اعتماد إضافي أم تجاوز في الصرف للعام المالي 2006م !!

> «الأيام» م. محسن علي باصرة:

> لقد عودتنا حكومات المؤتمر الشعبي العام خلال السنوات الست السابقة أن تقدم لمجلس النواب ما يسمى بالاعتماد الإضافي حيث قدمت في عام 2004م (188,589,932 ألف ريال يمني) ما يعادل (مليار دولار) أو يزيد، وفي عام 2005م (451 مليار ريال يمني) ما يعادل (مليارين وثلاثمائة مليون دولار)، وفي عامنا هذا 2006م تقدمت بـ(422 مليار يمني) ما يعادل (مليارين ومائة وثلاثة وثلاثين مليون دولار) واذا جمعنا ما يسمى بالاعتمادات الإضافية للسنوات الثلاث السابقة فقط، نجد أن هذه التجاوزات المالية المعروضة تزيد عن خمسة مليارات وأربعمائة وثلاثة وثلاثين مليون دولار أمريكي (5.433 مليار دولار أمريكي) وهي تزيد عن مبالغ المانحين التي أقرت في مؤتمر المانحين بلندن مؤخراً البالغة 4.750 مليار دولار من منح وقروض. وإذا راجعنا تواريخ هذه الاعتمادات الإضافية المقرة نجدها كالتالي:

في عام 2004م أقرت من الأغلبية للحاكم بمجلس النواب في 19/12/2004م.

في عام 2005م أقرت الأغلبية للحاكم بمجلس النواب في 29/11/2005م.

في عام 2006م قدمت إلى المجلس في 12/11/2006م ومن المتوقع أن يخرج تقرير لجنة المالية إلى قاعة المجلس في 27/11/2006م ليقر من قبل الأغلبية للحاكم في نفس اليوم أو الذي يليه.

وبنظرة سريعة للتجاوزات نجد أن الحكومات المتعاقبة للحاكم درجت على مسلك خطير جداً وخاطئ وهو صرف الأموال التي تحققت نتيجة الوفر في ارتفاع أسعار النفط تحت مسمى الاعتماد الإضافي مستندة للأغلبية معها بالبرلمان، وهذا حقيقة إلغاء لدور المجلس النيابي الذي ينبغي أن يصوب أخطاء الحكومة ويحافظ على ثروات الأمة.

إن ما يسمى بالاعتماد الإضافي مخالف مخالفة صريحة للقانون المالي الذي تؤكد المادة (31) منه (ويجب أن تكون الاعتمادات الإضافية في أضيق الحدود، وأن تقتصر على الحالات القصوى لمواجهة تجاوزات لا سبيل لتجنبها).

إن المبالغ المقدم هذا العام 2006م (422.368.813 ألف ريال يمني) أي بما نسبته (36%) من ميزانية نفس العام 2006م البالغة (1,179,953) ترليون ومائة وتسعة وسبعين مليارا وتسعمائة وثلاثة وخمسين مليون ريال يمني)، وهذا يؤكد لنا كنواب وكذا كل الاقتصاديين المتابعين أن الحكومة تعتمد على تقديم الموازنات السنوية بغير الأرقام الحقيقية المتوقعة إذ إن نسبة التجاوز أو النقصان للتقديرات يجب أن لا تتجاوز في أسوأ الاحتمالات 5% وهذا يؤكد أن الحكومة تعتمد المغالطة سواء عند تقديمها للموازنة أو عند تقديمها ما يسمى بالاعتمادات الإضافية. إن المبالغ التي خصصت هذا العام في بنود ما يسمى بالاعتماد كان يمكن التبنؤ بها وبالتالي كان ينبغي أن تقدم في إطار الموازنة العامة، فمثلاً صرف مبلغ (086.4) مليار ريال يمني لوزارة الداخلية لتجنيد جنود جدد ومستحقات للعائدين، وكذا صرف مبلغ (727 مليون ريال يمني) لعائدين ومنقطعين بوزارة الخارجية، وصرف (2.305 مليار ريال يمني) لشراء معدات ذات طابع أمني مع أغذية وملبوسات لوزارة الداخلية وكذا صرف (4 مليار ريال يمني) قيمة كساء وغذاء وأدوية وعلاج مرضى عسكريين لوزارة الدفاع، وصرف مبلغ (145 مليون ريال يمني) مديونية للغذاء والكساء للأمن السياسي، وصرف (129 مليون ريال يمني) للاحتفالات والضيافات والمؤتمرات وزيارات دولة رئيس الوزراء، وصرف (2 مليار ريال يمني) رصف شوارع لبعض المدن بالمحافظات.. هذه أمثلة فقط مما ذكرها أو وردت في بنود ما يسمى بالاعتماد الإضافي وهل هذه المشاريع لا تستطيع حكومة الحاكم أن تتبنأ بها في الميزانية العامة للدولة 2006م؟

وهذا يؤكد بما لا يعطي مجالاً للشك أن هذه البنود وغيرها كثير بنود استهلاكية أي لا علاقة لها بالتنمية أو النمو الاقتصادي أي لم تمتص أياً من البطالة التي تزيد عن أربعة ملايين عاطل، وهذه المبالغ وغيرها التي صرفت أو ستصرف خلال هذا الشهر ليست ضرورية ولا يوجد لها أي مسوغ اقتصادي أو مالي وليست في أضيق نطاق ولا يوجد لدينا بالبلاد لا حرب أو كوارث لا سمح الله تعالى!!!

إن هذا المسلك يعكس سوء التخطيط المالي للحكومة وسوء تقدير الإيرادات والمصروفات، وفي وقت أصبح من الممكن ضبط بنود الموازنة العامة للدولة بنسبة عالية تتجاوز (90%). إن الأصل في هذه المبالغ أن توجه للاحتياط العام للدولة لتعزز القوة الشرائية للعملة الوطنية (الريال اليمني) خاصة أن المبلغ هذا العام قد فاق ( ملياري دولار)، كما أن هذا المبلغ يمكن أن يدخر للعام القادم (2007) وتمول به مشاريع ذات جدوى مثل مشاريع البنية التحتية الأساسية وتطوير خدمات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم خاصة أن المجلس السابق والحالي قد ألزم الحكومة في توصياته عام 2001م (إلزام الحكومة بفتح حساب في البنك المركزي تؤول إليه عائدات النفط الخام التي يزيد فيها سعر برميل النفط عن السعر المقرر في الموازنة العامة وعدم الصرف منه إلا بموافقة مجلس النواب) ولقد تكررت هذه التوصية في عام 2003م، والتزمت الحكومة بهذه التوصية ولم تنفذها حتى يومنا هذا!!

وتذكرني هذه العائدات من فوارق أسعار النفط وكذا الاحتياطات النقدية الأجنبية الموجودة في البنوك الخارجية، تذكرني برؤية المهندس فيصل عثمان بن شملان مرشح المشترك للانتخابات الرئاسية عندما طرح مشروع أن توفر هذه المبالغ فرص عمل للعاطلين وأنه بالإمكان توفير فرص عمل «2 مليون عاطل من خلال توفير 4 مليار دولار» وبحسبة بسيطة نجد أن كلفة كل فرصة عمل تتطلب (عشرة ألف دولار أمريكي) أي ما يعادل مليوني ريال يمني فقط ولكن أين ...!!

ونلاحظ أيضاً أن الحكومة قد صرفت جزءاً كبيراً من هذه المبالغ- أي مبالغ ما يسمى بالاعتماد الإضافي- حيث صرفت في شهر سبتمبر 2006م قبل رمضان بأيام مبلغ (47.451 مليار ريال يمني) وهي ما سمتها بإكرامية رمضان الانتخابية، كما صرفت (2.791 مليار ريال يمني) للانتخابات الرئاسية والمحلية!!! وصرفت (146 مليار ريال يمني) دعم المشتقات النفطية!! وصرفت (550 مليون ريال يمني) لمجلس النواب !! وصرفت (2.300 مليار ريال يمني) للسلطة القضائية!! وصرفت (714 مليون ريال يمني) لمستشفى الشحر !! وصرفت (130 مليون ريال يمني) بقية تكاليف تغطية البث الفضائي، وصرفت (3,420 مليار ريال يمني) للاحتفالات في حضرموت والحديدة وغيرها من الصرفيات الكثيرة!! وهذا مخالف مخالفة صريحة للدستور والقانون المالي ولتوصيات مجلس النواب وهذا في أي بلد يعرض الحكم للمساءلة وسحب الثقة ولكن عندنا...!!! وإذا تفحصا إيرادات ما يسمى بالاعتماد الإضافي نجد أن الإيرادات النفطية (392.318 مليار ريال يمني) بما نسبته (93%) أي إيراد لنا ولأجيالنا وسوف تلعنا الأجيال من بعدنا أننا بددنا ثروتهم في شهر أو شهرين، والتاريخ لا يرحم إن بددنا ثروته ولم نصنها أو نستثمرها كما يستثمرها جيراننا من دول النفط أو إيران وغيرها من البلدان المحترمة عقول شعوبها ومواطنيها!!

أما إيرادات الضرائب فهي (30 مليار ريال يمني) فقط أي ما نسبته (7%) وهي مسألة خطيرة جداً خاصة أن النفط إلى نضوب وليس متجدداً.

ومن خلال كل ما ذكر حول بنود ما يسمى بالاعتماد الإضافي نجد أن سوء إدارة وزارة المالية متكرر حيث إنها لا تستطيع أن تستفيد من أخطائها السنوية ومن أخطاء الوزارات والمصالح الحكومية، وهذا يؤكد لنا مرة أخرى غياب التخطيط الاستراتيجي الذي يقوم على تقدير الموازنة العامة للأجهزة والمصالح يحسب لتلك المصالح ولدورها الاقتصادي والاجتماعي، ولذا فإن وزارة المالية فقدت دورها الأصيل كجهاز تخطيط وتنفيذ ورقابة مالية وأصبحت عبارة عن أمين خزنة للحاكم لا أمين خزنة للشعب يؤمر فيصرف أي أن دور وزارة المالية دور خطير في تبديد الثروة وقبل ذلك دور رئاسة الوزراء ويشمل الضعف كذلك دور وزارة الأشغال العامة التي حدد لها في هذا الصرف والتجاوز مبلغ (52 مليار ريال يمني) وكذلك وزارة الدفاع التي حدد لها في هذا الصرف والتجاوز (48 مليار ريال يمني) ثم وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية حدد لها في هذا الصرف والتجاوز (14 مليار ريال) وغيرها من الوزارات ولكن بنسب أقل، وهل يعني ذلك أن رئاسة الوزراء والمالية وهذه الوزارات لا تستطيع أن تضع لها موازنة عامة في بداية السنة تبنى على ميزانية السنة التي قبلها مع زيادة نسبة معقولة تعكس الحاجة الحقيقية أو كما يقول المثل (يومه عيده).

ونقول لزملائنا النواب خاصة نواب الحاكم أليس فيكم رجل رشيد، إنكم تقولون إننا أبناء اليمن الجديد يمن 20 سبتمبر 2006م (يمن خال من الفساد) وإنكم تباشرون في القاعة هذه الأيام مناقشة مشروع قانون مكافحة الفساد مادة مادة وتشكيل هيئته واستقلالية عملها، والآن تعد لجنتا المالية والخدمات بالمجلس مشروع قانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية، وإنه قد منحت حكومتكم وأقرضت في مؤتمر المانحين بلندن قرابة (5 مليار دولار) فمن العيب أن يمر ما يسمى بالاعتماد الإضافي وهو البالغ قرابة نصف مبلغ المانحين، أيها الزملاء إن خروج هذا التجاوز بالصرف سيؤثر على الصرف وسعر العملة الوطنية (الريال اليمني) وهذا سيؤثر على أسعار المتطلبات الضرورية للمواطنين الذين لم يصحوا بعد من هول ارتفاع الأسعار في رمضان وبعد رمضان، وسيزيد عملية التضخم وهذا أخيراً يفتح أبواباً واسعة للفساد والمفسدين، مع أننا كنواب لم نناقش حتى اليوم نقاشاً جاداً الحساب الختامي للدولة للعام 2003م ولم يخرج حتى اليوم تقرير الحساب الختامي لعام 2004م، ولم يقدم الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الحساب الختامي لعام 2005م للمجلس لتأخر الحكومة في تقديمها له باعتراف وزير المالية في جلسة الأربعاء 22/11/2006م.

إن ما يسمى بالاعتماد الإضافي الذي بين أيديكم أيها النواب لم يقدم شيئاً للمواطن لا لصحته ولا لتعليمه ولا حتى للسلطات المحلية، فإنه قد أعطى (921.1 مليار ريال يمني) أي ما نسبته(0,4%) للصحة فقط، أما التعليم (2.758 مليار ريال يمني) ما نسبته (0,6%) فقط، أما السلطة المحلية فصرف لها (374 مليون ريال فقط) ما نسبته (0,08%)، وكذا النفقات الاستثمارية (114 مليار ريال يمني) ما نسبته (27%) هي مبالغ مشاريع قائمة وشراء أراض، وتعويض قيمة أراض ومتطلبات خطة أمنية.. الخ أي ليست مبالغ استثمارية تنموية تمتص بطالة وتشغل أيادي عاملة وتؤكل أسراً جائعة!!

في حين أن النفقات الجارية بلغت (284.466 مليار ريال يمني) ما نسبته (67%) وهو رقم مهول، وهي مرتبات وأجور وسلع وخدمات، وإعانات وتحويلات، ومدفوعات فوائد ومدفوعات غير مبوبة!!!

فالخلاصة أيها النواب إنكم تمثلون الشعب وقسمتهم أيماناً مغلظة بأنكم ستحافظون على مال الشعب، وهذا مال الشعب بين أيديكم أنتم تقولون (نعم) أو (لا)! (نعم) لتبديد مال الشعب، نعم للتجاوزات، نعم للفساد.. أو تقولون (لا) لهذا الاعتماد، لا للتجاوز في الصرف، لا للتحايل الإضافي، لا للعبث بالمال العام. وتنتصرون للشعب وإرادته، للأجيال القادمة.. والتاريخ لا يرحم وهو سيسجل والشعب يشهد والله سبحانه وتعالى من قبل ومن بعد وهو خير الشاهدين وإننا لمنتظرون!!! والله من وراء القصد .

عضو مجلس النواب

عضو منظمة برلمانيون يمنيون ضد الفساد (يمن باك)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى