قراءة في نتيجة الانتخابات المحلية المعلنة .. عدن والضالع أنموذجاً .. هزيمة المؤتمر في الضالع لا تنفي وجوده وفوزه في عموم المحافظات لا يقلل من حجم المعارضة

> «الأيام» محمد علي محسن:

>
أحد مراكز الاقتراع للانتخابات في الضالع
أحد مراكز الاقتراع للانتخابات في الضالع
كيف لأحزاب اللقاء المشترك الفوز في محافظات ريفية مثل الضالع وشبوة وحضرموت الوادي وأرياف لحج وإب وتعز وغيرها بينما فشلت في محافظة مدنية عرفت الديمقراطية والحريات السياسية والصحفية قبل أكثر من نصف قرن وهي عدن؟ وماذا نسمي هذا السقوط المدوي للمعارضة في المدن الرئيسة التي كانت المراهنة شديدة عليها ولدرجة أن اعتبارها مغلقة بوجه المؤتمر الحاكم مثلما هو الريف أيضاً بمصلحته وإذا بواقع الحال يأتي بنتائج عكسية فلا وعي وثقافة ومدنية عدن وتعز والمكلا والحديدة انحازت للمعارضة ولا جهل وتخلف وأمية الريف منحت ثقتها كاملة للسلطة.

البعض ممن ذهبت توقعاتهم لفوز المعارضة في المدن الرئيسة وبحصد المؤتمر الاغلبية في الريف مازالوا تحت تأثير الحيرة والاندهاش، أما البعض الآخر فلم يفق من الصدمة حتى اللحظة بعد النتائج القاسية في عدن التي لطالما ظن أن مفاتيحها وقفلها في يده أو جيبه وإذا بها مفتوحة على مصراعيها للآخر ومقفلة بوجهه، فيما قيادة أحزاب المعارضة المسؤولة عن هذا الإخفاق الكبير أو قولوا ضياع مفاتيح الانتصار فلقد رأيناها تصحو من سباتها العميق متأخرة وبعد أن ذهب الناس وانفض المولد الانتخابي بلا فائدة مرجوة لا على تحالفهم المشترك ولا لأحزابهم منفردة، ويكفي الإشارة هنا إلى أن ما ظفر به المؤتمر من أغلبية كاسحة في عدن أو تعز أو غيرها من المدن ليس مرد ذلك لطبيعة الانتخابات غير العادلة أو المتكافئة بين فرقاء السياسة فحسب وإنما أيضاً لغياب الشراكة الحقيقة لأحزاب المشترك أكان على مستوى القواعد أو القيادات.

على سبيل المثال نأخذ محافظة عدن كنموذج دال على أن نجاح المؤتمر لم يكن بسبب تلك الامكانيات الضخمة المادية والبشرية ولا هي بحجم المخالفات والتجاوزات المرتكبة فقط فحتى وإن صحت هذه الأشياء جميعها كان بإمكان أحزاب المشترك الظفر بنصف ما حصده المؤتمر حالياً أي ثمانية أعضاء لمجلس المحافظة ولو عن طريق النزول بمرشح واحد وليس بالأصوات، ومع كل ما حدث على صعيد الممارسة من اختلالات تشير النتائج التي تفضلت اللجنة العليا بنشرها إلى أنه كان بمستطاع اللقاء المشترك مقاسمة المؤتمر مجلس المحافظة على أقل تقدير ولربما حقق نتائج أخرى تليق به على مستوى المراكز في المديريات، ففي مديرية صيرة مثلاً حصل المؤتمر على (23537) صوتاً الفائز الأول بـ (12911) صوتاً والآخر بـ (10626) صوتاً فيما المشترك حصل على (18910) صوتاً منها (14728) لمرشحي الإصلاح وكانت كافية لفوز مرشح إضافة إلى (4182) صوتاً لمرشح الاشتراكي وكذلك في الدوائر الأخرى التي خسرها المشترك رغم فرصته الكبيرة في الفوز المؤكد وبفارق أصوات قابلة للطرح والخسارة، وللتدليل أكثر فلقد حصد المؤتمر في المعلا (14686) صوتاً الأول حصل على (7840) والآخر (6836) بينما المشترك على (10529) مرشح الإصلاح حصل على (6317) ومرشح الاشتراكي (4214) وفي التواهي حصل المؤتمر على (17932) فاز الأول بـ (9349) صوتاً والآخر بـ (8589) صوتاً بينما المشترك حصل على (12080) صوتاً منها (6580) لمرشح الإصلاح و(5500) للاشتراكي وفي المنصورة (21710) للمؤتمر حصل الأول على (11197) والآخر (10513) بينما المشترك (11867) لمرشحي الإصلاح (6103 و5422) صوتاً ولاتحاد القوى (686) وللوحدوي الناصري (1906) أصوات وكذلك هو الحال في الشيخ عثمان حيث حصل المؤتمر على (17959) صوتاً كان الفائز الأول قد حصد (9716) والآخر (8243) بينما حصد المشترك (11867) للاشتراكي فيها (7027) صوتاً و(4820) للاصلاح، وفي دائرة دارسعد حصل المؤتمر على (21727) صوتاً موزعة على الاثنين وبواقع (11888) للاول و(9839) للآخر بينما المشترك على (11383) منها (6868) للاصلاح و(4515) للاشتراكي وفي دائرة البريقة حصل المؤتمر على (20900) حصل الاول على (11019) والآخر (9881) بينما حقق المشترك (9254) موزعة على اثنين من الاشتراكي الاول (2606) والآخر (3048) صوتاً وهذه الارقام بالطبع بمعزل عن الاصوات التي حصل عليها المستقلون وكانت مؤثرة ولا يستهان بها خاصة في الدوائر المحلية خورمكسر والمعلا والمنصورة ودارسعد والبريقة، وكان باستطاعة احزاب المعارضة دعمها وكسبها لصفها طالما وبحوزتها الصوت الآخر المضاف لصوتها الممنوح لمرشح كل أحزاب المشترك.

إجمالي الأصوات التي حصدها المؤتمر (146882) صوتاً وبنسبة 61.28% فيما أحزاب اللقاء المشترك مجتمعة حصلت على (92921) صوتاً وبنسبة 38.75% من اجمالي الاصوات الحاصل عليها المؤتمر والمشترك في عدن والبالغة (239803) أصوات مع العلم أن هنالك أصواتاً أخرى إضافية لم تحسب لمرشحي المؤتمر والمشترك في الدوائر المحلية التي فضلت النزول فيها بصفة المستقل مثلما رأينا ذلك في دائرة خورمكسر عندما اكتفى المؤتمر بمرشح واحد الى جانب مرشحه الآخر المستقل اضافة لمرشح ثالث من خارجه وتم مناصرته ولو ضمنياً وكذلك الامر مع أحزاب المشترك في دوائر مثل دارسعد والمنصورة والبريقة مع فارق هو أن قائمة المرشحين المستقلين نزلت بغير إرادة هذه الاحزاب او برغبة حزبية محضة لا صلة لها بالتكتيك او الشراكة المطلوبة في الانتخابات لذلك السبب ربما فقد المشترك كتكتل وكأحزاب منفردة وكمستقلين فرصة النظر بعضوية مجلس المحافظة على الرغم من توافر شرطية الفوز ولو بتقاسم كل الدوائر مع المؤتمر وإنني لأعجب كيف سينتصر المشترك في ظل تنافس أكثر من (4) مرشحين ومن نفس الأحزاب او في دائرة واحدة مثلما حصل في المنصورة بنزول اثنين عن الإصلاح وآخرين عن الوحدوي الناصري واتحاد القوى ناهيك عن الاصوات الذاهبة المحسوبة أو المناصرة لهذه الأحزاب الى المرشحين المستقلين .. وعلامَ الاستغراب في ان يحصد المؤتمر جل مقاعد المحافظة إذا كانت أحزاب المشترك على هذه الشاكلة من غياب الشراكة ووحدة الهدف؟.. وإلى متى ستظل أحزاب المعارضة تنتقد الآخر حتى في إخفاقها وفشلها غير المبرر لجماهير الناخبين الذين تاهت نسبة كبيرة منهم بفعل هذا الفشل الذريع على واقع التطبيق؟

وإذا ما نظرنا في نتيجة انتخابات محافظة الضالع فإننا سنلاحظ أن احزاب المشترك ظفرت بأغلبية مقاعد مجلس المحافظة و8 من مجالس المديريات من أصل 9 مديريات وذلك لأن هذه الاحزاب المعارضة دخلت الانتخابات المحلية بقائمة موحدة ومشتركة وعلى مستوى كل الدوائر والمراكز المحلية باستثناء مديرية قعطبة التي لم تحسم قيادة المشترك مسألة المشاركة بقائمة موحدة جراء رفض قيادة الإصلاح في المديرية التخلي عن بعض من مكاسبها الانتخابية المحققة في محليات 2001م ولمصلحة هذه الشراكة القائمة تحت مسمى اللقاء المشترك في بقية المديريات أعلنت قيادة المشترك في المحافظة مديرية قعطبة خارج قائمتها الموحدة وذلك بعد فشل كل المحاولات المبذولة مع قيادة الإصلاح في المديرية لاجل صيغة جامعة تدخل بها احزاب المشترك الانتخابات المحلية بقائمة واحدة للمحافظة ولدوائر المديرية لـ 21 وعدم الاتفاق هذا بدوره كان وراء فقدان المشترك لعموم المديرية سواء على صعيد مقعدي المحافظة اللذين أراد الإصلاح الحفاظ عليهما أو على صعيد الأغلبية العددية لمجلس المديرية والتي جميعها ذهبت لمصلحة المؤتمر الشعبي على الرغم من المنافسة الشديدة بين المؤتمر والإصلاح منفرداً ووصلت إلى حصول مرشحي الاصلاح للمحافظة على (22948) صوتاً وبواقع (11495) صوتاً للاول و(11453) صوتاً للآخر فيما حصل مرشحو المؤتمر على (30616) صوتاً اضافة الى حصول الاصلاح على 8 مقاعد في مجلس المديرية إلا ان هذه الخسارة الوحيدة لأحزاب المشترك تم إرجاعها إلى غياب هذه الشراكة، ورغم حصد المشترك لاغلبية مجلس المحافظة ولـ 8 مديريات من اجمالي 9 مديريات فإن ذلك لا يعني ان المؤتمر الشعبي العام لا وجود له في محافظة الضالع مثلما ذهب البعض في وصف ما حدث لأحزاب المشترك في محافظة عدن.. لا ليس الأمر كذلك فهزيمة المؤتمر في الضالع لا تنفي حصوله على (112405) أصوات وبفارق قدر بـ 20 الف صوت عن أحزاب المشترك الحاصلة على (132413) صوتاً كما أن هزيمة المشترك في عدن لا تنفي ان أحزاب المعارضة حصلت على (92921) صوتاً وبنسبة 38.75% فيما المؤتمر فاز بـ(146882) صوتاً وبنسبة 61.25%، ناهيكم عن اسباب وعوامل أخرى بلا شك اثرث بدورها على مجمل نتائج الانتخابات الرئاسية والمحلية نذكر منها التوظيف الخاطئ لإمكانيات الدولة لمصلحة المؤتمر ومرشحيه وحالة الفقر في المجتمع اليمني علاوة على الأمية والممارسة اللا واعية بأهمية هذا الاستحقاق، كما أن حضور وفاعلية الأحزب والنظام العام والمجتمع المحلي مازالت بعيدة أو غائبة فـي نـواحٍ عدة ولم تصل بعد الى مرحلة النضج المؤسسي لإرادة جماعية نابعة من مصلحة وطن وأمة، بل ثمة ممارسات لا حصر لها تؤكد أن القبيلة والطائفة والمنطقة والوظيفة العامة وغيرها مقدمة على البرامج والاحزاب والقانون في كثير من الاستحقاقات الديمقراطية.

في الختام نأمل من أحزاب المشترك ألاّ تقنط أو تيأس من امكانية حدوث التغيير في المستقبل طالما وسلمنا جميعاً بأن الطريقة المثلى لبلوغه هي النضال السلمي الذي بلا شك مازال في مهده ونموه وتأهيله ورعايته حتى يكبر ويشتد عوده وليست سوى مسؤولية جماعية تقع على عاتق الكل أحزاباً وجماعات وأفراداً وغيرها من مكونات المجتمع.

نعم ثمة ممارسات وتصرفات غير مشروعة حدثت وستحدث في قادم الأيام لكنها بكل تأكيد لا تعني القنوط المفضي للانتحار مثلما يراد أو هكذا يفكر البعض نحو مجمل العملية الديمقراطية، كما أن الممارسات الخاطئة نرجو ألاّ تحول عن نقد وتقييم أداء المعارضة باعتبارها الوجه الآخر للسلطة ومتى ما ضعفت أو وهنت هذه المعارضة فلا شك في وهن وضعف السلطة أيضا والعكس صحيح.

أحزاب المشترك كان بوسعها تحقيق نتائج أكبر من تلك المعلنة ولربما رأينا العكس في مديريات ومحافظات كثر حصلت الأحزاب فيها على كثافة عالية من أصوات الناخبين رغم كل الظروف والأحوال المؤثرة سلباً على إرادة وحرية وسرية عملية الاقتراع، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن ما حصدته هذه الأحزاب من مكاسب على مستوى المحليات لا يمكن مقارنته بما حصلت عليه من الأصوات ووصلت في كثير من المراكز والدوائر الى أن الفارق بين المؤتمر والمشترك لا يتجاوز أصابع اليد أو أكثر، وإذا ما نظرنا لأوجه الاخفاق الذي وقعت فيه أحزاب المشترك قبل أو أثناء أو بعد يوم الاقتراع فإنه لمن الطبيعي حدوث مثل هذه الهزيمة الثقيلة في الانتخابات المحلية ولا نقول الرئاسية التي يصعب التقليل من المكانة المحققة وفي واقع مثل اليمن، حيث كانت هذه الأحزاب قد أهملت حقيقة التجسيد العملي لتحالفها المشترك في صناديق الاقتراع وظهر جلياً في المدن الرئيسية حيثما ذهبت التوقعات في مصلحتها ولعل في أخذنا بأنموذج محافظة عدن ما يؤكد صحة هذا الإخفاق الناتج عن جملة من الأسباب والعوامل، وفي رأسها انعدام الشراكة الحقيقية القائمة على المصلحة والهدف المنشود (الغاية)، كما أن على الأحزاب جميعاً معالجة كثير من الاختلالات والاخفاقات التي احجمت بسببها نسبة عالية من الناخبين عن المشاركة أو حكم على اصواتها بالبطلان حيث كانت نسبة المشاركة ضئيلة بلغت في عدن 56.25% وفي الأمانة 61.23% وفي الضالع 62.16% وفي إب 66.58%، وإذا ما جمعنا فقط عدد الذين لم يصوتوا في هذه المحافظات الأربع وفقا والأرقام الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات فإن (985167) صوتاً أحجم أصحابها عن المشاركة، وإذا ما أُضيف إليها الاصوات الباطلة في ثلاث محافظات هي عدن وإب والأمانة فإن إجمالي الاصوات المفقودة بلغ مليوناً و52 ألفاً و98 صوتاً ولكم تصور حجم الأصوات على مستوى محافظات الجمهورية!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى