وتلك الأيــام ..الحكمة الضائعة

> أحمد القمع:

>
أحمد القمع
أحمد القمع
في ميدان علم النفس كشفت عديد من الدراسات التي تناولت صلة الإبداع بالعبقرية والجنون والاضطراب النفسي، عند تفسير الجوانب الغامضة والمبهمة في سلوك المفكرين والكتاب والأدباء والسياسين والفنانين، أهم أنواع الأمراض النفسية والعقلية التي تسود حياة المبدعين كالمرض العصابي والاضطراب الذهاني واضطرابات الشخصية.

وفي بلد الإيمان والحكمة يلاحظ أن غالبية المثقفين يعانون من حالات الاكتئاب والقلق والفصام والتذمر والأسباب عديدة التي أوصلت هذا المثقف أو ذاك إلى هذه الحالة أو تلك في المحطات السياسية العنيفة أو المنعطفات التاريخية المؤمل منها إحداث عملية الإصلاح والتغيير للأوضاع القائمة وليس من الحكمة تجاهل الأزمات النفسية الحادة التي يصاب بها السياسيون لا سيما في مواقع الشهرة والزعامة لما سببته وتسببه أساليب تفكيرهم المتناقضة وسلوكياتهم المريضة من تخريب وتفتيت في بنية الواقع الاجتماعي بخروجهم عن دائرة التصرف المتزن والحكيم .

وكما يقول د. عبدالستار إبراهيم في كتابه (الحكمة الضائعة: الإبداع والاضطراب النفسي والمجتمع) الصادر عن سلسلة عالم المعرفة: «خصصت مجلة علم النفس السياسي عدداً خاصاً لدراسة الحياة الصحية - بجانبيها النفسي والجسمي- لرؤساء الجمهوريات في الولايات المتحدة الأميركية بدءاً من روزفلت حتى كلينتون، ومما كشفته هذه الدراسات أنه لا يكاد فرد واحد من الرؤساء الذين خضعت سيرهم الذاتية للتحليل والتوثيق الجيد يخلو من بعض جوانب الاضطراب وقد تزايدت مظاهر هذا الاضطراب في الفترات الحرجة من ممارسة كل منهم لنشاطه السياسي».

رغم البون الشاسع بين المبدعين المشاهير عالمياً في مختلف حقول المعرفة وبين المبدعين اليمنيين الذين يحاولون السير في هذا الركب إلا أن عقد المقارنة هنا يأتي من قضية الديمقراطية وما يدور حولها من جدل وصراعات عن إشكالية التنظير والممارسة وما عكسته هذه الإشكالية من حالات الاكتئاب والإحباط والتذمر والعجز عن تغيير الوضع القائم بين صفوف النخب المثقفة في الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وبين تلك النخب التي تنازلت عن قناعاتها وعملت على توظيف كل إمكاناتها أو جانب منها الفكرية المهنية والعلمية في خدمة قضايا السلطة وما يكرس في الذهنية الاستسلام والخنوع للوضع القائم.

لا مجال لعقد المقارنة بين الانتخابات الأمريكية واليمنية وما يهمنا من أمر الديمقراطية أن الزعيم الأميريكي (إبراهام لنكولن) الذي يعزى إليه تعريفه لها: «بأنها حكم الشعب بالشعب وللشعب» حسب قول صاحب كتاب الحكمة الضائعة نفسه كان يعاني من نوبات اكتئابية منذ فترة مبكرة واستمرت معاناته حتى توليه رئاسة الولايات المتحدة. وأن موجة الاكتئاب واليأس التي كانت تصيبه تتلوها فترات من النشاط الزائد والإغراق الشديد في العمل وحالة من الجنون الدوري الخفيف، أي ذلك النوع من الاضطراب الدوري والتقلب المزاجي الحاد بين الاكتئاب والهوس.

ولكم حرية عقد المقارنة هنا لمعرفة ما يؤخذ الآن في عالم اليوم على رؤساء الدول الذين تفسر سلوكياتهم المضطربة والمختلة من قبل معارضيهم على أنها لا تليق برئيس تتعلق نتائج أفعاله بمصير الدولة!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى