وكيل محافظة صعدة سالم محمد الوحيشي لـ«الأيام»:أتباع الحوثي لا يمثلون دولة أخرى أو حلفاً لكي يملوا شروطهم .. مدينة صعدة وما يربطها من مساحات واسعة تقع فوق حوض مائي غزير

> «الأيام» رائد عبده الجحافي:

> قد تتشابه التركيبة الاجتماعية لمعظم محافظات الجمهورية، وتتحد بيئتها الجغرافية ولكن محافظة مثل صعدة تجدها تنفرد بخصائص عديدة عن باقي المحافظات الأخرى، فمن موقعها الاستراتيجي المهم على الحدود الشمالية لليمن مع واحدة من أهم دول المنطقة العربية وهي المملكة السعودية الشقيقة بالإضافة إلى تركيبتها الاجتماعية ذات تقاليد وعادات قبلية من الصعب التأثير عليها، وكذلك تمسكها بالمذهبية حيث تشكل الزيدية ثلاثة أرباع السكان فيها والتي جاءت كنتاج لإرث قديم منذ قيام أول دولة للزيدية التي اتخذت من صعدة مركزاً لها وانطلاقها

وكانت محافظة صعدة خلال السنتين الماضيتين مسرحاً لأشرس المعارك التي دارت رحاها بين قوات الجيش والأمن وجماعة الحوثي المنشقة من فرقة الشباب المؤمن التي تمثل أكبر رموز المذهب الزيدي، وهو الأمر الذي جعل من صعدة تبرز كواحدة من القضايا التي تناولتها مختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية، تلك القضية التي أعلنت السلطة اليمنية مراراً وتكراراً عن معالجتها وإنهائها لكنها وأموراً أخرى تبدو على غير تلك التصريحات!.. «الأيام» كعادتها بفضولها المهني طرقت أبواب السلطة المحلية للمحافظة علها تجد بضع إجابات لاستفسارات قد تبدو مختلفة في صورتها لكنها مترابطة إلى حد ما، وهناك وقع الاختيار على واحد من أهم الشخصيات في قيادة السلطة المحلية وهو الأخ سالم محمد الوحيشي، وكيل المحافظة ورئيس فرع المؤتمر الشعبي العام بالمحافظة، فكان لنا معه الحوار التالي :

< شهدت محافظة صعدة خلال السنتين الأخيرتين نزاعات مسلحة بين قوات الجيش والأمن وأتباع الحوثي فما هي تطورات هذه القضية في وقتنا الحاضر؟

- قضية الفتنة التي أشعلها المتمردون في 2004م أثرت على تنمية المحافظة وأعاقت الكثير من المشاريع ومازال تأثيرها إلى حد الآن ولكن نتمنى أن تنتهي وأن يستفيد المتمردون من قرار العفو العام ومن تسامح فخامة الرئيس وإنسانيته ويعودوا إلى بيوتهم لهم ما لكل مواطن يمني من حقوق وعليهم ما عليه من واجبات وأن يحتكموا للدستور والأنظمة والقوانين ويمارسوا نشاطهم السياسي مثل أي حزب من الأحزاب المصرح لها والمعترف بها بعيدا عن التمترس وراء الأسلحة.

< ما مدى عقلانية الشروط التي يضعها أتباع الحوثي للوصول إلى حل للقضية؟

- عما تسمى من شروط فأنا أعتقد أنهم لا يمثلون دولة أخرى أو حلفا لكي يملوا شروطهم ولكن هناك فقرات حددت في قرار العفو العام الصادر من فخامة الرئيس ونفذت المحافظة والحكومة كل ما عليها مثل تعويض المنازل وإخراج جميع المساجين والسماح لهم بحرية التحرك، وتبقى المطلوب منهم هو العودة إلى منازلهم ومناطقهم والتعامل معهم كغيرهم من المواطنين في ما لهم وما عليهم وكذا منع ترديد الشعارات التي أدت إلى الفتنة نتيجة ترديدها وتنفيذها بقتل أخوانهم أبناء القوات المسلحة والأمن وأخوانهم المواطنين الشرفاء من أبناء المحافظة ومازلنا بانتظار عودتهم وأعتقد أن دعوة فخامة الرئيس لهم أثناء تدشينه لمهرجاناته للانتخابات الرئاسية من داخل مدينة صعدة عندما دعاهم كإخوان للعودة ولإنشاء حزب ليمارسوا عملهم السياسي من خلاله تشكل قمة الإنسانية والتسامح وأن عليهم الاستفادة منها.

< إلى جانب مهامكم العملية في رأس السلطة المحلية للمحافظة تؤدون مهام أخرى ذات طابع حزبي باعتباركم رئيساً لفرع المؤتمر الشعبي العام.. ترى كيف تستطيع التوفيق بين الوظيفتين؟ وأي منهما تأخذ جل اهتمامكم ووقتكم؟

- عملي الإداري كممثل للحزب الحاكم وبحكم موقعي التنظيمي أيضاً كرئيس لفرع المؤتمر بالمحافظة جعلني أبذل جهدا أكبر في متابعة تنفيذ الأنظمة والقوانين وفي تنفيذ المهام الإدارية اليومية والمشاركة في وضع خطط التنمية ومراقبة تنفيذها، وعن الشق الثاني من السؤال فإن أوقات الدوام الرسمي أسخرها للعمل الإداري أيضاً أكثر أوقاتي خارج الدوام أتابع فيها أوضاع المديريات الأمنية والإدارية وكذا نسخر جزءا منها لتنفيذ المهام التنظيمية.

< عند أي نقطة تقف علاقة السلطة المحلية للمحافظة مع أحزاب المعارضة داخل المحافظة من جهة، وبينكم كحزب حاكم وتلك الأحزاب؟

- علاقة السلطة المحلية بالمحافظة مع فروع الأحزاب علاقة جيدة ويسودها الود والاحترام وحتى نحن كقيادة لفرع المؤتمر فإننا على تواصل وتنسيق دائم ومستمر لما يخدم المصلحة العامة للمحافظة ووفقا للثوابت الوطنية والدستور بل ونحترم أي نقد بناء يصدر من قبلهم تجاه أي ممارسات أو مخالفات ادارية بل ونسبقهم نحن كممثلين للحزب الحاكم في نقد ومحاسبة أي مخل بالوظيفة العامة ومحاربة الفساد.

< لمحافظة صعدة خصوصيتها التي تتميز بها عن باقي المحافظات اليمنية الأخرى سواء من حيث موقعها الاستراتيجي على خط التماس الحدودي مع واحدة من أهم دول الخليج العربي والمنطقة العربية وهي السعودية، وكذلك التركيبة الاجتماعية للمحافظة القائمة على القبلية المتشبثة بتقاليدها، بالاضافة إلى مذهبيتها الراسخة.. في ظل هذه الخصائص ترى كيف تكون العلاقة بين سلطة القانون ومواطني المحافظة؟

- محافظة صعدة بحكم طبيعتها الجيولوجية وفيها الصحراء وفيها السهول والوديان وفيها المرتفعات الجبلية ذات المدرجات الزراعية وفيها مناطق يلفها الضباب طول أيام السنة وممطرة صيفا وشتاء وهي تتأثر بكل المناخات الفصلية وتتميز بإنتاج أجود أنواع الفواكه والخضار والحبوب بأنواعها والبن والعسل، تقريبا الجميع يعرف ويسمع بالعنب والبرتقال والرمان الصعدي والعسل والبن الخولاني والرازحي، وبحكم قربها وحدودها مع السعودية الشقيقة فإن منتجاتها وجدت فرصة للتسويق هناك بل وتنال إقبالا شديدا من قبل المستهلكين في السعودية الشقيقة وهذا غير ما يتم تسويقه للاستهلاك في أسواق المحافظة والمناطق الأخرى من اليمن.

أما عن تركيبتها الاجتماعية فهي لا تختلف عن أي منطقة من المناطق القبلية في الجمهورية بل نجد أكثر أبناء صعدة ومشائخها وقبائلها أكثر تجاوبا مع الأنظمة والقوانين وأكثر توجها نحو التعليم حيث إن مخرجات هذه المحافظة من الجامعيين حوت كل التخصصات العملية التربوية والثقافية، وهي من المحافظات التي لا توجد فيها مشاكل ثأر كثيرة وكبيرة ما عدا مديرية منبه ولكن القيادة السياسية وقيادة المحافظة تولي هذا الموضوع كل الاهتمام وفي طريقها إلى إنهائها.

كما أن هذه المحافظة تحظى باهتمام ورعاية فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، وقد حظيت بفضله بعدة مشاريع تنموية بمختلف الجوانب، المدارس والوحدات الصحية والحواجز المائية وكهرباء ومياه الريف والطرق الفرعية في إطار العزل والمديريات، وفي جانب الرعاية الاجتماعية وكذا في الكادر الوظيفي وعلى سبيل المثال يزيد عدد المدرسين في المحافظة عن ستة ألف تربوي 90% منهم من أبناء المحافظة.

< تتمتع محافظة صعدة بثروة سياحية كبيرة من خلال مواقعها الأثرية والتاريخية، فكيف يتم تسخير مثل هذه المعالم للصالح العام وما دور السلطة المحلية في الحفاظ عليها وإبرازها أمام شركات الاستثمار السياحي؟

- صعدة غنية بالآثار والمعالم السياحية وتتمتع بمناخات جيدة ومناطقها تتميز بمناظر جذابة للسياحة وقد كانت قبلة السياح من مختلف أقطار العالم، وأكبر دليل على ذلك التواجد الكثيف وضخامة الفنادق المشيدة فيها منذ الثمانينات وبعضها حديثة البناء وكانت أكثر المحافظات استهدافا من قبل السياح ولكنها حاليا ضعفت مع تأثر السياحة في الجمهورية وتصور انه وصلتنا أفواج سياحية من ألمانيا وإيطاليا أثناء فتنة التمرد وبإصرار عجيب رغم تحذيرنا لهم وخوفنا عليهم من التعرض لأي أضرار. ايضا هناك سياحة مستمرة من قبل جيراننا أبناء المملكة العربية السعودية الشقيقة. وعن دور السلطة المحلية في الحفاظ على المعالم الأثرية فإن لدينا خططا تنفذ حاليا وبعضها قد نفذت مثل ترميم قلعة القشلة وترميم قلعة السنارة التاريخية وخطط للحفاظ أو ترميم مواقع أخرى في أم السيلي وغيرها.

< تشير الدراسات والبحوث الجغرافية والبيولوجية إلى أن مدينة صعدة وما يربطها من مساحات واسعة تقع فوق حوض مائي غزير جدا لكن هذا الحوض بات يستنزف بصورة كبيرة ومعه اتسعت ظاهرة حفر الآبار الجوفية بصورة عشوائية فهل هناك لوائح وأنظمة تحد من تفاقم المشكلة؟

- بالفعل الحوض المائي بصعدة تمت دراسته عبر وسائل علمية حديثة وحتى عبر التصوير الجيولوجي بالأقمار الصناعية وتفيد الدراسات بأن التعويض عن استهلاك المياه الجوفية لا يساوي 5% والسبب أن الفواكه مثل الرمان والبرتقال والعنب وغيرها تستهلك مياها كثيرة أثناء الري بطريقة الغمر ولكن اهتمام الدولة ممثلة بالجهات المختصة وبمساعدة خبراء أجانب أنشأت فرعا لهيئة الموادر المائية وأنشأت جمعية للحفاظ على الحوض وتشكلت من كبار المزارعين ومن شخصيات إدارية وثقافية ومتخصصة وذلك للقيام بالتوعية عن كيفية استخدام المياه والتوجه نحو العمل بشبكة الري الحديث (التقطير) ومتابعة تنفيذ القوانين التي تنظم عملية حفر الآبار الجوفية وتنظيمها وأعتقد أن هذا كله سيساهم إلى حد كبير في الحفاظ على مخزون الحوض من المياه الجوفية وهناك مشاريع سدود وحواجز مائية قيد التنفيذ وبعضها قادمة ستعوض إن شاء الله عن كثير مما يستهلك.

< ظلت محافظة صعدة خلال السنوات الماضية تعاني من مشكلة في قضايا التعليم في مدارس المحافظة وبالذات في المناطق الريفية ومع اتساع مشاريع إقامة المدارس وحصول المحافظة على نصيب الأسد من التوظيف التربوي وكذلك ذات النصيب في متعاقدي الإحلال إلا أن المشكلة لم تنته، ترى ما هي الأسباب التي تقف وراءها؟

- صحيح أن مساحة المحافظة كبيرة حيث تبلغ ما يقارب (29) ألف كيلو متر مربع وتتكون المحافظة من (15) مديرية مترامية الأطراف وذات تجمعات سكانية متباعدة ولهذا كل تجمع سكاني بحاجة إلى خدمات مدرسة وصحة وطريق وماء وكهرباء واتصالات وهذه تكلف الدولة مبالغ باهظة. وحول التربية ففي المحافظة (682) مدرسة وعدد الطلاب حوالي (120000) طالب وطالبة وعدد الموظفين بالتربية بلغ ما يقارب (6000) موظف ولكن الأزمة في المدرسين لا تزال قائمة لأن هناك تسربا وعدم انضباط من قبل البعض وقد شكلت لجان من قبل الأخ المحافظ وتم تنشيط فريق التوجيه من قبل مدير عام مكتب التربية وهناك اجراءات اتخذت وستتخذ لحل هذا الإشكال.

< بماذا تعلقون على تجربة انتخاب المجالس المحلية في بلادنا؟

- حققت الفترة الأولى لعمل المجالس المحلية نجاحات لا بأس بها ولكنها كانت فترة تجريبية ولكن ما شاهدناه من تنافس شديد في الانتخابات الأخيرة بين المرشحين لعضوية المديريات والمحافظات يدل دلالة كبيرة بأن المتنافسين وناخيبهم يدركون أهمية هذه المجالس والمهام المناطة بها والآمال المرجوة للتخطيط والرقابة والتنفيذ لمصالح الناس ولتنمية مناطقهم.

< كيف تعلق على مشروع تعديل قانون السلطة المحلية الذي دعا إليه رئيس الجمهورية مؤخراً تمهيدا لانتخاب محافظي المحافظات ومدراء عموم المديريات؟

- فخامة الرئيس شرع مبكراً بتنفيذ برنامجه الانتخابي وهذا تمثل في دعوته لانتخاب رؤساء الوحدات الإدارية والمحافظين، أيضاً تفعيل وتنفيذ دولة المؤسسات دولة النظام والقانون ومحاربة الفساد واستكمال البناء والتنمية وقد أتى النجاح الكبير لمؤتمر لندن للمانحين مؤكداً مصداقية البرنامج الانتخابي لفخامته ومبشراً ببداية التنفيذ، وأعود للتعليق على تعديل قانون السلطة المحلية بالقول بأن مثل هذا التعديل سيحد من المركزية المالية والإدارية ولكن يجب أن يولي التعديل اهتماما كبيرا لانتخاب المحافظين لأن محافظ المحافظة تواجهه أمور سياسية ودبلوماسية وتنموية وأمنية كبيرة وتتطلب في أغلب الأحيان سرعة اتخاذ القرار وتنفيذه ناهيك عن الواقع الاجتماعي والمشاكل القبلية.

< في ظل توسع وتعدد المهام الإدارية داخل إطار السلطة المحلية بدءا من محافظ المحافظة ووكلائه والمجلس المحلي وأمينه العام بالإضافة إلى مدراء المكاتب التنفيذية ومسؤولي الوحدات الإدارية الأخرى ووصولا إلى مدراء عموم المديريات ومجالسها المحلية.. كل هذا يظهر ازدواجية في المهام أو إن جاز التعبير تضارب بينها، فكيف نضمن عدم حدوث أي تضارب بينهما؟

- قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000م واللوائح التنفيذية تنظم مهام كل جهة فهناك مكتب تنفيذي يشمل الإخوة مدراء عموم فروع الوزارات ومدراء عموم المديريات ومهامهم معروفة وهناك مجلس محلي للمحافظة وهيئته الإدارية المشكلة من رؤساء اللجان المتخصصة وهذا أيضا مهامه حددها القانون إذا التزم الجميع بالأنظمة والقوانين فلن يحدث أي تضارب أو أي خلل في الأداء.

وأخيرا الشكر لصحيفة «الأيام» على اهتمامها بالمحافظة وأتمنى أن تصل إلى صعدة بانتظام لأن لها جمهورها في هذه المحافظة أسوة بقرائها في المحافظات الأخرى كما أتمنى أن تستمر بحياديتها واستقلاليتها وبمحاربتها للتطرف أيا كان نوعه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى