الشيخ محسن محمد بن أبوبكر بن فريد أمين حزب رابطة أبناء اليمن في ندوة بمنتدى «الأيام» عن التاريخ الوطني والنضالي للرابطة:وضعت الرابطة عند التأسيس أهدافًا واضحة تمثلت في التحرر وتوحيد الكيانات في دولة مركزية واحدة

> عدن «الأيام» خاص:

>
الشيخ محسن بن محمد بن أبوبكر
الشيخ محسن بن محمد بن أبوبكر
استضاف منتدى «الأيام» مساء أمس الاربعاء الأخ الشيخ محسن محمد بن أبوبكر بن فريد، أمين حزب رابطة أبناء اليمن، في ندوة خاصة بالتاريخ الوطني والنضالي لحزب الرابطة.

وافتتحت الندوة من قبل الزميل نجيب يابلي قائلا: «باسم الناشرين الزميلين هشام وتمام باشراحيل وباسم هيئة تحرير «الأيام» وقرائها المباشرين او عبر موقعها الالكتروني على شبكة الانترنت ورواد منتديي «الأيام» في صنعاء وعدن نرحب بضيفنا الكريم الشيخ محسن بن محمد بن أبوبكر الذي سيحدثنا عن التاريخ الوطني والنضالي لحزب الرابطة.

والحديث عن الرابطة عامة والعوالق خاصة حديث ذو شجون فنحن عرفنا العوالق في التاريخ الحديث بسلطنة العوالق العليا ورمزها القبلي المحاجر وحاضرتها نصاب وعرفنا مشيخة العوالق العليا ورمزها القبلي معن وحاضرتها الصعيد وعرفنا سلطنة العوالق السفلى ورمزها القبلي آل باكازم وحاضرتها أحور.

ضيفنا من ما كان يعرف بمشيخة العوالق العليا وهي تنتسب لقبيلة معن ومن معن يتفرع آل علي وآل محمد ومن آل علي يتفرع آل دحه ومن آل دحه يتفرع يسلم بن دحه والسلسلة طويلة.

وضيفنا والده ايضا أحد رموز العمل الوطني والنضالي ويشهد بذلك كور العوالق وهو الشيخ محمد بن أبوبكر ويذكرنا ذلك بسلسلة طويلة من المناضلين الأشاوس والأكارم أمثال الشيخ محمد بن عجرومة، ومشيخة العوالق كان آخر شيخ لها هو الشيخ عبدالله بن محسن حتى عام 94م ومنذ 94م وحتى يومنا شيخها هو الشيخ محمد بن فريد العولقي أطال الله عمره ومتعه بالصحة.

أما حزب الرابطة فهو أعرق الأحزاب في الجزيرة العربية، هذا الحزب نشأ في منتصف القرن الماضي ومن رحم الرابطة خرج سياسيون ووطنيون أفذاذ أمثال الراحلين قحطان محمد الشعبي وعبدالله عبدالرزاق باذيب وغيرهما.

حزب الرابطة هو عند التأسيس يذكرنا ويحتم علينا ان نذكر الرعيل الاول من القامات والهامات أمثال صاحب الفضيلة السيد محمد علي الجفري طيب الله تراه وايضا محمد علي باشراحيل طيب الله ثراه الذي كان نائب رئيس الرابطة إلا انه تخلى عن هذا المنصب لأنه قرر ان يطرق باب الصحافة وقرر ان يكون ليبراليا مستقلا، والصحافة الليبرالية لا تعرف العصبية الحزبية، وشيخان الحبشي والصافي والسيد زين صادق والأستاذ أحمد عبده حمزه وآخرين كتبت عنهم الكثير، فحزب الرابطة لم يكن عملا سياسيا ووطنيا فحسب بل كان فنا حيث قرر حزب الرابطة ان يستحدث مساقا آخر للعمل الوطني من خلال الأغنية ولذلك برع وإيما براعة الأستاذ الكبير عبدالله هادي سبيت، حزب الرابطة طرق أبواب سياسيين وأبواب سلاطين واستطاع ان يستقطبهم الى ساحة العمل الوطني أمثال السلطان علي عبدالكريم فضل أطال الله عمره ومتعه بالصحة وهذا الرجل والشهادة للتاريخ أقول ان لا سبتمبريا ولا أكتوبريا ولا وحدويا ولا شرعيا وصل الى مصاف هذا الرجل، في هذا الزمن العفن زمن غسيل الأموال والفساد هذا الرجل ترك قصر البراق بمدينة كريتر لكلية الحقوق سابقا وعندما انتقلت منه تركه للمركز اليمني للابحاث وهيئة الآثار من أجل المنفعة العامة وكلية الزراعة بلحج والأرض التي تطبق عليها الكلية أبحاثها الميدانية تركها وقال تبقى كذلك طالما وانها صرح علمي وفي حال سخرت لغير ذلك تعود الى ورثته، في هذا الزمن هناك ناس كسبت أموال حرام وتملكت المال العام بالمجان فيما هذا الرجل شذ عن هذه القاعدة وترك ماله للصالح العام وأمثال هؤلاء يندر ان تجدهم في هذا الزمن.

والآن نترك الحديث للشيخ محسن بن محمد بن أبوبكر ليحدثنا بموضوعه عن الخلفيات الوطنية والتاريخية لهذا الحزب العريق حزب الرابطة».

< وتحدث الشيخ محسن بن محمد بن أبوبكر، قائلا: »يسعدني ان ألتقي بكم أنا وزملائي من قيادات الرابطة وعلى رأسهم الأستاذ السيد يحيى محمد الجفري عضو اللجنة التنفيذية ومسؤول العلاقات الخارجية في حزب رابطة أبناء اليمن، والأخ العزيز فضل ناجي، عضو الهيئة المركزية ومدير مكتب رئيس الحزب، والابن عبدربه علي بن فريد، عضو الهيئة المركزية، والأخ العقيد سعيد محمد من قيادات الرابطة والابن بسام محسن.

وسعادتنا بالغة عندما نلتقي في منتدى «الأيام» هذا الصرح الكبير والتاريخي في التحديث والتنوير في جنوب جزيرة العرب ليس من الأمس وليس من سنة او سنتين ولكن منذ عقود فسعادتنا بالغة ان نجتمع في هذا الصرح وفي هذا البيت الذي نشعر بأنه بيتنا وفي نفس الوقت نقدم المواساة الصادقة والمواساة القلبية الى الاخوة الاعزاء الاستاذ هشام باشراحيل والاستاذ تمام باشراحيل ولكل أسرة آل باشراحيل في الوالدة الفاضلة التي كانت علامة من علامات هذه المدينة الخالدة ويكفي انها أعطتنا وأعطت بلادنا الاستاذين هشام وتمام والأجيال الجديدة من آل باشراحيل وندعو الله ان يغفر لها ويرحمها ويسكنها فسيح جناته.

الموضوع الذي أريد التحدث عنه هو موضوع طويل وعريض ويستدعي ويحتاج الى محاضرات وندوات ولكن أستطيع ان أقول انه ممكن ان أقف أمام محطات سريعة في تاريخ حزب الرابطة لنضع الامور في نصابها، المفترض ان يكتب التاريخ من طرف محايد وليس من حقي ان أسترسل في هذا الجانب لأنني مؤمن بهذه القضية فالتاريخ ينبغي ألا ان يكتبه الا محايد ونزيه ويعطي لكل ذي حق حقه وأنا أقول هذا الامر لأننا نشعر اننا قد اكتوينا بنار التجني والاهمال والتشويه ولهذا لا ينبغي ان نكرر الخطأ.

المحطات التي يمكن ان نقف أمامها ممكن ان تكون أولاها هي ولادة الفكرة، فكرة حزب الرابطة او فكرة الحركة الوطنية في عموم اليمن هي كانت فكرة واحدة ونبعت بالتحديد من الازهر الشريف ومن الرواق العباسي الذي اجتمع فيه كوكبة من أبناء اليمن الذين كانوا يدرسون العلم في ذلك الحين وصدر عنهم ما سمي بقانون (كتيبة الشباب اليمني الاولى) وهذا القانون صدر في سبتمبر 1940م والذي توافق عليه هم كما أشرت كوكبة من أبناء الجنوب ومن أبناء الشمال وأذكر بالتحديد السيد محمد علي الجفري رحمة الله عليه الذي كان طالبا في الازهر والسيد سالم الصافي وآخرين من المناطق الجنوبية ومن الشمال كان المرحوم الزبيري والاستاذ أحمد محمد نعمان وآخرين واتفقوا على ان تكون بداية الحركة الوطنية في اليمن حركة واحدة وأنا لا أريد ان أسترسل في هذه الوثيقة ولكن لأثبت انها قائمة فهي موجودة ومسجلة وأما المسودة فهي بخط المرحوم السيد محمد علي الجفري ومن يعرف السيد محمد علي الجفري ويعرف خطه يكاد يرى صورته في هذا الخط وأنا أقف أمام هذه الحقيقية من أجل أن ندحض كثيرا من الاقاويل التي قيلت في حق الرابطة.

الرابطة كانت واقعية في طرحها وعملية في رؤيتها ولم يكن أمامها الا ان تتعامل مع الواقع الذي كان سائدا في تلك الفترة ومن الناحية التاريخية عندما نريد ان نحكم على أي حزب او أي حركة وطنية او أي شخص ينبغي ان نحكم عليه في اطار الظرف الذي كان سائدا في تلك الفترة بمعنى عندما نريد ان نحكم على الرابطة فينبغي ان نحكم عليها في سنة الميلاذ الرسمي الذي هو 29/4/1951م ماذا كان سائدا في ذلك الوقت وفي بلادنا ولا ينبغي ان نحكم عليها بمقاييس 2006م هذه قضية تاريخية وعلمية متعارف عليها.

عندما اتفق هؤلاء الشباب على ان تبدأ حركة النهضة في اليمن كانت طبعا تحدوهم الآمال الكبيرة والآمال العريضة وعندما انتهوا من دراساتهم في الازهر و في بلدان عربية أخرى وبالتحديد في العراق عادوا الى مناطقهم والاخوة في الشمال وجدوا ان هناك ظروفا تحتم عليهم ان ينفردوا بعمل مستقل خاص بهم لأنهم كانوا يواجهون ظرفا خاصا بهم قد لا يواجهه أملاؤهم في الجنوب وهو نظام المملكة المتوكلية اليمنية وهو النظام الذي دفعهم الى ان يتركوا مناطق الشمال ويضطروا ان يأتوا الى عدن وبالتالي من هذه الحقيقة التاريخية هم الذين بدأوا بنشاط خاص بتلك المناطق نتيجة لظروف خاصة بهم، عندها هؤلاء الشباب او الطلبة الى جانب آخرين من المتنورين في هذا الجزء من الوطن العربي ومن بلادنا العزيزة رأوا انه من الواجب ايضا ان ينطلقوا بحركة خاصة بهذا الجزء من الوطن لظروفهم الخاصة والموضوعية المتعلقة بهذا الجزء.

عندما نريد ان نحكم على الرابطة فماذا كان المشهد السياسي على سبيل المثال في عام 1947م عندما تبلورت الفكرة ثم عندما تمت الولادة في 29/4/1951م ماذا كان الوضع في بلادنا، كان أمامنا استعمار بريطاني يجثم على هذه المنطقة وكان أمامنا ثلاث وعشرون سلطنة ومشيخة وإمارة تكاد ان تكون دولا لها حدودها ولها جماركها ولها جنودها فبالتالي عندما نريد ان نحكم على الرابطة نحكم عليها من هذا المحيط بها، وبالتالي أنا ايضا أؤكد حقيقة تاريخية ان الرابطة هي الحزب الاول في هذه المنطقة وهذا أمر نفتخر به ونعتز، الفكرة تبلورت في 1947م وكان الاتجاه الى انه ينبغي ان تتحول هذه الجهود الفردية الى جهود في اطار منظم يرقى الى العمل الحزبي ولكن لأنه لم يكن يسمح الانجليز بالعمل الحزبي الرسمي فلم يكن أمامهم الا ان يتحايلوا على الامر ويشكلوا جمعية وأعلنت الرابطة في 29/4/1951م وكان من أبرز المؤسسين فيها الرائد والمؤسس والمعلم السيد محمد علي الجفري والزعيم الكبير والرائد الاستاذ محمد علي باشراحيل والسيد رشيد الحريري والسيد عبداللطيف كتبي وأخوة ايضا من الشمال مثل المقطري والاحمدي ولا أذكر أسماءهم وكنت أود ان أحضر قائمة المؤسسين التي نشرت صبيحة يوم 30 أبريل في صحيفة النهضة ولكن للاسف لم أجد هذه الوثيقة المحدد فيها أسماء المؤسسين، بدأت الحركة الوطنية في ذلك الحين في ظل الاستعمار كما أشرت وفي ظل تلك التجزئة التي كلنا نعلم بها وهي ثلاث وعشرون سلطنة ومشيخة وإمارة.

ماذا كان هدف الرابطة في ذلك الحين؟ وضعت الاهداف بشكل محدد وواضح وموضوعي، الهدف الاول التحرر من الاستعمار وهذه خطوة طبيعية ومنطقية، الهدف الثاني ان يتم توحيد هذه الثلاث وعشرين سلطنة ومشيخة وإمارة في اطار دولة مركزية واحدة، عند ذلك اذا كانت الظروف قد تهيأت في الشمال والظروف مهيأة لإقامة الوحدة اليمنية فعندها أمر طبيعي ان تأتي الخطوة الثالثة في اطارها وسياقها التاريخي الطبيعي وحدة أخوة أكفاء وحدة تكامل حقيقي وحدة تأخذ بلادنا الى مصاف الدول المتقدمة، بعد ذلك قامت الرابطة بحركة تنويرية ثثقيفية وطنية في معظم أجزاء الجنوب وكانت عدن هي المركز، وعندما نعود الى وثائق الرابطة قامت الرابطة بمهرجانات في عديد من المدن والقرى لتبشر بيوم الاستقلال ولتبشر بيوم وحدة هذه الاجزاء المبعثرة ولتبشر بمجتمع يمني او مجتمع جنوبي محترم نفتخر به جميعا، دولة تستطيع ان تجاري العصر.

مرة أخرى أقول ان الرابطة في تلك الفترة كانت هي الحركة الوحيدة في عدن وفي مختلف مناطق الجنوب وكان لها دور حقيقي ومرة أخرى لا أريد ان أسترسل في الامر لأن هذا أمر أتركه للمحللين المحايدين، كان للرابطة دور حقيقي في إذكاء الروح الوطنية وفي إخراج أبناء تلك المناطق من حدودهم الصغيرة التي كانت في إطار السلطنة او المشيخة او الامارة وكان جهدا كبيرا ليكون الالتزام في إطار أكبر، فعندما بدأ الاستعمار يدرك ان هذه الحركة سيكون لها شأن وقبل ان أصل الى تلك الفترة او مرحلة النفي الذي تم لأمين عام الرابطة المرحوم شيخان الحبشي ثم السيد محمد علي الجفري في 1956م و 1958م قبل ذلك لابد ان أقف على الجهد الذي بذل من الرابطة في عملية التنوير في الجوانب الاعلامية حيث كان لها أكثر من صحيفة ثم كان لها تجربة رائدة رعتها بشكل جيد هي تجربة لحج، لحج التي كان يحكمها سلطان شاب متنور وكان أقرب ما يكون الى الرابطة بل كان عضوا قياديا حقيقيا في الرابطة منذ التكوين ولكن بحكم انه كان سلطانا لم يكن بالامكان الاعلان عن ذلك علنا ولكن السلطان علي عبدالكريم هذه الهامة الشامخة التي أشار اليها الاخ العزيز اليابلي أتاح للرابطة ان تجعل من سلطنة لحج تجربة نموذجية في عملية الحكم وبالتالي في لحج كان هناك مجلس تشريعي له صلاحيات لا يمكن ان يتصورها أحد عندما يعود الى الحقائق التي نقرأها عنه هذه الايام، كان للقضاء استقلال مطلق وكان السيد محمد علي الجفري هو قاضي القضاة وكان له دور أساسي في وضع القوانين والنظم التي تحكم هذه السلطنة، وكان ايضا المرحوم السيد عبدالله علي الجفري رحمه الله المسؤول عن التعليم والصحة في نفس الوقت وكان هناك جيل من أبناء لحج من المتعلمين وكما تذكرون كان في لحج بعثة تعليمية من مصر فكانت لحج بمثابة النموذج الذي وضعت فيه وطبقت مبادئ الحكم المحلي الحقيقي ومبادئ الحكم الحقيقي فيما يتعلق بفصل السلطات، المبادئ التي تجعل من الحاكم شخصا ملتزما بالقوانين واللوائح والانظمة وكما أعلم ويشهد بذلك التاريخ ان سلطان لحج لم يكن يستطيع ان يصرف ريالا واحدا او شلنا واحدا خارج اطار الميزانية المحددة، إذن هذه التجربة رعتها الرابطة وكانت تريد لها ان تكون نموذجا لما بعد ذلك عنما تتوسع الدولة لتبقى دولة أكبر ان كان في اطار الجنوب او في اطار اليمن الاوسع.

عندما أدرك الانجليز هذه الخطورة لهذه الحركة الوطنية وفي نفس الوقت أريد ان أقول ان الرابطة بدأت تمد جسورها ومساعداتها المحدودة لبعض الانتفاضات القبلية التي كانت تحدث هنا او هناك مثل انتفاضات الربيزي التي حصلت في عام 1954م وحركة في كور العوالق تمت في نفس العام وحركات ايضا لدى آل شمعة في منطقة باكازم وهناك حركات في مناطق أخرى ان كان في يافع او العواذل.. تلك الانتفاضات القبلية المحدودة لربما كانت دوافعها في بدايتاه تتمثل بأمور خاصة لكن الرابطة استطاعت ان تؤطرها لتصب في المصب العام للحركة الوطنية.

عندما أدرك الانجليز خطورة هذه الحركة وانه بإمكانها ان تنمو بدأوا يفكرون بكيفية التقليل من شأن هذه الحركة والقضاء عليها، فكان قراراهم نفي الاستاذ شيخان الحبشي أمين عام حزب الرابطة الى مصر عام 1956م وبالرغم من ذلك استمرت حركة الرابطة رغم الضغوط الموجهة عليها من قبل الانجليز ومن قبل من يرفض فكرة توحيد المناطق في كيان واحد، وعندما هجمت القوات الانجليزية على سلطنة لحج في عام 1958م لإلقاء القبض على السيد محمد علي الجفري وأخويه عبدالله وعلوي ولحسن الحط انه قد تمكن السيد محمد من الهروب الى تعز لانه قد تم ابلاغه ان هناك استعدادات تجري ولربما كان الهدف هو الهجوم على لحج وهذه حقيقة تاريخية ينبغي ان نشير اليها لأن هناك مشاعر وطنية قد توافرت بين أوساط مختلف الشعب وحتى في اطار الجيش، وعلوي استطاع ان يهرب الى العوالق ، أما عبدالله علي الجفري فقد تم القبض عليه وأخذ بعد ذلك أسيراً على متن بارجة ونقل الى سقطرة وأسر لمدة ستة أشهر بعدها طلبوا منه ان يختار الى أين بذهب فطلب ان يذهب الى تعز، سافر السيد محمد الى مصر وفي نفس الوقت أقدم الاستعمار على نفي السلطان علي عبدالكريم التي كان الداعم الكبير لحركة الرابطة، واستقر في القاهرة كل من السيد محمد علي الجفري والاستاذ شيخان الحبشي والسطان علي عبدالكريم ولحق في نفس الفترة والدي الشيخ محمد أبوبكر بن فريد وايضاً لحق بعد فترة الفقيد قحطان الشعبي الذي كان عضوا قياديا في الرابطة، والاستاذ أحمد عمر بافقيه وآخرين. إذن هذه محطة أولى في مسار الرابطة حركة انطلقت كفكرة ان تبدأ حركة النهوض لليمن شماله وجنوبه عندما لم تكن الفرصة متاحة لأن تستمر هذه الحركة بالشكل المطلوب. الاخوان في الشمال انفردوا بحركتهم التي ظهرت في مرحلة لاحقة بحركة الاحرار والرابطة أعلنت عن نفسها برابطة أبناء الجنوب 1951م وكان هدفها التحرير ثم وحدة هذه المناطق ثم بعد ذلك وحدة اليمن كما أشرت عندما تكون الظروف مهيأة في ا لجزء الشمالي. تم نفي قيادات الرابطة بعد ان قامت هذه القيادات بدورها التنويري والتحريضي فيما يتعلق بإذكاء الروح الوطنية، اذن هذه المحطة الاولى.

أما فيما يتعلق بالمحطة الثانية في مصر، في ذلك الحين كانت القاهرة بمثابة القلعة للعروبة والدعوة للتحرر والآمال العريضة للعرب في عزتهم وكرامتهم، أصدرت الرابطة صحيفة صادرة من القاهرة كانت ترسل الى كثير من المناطق، وأشرفت ايضاً على برنامج من صوت العرب وكان لها دور كبير جدا في تنوير أبناء الوطن بمسألة وضرورة التحرر وايضا تنوير هذه المناطق المشتتة الى ضرورة ان تتجمع هذه الاشتات في كيان واحد، لكن للاسف اصطدمت قيادة الرابطة في مصر بسياسية لم ترق في ذلك الحين ما كانت تريد لهذه الحركة ان تكون سيدة القرار بمسار قضيتها فهناك أجهزة كما نعلم كانت تدير كثيرا من الامور وخصوصا جهاز المخابرات فكانت لا تريد الا ان تتعامل مع كثير من القيادات في اطار العمل المخابراتي وهذا الأمر لايمكن ان يرضى به قيادات تحترم نفسها وتركت سلطناتها ووطنها من أجل مستقبل أفضل ولتتحول الى عمل او مشروع كهذا، وبالتالي كانت القبضة على الرابطة ومن هنا ايضاً بدأ الاجحاف الذي يصيب الرابطة لأن مصر في ذلك الحين والإعلام المصري بشكل خاص كان يحيي ويميت دولا من بالك منظمات ناشئة او أفراد، تذكرون اذاعة صوت العرب وأحمد سعيد وكيف كان دوره في مسألة الاذكاء والتطوير أو دعم أي حركة او الضرر بها، وفي نفس المسار رأت الرابطة ان تنقل قضيتنا الى صف جديد ألا وهو الامم المتحدة التي كانت في تلك الفترة من المنظمات او من الجهات التي تعنى بقضية التحرر الوطني في كثير من بقاع العالم التي كانت مستعمرة فالامم المتحدة في أواخر الستينات أعطت لهذه القضية اهتماماً بالغاً وفتحت أبوابها لمن ينادي بتحرير بلاده وبدأ الأستاذ الاتجاه إلى الأمم المتحدة عامي 59-1960 وذهب في رحلات متكررة مع السيد محمد علي الجفري وآخرين من قيادة الرابطة ينصفوا قضية الوطن في اطار انه وطن مستعمر وينبغي أن يتحرر ويتوحد وكان للامم المتحدة في حقيقة الامر دور جيد لأنها شكلت لجنة لتقصي الحقائق، فاجتمعت هذه اللجنة في القاهرة والرياض وجاءت الى عدن واستمعت الى آراء مختلف الاطراف حول مسالة التحرر ولكن عندما جاءت هذه اللجنة كنا قد شهدت بلادنا ولادة منظمات وحركات جديدة في التحرر من الاستعمار وكان ابرز هذه الحركات الجبهة القومية التي حملت الجزء الأساسي من النضال بمفهومها وأفكارها التي تترك الامر للتاريخ ليحكم عليها اين أصابت وأين أخطأت، بعد ذلك جاءت جبهة التحرير ولكن أذكر جيداً عندما جاءت لجنة تصفية الاستعمار الى القاهرة وظهر أمامها ممثلون عن الرابطة وجبهة التحرير والجبهة القومية، حيث ان الجبهة القومية كانت تدعي أنها الممثل الوحيد لشعب الجنوب، وكانت جبهة التحرير تدعي أنها الممثل الشرعي الوحيد لشعب الجنوب، وعندما جاء دور الرابطة قالت الرابطة إن الجنوب فيه الكثير من القوى التي تتصارع ولا يمكن التوصل الى حل الا بالاستماع الى وجهات نظر هذه الأطراف المختلفة وبالتحديد الرابطة والجبهة القومية وجبهة التحرير بل والسلاطين الذين كانوا يحكمون هذه الإمارات والمشيخات هم قوى موجودة على الارض، فاذا في الإمكان ان نصل الى حل عملي لا يمكن التوصل اليه إلا اذا أخذت الآراء لكل الاطراف التي لها ثقل بعين الاعتبار. سارت الامور على منوال آخر، فالثورة التي حدثت في الشمال 1962م وللوجود المصري في الشمال وتأثيرات هذا الوجود على طبيعة الأعمال المسلحة بعدن وبعض مناطق الجنوب، وإنشاء كثير من التيارات العسكرية والسياسية وارتباطها بالخط الناصري أو بعد ذلك حركة القوميين العرب على سبيل المثال بالنسبة للجبهة القومية كانت هناك أطراف كثيرة لها اجتهادات أدت الى ان يفسد الميلاد بالشكل الذي كنا نريده، ميلاد الاستقلال كنا نريده في يوم تجتمع فيه كل قوى هذا الوطن وننطلق بروح التعاون وبروح الاعتراف بأن هذا الوطن ليس ملكا لفرد أو لحركة أو لحزب أو قبيلة بمفردها، ولا يمكن أن ينطلق الانطلاقة الصحيحة إلا اذا تكاتفت كل هذه الجهود الخيرة. أنا لا أقول هذا الكلام من باب التنظير وإنما اقوله عن صدق لانه فعلا تاريخ الرابطة يتسم بالعقلانية والواقعية إلى حد أن هذه العقلانية وصفت إما بالاستسلام للاستعمار أو التخلي عن الكفاح المسلح الى آخره مما سمعناه اثناء الحرب الاعلامية ما بين الاطراف المختلفة. جاء الاستقلال كما اشرت بالشكل المبتسر والذي تولت فيه السلطة جبهة من الجبهات التي كان لها باع في النضال.

اذن جاء يوم الاستقلال الذي كان ينبغي ان نفرح به جميعا، جاء في ظروف كثير منا يدركها ويتذكرها من قتال اهلي بين كثير من الفصائل وبالذات بين الجبهة القومية وجبهة التحرير وايضا بدأ اليوم الاول للاستقلال بعد أن اعلن أن هناك جبهة واحدة وحزب واحد وتوجه واحد وكل ما عدا ذلك وصف بأوصاف لا اريد ان اخوض فيها، ولكن المؤلم ان اولئك الذين اشرت اليهم في بداية حديثي إن كان السلطان علي عبدالكريم الذي ترك سلطنته أو السيد محمد علي الجفري او شيخان او الوالد أو كثيرين منعوا منذ ذلك اليوم أن يكونوا في بلادهم وبالتالي كان الاستقلال ناقصا بالنسبة لنا ودخلت البلاد في تجربة لا أريد الخوض فيها وبالنسبة للرابطة وقيادات الرابطة من كان في الداخل كان تحت المجهر وتحت المتابعة والرصد والمتابعات المختلفة ظلت في المنافي بعد ان كانت ايضا في المنفى لمدة عشر سنوات في ظل النظام الانجليزي، فاستمرت الرابطة وقيادتها في المنفى 23 سنة واعضاء الرابطة في الداخل في وضع لا يحسدون عليه في ظل النظام الواحد والرأي والواحد، وفي هذه المرحلة حاولت الرابطة ان تجد مخارج عبر الوسائل السياسية بل والعسكرية في بعض الاحيان وخاصة اذا ما تذكرنا حركة الوحدة الوطنية التي عاشت في كور العوالق في صيف عام 1968م وفي ردفان وفي الصبيحة في تلك الفترة بعد سنة من الاستقلال تقريبا تنازعت هذه القوى لمحاولة ان تفرض وحدة وطنية تقود البلاد بدلا من ان تحكم بحزب او جبهة واحدة وصار قتال في كور العوالق وقتل العشرات واستمر هذا الاحتصان في الجبال لاكثر من سنة ولكن نتيجة لظروف داخلية واقليمية ودولية أوذيت هذه الحركة، وظل النضال السياسي هو الوسيلة الوحيدة لحزب وقيادة الرابطة في الخارج، ومن هو في الخارج عادة يظل اسير للظروف التي يعيش فيها ولا يملك حرية الحركة أو القرار في بعض الاحيان وهذه الحقيقة كانت معروفة لقيادة الرابطة وبالتالي ظلت المحاولات جارية لإقناع الاخوة الذين تولوا شئون البلاد بانتهاج نهج عقلاني بالانفتاح على الآخرين وباستثمار موقع بلادنا والانطلاق في بناء وطن مستقر آمن، ولكن للاسف هذا الصوت لم يجد له من مجيب وتطورت الصراعات داخل الحزب الواحد نفسه إلى أن انتجت ما انتجت من المآسي ولا أريد أن أخوض فيها».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى