الوجه الآخر المخفي عن انتخابات 2006 وعن تقرير بعثة الاتحاد الأوروبي للانتخابات (2-2)

> «الأيام» د. محمد علي السقاف:

>
د. محمد علي السقاف
د. محمد علي السقاف
تناولنا في(أولاً) من الحلقة المنشورة في صحيفة «الأيام» بتاريخ 30 نوفمبر الماضي مرحلة مراجعة جداول الناخبين التي بدأت رسمياً من 18 أبريل حتى 2 مايو 2006م وانطلاقاً من ذلك لاحظنا أن التقرير الاولي لبعثة الاتحاد الاوروبي لم يفرد حيزاً في تقريره لهذه المرحلة بسبب توقيت تواجدها في اليمن ابتداءً من تاريخ 12 أغسطس، ولاحظ كاتب المقال من جانبه ان اللجنة العليا للانتخابات ارتكبت مخالفتين رئيسيتين لقانون الانتخابات: فمن جهة أجرت اللجنة العليا مراجعة وتعديل جداول الناخبين بعد 3 سنوات في حين نص القانون على إجرائها كل سنتين، ومن جهة أخرى اختزلت اللجنة العليا فترة المراجعة لمدة 15 يوماً، بدلاً من 30 يوماً وفق نص القانون. في هذه الحلقة سنتناول في (ثانياً) تنوع طبيعة الرقابة الدولية على الانتخابات ليتبين لنا نوع الرقابة التي قامت بها بعثة الاتحاد الاوروبي، مشيرين في الوقت نفسه الى اختلاف مواقف الرئيس الامريكي جورج بوش عن قادة بعض زعماء دول الاتحاد الاوروبي . ونتطرق بعدها في (ثالثاً) الى المحاور الرئيسة التي شملها التقرير الاولي للبعثة الاوروبية الذي لم ينشره الإعلام الرسمي.

ثانياً: تنوع طبيعة الرقابة الدولية على الانتخابات

تختلف طبيعة ودرجة حيادية الرقابة الدولية على الانتخابات من بعثة مراقبين لاخرى وحسب الزمان والمكان، فهناك فئة من المراقبين مهامها تنحصر على رقابة العملية الانتخابية من مرحلة الاقتراع والفرز الى مرحلة إعلان النتائج، وفئة أخرى مثل بعثة الاتحاد الاوروبي تهتم بمراقبة مرحلة ما قبل الاقتراع من الاطلاع على قانون الانتخابات، إجراءات التسجيل في الجداول الانتخابية، شروط الترشيح، وتنظيم الحملات الانتخابية، إضافة الى مراقبة عملية الاقتراع، واعلان النتائج. والنموذج الثالث يتجاوز النموذجين السابقين حيث لا تقتصر مهامه في الرقابة على الانتخابات بل يتولى تنظيم كامل العملية الانتخابية من صياغة قانون الانتخابات، وتقسيم الدوائر الانتخابية، الى رقابة مرحلة الاقتراع واعلان النتائج، وهذا ما تتولى القيام به الامم المتحدة خاصة للدول التي شهدت حرباً اهلية كما حدث في كمبوديا وفي مناطق اخرى في العالم ويؤثر عاملا الزمان والمكان على مضمون تقارير البعثات الدولية فعلى سبيل المثال تقارير البعثات الاوروبية للانتخابات اليمنية الماضية تختلف عن تقريرها لهذا العام للانتخابات الرئاسية والمحلية الذي يبدو اكثر توازناً عن التقارير السابقة، ومن ناحية المكان فكتابة تقرير عن الانتخابات اليمنية يختلف تماماً عن التقارير الخاصة باوروبا الوسطى والشرقية التي يجمعها معاً فضاء اوروبي واحد فإذا نظرنا على سبيل المثال في الموقف الامريكي الرسمي للسفير الامريكي في صنعاء في حديثه مع صحيفة «الأيام» في النصف الثاني من عام 2005م أطلق عبارته الشهيرة التي أثارت جدلاً بان الديمقراطية في اليمن قد (توقفت) عاكساً بذلك موقف الإدارة الامريكية وبعد عام واحد ينقلب الموقف تماماً فالرئيس الامريكي جورج بوش عكس بقية القادة الاوروبيين الذين اكتفوا بإرسال برقيات تهنئة بفوز الرئيس صالح في الانتخابات يقوم هو الوحيد بإجراء اتصال هاتفي في يوم 26/9 بالرئيس ليقول له إن الانتخابات الرئاسية «جرت بشكل منصف وشفاف وحر ونزيه»، ووصفه للديمقراطية اليمنية بأنها «رائعة وتشكل نموذجاً في منطقة الشرق الاوسط» («الثورة» في 27/9 ) وتاكيداً لذلك فإن التداول في السلطة أحد اركان الديمقراطية جعلت الرئيس صالح يتقلد الرئاسة منذ عهد الرئيس كارتر الذي خلفه لدروتين الرئيس ريجان ثم بوش الاب لدورة واحدة ثم كلينتون لدورتين ثم الرئيس بوش الابن الحالي في دورته الثانية ويخرج منها تاركاً الرئاسة لرئيس آخر، والرئيس اليمني بفضل شعبيته لايزال في السلطة فنظام الدورتين والولايتين للرئاسة التي أقرهما دستور 1994م مثل الدستور الامريكي جعل في تطبيقها على مستوى اليمن أن الولايات المتحدة شهدت دورتين رئاستين للرئيس كلينتون والدورة الثانية الحالية لبوش التي تنتهي في 2008 وفي اليمن جعلت الدورتين وفق الدستور تمتد من عام 1994م حتى 2013 .يبدو أننا - العرب الذين ابتكروا علم الرياضيات - تفوق علينا الامريكيون في دقة الحساب! في نفس عدد «الثورة» المذكور نشرت الصحيفة برقية التهنئة من الرئيس شيراك الفرنسي الى الرئيس اليمني اشار فيها الى الانتخابات الرئاسية التي حيا الجميع حسن سيرها وتنظيمها ولم يذكر شفافيتها وحريتها ونزاهتها وكذا أيضاً في برقية الرئيس الايطالي الذي بعد التهنئة أشار الى أن «إجراء الانتخابات يؤكد التزام بلدكم في السير نحو الاصلاحات الديمقراطية وعليه تستمر ايطاليا في تأكيد دعمها الكامل» («الثورة» في 26/9)، اما برقية ملك بلجيكا عاصمة قصر الاتحاد الاوروبي كانت مجرد رد على تهنئة الرئيس له بمناسبة العيد الوطني لبلجيكا («الثورة» 28/9). قد تعود أسباب هذا الاختلاف بين مواقف الرئيس الامريكي وزعماء الاتحاد الاوروبي الى ما اعتبره مراقبون أمريكيون من تراجع الولايات المتحدة في هدوء عن سياستها في نشر الديمقراطية في أعقاب فوز حماس المفاجئ في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وفي أعقاب المكاسب التي حققتها جماعة الاخوان المسلمين في مصر وحزب الله في لبنان من خلال الديمقراطية («الحياة» في 15/10/2006م) فلربما حرارة التعابير والاوصاف التي جاءت في محادثة بوش الهاتفية مع الرئيس صالح نابعة من مخاوفه فيما لو فاز الاستاذ فيصل بن شملان الذي يعتقد أنه من الاخوان المسلمين بالرئاسة كمرشح للقاء المشترك الذي يتبوؤه حزب الإصلاح الاسلامي ليشكل ذلك انتصاراً إضافياً للتيار الإسلامي في العالم العربي مما قد يسبب تعقيدات للسياسة الامريكية في المنطقة. إذا كان تقرير البعثة الاوربية جاء متوازناً مثل برقيات قيادات الاتحاد الاوروبي، قد يجيء تقرير المعهد الديمقراطي الامريكي الذي راقب ايضاً الانتخابات عند صدوره مختلفاً أو قريباً من موقف الرئيس الامريكي، وعنصر المكان (اليمن) الذي اختلفت نسبياً مواقف الامريكيين والاوروبيين، إلا أنهما في مواقع جغرافية أخرى اتفقا بإدانتهما الصريحة والمباشرة بعدم نزاهة الانتخابات الرئاسية التي جرت في اوكرانيا في نوفمبر 2004م بينما التزما الصمت إزاء الانتخابات الرئاسية غير النزيهة التي جرت في المكسيك في يوليو 2006م (وفق تعليق رئيس تحرير اللموند الدبلوماسي- اغسطس 2006م).

ثالثاً: محاور التقرير الأولى لبعثة الاتحاد الأوروبي

لخص الدكتور ياسين سعيد نعمان (الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني) في حواره مع صحيفة «النداء» بتاريخ 4/10/2006م تقرير بعثة الاتحاد الاوروبي بقوله إنه «تقرير متوازن حاول ان يستعرض الخروقات وكل ما شاب الانتخابات من مشكلات ولكن بأسلوب اوروبي لا بأسلوب يمني وكل سطر في التقرير يوحي بأن هناك خروقات عندما يتحدث عن استخدام المال العام والإعلام الرسمي وعن الاقتراع العلني .. أليست هذه خروقات ضخمة تضر بالحياة الديمقراطية والانتخابات؟ عند الأوروبيين هذا شيء كبير لكن عندنا نحن اليمنيين نعتبره شهادة (الامر الآخر) ...». فمعايير ومبادئ قيم الديمقراطية الغربية في اختيار الحكام تقوم على أساس الانتخابات الحرة والنزيهة التي تعني أنها يجب أن تلبي ثلاثة شروط على الأقل وهي: 1- حرية الترشيح ورديفه من حرية تشكيل وعمل الاحزاب السياسية.

2- حرية الاقتراع الذي يترتب عليه تطبيق الاقتراع العام والمساواة بين الذكور والاناث

3- حرية الانتخابات تعني ضرورة تلبية مطلبين : السرية، والمساواة في الشروط على مستوى المعلومات ودعاية الحملة الانتخابية.

وفي الحقيقة تلك المبادئ والقيم لم تعد غريبة بل أصبحت جزءاً من المبادئ والقيم الأساسية العامة التي يجب توفرها في أي انتخابات حرة ونزيهة، ولنرَ مدى تطبيقها في الانتخابات الرئاسية والمحلية وهل البعثة الأوروبية قيمت الانتخابات على أساسها أم تغاضت عن ذلك بحجة أن اليمن من دول الديمقراطية الناشئة تتميز نسبياً عن محيطها الاقليمي ببعض المظاهر الديمقراطية.

في تناولنا للتقرير لن نتبع تسلسل المراحل الانتخابية من مرحلة تسجيل الناخبين إلى مرحلة الاقترع والفرز، فضلنا بدلاً من ذلك اختيار عناوين معينة مثل اللجنة العليا للانتخابات وما جاء بخصوصها في التقرير بدلاً من متابعة أعمال اللجنة العليا من خلال مراحل العملية الانتخابية.

1) القيود القانونية والمادية

حددت المادة (125) من اللائحة التنفيذية لقانون الانتخابات رقم (13) لسنة 2001 لمن يرغب الاطلاع على سير العملية الانتخابية تقديم طلب بذلك إلى اللجنة العليا للانتخابات بمدة لا تقل عن 10 أيام من التاريخ المحدد لبدء عملية الانتخابات يحدد فيها اسماء الاشخاص والأماكن التي يرغبون الاطلاع على سير الانتخابات فيها. وهذا يعني بوضوح أن عنصر المفاجأة وحرية تحرك المراقبين في الذهاب إلى حيث يريدون لمراقبة سير الانتخابات مفقودة وبالتالي تحد إلى حد كبير جانبا من فعالية المراقبة. فتحديد الأماكن وبفترة لأتقل عن 10 أيام من موعد بدء عملية الانتخابات كافيتان لمسؤولي المراكز الانتخابية المرفع زيارتها أن تستعد لها مسبقاً بما يلزم من احتياطيات، وطالما وافقت السلطات اليمنية على قبول المراقبين الدوليين فيكتفى بتحديد عدد من الأماكن دون تسميتها ودون تحديد مواقعها، فإذا كانت بعثة الاتحاد الأوروبي اعتبرت أكبر البعثات الأجنبية التي راقبت الانتخابات الأخيرة، وعدد أعضائها لا يتجاوز 119 مراقبا من 22 دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي، فعلينا تصور عدد أعضاء بعثات المراقبة الأخرى، وقد حدد التقرير المواقع التي تمت مراقبتها، وأوضحت تصريحات بعض مسؤولي البعثة حرصهم على أن تكون رقابتهم مناصفة بين مناطق الحضر والأرياف، وفيما يلي عدد المواقع التي زارها المراقبون الأوروبيون في يوم الاقتراع كما جاء في التقرير، أضاف اليها الكاتب نسبة المواقع المزارة من الإجمالي العام.

< زيارة أكثر من 1040 موقع اقتراع من إجمالي 27010 مواقع وبنسبة 3.85%.

< في 340 مركزا انتخابيا من إجمالي 5620 مركزا وبنسبة 6,05% .

< في 17 محافظة من إجمالي 21 محافظة.

2) اللجنة العليا للانتخابات

(أ) في إدارة الانتخابات: أشار التقرير إلى تغيير تشكيلة اللجنة العليا بعد اتفاق الـ18 من يونيو الذي هدف إلى معالجة انعدام الثقة من جانب أحزاب المعارضة في حيادية اللجنة العليا. وعلى جميع المستويات شكلت لجان إدارة الانتخابات من ممثلي كل من المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك وضمنت مشاركة أحزاب المعارضة في العملية الانتخابية مما يعزز شفافية عمل اللجنة العليا وبالرغم من أنها تعمل على المستوى الوطن (المركز الرئيسي) بأسلوب تشاركي وتتخذ معظم قراراتها بالاجماع إلا أن الأعضاء من أحزاب اللقاء المشترك في اللجان ذات المستوى الأقل قد تم تهميشهم كنتيجة للدور الذي تلعبه فروع اللجنة العليا ولجانها الأمنية، حيث إن هذه الجهات التي (لاحظوا التعبير) تعمل بالتوازي مع اللجان الإشرافية والأصلية المشكلة من الأحزاب تميل إلى أن تتشكل من مسؤولين تم تعيينهم بأوامر رئاسية ويؤدي قربهم من الحزب الحاكم عادة إلى إعطاء انطباع عن وجود حزبية في عملية اتخاذ القرار المتعلق بإدارة الانتخابات لصالح حزب المؤتمر.

بعد هذه الفقرة مباشرة حسب النهج العام الذي اتبعه التقرير، تقييم ناقد ثم إطراء، أو العكس، ذكر التقرير أنه إجمالاً عملت اللجنة العليا بشكل كفء وفي معظم الحالات كانت الترتيبات الفنية تتم في توقيتها المناسب.. مع ذلك كانت مبادرات توعية الناخبين التي دعمتها اللجنة العليا غير ملائمة عموماً.

ويلاحظ هنا الكاتب أن ما أشار إليه التقرير للدور الموازي الذي تلعبه فروع اللجنة العليا في المحافظات بجانب اللجان الاشرافية والاصلية المشكلة من الاحزاب عملت اللجنة العليا على أن يوكل القانون الانتخابي اليها مهام إعداد اللائحة التنفيذية للقانون ليصدر بها قرار من رئيس الجمهورية وبإعطائها هذه الصلاحيات استغلته اللجنة العليا أفضل استغلال لصالحها. فعلى سبيل المثال إيجاد أمانة عامة تتكون من الجهاز الإداري والفني يترأسها أمين عام يتبع اللجنة العليا لم يحدد القانون اختصاصات وصلاحيات الأمين العام واختصاصات ومهام الأمانة العامة ، وترك للائحة التنفيذية تحديدها، وخلافاً لنص القانون أحالت اللائحة التنفيذية اختصاصات وتكوينات الأمانة العامة إلى اللائحة التنظيمية، التي تتحكم اللجنة العليا كاملة في إعدادها وإصدارها وتعديلها كما تريد. ولعل الأخطر في كل ذلك ما خولت اللجنة العليا لنفسها في اللائحة التنفيذية من «الحق في إعداد أي دليل خاص بالعملية الانتخابية وذلك لتسهيل الإجراءات وتعتبر هذه الأدلة جزءاً مكملاً ومفسراً لأحكام القانون وهذه اللائحة»؟

وباالتالي أعطت لنفسها صلاحيات التشريع المكمل للقانون، وسلطة محكمة دستورية في تفسير القانون!

(ب) في عمليتي تسجيل الناخبين والمرشحين: في مرحلة تسجيل الناخبين رأى التقرير في هذه العملية أنها تمت بطريقة غير شفافة ولم تعط فرص حقيقية للناخبين وللأحزاب السياسية للتحقق من دقتها.

بخصوص الترشيح للرئاسة انتقد التقرير شروط التزكية بنسبة 5% من أعضاء مجلس النواب والشورى واعتبر هذا الشرط يحد بشكل غير ضروري من الحق العام لكل مواطن بالترشح، وانتقد التقرير أيضاً اجراءات الترشيح للانتخابات المحلية في قانون الانتخابات خاصة أنه لم ينص على الحق في الاعتراض على قرار اللجنة العليا في حال رفض قبول طلب المرشح، واشتراط أن يكون المرشح ملماً بالقراءة والكتابة يؤدي إلى استثناء المرشحات من النساء خاصة.

3) الحملات الانتخابية والبيئية الاعلامية

أشار التقرير إلى أن الحملات الانتخابية كانت نشطة ومسالمة بشكل عام، والتركيز الأكبر على الانتخابات الرئاسية، وبشكل عام احترم كلا الجانبين حق الآخرين في التعبير عن الرأي ومع ذلك في بعض الحالات انخفض مستوى التسامح في الحملات بسبب الخطاب السياسي العدائي، وفي مرات عديدة كانت هناك نبرة هجومية حادة في الخطاب السياسي وعلى الأخص من مرشحي المؤتمر الشعبي العام بما في ذلك الادعاء بوجود علاقة لحارس بن شملان بجهة إرهابية. وعلى النقيض من التزامها بالعمل بشكل حيادي أظهرت العديد من الجهات التابعة للدولة وعلى الأخص الشرطة والجيش دعماً كبيراً للرئيس الحالي وفي حالات متعددة تم استخدام موارد الدولة أو تصرف مسؤولي الدولة لصالح حملة الحزب الحاكم لم تتخذ اللجنة العليا للانتخابات أي خطوات لإنفاذ تشريعات الحملات الانتخابية التي تمنع سوء استغلال موارد الدولة أو التدقيق في تمويل الحملات الانتخابية (ويشير الكاتب بهذا الصدد إلى نص المادة (40) من قانون الانتخابات التي تحظر الإنفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام أو من ميزانية الوزارات.. كما يوضح الكاتب أن المادة (50) من القانون أنه إذا أقر بأنه لا يعتبر من قبيل الدعاية الانتخابية ما تبثه وتنشره وسائل الاعلام الرسمية حول مباشرة رئيس الجمهورية لمهامه وأعماله اليومية إذا كان رئيس الجمهورية من بين المرشحين لانتخابات الرئاسة فقد حظرت المادة (11) من دليل الدعاية الانتخابية لانتخاب رئيس الجمهورية حظراً باتاً استغلال السلطة أو مركز الوظيفة العامة في القيام بأي نشاط دعائى مباشر أو غير مباشر بهدف التأثير على الناخبين لصالح أي من المرشحين وهذا ما حدث في الحقيقة من تحركات رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة في مختلف المحافظات لصالح الرئيس صالح ولم تقف اللجنة العليا أمام ذلك وهي نفسها التي أعدت دليل الدعاية الانتخابية!

وتطرق التقرير إلى ما أسماه بالبيئة الإعلامية حيث أوضح أن الإذاعة والتلفزيون تعتبران المصدرين الأساسيين للمعلومات في اليمن وتسيطر عليهما الدولة وتخضع للإشراف المباشر من اللجنة العليا، مشيراً إلى أنها أوفت بالتزاماتها بالسماح لجميع المرشحين الخمسة بمخاطبة الناخبين فقد خصص التلفزيون اليمني 34% من وقت البث للرئيس صالح، و23% لبن شملان.. و...إلخ، ولاحظ التقرير أن اللجنة العليا وضعت قيوداً على نطاق التغطية المسموح بها لوسائل الإعلام مما قلص من الفرصة أمامها لنشر المعلومات حول الأمور ذات المصلحة العامة. وذكر التقرير أن البعثة لاحظت انحيازاً واضحاً من قبل إعلام الدولة لصالح الرئيس والمؤتمر الشعبي العام مما قوض من التزاماتها القانونية بتوفير الفرص المتساوية لجميع المرشحين. خصص التلفزيون اليمني 37% من أفضل أوقات البث للحديث عن نشاطات الرئيس صالح و20% لأعضاء الحكومة، وخصصت إذاعة صنعاء 48% من نشراتها الإخبارية للحديث عن الرئيس و47% للحكومة؟

4) مرحلة الاقتراع والفرز

كان تقييم مراقبي البعثة لعملية الاقتراع يتراوح ما بين جيد وجيد جداً في أكثر من 82% من المراكز التي قاموا بزيارتها، مع ملاحظة بعض الاختلالات الإجرائية في مراكز الاقتراع في عموم البلد وعلى الاخص في المناطق الريفية وداخل مراكز الاقتراع النسائية، ومن بين مراكز الاقتراع التي تمت زيارتها تمت ملاحظة مخالفة مبدأ السرية في الاقتراع في 19% منها، والمساعدة غير القانونية للناخبين في 13% ، وناخبين تقل أعمارهم بوضوح عن السن القانونية في 7% من هذه المراكز، ولاحظ مراقبو الاتحاد الأوربي وجود تهديدات خارج 6% من مراكز الاقتراع، ولوحظ استمرار الحملات النشطة للمؤتمر الشعبي العام بشكل مخالف للقانون في ما لا يقل عن ثلث مراكز الاقتراع. يا للهول لهذه النسب وكل ذلك كما أشرنا في إطار مراقبة 3,85% من إجمالي مواقع الاقتراع وبنسبة 6.05% من إجمالي المراكز الانتخابية للجمهورية وفي ظل زياراتهم للأماكن التي وفق اللائحة التنفيذية لقانون الانتخابات تلزمهم بتحديدها مسبقاً وبالتالي استعدت اللجنة لقدومهم.

فكيف يمكن أن تكون عليه مستوى الخروقات في المراكز التي لم يزوروها وتمثل أكثر من 93% من إجمالي المراكز الانتخابية؟

فيما يخص مرحلة الفرز، وهذا مهم للغاية، ذكر التقرير أن مراقبي الاتحاد الأوربي لاحظوا أنه في معظم مراكز الاقتراع سارت عملية الفرز بشكل بطيء. هذا والعبارة الأخيرة مهمة للغاية للاعتبارات التالية:1) النتائج الأولية التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات بساعتين بعد اقفال موعد الاقتراع أعلنت عن فوز الرئيس صالح بحصوله على 2 مليون و34 الف صوت وبن شملان على 412.446 صوتاً، يعني إجمالي الأصوات التي تم فرزها بلغت 2 مليون و473.829 فكيف يقول التقرير ويصف مرحلة الفرز بأنها سارت بشكل بطيء وتعلن اللجنة في غضون ساعتين ذلك الرقم المتجاوز مليونين؟ 2) الأمر الآخر التباعد الكبير بين عدد الأصوات التي تم فرزها من عدد الصناديق التي في المرحلة الأولى 2.4 مليون لـ 5000 آلاف صندوق من أصل إجمالي 27 ألف صندوق في اليوم الثاني (الخميس) 1.8 مليون لـ11.500 صندوق وفي صباح يوم السبت 23/9 يتم فرز 9.500 صندوق لعدد 6.1 مليون صوت.

في الخلاصة: في انتظار التقرير النهائي لبعثة الاتحاد الأوروبي يمكن القول إن التقرير الأول بذاته يتضمن جميع المعطيات التي لا تتوافق مع المبادئ والقيم التي سبق الإشارة إليها والتي تؤمن الدول الغربية بضرورة توافرها كعناصر مكونة لانتخابات حرة ونزيهة فما هي الاستنتاجات التي ستتوصل إليها دوائر الاتحاد العربي في علاقاتها مع اليمن؟ الاسابيع القادمة قد تجيب عن هذا التساؤل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى