إياك أعني ... واسمعي يا جارة

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
حينما تكون شروط اللعبة الديمقراطية مكتملة العناصر والمقومات، وغير ناقصة ولا مبتورة أو مشوهة المعالم.. وحينما تكون أرضية الملعب السياسي مستوية وممهدة ومتاحة لأن يستفيد من مساحتها جميع المشاركين فوقها بموجب القانون ونصوص الدستور ، فإن مسألة التحالفات السياسية وتشكيل الكيانات وحشد طاقاتها وتنظيمها في هذا الاتجاه أو ذاك وضد هذا (الطرف اللاعب) أو ذاك، تكون عملية مشروعة وممكنة وغير (مكلفة القيمة) سياسيا في حالات الفشل أو الخذلان ، وهي في جميع الأحوال غير خاضعة للابتزاز أو التشهير بموجب مفردات ومصطلحات التخوين الوطني أو العمالة أو غيرها من المسميات (البالية - القديمة)..لأن استخدام مثل تلك التوصيفات في مثل هذه الحالة يصبح أمرا مثيرا للسخرية والضحك وحتى للشفقة والرثاء معا.

نقول هذا الكلام ونحن ندخل حاليا النصف الثاني من العقد الثاني للوحدة اليمنية التي أنجزت يوم 22 مايو 90م، في حين أن أيا من تلك الشروط والمواصفات المتعارف عليها دوليا للعمل السياسي الديمقراطي لم تنجز حتى اللحظة بالشكل المطلوب والمرغوب فيه ! ... وذلك بفعل ظروف تحقيق الوحدة اليمنية ونتائج الحرب الظالمة للوحدة صيف العام 94م ، التي شوهت أرضية الملعب - المشوهة أصلا - والتي أنتجت معادلات سياسية هي أبعد ما تكون عن تقاليد التعددية والنظم السياسية الديمقراطية.. الأمر الذي أخضع جميع التفاعلات والتجاذبات فيما بين الأحزاب الفاعلة على الساحة اليمنية من جهة والحزب الحاكم من جهة أخرى لجميع مقتضيات ومستلزمات (التكتيك) في العمل المشترك بديلا عن بحث وتحقيق (الاستراتيجيات) التي تنتج الثوابت وترسخ القيم الوطنية والسياسية معا.

ولا عجب بعد هذا أن يطل علينا - بين الحين والآخر - أي مسؤول كبير في الحزب الحاكم، ليرش بالماء البارد وجه من كان يعتقد من قيادات الأحزاب الأخرى أنه كان يعمل معه كحليف أو أنه كان يرسي معه قيماً أو ثوابت وطنية!! وذلك حينما يقول بكل سهولة ويسر :«إن العمل مع ذلك الحزب أو التحالف معه في تلك المرحلة كان نوعا من التكتيك السياسي الذي اقتضته الظروف لا أقل ولا أكثر.. إنهم بكل (كيانهم السياسي) ذاك لم يعنوا لنا سوى (ورقة أو كرت) استخدمناه فوق طاولة اللعبة، ثم قذفنا به تحت الأرجل حينما استنفد هذا الكرت قيمته السياسية، ولم يعد طرحه على الطاولة مثمرا أو مفيدا».. والمنطق السابق هو لمسؤولي الحزب الحاكم بطبيعة الحال وبموجب التجارب العملية .

حاليا يخوض حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) حوارا مع الحزب الحاكم، وبعد أن دفع فاتورته مقدما ودون شرط أو بند ! وهو يتحاور معه فيما يخص قضايا كبيرة لا تلتقي - لا من قريب ولا من بعيد - مع أيّ من الحسابات ( الضيقة) الخاصة لقيادات الحزب أو حتى لكيانه السياسي المنهك بفعل الشتات، وإنما تتعلق بأمور وقضايا جوهرية تخص الوطن أولا وثانيا وأخيرا، وهو يتحاور بعقليات تتمنى أن يقابلها منطق كبير يفضي إلى التخلي عن كل عبث (التكتيك) وينطلق إلى آفاق أرحب وأوسع، لتحلق نحو الاستراتيجيات الكبيرة التي تتناسب مع جميع أحلام هذا الوطن العزيز وآماله.

شخصياً أشك كثيرا في أن هناك من يمكنه أن يتخلى عما يستوجب التخلي عنه، أو أن يقدم - من خلال هذا الحوار - ما تستوجب ظروف المرحلة و الوطن تقديمه أو الحوار فيه وبموجبه، على اعتبار أن من ذاقوا في الماضي القريب مرارة الخذلان كانوا أقرب إلى الحزب الحاكم من حبل الوريد، وكانوا غالبا ما يتغنون بتلك العلاقة الثنائية وتوصيفها بالتحالف الاستراتيجي الذي لا يمكن له أن ينفرط . فإذا به (فجأة) قد انفرط عقده المتين وتناثرت حباته الكثيرة على طاولة الذين يجيدون لعبة (التكتيك) ولا يعترفون بقيمة العمل الاستراتيجي وثمنه الكبير!.. حدث ذلك مرتين، في الأولى مع شركاء الوحدة، وفي الثانية مع شركاء الحرب !!

على قيادات حزب الرابطة أن تعي جيدا.. أن قيمتها السياسية يمكن صرفها في ظرف ما (بالعملة الصعبة).. وهي، وإن أرادت أن تتخلى عن هذه الميزة وتلك القيمة لسمو فكر سياسي لديها (قد لا يجد) ما يقابله في الطرف الآخر، فإنها قد تكون (كقيادات) الخاسر الأكبر في هذه اللعبة التي يراد لها أن تكون مجرد لعبة لا عملاً وطنياً كبيراً. وستتحول هذه القيادات في مرحلة ما إلى كيانات بشرية متحركة ليس من مهامها سوى التبرير والتبرير وحده بجميع الوسائل والطرق، لما ارتكبته من أخطاء فادحة الثمن فيما ذهبت إليه بفكرها وعقلياتها السياسية التي أرادت أن تلامس سماء الوطن فيما أريد لها أن تبقى وأن تحترق في قاعه.. وذلك من أجل أن تسترد في مشوارها الطويل هذا (نصف قيمتها) التي كانت تمتلكها قبل أن تدفع فاتورة الحوار الوطني مقدماً من رصيدها الكبير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى