت نفسه بحاجة اميركا اليها في العراق وفلسطين، على ان ترفع الصوت في نقطة مواجهتها الاولى مع المجتمع الدولي اي لبنان وتوجه اتهامات - كما فعلت "الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا" - بان "البعض في لبنان من المرتبطين بقوى دولية يسهّلون فرض الوصاية على لبنان".

لكل من ايران وسوريا مطالب من اميركا داخلية واقليمية. وفي انتظار التغيير في السياسة الاميركية، يخشى ان تظهر مقبّلات الحوار المحتمل اكثر ما تظهر في الوضعين اللبناني والفلسطيني، وان يكن الاخير يوحي الان بتهدئة ممكنة مع التقدم بين "حماس" و"فتح" نحو تأليف حكومة وحدة وطنية. وفي انتظار اتجاه التطورات الفلسطينية، يخشى ان يكون لبنان الموقع الاهم للتحضير لطاولة الحوار في المنطقة.

عن «النهار» اللبنانية 14/11/2006

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى