مجلة فتاة شمسان في عامها الرابع

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

> بتاريخ 1 يناير 1963م دخلت مجلة «فتاة شمسان» عامها الرابع وفي هذه المادة التاريخية الصحفية نقدم بعضاً من معلومات أعداد ذلك العام، المتصلة بالحياة الاجتماعية في مدينة عدن، وفي ذلك العام واصلت تلك المجلة رسالتها الإعلامية تجاه المرأة في هذه المدينة بعد أن أرست في سنواتها السابقة الأساس الذي قامت عليه الخطوات الأولى في حقل الصحافة النسائية في عدن والجزيرة العربية، وتلك ريادة تطال بها الخالدة ماهية نجيب مكانة معرفية بين تلك المحاولات التي سعت إلى وضع عدن المدينة والإنسان في الواجهة الحضارية، وهذه محاولة أخرى للاقتراب من هذه التجربة وقراءة أفكار وفهم كلمات كانت عدن هي قاموسها الذي يطرح الكلمة ويعرف المعنى.

المطلوب من «فتاة شمسان» المضي في العمل
في السنة الرابعة من صدورها وبتاريخ 1 يناير 1963م، العدد الأول يكتب الاستاذ الراحل عميد «الأيام» محمد علي باشراحيل عن هذه التجربة بتاريخ الصحافة العدنية قائلاً: «عام يمضي.. وعام يقبل، ومع تعاقب الأعوام تخوض الصحافة الحرة معركة الحياة.

تخوضها متنقلة بين ميدان وآخر وهي تسجل انتصارات مجتمع نفض عن كاهله غبار الكسل والجهل وصمم على أن يحيا حياة حرة كريمة.. حياة يصنعها هو بقوة إرادته ومشيئته.وقد دأبت الصحافة عند نهاية كل عام أن تستعرض حسنات العام الماضي ومساوئه لتودعه بما يستحقه من آيات الذم أو الثناء كأساس يساعدها وهي تستقبل العام الجديد على أن تسعى إلى إصلاح ما لحق الخير من تلف الشر له من جهة، ولتدعم الخير بما ينفع الله والناس في الأرض وإلحاق الهزيمة بالشر وأعوانه من جهة اخرى.

لست هنا مطالباً باستعرض أحداث العالم الماضي من الوجهة السياسية بقدر ما أنا مطالب بتقديم كلمة لقراء «فتاة شمسان» بمناسبة دخولها العام الرابع من عمرها المديد.. وعلي أن أراعي ظروف المجلة والأهداف المحددة لها حتى أجنبها الوقوع في إشكال، وما أكثر الاشكال في الظروف التي نمر بها الآن. إن الصحافة في اليمن تعاني من ضعف الإمكانيات الشيء الكثير، الا أنه بالرغم من ذلك ليس ثمة ضعف أخطر على وجودها من النقص الفاضح الذي ظلت تعانيه نحو المرأة والاهتمام بشؤونها ومشاكلها كجزء من عملية التوعية العامة في محيطها باعتبارها جزءاً اساسياً يعتبر اليوم في حياة الشعوب مقياساً لوعي المجتمع ونضوجه. إن إقدام الزميلة ماهية نجيب على إصدار وتحرير أول صحيفة نسائية في هذا الجزء من الوطن عمل جدير بالخلود وليس هناك من هو أقدر على تسجيل عملها هذا من التاريخ وحده. ذلك لأنها عالجت نقصاً في الصحافة المحلية واملأت فراغاً ظل مجتمعنا بسببه مشلولاً لا يقوى على الانطلاق نحو عالم الغد الحر الطليق.

إن السيدة ماهية نجيب هي رائدة التحرر بالنسبة لقطاع المرأة في مجتمعنا، هي رائدته دونما شك والرائدة شأنها شأن غيرها الذين سبقوها، لن تجد الطريق أمامها مفروشاً بالسجاد والرياحين.. بل إن المشاكل، على اختلاف مستوياتها، ستتكاثر عليها وسوف يكون نصيب الحاقدين والموتورين من بين الذين يخلقون المشاكل لها، هو الأوفر بالنسبة للمشاكل الحقيقة التي يجب عليها أن تنصرف لها وهي تتولى عملها القيادي الهام في عالم المرأة. أرجو أن لا أكون مسيئاً لاحد إذا قلت إن موقف بعض السيدات العدنيات من السيدة ماهية وتمثيلها للمرأة اليمنية في المؤتمر العربي النسائي الخامس الذي انعقد في الشهر الماضي في لبنان هو خير شاهد لما قلته آنفاً.لقد انطلق علم الثورة اليمنية يرفرف في سماء لبنان إلى جانب أعلام الدول العربية التي اشتركت وفودها في المؤتمر، انطلق حال وصول السيدة ماهية نجيب مطار لبنان.ألا يكفي أن يكون ذلك، بفضل مساهمة السيدة ماهية مدعاة للفخر والاعتزاز؟

ولكن ماذا حصل؟ وقفت بعض العضوات في الجمعية العدنية للنساء يتهمنها بتبذير مالية الجمعية دونما فائدة وكن قد سعين قبل ذلك إلى رفض الدعوة وعدم الاشتراك في المؤتمر.. هذا مع العلم بأن السيدة ماهية لم تطلب من الجمعية مقابل اشتراكها في المؤتمر سوى ألف ومائتي شلن لا غير.. وهو مبلغ أقل من ثمن التذكرة بالطائرة، وتحملت هي الفرق إلى جانب التكاليف الأخرى كملابس شتوية وغيرها. أما مصاريف الوفد فكان على حساب المؤتمر العربي النسائي الذي وجه الدعوة. إنني أسرد هذه الحكاية باختصار لأدلل بها كما قلت نوع المشاكل التي يزرعها الحاقدون في طريق الرواد وأكرر القول بأن لا أكون قد أسأت إلى أحد بسردي للحكاية، بل إني أشفع رجائي بالاعتذار لكل من في سردها إساءة له.إن «فتاة شمسان» تلتفت إلى عامها الثالث المنصرم وهي رافعة الرأس بما حققته من نشر الوعي في صفوف المرأة. إنها تتطلع إلى عامها الرابع وعلى محياها ترتسم بشائر الغد المشرق القريب.. غد المجتمع الإنسان الجديد في المنطقة كلها وهو يطل بابتسامته العريضة من خلال ظل السحب الكئيبة التي مرت عليها رياح التغيير لتلقي بها إلى حيث القت رحلها «أم قشعم».المطلوب من السيدة ماهية هو أن تمضي في طريقها ساعية إلى تطوير «فتاة شمسان» لسان حال المرأة في أرضنا دون الالتفات إلى التافه من الأمور وعليها أن تدرك بأن الحاقدين كلما زاد عددهم إنما يقدمون الدليل تلو الدليل على نجاحها في مهمتها، ليس المهم ما يضعونه في طريقها بل إن ازدياد عددهم هو الاهم لتطمئن على أنها ناجحة في مهمتها. ومهما زاد هذا العدد هناك في الكفة المقابلة ما يرجحه ضعف الاضعاف من طلائع الخير والحب والإخلاص للوطن وتقدمه. وهذا الجانب الأخير يهمنا أمره في مجتمعنا، فإلى الأمام يا ماهية والله يوفقك.

محمد علي باشراحيل رئيس تحرير صحيفة «الأيام»

المرأة العدنية والاتحاد النسائي العربي
بتاريخ 29 نوفمبر من عام 1962م يوم الخميس وصلت السيدة ماهية نجيب برفقة السيدة سعيدة محمد باشراحيل، إلى بيروت حيث تم استقبالهما من قبل السيدة أنيسة نجار وبعض من عضوات الوفد النسائي اللبناني، وكانت على رأس المرحبات الآنسة ابتهاج قدورة، رئيسة الاتحاد النسائي العربي. وكان يوم الوصول هو اليوم الثالث لانعقاد ذلك المؤتمر وقد تحدثت فيه مندوبة ليبيا السيدة رباب أدهم، وكان قد بلغ عدد الحضور النسائي فيه حوالي (200) امرأة من أقطار العالم العربي بما في ذلك عدن. وبعد أن انتهت من حديثها، وقفت كل من ابتهاج قدورة، رئيسة المؤتمر والسيدة أنيسة نجار والسيدة سهير القلماوي وأمينة السعيد، وعندما قدم وفد الجمعية العدنية للنساء إلى الحاضرات، ضجت القاعة بالهتافات المدوية والتصفيقات التي هزت كل شبر في قاعة المؤتمر، لأن المرأة العدنية كانت في ذلك الوقت قد حققت حضورها العربي والدولي.

وبعد ذلك قدمت ابتهاج قدورة السيدة ماهية نجيب لتلقي كلمة عدن عامة وكذلك كلمة الجمعية العدنية للنساء خاصة وقد قالت السيدة ماهية نجيب بكلمتها: «أخواتي العزيزات، بالنيابة عن الجمعية العدنية للنساء في عدن، جنوب الجزيرة العربية وبالأصالة عن نفسي وعن زميلاتي في وفد عدن في هذا المؤتمر النسائي العربي العظيم أود أن أتقدم بجزيل شكري على ما أوليتمونا من عناية وما طوقتم به أعناقنا من جميل وحسن صنيع، لقد اتيحت لنا الفرصة لحضور هذا المؤتمر النسائي العربي العظيم لتمثيل بلادنا كما استطعنا أن نتعرف على أكبر مجموعة ممكنة من البلاد العربية، وإننا إذ نجتمع في هذه البلاد العربية الشقيقة فإننا نود أن نتقدم إلى الحاضرات بكلمة وفدنا. وإن عدن هي مدينة الإشعاع الثقافي والعلمي والأدبي في جنوب الجزيرة العربية وهي اليوم بدأت تنفض عن أعينها غبار الماضي وبدأت تتحسس طريقها لتقف شامخة الرأس بين مجموعة الدول العربية قد بدأت الآن تعي حقها السياسي والاجتماعي في بلد أهمل حقوقنا السياسية مدة طويلة من الزمن فهي الآن تطالب بأن تنال المرأة العربية العدنية حقوقها السياسية كاملة حتى نستطيع أن نشترك في الحياة السياسية ونساهم في خدمة بلادنا. أما في الحياة الاجتماعية فقد أصبحت لدينا منظمات نسائية تساهم في خدمة المرأة اجتماعياً وأدبياً وثقافياً فالجمعية العدنية للنساء تعمل الآن جادة على بناء دار لنا حتى يتمكن أعضاؤها من الاجتماع في دار خاص لهن وحتى يتمكنّ من العمل على رفع مستوى المرأة. وختاماً أكرر شكري بالنيابة عن الجمعية العدنية للنساء لشقيقاتنا العربيات على دعوتهن لنا للحضور في هذا المؤتمر النسائي العربي العظيم.. والسلام عليكن ورحمة الله وبركاته».

ماهية نجيب تدعو إلى إعطاء المرأة حق التصويت
في العدد التاسع من «فتاة شمسان» الصادر في سبتمبر 1963م نشر هذا الموضوع المتصل بحقوق المرأة السياسية في عدن حيث طالبت السيدة ماهية نجيب بإعطاء المرأة العدنية حق التصويت في الانتخابات، كما طلبت من لجنة

تعريف المواطن في المجلس التشريعي في النظر بهذا الأمر الهام.

وقالت لصحيفة «اليقظة» الصادرة في عدن، أن اللجنة يحق لها أن تستمع إلى آراء الهيئات النسائية في مثل هذا الموضع، والتوصية بإعطائهن حقهن المشروع في توجيه بلادهن والمساهمة في تطويرها، وأن أي مجلس نيابي لا يمكن أن يكون معبراً عن آراء الأمة متى ما حرم من رأي المرأة التي تكون نصف المجتمع. وفي نفس الوقت اصدرت جمعية المرأة العربية التي تتولى سكرتاريتها السيدة رضية إحسان، وقد عرفت بهذا الاسم (جمعية المرأة العربية) منذ عام 1955م، وقد أصدرت بياناً قدمت فيه تأييدها لتعريف المواطن الذي له حق الانتخاب والتصويت في عدن الذي كان قد قدمه حزب الشعب الاشتراكي وأكدت في ذلك البيان: «إن حق المرأة السياسي ليس محل مناقشة ولا هو فتوى دينية من اختصاص رجال الدين وحدهم بل هو حق للمرأة كمواطنة وأن كفاح المرأة الشريف ضد القوى المعادية والقوى الرجعية وتضحيات نساء بلادنا التي تتساوى فيها الجاهلة والمتعلمة ومساهمتهن في العمل في كل المجالات يؤكد جدارتهن بهذا الحق وتنال المرأة حقها ولا بالمنح ولا بالمطالبة، ولكن بنضالها الشريف من أجل غد أفضل ومستقبل شريف».

ضمان الحقوق السياسية للمرأة العدنية
في العدد الحادي عشر من مجلة «فتاة شمسان» الصادر في شهر نوفمبر 1963م جاء حول هذه الموضوع بأن اللجنة التي عينها السيد زين باهارون، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في حكومة اتحاد الجنوب العربي، والمعرفة بمن هو المواطن العدني والذي سوف يكون له الحق في التصويت والترشيح، قد قدمت توصياتها لمنح المرأة العدنية الحقوق السياسية وكانت مجلة «فتاة شمسان» قد علقت على هذا الموضوع بما يلي: «هذه الخطوة الجريئة المباركة وتتمنى للمرأة العدنية كل تقدم ورخاء ورفاهية كما أنها تؤمل أن ترى في المستقبل برلمانيات يناقشن في شؤون ومستقبل بلادهن السياسي ومرة أخرى تقول أن لو صح هذا الخبر رسمياً فلا نريد أن نتفاخر فنقول بأن أول من طالبت بهذا الحق السياسي للمرأة العربية في عدن، هي صاحبة هذه المجلة في قلب البرلمان البريطاني وقد جاء هذا في كتاب المستر سورنسن عضو مجلس العموم البريطاني الذي ذكر بأن المرأة العدنية العربية على حسب نقاش السيدة صاحبة هذه المجلة معه في مجلس العموم البريطاني يجب أن تنال حقوقها السياسية في التصويت والترشيح في الانتخابات».

هل يفكر مجلس عدن التشريعي بإعطاء المرأة الحقوق السياسية؟
ظل هذا الموضوع يشغل فكر العديد من الناس في عدن، وقد أسهمت عدة أقلام في الكتابة وطرح الآراء وتوسيع دائرة الحوار حتى تأخذ رؤية القضية وأبعادها أوسع المسافات في تحديد نقاطها ومعرفة أصول نقاشها، والاقتراب من وعي المرأة الذي يعد صاحب الحق الأول في أخذ هذه الحقوق حتى تمتلك القدرة على معرفة الأرضية التي تقف عليها.

في هذا المضمار، وفي العدد الخامس من مجلة «فتاة شمسان» الصادر بتاريخ 1 مايو 1963م تكتب مواطنة عدنية هذه الكلمات: «تابعت باهتمام بالغ مناقشات أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء مجلس الوزراء العدنيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء السيد حسن علي بيومي، عن الانتخابات العدنية القادمة لأعضاء المجلس التشريعي المقبل وكان الرأي السائد كما فهمت والله أعلم، أن في نية حكوماتنا الوطنية تأليف لجنة تحقيق في من يحق له أن ينتخب في الانتخابات القادمة ولكن وسط هذا النقاش الحاد في المجلس التشريعي هل فكر الأعضاء المحترمون بما فيهم بطبيعة الحال الوزراء وعلى رأسهم رئيس الوزراء بحقوق المرأة السياسية في هذا الوطن العربي؟ هل فكر هؤلاء بأن المرأة العدنية، العربية يجب أن تشترك في الانتخابات؟إنني لا أريد أن أقول إن المرأة العدنية، العربية قد وصلت إلى المستوى السياسي الذي يجب أن تقف منه لتترشح في الانتخابات على الأقل في الوقت الحاضر نظراً للظروف السياسية الموجودة الآن ولأن المرأة ظلت مدة طويلة من الزمن محرومة من كل الحقوق السياسية التي قد تحصلت عليها شقيقاتها العربيات في كل من الجمهورية العربية المتحدة والعراق ولبنان وسوريا وغيرها من الدول العربية الشقيقة.

وإذا قلت هذا الكلام فإنني سوف ألقى من المعارضة الشديدة ما لا يمكن الصمود أمامه لأن مجتمعنا مع الأسف الشديد قد حرم المرأة العدنية العربية من معظم حقوقهم السياسية.. إن المرأة يجب أن تثبت وجودها فتؤيد المطالبة التي تقدمت بها صاحبة هذه المجلة النسائية الأولى في الجزيرة العربية في قلب البرلمان البريطاني وهي أن تعطى المرأة العدنية، العربية حقوقها السياسية كاملة غير منقوصة ثم ماذا؟ لماذا لا تريد الحكومة الوطنية الحاضرة أن تؤيد مطالب المرأة العدنية، وتسمح لها بالذهاب حتى ولو بالحجاب إلى صناديق الانتخابات لتدلي بصوت وإنني كمواطنة عدنية أود أن أرى السيد حسن علي بيومي، قد حقق هذا المطلب لأنه سيكون قد حقق مطلباً شريفاً. إن الصحافة المحلية العربية قد أيدت المرأة العدنية العربية في مطلبها فلماذا تتخلف الحكومة الوطنية عن تحقيق هذا المطلب العادل؟ فليكن الهدف الأول من لجنة التحقيق للانتخابات القادمة هو أن تعطى المرأة العدنية، العربية حقها الأول في الانتخابات.وهذا الحق هو أن كل فتاة عدنية، عربية أو سيدة عدنية، عربية تبلغ من العمر الواحد والعشرين يجب أن تنال حقها السياسي في الانتخابات. إنني أرجو أن يحقق هذا الأمل».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى