السبع المدهش

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
فجأة وجدنا أنفسنا نحن المواطنين الوديعين المستجيبين لكل الفواتير والارتفاعات بأنواعها وأشكالها ابتداءً من الكهرباء والماء والانطفاءات وتلوث الآبار والهجوم على أملاك الآخرين، مروراً وليس ختاماً بكل ما يرفع سعره في أية لحظة! وكأن هذا لا يكفي حتى (طربقت) على رؤوسنا حرب الأسعار الموجهة إلينا نحن الشعب أصحاب الدخل المحدود والصحفيين وكل من هو على باب الله!

وأما المتقاعدون فحدث عنهم ولا حرج، حرب لم تتوقف.. إنها أطول حرب توجه إلينا ولا يقدر عليها أحد، لا الحكومة المنشغلة بالنزاع القائم فيما يخص ما بعد مؤتمر المانحين والتي ظهرت فيها الشراكة الداخلية أولاً قبل الخارج، ولا هيئات حقوقية ولا إنسانية، ولا قبائل وتراجعت مهاراتها في حدود الخطف والتقطع وعجزت عند الأسعار، وكلها ناجحة في إرغام الحكومة وكل الدولة على دفع التعويضات مقابل حفظ الرهائن وضياع الوقت في الخطف ومن ثم السكوت بعدئذ إلى لقاء آخر.

كل هذا ونحن نسمع ونرى السبع المدهش مثل الحلم وما يشبه الأماني في عقولنا، كل شيء مفروش بالورود وصحون الذهب وملاعق الفضية! إذ نراه قد أنجز لنا الاستقلال وطرد الاستعمار ثم أوقف الأشرار وجاهد مع الثوار.. كل المعجزات مقدور عليها لديه، ولا أدري ولعل القراء يساعدونني أين وكيف مرت بخاطري قصة شبيهة لشخص في حكاية يدعى السبع المدهش، فقد نقل عن أنه كان فريداً وعجيباً، إذ إنه حلال مشاكل ورجل الإنسانية وصاحب المشورة والرحيم بالناس والمتصدق على المساكين، لا يهم الغلاء فالصدقة تكفي، إلا أن أحدهم أضاف إلي معلومة ذات مرة مفادها: أن هذا السبع المدهش كلما وجد شيئا على الطريق أخذه. وأن هذا أقرب إلى قول الشاعر يحيى عمر اليافعي: إن أعجبك شيء شله! وهو يعلم قبل الحديث عن ارتفاع أسعار البيض والخضار والأدوية والمواصلات، والبطالة وسرقة الوظائف، فهو سبع مدهش يعيش زمن الدهشة بكل ما به من (خشخاش وتخنفاش).

ومن الطرائف التي تنقل عن هذا السبع المدهش، البراعة في كل شيء حتى في علم الفضاء فقد تكتشف أنه طيار وبحار وحفار وكاد أحد الأصدقاء أن يُقضى عليه من شدة المفاجأة والإدهاش لهذا السبع وأشباهه من سباع الخطفنة والشفطنة. وأما ما يضحك - وشر البلية ما يضحك - فهو انتهاء كل المشاكل أمامنا نحن الفقراء، بحيث قرر مجلس نوابنا الموقر إغلاق الملفات التي تزعجنا مثل البطالة وحيرة الشباب ونهب المال العام والعجز أمام (طبق البيض) وحماية أسعاره.

لم تعد هناك مشاكل، لهذا اتجهنا صوب مناقشة النشيد الوطني ومعالجة موضوع (سرمديا) أو (أمميا) بينما نحن لا علاقة لنا بالأمر لا ندخل ولا نخرج ولا نشاهد حضرمياً أو عدنياً أو مهرياً أو حتى من سكان عين بامعبد في هذا الوفد المغادر أو عاد بالصدفة على الطائرة مع ذلك الوفد العائد! من منا يهمه النشيد أم ثياب وتيس العيد! لقد وصل مجلسنا إلى الترف، وتشبعت وفودنا الرسمية حتى التخمة فلا تستوعب الآخرين، وتركونا لوحدنا أمام السرمدية والأممية وقصة الشيخة فريجة.

ترى كم سبعاً مدهشاً علينا أن نواجهه نحن الضعفاء المبعدين، وما حكاية هذا الإدهاش القادم الذي تمارسه السباع علينا؟ وكفانا الله شر البلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى