نادرة من هذا الزمان

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
لكل زمان نوادره، والناس على شاكلة زمانهم كما هم على دين ملوكهم، ومن شابه أباه فما ظلم، أليس الزمن أبانا جميعاً، إن شبع شبعنا وإن جاع جعنا، ومع ذلك فنحن محسوبون عليه، وهو ليس محسوباً علينا.

نعيب زماننا والعيب فينا

وما لزماننا عيبٌ سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنبٍ

ولو نطق الزمان لنا هجانا

وقبل الاسترسال في موضوع نوادر هذا الزمان أرى لزاماً عليّ الوفاء بوعد قطعته للشاعر والناثر الكبير رهين محبسه (حافون المعلا) عبدالرحمن فخري فقد تواصلنا الأسبوع الماضي عقب العمود الذي حاولت عبره التحليق في عالمه ونشرته في هذه الزاوية بعدد الأحد المنصرم فوجدت الفخري عاتباً شبه غاضب، وقد أعد لي مجموعة من الأبيات الشعرية القاصفة تقع في منزلة بين المنزلتين: المداعبة والمناكفة، والتلويح بالهجاء، قلت: يا سبحان الله، أنا أسبغ عليه قلائد الضوء وهو يرميني بالشواظ، وقد سألته قبل انجلاء الأمر، هل قرأت ما كتبته عنك في «الأيام» فقال لي: لا، وأوضح: جميع الجرائد تأتي إليّ يوم الثلاثاء فأركنها جانباً، ثم أقرؤها جميعاً يوم الخميس في «المقيل»، وأنت تعلم أنني لا أنزل من شقتي سوى مرة واحدة في الأسبوع، فسألته: فما عتبك عليّ، قال: ما كتبته عني في «دفاتر الأيام» وقد نسي الخصومة مؤقتاً، فهو صاحب قلب كبير ليس فيه متسع لغير مشاعر الحب، فعلق: دفاتر.. دفاتر.. يا أخي قل دفيتر وإن بالغت فقل دفتر، قلت موضحاً: هذا هو الدفتر الأول ليس إلا، ولذلك حاز اسم إخوته جميعاً من الدفاتر الآتيات. ولا أريد هنا إعادة حكاية قصة الوفد اليمني في مؤتمر بيروت نهاية الستينات، وقد قال لي إنه حضر عام 1968على عهد الرئيس قحطان محمد الشعبي رحمة الله عليه مؤتمراً حول «حقوق الانسان» برفقة محمد هادي عوض.. وهو أشهر من أن يعرّف، وإنه لم يتعرّف على عبدالوهاب عبدالباري إلا بالصدفة مرة أو مرتين هنا في عدن، قلت له: ولكن الحكاية المروية كانت من الشيوع بحيث لم يتطرق إليّ الشك في حدوثها، والرجل لا يقول عنك إلا كل خير وأنت كذلك، وهنا حفرنا وهنا دفنا، فالأمر يعود إلى ما قبل 40 عاماً، ويبدو أن الناس لمحبتهم عبدالوهاب عبدالباري علي نعمان وأسلوبه الساخر في الحياة قد تواطأوا على نسبة مُلَح ونوادر وطرائف إليه كما هو الحال مع أبي نواس في القصص الشعبي، وجحا في الأدب العالمي، خلاص يا ابن الفخري «صافي يا لبن» ولك العتبى حتى ترضى.

ومن نوادر هذا الزمان ما رواه صديقي ناصر عبيد القعيطي الذي مر عليّ في ابوظبي، عن تحايل الناس للعيش، حيث الحاجة أم الاختراع، فقد ذهب جماعة إلى أحد تجار الأرياف، وقالوا له إنهم بحاجة إلى ثعلب لأن في جسده مادة تشفي من الأمراض الخطيرة، وقد تعجب الرجل من ذلك فلم يسبق له أن سمع بمثله، ولكي يؤكدوا المصداقية فقد أعطوه عشرة آلاف ريال ورقم تلفون وقالوا أنت مفوض بالشراء إلى حدود مائة ألف. بهت الرجل: ثعلب بمائة ألف، والثور بثمانين ياسبحان الله. وكان المحتالون قد عثروا في اليوم السابق على ثعلب فقبضوا عليه وربطوه إلى صخرة، فلما كان اليوم الثاني، حمله واحد منهم، لم يره التاجر، ومرّ على دكانه، فقال الرجل: يا ما أنت كريم يارب، ندوّر على الثعلب جاء برجليه، فلما سأل حامله قال له: إنه مطلوب لأهميته العلاجية، عرض عليه خمسين ألفاً، فستين، فرفض، ثم وافق على الثمانين «إكراماً لوجهك الطيب» وادع الله لي أن يوفقني في صيد ثعلب آخر «لأنني أعطيت الجماعة وجهي».. سلمه المبلغ، ثم أخذ في الاتصال بالجماعة فاتضح أن الرقم خطأ، انتظر عدة أيام والثعلب يحتاج كل يوم إلى دجاجة، ثم أدرك أنه وقع في أيدي محتالين «أكلوا بعقله حلاوة» فأخذ يخاطب الثعلب: ثمانين ألف يا «يا ثعيلة» قيمة ثور، وقد طلب من الشباب قتل الثعلب، فقالوا له: ادفع أول مرة قيمة الرصاص.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى