عبدالله الأصنج وزير خارجية اليمن الأسبق يكتب لـ «الأيام»بمناسبة الثلاثين من نوفمبر: الحديث عن 30 نوفمبر سوف يتكرر بعد أن أسدل الستار على مراحل انقضت دون أن يلمس المواطن بادرة الخيرات المرجوة .. المرارة قاتلة عند الحديث عن عواقب ترويج ديمقراطية شوهاء ومواطنة غير متساوية وتكرار وعود لا تنفذ

> «الأيام»متابعات:

>
عبدالله الأصنج
عبدالله الأصنج
هو يوم يحتل في تاريخ اليمن مكانة خاصة.. كما هو حال من قبله يوم 26 سبتمبر 1962م. وإذا كانت النيّات الطيبة هي صفات تميز السلوك والممارسات السياسية والاجتماعية في الشارع اليمني فهي الرصيد الباقي من تراثنا وتقاليدنا فإن تبددت تكون كل المحاولات والتضحيات المستقبلية فاشلة و فاقدة لوعي ناضج ويقظة واقتدار ضرورية لبلوغ أهداف سامية.. ضحى الشعب من أجلها وصولاً لطموحات مشروعة للأمة، ونتيجة للتخبط والجهل المهيمن في المجتمع بقيت الأهداف الوطنية مجرد حلم بعيد المنال للجموع اليمنية وخيبة أمل وحملاً ثقيلاً لأوزار تنهك كاهل الحالمين بمستقبل أفضل صرعى عناء اللهث وراء الوهم القاتل بغد أفضل وكريم . إنه واقع مؤلم لو قُدِرَ له أن يستمر فسوف يأتي على ما تبقى من أخضر ويابس وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

ومن الصعب على الشعب اليمني بعد تضحيات جسام بالأرواح والدماء، وبعد إنفاق أموال لا تحصى من إيرادات جمارك وتجارة أسلحة وتحصيل أتاوات وجباية غير مشروعة، واحتمال تلقي عمولات مشبوهة، والتلاعب بأرزاق كادحين وموظفين ومغتربين، وسوء توظيف مساعدات سخية قدمتها لليمن الكويت والسعودية والإمارات وقطر والبنك والصندوق الدوليان والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان ومن قبلهم مصر عبدالناصر والاتحاد السوفيتي والصين وكوريا الشمالية والعراق وسوريا والجزائر وليبيا منذ قيام الثورتين اليمنيتين.

فالثلاثون من نوفمبر 1967 هو ذكرى إتمام جلاء الاستعمار وفك كل ما كان يربط بريطانيا بالجنوب اليمني من قواعد عسكرية ووصاية مباشرة. لقد أعلن في هذا اليوم استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني تتويجاً لنضال الشعب، الذي بدأ كما هو معروف بحراك سياسي سلمي ومن ثم مقاومة شعبية مسلحة، انخرط فيها في أولى مراحلها مناضلون من القبائل الشجاعة على فترات امتدت لحقب عدة وكان مسرحها في ردفان والضالع ويافع مرة، والعوالق والواحدي والفضلي ودثينة والعواذل وشبوة وحضرموت ولحج وبيحان وعدن مرات ومرات. وشاركت في مراحلها المتتالية وحتى الأخيرة تنظيمات عمال وطلبة ونساء ومثقفين من مدينة عدن وما حولها على امتداد رقعة الجنوب. كما شارك في الحركة الوطنية بالجنوب أخوة من الشمال وأبلت الجبهتان القومية والتحرير والتنظيم الشعبي وعناصر من البعث والناصري والماركسيين بلاءً لا ينكره أحد . وكان لجهاز المخابرات المصري الدور الكبير في مؤازرة المقاومة المسلحة والمعارضة السياسية بمسمياتها المعلنة والخفيّة.. كما كان للتجار الشرفاء إسهامات لا تنكر وأذكر منهم آل بازرعة، والوجيه، والجبلي، وهائل سعيد، والبدوي، ومكرد، وخالد عبداللطيف الحمد، وشفيق الحلبي، والحريبي، وزكو، وسالم العمودي، وباعبيد، وباشنفر، وعلي عبدالله، وعمر قاسم العيسائي، والقرب،ي والصافي، والسلفي، وإحسان الله، ويوسف خان، وإسماعيل خدابخش، وسالم علي عبده، وعبدالعزيز شهاب، والثور.

وقبل أن أستطرد لا بد لي من أن أتوقف عند قائمة رواد خاضوا مراحل سابقة لثورتي سبتمبر وأكتوبر، وكان لهم الدور الكبير في نشر الوعي السياسي في مدينة عدن (المستعمرة) ومحمياتها الغربية والشرقية واحتضان أحرار الشمال والتضامن الفعلي معهم.

كان الوالد الأستاذ محمد علي لقمان وأبناؤه: علي، وعبدالرحيم، وإبراهيم، وحامد، وفضل ، وفاروق، وشوقي، وحافظ في (فتاة الجزيرة) فالجمعية العدنية ، كانوا في مقدمة الداعين للاستقلال بدءاً بعدن المستعمرة ومعهم في هذا المشروع السياسي الرواد محمد، ومحفوظ، ومحسن حسن خليفة، وعبده ، وعثمان حسين أدهل، وحامد الصافي، والسيد محمد عبده غانم، ويوسف السعيدي، وعبدالله الصعيدي، وحسن طالب خليفة، وحسن وحسين بيومي ، وعبدالقادر وأبوبكر ووديع حميدان، وحسن وحسين وعبدالمجيد إسماعيل خدابخش، وعلي باصهي ، وأحمد وطه وعبدالقوي خليل.

وفي ربطة أبناء الجنوب كان فضيلة السيد محمد علي الجفري ، ومعه شيخان الحبشي، وسالم الصافي، ومحمد علي باشراحيل، والمصري، وإبراهيم روبلة، ورشيد الحريري، وعبدالرحمن جرجرة، ومحمد سالم باوزير، وعبداللطيف كتبي، والسيد زين صادق، وعيدروس الحامد، وأحمد عمر بافقيه، وعبدالله صالح المحضار، ومحمود محمد ناصر، وحسين محمد دلمار، وطه مقبل، وعبدالباري ونور الدين قاسم، وأحمد عبده حمزة، وعبدالله باذيب، وأحمد شريف الرفاعي، ومحمد ناصر محمد، وأحمد سعيد باخبيرة ، ومحمد الزليخي، نخبة الرعيل الداعي للاستقلال والتحرر لعدن ومحمياتها. وفي عدن نشأت أيضاً تجمعات وتنظيمات أذكر منها الاتحاد اليمني، والجمعية اليمنية الكبرى، والشورى، ونادي الإصلاح، ونادي الأدب العربي، ومؤتمر الخريجين، والمؤتمر العمالي، وانخرطت في كل منها كوكبة من قادة وزعماء فكر وسياسة أذكر منهم: النعمان الأب والابن محمد ، والزبيري، والوزير، والحكيمي، وسيف الحق إبراهيم، والارياني، والرباعي، والعوبلي ، وعلي عبدالعزيز نصر، والحاج محمد المحلوي ، وأحمد وعبدالمجيد الأصنج، وعبدالرقيب حسان ، وعبدالله العراسي ، ومحمد عوض باوزير، وعبده أحمد ، وعلي محمد المقطري ، ومحمد علي الاسودي، ومحمد شعلان، والوريث ، والهتاري، وعلي الأحمدي، ومحمد علي الأكوع ، وبو لحوم، وأحمد الشامي، ومحسن العيني، ومحمد الفسيل، والمكاوي ، وقحطان، وفيصل الشعبي، وعلي حسين القاضي ، ومحمد سعد القباطي، وإدريس حنبلة، وأحمد حيدر، والعبيد، ومحمد الذهب ، وعلي وأمين الأسودي ، ومحمد علي هيثم ، وعلي ناصر محمد، والخامري، وعبدالفتاح ، ومحمد باشرين، ومحمد ياسين خان ، وإدريس حريري ، ومحمد عبدالله شرف ، ومحمد التيس ، وعثمان سيف، وعبدالقادر باصالح، وأبوبكر عقبة. كما كان هناك من ذوي الاهتمامات السياسية في التوجه الإسلامي الرشيد، الشيخان الجليلان محمد بن سالم البيحاني وعلي محمد باحميش والشيخ علي محمد بازرعة والشيخ سعيد أحمد بازرعة والشيخ محمد عبدالله المحامي والشيخ علي محمد ذيبان وسالم الكاف والشيخ علي إسماعيل تركي ومنصب عدن السيد العيدروس ومحمد علي المقطري وعلوان والسلفي وعبدالله سالم باسندوة والشيخ محمود فكري وأحمد علي سعد ومحبوب وعبدالباري وحسن بازرعة، ومن السلاطين والحكام من واكبوا المرحلة وناضل بعضهم بالبندقية وآخرون بالرفض والاعتراض أو بأخذ القليل والمطالبة بالمزيد من الصلاحيات ولممارسة الإدارة الداخلية للسلطنات والمشيخات. وأذكر من هؤلاء: السلطان علي عبدالكريم العبدلي والسلطان محمد بن عيدروس العفيفي والسلطان صالح بن حسين العوذلي والأمير شعفل بن نصر والسلطان صالح بن عبدالله الفضلي والسلطان أحمد عبدالله الفضلي والشيخ محمد بوبكر بن فريد والشيخ محمد فريد بن محسن والسيد أحمد العطاس وعبدالإله درويش وسعيد محمد العشال. وقد قامت الصحف الوطنية «فتاة الجزيرة» و«الأيام» و«الفجر» و«الجنوب العربي» و«القلم العدني» و«البعث» و«القات» و«الفكر» و«الأمل» و«العامل والعمال» ومجلة «المستقبل» و«الصباح» و«الفضول» بأدوار مشهودة. ومعذرة لو أسقطت سهواً أسماء رواد شرفاء لا تحضرني الذاكرة ولا يتسع المجال لنشر كل الأسماء.. وهناك دور أساتذة ومثقفين ورموز وطنية متميزة أذكر منهم محمد وعلي سالم علي عبده وحسين علي الحبيشي ومحمد أنعم غالب وعلي محمد عبده وعبدالله فاضل فارع وأشرف خان وسالم عبدالخالق ومحمد محيرز ومحمد علي مرجان وفؤاد عبدالله بارحيم وعوض مبجر وسعيد صحبي وصالح زوقري ومحمد وحيدر وأنور ورضية شمشير وصالح وناصر العرجي وأرسلان خليفة وفؤاد خليفة ورضية إحسان وصافيناز خليفة ومحمد سعيد الحصيني ومحمد عبدالله التيس و محمد سعيد مسواط وعبده خليل سليمان وأبوبكر شفيق ونصر بن سيف والقطيبي والضنبري وسالم يسلم العولقي والأزرقي والمصعبي ومحمد أحمد بركات. ومن ضباط الجيش والأمن والفدائيين وحركات المقاومة أذكر: سالم العتيقي وعبدالله أحمد ومحمد علي إسماعيل وهاشم عمر وأحمد صالح بلحمر والصديق ومحمد علي أحمد وعثمان ماجي خان ودرويش وسبعة والميسري وحسين العشال وأحمد الحسني وعبدالله درويش وعبدالله محفوظ وباعزب وآل باعوضة وسيف العزيبي وعبدالله وأحمد المجعلي والأحذب ومحمود صديق ومحمد علي جرجرة ومحمد عبدالله وعبدالرحيم قاسم وعلي عبدالله العصار ومصطفى رفعت وطه سعيد وعبدالرشيد بيج وعلي أمان وعتيق عبدالرحمن وخليفة عبدالله وسعيد محمد حسن وحسين باوزير وصلاح الدبعي وعبدالله منصور الوليدي ومعتوق وعبدالله الخوباني وجعفر حزام وعبدالملك أغبري ومحمود حزام وإبراهيم وهشام زوقري وعلي عنتر وصالح مصلح المجذوب ومسدوس.

إن ما سبق لا أكثر ولا أقل من مجرد فذلكة ومداخل قابلة للتوسع وللإثراء عندما يتكرر الحديث عن يوم استقلال أرض يمنية من احتلال أجنبي جثم عليها لقرن ونيف من الدهر. والواجب يقضي بتنشيط ذاكرة الأجيال عاماً بعد عام.

واليوم وبعد أن هدأت عاصفة حروب داخلية فالحديث عن 30 نوفمبر سوف يتكرر. وبعد أن أسدل الستار على مراحل انقضت بشرها وبؤسها دون أن يلمس المواطن اليمني بادرة الخيرات المرجوة.. أقول لأخوتي وأبنائي وأحبتي إنه لا يمكن أن يبقى الفساد والمفسدون مبعث إعاقة لتقدم الوطن دون اجتثاث وردع وعقاب.. ولا يمكن بعد ولوج اليمن مرحلة النفط والغاز وحيازة الحكومة على عطف وسخاء الدول المانحة الشقيقة والصديقة أن نسكت على مشهد مدارس عدن الثانوية بنوافذ متآكلة أو مقلوعة ومقاعد محطمة أو غير كافية ومستشفيات خاوية من الأدوية والأجهزة ومشهد مطار كان دولياً وأصبح يدار بطريقة (المدكن) حيث يغلق كل مساء تقريباً ولا يستقبل الرحلات الخارجية والمباشرة في معظم الأيام.. وأما ميناء عدن الذي كان مزدهراً ويحتل المركز الثالث أو الرابع بعد (ساوت أمبتون) و(سان فرانسيسكو) و(نيويورك) فقد أصبح نهباً للفساد والمفسدين والمتنفذين فاقدي أهلية وخبرة، وللمتربصين من المستثمرين المشبوهين وبالمستثمرين الصادقين جنباً إلى جنب على طريقة خلط الحابل بالنابل.

فالشكوى لا حدود لها.. وهذا هو الحال اليوم في عدن عروس البحر الأحمر والعاصمة الاقتصادية عنوان اليمن الجديد.. وأما الحديث عن اتساع نطاق الاقتتال تحت ذريعة الثأرات القبلية في شبوة خاصة وتقاعس السلطة عن التدخل وتسوية الاقتتال ساعة حدوثه فحدث ولا حرج. والمرارة قاتلة عند الحديث عن عواقب ترويج ديمقراطية شوهاء ومواطنة غير متساوية وتكرار وعود لا تنفذ.

وأمام ركام المعاناة القائمة والخوف من اتساع نطاقها يقول البعض إن هناك جامعات شيدت ومباني ارتفعت.. لكن الحقيقة هي أن كل هذا غير كاف مقارنة بمواردنا المادية من نفط ومساعدات.

وأكتفي بهذا القدر من تقليب المواجع لأترك المجال لآخرين.

ومعذرة يا أحبة، فهذه مجرد دردشة بمناسبة حلول الثلاثين من نوفمبر ذكرى استقلال اليمن الجنوبي من الاستعمار.. فوا حسرتاه لواقع مؤلم تعيشه هذه المدينة وأهلها.

وللذكرى.. فقد نبهنا إلى عواقب واقع كهذا وحذّرَنا منه فيسلوف عدن المرحوم علي محمد لقمان الذي كان يردد في ندواته بعد 30 نوفمبر 1967 (رب يوم بكيت منه ولما صرت في غيره بكيت عليه).

ومن قصيدة للأستاذ علي لقمان أقتطفت أبياتاً ثلاثة:

سوف أبكي مصيركم في الجنوب حين ألقاكمو ضحايا الخطوب

حـين يبـكي طفـل بغـير حليـب وتنــادي أم بغـيــر مجـيـب

حـين تبكون في الخفاء مـن الغم وتبـدون فـرحـة المستطـيب

وإلى 30 نوفمبر العام القادم إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى