أيــام الأيــام .. المطلوب حكومة وحدة وطنية لمواجهة الفساد وتلبية متطلبات التغيير والتأهيل

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
كثر الحديث عن مشاكل البلاد العديدة والتي من أبرزها الفساد المستشري والمركزية المفرطة والبطالة المرتفعة والفقر المدقع الآخذ في الاتساع وتأهيل الاقتصاد. والآن وبعد أن فاز حزب المؤتمر في الانتخابات الأخيرة وحصد منها رئاسة الجمهورية وفوز الرئيس علي عبدالله صالح ليكمل أكثر من 35 عاماً على كرسي الرئاسة في آخر دورة انتخابية له، كما حصل حزب المؤتمر على أغلبية في المجالس المحلية بالرغم من الملاحظات التي سجلتها أحزاب المعارضة والبارونة إيما نيكلسون ممثلة الاتحاد الأوربي في تقريرها حول الانتخابات، فليس أمام حزب المؤتمر ليؤكد مصداقيته سوى الالتزام بتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي وعد به الجماهير الناخبة له من جهة، وكذا الالتزام بتنفيذ ما وعد به المانحين لتأهيل الاقتصاد اليمني من جهة ثانية. وفي رأينا أن كل هذه الالتزامات لا يستطيع حزب المؤتمر وحده الوفاء بتنفيذها فالتحديات كبيرة وثقيلة وصعبة ومعقدة ولا يمكن حلها ورفع كاهلها عن الوطن إلا بتكاتف جهود كافة القوى الوطنية في الداخل والخارج وتوحيدها ومن خلال حوار وطني مفتوح وشامل تطرح وتناقش فيه كل القضايا ويتسم بالوضوح والشفافية وتكون إحدى نتائجه تشكيل حكومة وطنية قادرة على مواجهة التحديات وتلبية الالتزامات المطلوبة منها. ومخطىء جداً من يعتقد أن الحل يكمن في تضخيم الجيش والتوسع في الأجهزة الأمنية المختلفة، ومن يأخذ بهذا الاتجاه إنما يأخذ بالاتجاه المعاكس للتنمية، كما أن منطق نتائج صناديق الانتخابات وحكم الأغلبية والتفرد بالسلطة وتهميش القوى الأخرى أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وقد أثبتت التجارب أن النماذج التي أخذت بهذا المنطق قادت دولها إلى مشاكل متفاقمة وأدخلتها في أنفاق مظلمة أصبح من شبه المستحيل الخروج منها آمنة. وتفادياً لذلك فإن على حزب المؤتمر الانفتاح على الغير لا بغرض احتوائه وإنما بهدف شراكته في تحمل المسؤولية الوطنية فالوطن للجميع وليس حكراً لطرف دون الآخر.

ونقترح بعد الحل السياسي أن يتضمن برنامج حكومة الوحدة الوطنية الأولويات التالية:

1- إعادة تنظيم وهيكلة المؤسسة المالية المتمثلة في وزارة المالية والبنك المركزي وجهاز الرقابة، فالنظام المالي الحالي يشوبه الكثير من القصور والثغرات التي ينفذ منها المفسدون فالمال فتنة وأساس للفساد، وأن تَصُبَّ كل مواد الدولة في الخزانة العامة، وأن تتضمن الموازنة السنوية التي تصدر بقانون كل النفقات الحكومية دون استثناء وسيؤدي هذا إلى سهولة الرقابة المالية وكشف الفساد والحد من هدر المال العام وتفادي مهزلة الاعتماد الإضافي السنوي.

2- تخفيض موازنة الدفاع والأمن. فالمعروف أن ما سمي بمشروع مارشال الذي نفذ في ألمانيا واليابان بعد انهيارهما في الحرب العالمية الثانية اعتمد بدرجة أساسية على تسخير مخصصات الدفاع لأغراض التنمية والأخذ بروح هذا الاتجاه يساعد على الإسراع في تأهيل الاقتصاد اليمني، وسيشجع المانحين على تفعيل دورهم وزيادة مساهماتهم.

3- إلغاء المركزية المفرطة وإعطاء المحافظات استقلالاً مالياً يمكنها من التصرف في مخصصاتها السنوية ومنحها صلاحيات في التوظيف وتنفيذ مشاريعها ونسبة من مواردها، وتفعيل دور السلطات المحلية وزيادة صلاحياتها في شأنها الداخلي التنموي.

4- تحويل المعسكرات إلى خارج المدن ومنع تدخل العسكريين في الشؤون المالية، فالتنمية تزدهر بابتعاد العساكر عنها.

5- الاهتمام بنزاهة القضاء واستقلاليته، فالتنمية مرتبطة بالاستثمار وبقدر ما يكون القضاء نزيهاً يكون الاستثمار متحفزاً.

والخلاصة أن مشاكل البلاد كثيرة ومتداخلة ومترابطة ولا يمكن حلها بالتفرد في القرار وأن الصلاحيات المطلقة لا تتماشى لا مع منطق العصر ولا مع ديننا الحنيف، وأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة. وإذا لم يدرك المسئولون خطورة سياسة التمييز في التعامل على أساس قبلي أوحزبي وتهميش الآخر ويعوا حجم المشاكل الراهنة وحدِّتِها، فإن البلاد لا قدر الله قادمة على أمور لا تحمد عقباها وتخالف منطق الوحدة والتنمية والتأهيل، اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.

[email protected]

كبير خبراء ورئيس قسم الاحصاءات الاقتصادية بالاسكوا - الأمم المتحدة (سابقاً).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى