أيــام الأيــام .. يمن «سعيدة» صح يا رجال؟ أيوه صح!

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
اليمن السعيدة مسألة فيها نظر، لكن «يمن سعيدة» هي حجر الرحى لموضوعنا، لأنني أقصد من وراء «يمن سعيدة» هي اليمن الملتزم التزاماً صارماً وصريحاً بحزمة القيم والمعايير التي حكمت وتحكمت في مشوار أمنا سعيدة محمد عمر الشيبة (جرجرة)، فإن تجسدت تلك القيم والمعايير فهي «يمن سعيدة» وإن خلت من التجسيد فهي يمن شقية.

كي ألتزم بمنهج علمي دقيق سأضع أمنا سعيدة في إطار زمني يمتد من عام 1941م حتى عام 2006م ،لأن عام 1941م هو عام اقترانها بعميد «الأيام» محمد علي باشراحيل طيب الله ثراه، والعام 2006م هو عام رحيلها يرحمها الله، وبين هذا وذاك (65) عاماً من مشوار حياة ساده الكفاح والصبر والإيمان وإسداء النصح والخلود للراحة ومكابدة آلام المرض ورعاية محيطها الأسري.

وراء كل عظيم امرأة :

عميد «الأيام» محمد علي باشراحيل من مواليد 4 أبريل 1919م في حي العيدروس بكريتر وتلقى دراسته في مدرسة البعثة التبشيرية الدنماركية في الحي نفسه وفي العام 1937م التحق بشركة البرق واللاسلكي البريطانية CABLE &WIRELESS وفي العام 1941م اقترن بسعيدة محمد عمر الشيبة (جرجرة) وكان العروسان في شرخ الشباب ، هو في الـ 22 من عمره وهي في الـ 18 من عمرها.

الشاب طموح وعنود في مواجهة الأهداف التي رسمها لنفسه، خرج من المدرسة بقدر محدود من التحصيل فوسع دائرة علمه وثقافته ..مورده المالي جد محدود وهنا برز دور العروس الشابة في دعم زوجها بأن عملت من داخل بيتها على ماكنة خياطة. أعلن العريس الشاب التمرد على الوظيفة.. بدأ يضرب على الآلة الكاتبة لتلبية طلبات التجار وهي تجهز الثياب لتلبية طلبات الأسر وبين هذا وذاك بدأ مسلسل الإنجاب، باشراحيل يمضي قدماً وسعيدة تسند ظهر زوجها «والطيبون للطيبات والطيبات للطيبين».

سعيدة في ريادة منظمات المجتمع المدني

خرج محمد علي باشراحيل إلى ميدان الحياة الواسع، حيث رأس أول مجلس بلدي منتخب عام 1955م، وأصدر «الرقيب» (بنصفها الأيمن بالعربية ونصفها الأيسر بالإنجليزية) عام 1956م وأصبح نائباً في المجلس التشريعي ورئيساً لتحرير صحيفة «الايام» عام 1958م وعضو مجلس الأمناء في مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية، ونائباً لرئيس أعرق حزب في الجزيرة العربية ألا وهو حزب رابطة أبناء الجنوب.

استنشقت سعيدة باشراحيل ذلك المناخ الصحي، فوضعت الطوبة الأولى مع الرائدات: أم صلاح محمد علي لقمان، وحرم عبدالملك أغبري، وماهية محمد عمر الشيبة (اشتهرت باسم ماهية نجيب وهي شقيقة سعيدة باشراحيل وأم رجل الأعمال المعروف محمد نجيب سعد) ونجاة جرجرة، ورضية إحسان الله، في صرح أول تنظيم نسائي عرف بجمعية المرأة العدنية. ويشهد التاريخ أن سعيدة باشراحيل ترأست أول وفد نسائي في العام 1959م، ونشرت صحيفة «الأخبار» القاهرية صورتها في الصفحة الأولى أما زيارتها الأولى للقاهرة فقد كانت شخصية برفقة زوجها، واستطاعت تلك الكوكبة جمع تبرعات لبناء أول مقر لهن، الذي تم التفريط فيه لاحقاً بأن أجّره الأشاوس كقاعة للأفراح والليالي الملاح.

سعيدة محاطة برئاسة التحرير من كل الجهات:

إنه قدر سعيدة محمد عمر الشيبة (جرجرة) أو سعيدة باشراحيل أن تكون الشخصية المحورية في حياة رموز الصحافة فشقيقها عبدالرحمن جرجرة كان رئيس تحرير صحيفة «النهضة» الأسبوعية ثم صحيفة «اليقظة» اليومية، وزوجها محمد علي باشراحيل رئيس تحرير «الرقيب» و«الريكوردر» (أسبوعية ناطقة بالإنجليزية) و«الأيام»، وشقيقتها ماهية نجيب رئيس تحرير أول مجلة نسوية في الجزيرة العربية «فتاة شمسان»، أما شقيقتها الأخرى غالية محمد عمر الشيبة (جرجرة) فقد كان زوجها رئيساً لتحرير «القلم العدني» الأسبوعية ومن بعدها «الأخبار» اليومية، أما «الأيام» التي استعادت دورها التاريخي والمهني فتبوأ ولدها هشام رئاسة تحريرها، وولدها الآخر تمام في موقع مدير التحرير.

سعيدة شخصية يغلب عليها الطابع الرسمي:

عرفت أمّنا سعيدة كشخصية رسمية تتقيد بالمواعيد وبجدول أعمال ترسمه في ذهنها على نحو مبوب وتنتقل من نقطة إلى أخرى بسلاسة، ولذلك ينتهي اللقاء معها في زمن قصير شمل نقاطاً محددة ومعروفة سلفاً. عرفتها امرأة جادة في فهم الأمور وتناولها، ولا تتردد في طلب الإيضاح من الشخص المعني، لأنها تسمع كلاماً من طرفين وتعطي حكمها ، ولا تبالي بردود الأفعال.

للأمانة أقول إن هناك نساء حكمن دولاً في مختلف العصور القديمة والوسيطة والحديثة، واجتهدت في أن أنسج المقاربات والمقارنات وتبين لي أن شخصية أمّنا سعيدة شخصية ملكات ملكن سجايا قلما يملكها الرجال.

أتمنى من كل قلبي أن أصحو ذات يوم على «يمن سعيدة» وبعد ذلك سيمنحنا المانحون ثقتهم الكاملة وسنعيش في تبات ونبات وسنخلف صبياناً وبنات .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى