عمر الحالم

> د. مبارك حسن الخليفة:

>
عمر الجاوي
عمر الجاوي
من حق كل إنسان أن يحلم بشيءٍ ما يريد تحقيقه. الرجل يحلم والمرأة تحلم والطفل يحلم، وكل شخص في موقع ما يحلم،....، ولكن شريطة أن يكون الحلم أكثر التصاقاً بالواقع، ولا يكون عكس منطق التاريخ، ولا يسبح عكس التيار.

ومن أكبر الحالمين، الشاعر والمناضل. العالم فرويد يرى وشيجة تربط بين الحلم بمعنى الرؤيا في النوم، وبين حلم الشاعر ورؤياه وتسطيره الحلم شعراً، بأن يحلم بالحرية والعدالة الاجتماعية مثلاً. والمناضل يحلم بتحقيق ما نذر له نفسه مناضلاً وحالماً بالنصر وتحقيق ما يصبو إليه وما يناضل من أجله.

وقد اجتمع في نفس الراحل العزيز حلم الشاعر وحلم المناضل.

وتبدو ظاهرة الحلم هذه في أول قصيدة في مجموعته الشعرية، إذ جعل عمر الجاوي العكفة يحلم بالثورة:

سأغني أغنية ثوريه:

أعرفها كانت حلماً للثوار

تخنق أنفاس القصر المنهار

يحملها الزهرُ شذى

والغصنُ ثمار

يحضنها الحائط

ألفَ شعار

تُشعل في صنعاء النار

تُرضِعها الشمسُ بهاءً

تكسوها الأقمار

للشعب المجدُ

وللطاغية العار

وفي قصيدة (الاجترار) ص 99، يستحضر تاريخ اليمن: حمير، سبأ، بلقيس، أروى، ثم يتحدث عن جيله الذي يحلم بعودة المجد القديم، وبالإطلال على الحياة الحديثة. ويبدأ هذا المقطع مُضمِّنا الآية الكريمة: {لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال} سبأ/آية 15.

يقول:

(قد كان لسبأ في مسكنهم)

أو حمير

كانت بلقيس وأروى

دعني، هذا السامق في الأوراق الصفراء

يوجع صدرَ التربة بالحذب؟

وبالجنات الممطورة

ويُدغدغ بالشوك السمطيِّ

مسامعَ جيل ما وطئت قدماه ولا كفّاه

على جمرة هذي الدِّمنِ

ما أغمدَ سيفَ الحرف

ولا وارى في لحد التاريخ خُطى ذي يزنِ

الكلمات مقابر

للحالم بالهدهد والصَّرحِ

وموسيقى الجاز

ومأساة اليمنِ

ويتوجّه إلى الله سبحانه وتعالى بقوله: «يا خالقَ آدم»، ويسأله أن يحقق حُلمه بعودة مجد اليمن، بالسّدِّ حتى لو هدمه الفأر، وبسبأ وبالأجداد يبنون على ظهر (المندب) جسراً للريح وللأمطار:

يا خالقَ آدم

ارزقني حرباً

يلقى منها الأحفاد

رذاذ الزند الملويه

ارزقني سداً يتهدّم إن صال على صهوته فأرٌ

أو غرد في سبأ طير أبكم

هب لي أجداداً أحياءً يخطون طريق العوده

يبنون على ظهر (المندب) جسراً للريح وللأمطار

لحياة العرقِ.. ولليمن الموءوده

الريح والأمطار في هذه القصيدة رمزان للثورة، وقد سبقه شعراء جعلوا من الريح والماء والمطر رموزاً للتجدد والبعث والثورة.

الشاعر الإنجليزي شيللى، في قصيدته

ODE TO THE WEST WIND

(أغنية للريح الغربية)

يرى أن الريح التي تهبّ وتخرج البذور الكامنة داخل الأرض، تقود إلى تجدد الطبيعة.

والشاعر الأمريكي المولد، الإنجليزي النشأة، T.S. ELIOT)ت. س. إليوت) يرى في الماء رمزاً للبعث وذلك في قصيدته:(الارض الخراب) THE WASTE LAND والشاعر العربي العراقي بدر شاكر السياب يرى في المطر رمزاً للبعث والثورة، وذلك في قصيدته (أنشودة المطر). وعمر الجاوي يرى في الريح والمطر رمزين للثورة.

***

هذا هو عمر الجاوي، الشاعر، المناضل، الوطني، الوحدوي، الحالم بوطن حر وبشعب سعيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى