أعوام جديدة وأعياد سديدة

> علي عمر الهيج:

>
علي عمر الهيج
علي عمر الهيج
مر العيد بأفراحه وأحزانه، واحتفى به الناس كل على طريقته، منا من أشرقت عليه الأضواء واكتسى بالعيد أفراحا وأعراسا يعانق سماوات البهجة والسرور وهبت نسمات الأنس والسكينة وسط منزله وهي عامرة هانئة (واللهم لا حسد) وربنا يبارك ويزيد الناجحين الخيرين!

ومنا من عصفت به المعيشة وجبروتها وأقبل على العيد وهو كسيف أسيف، وخيمت على منزله كل ألوان الحزن، وظل مفترشا أمام أطفاله يحكي لهم حكايات عن الأعياد العتيقة، حينما كانت القلوب منشرحة والمعيشة هادئة وأغنيات الأنس تملأ الأرض والسماء حبا وصفاء، فيما أطفاله حواليه وأعينهم ترقب المكان والزمان بطعم المرارة والأسى.. حفاة عراة لا يجدون لقمة هانئة ولا ثوبا جديدا ولا لعبة أو هدية بلاستيكية تحرك فيهم كل أحاسيس الطفولة وعفويتها النقية.

أما البعض من (حمران العيون) فقد عانق العيد غير عابئ بميزانية العيد، ولم يؤرقه علو الريالات المصبوبة فوق موضة الأزياء الساحرة والصرعات الآسرة والترف المجنون، حيث عالم العطور، والموبايل، وحتى أطقم تقليم الأظفار، كما لم تؤرقه قائمة الاحتياجات ولا أصناف المواشي والخضروات والفواكه، ونام لياليه هائنا مستريحا حالما بالحدائق والأعناب ومداعبة العصافير والحمام والمؤانسة اللطيفة مع طائر البطريق القادم من بلاد الصقيع.

ومنا من أطاح به الأرق وأمسى لياليه متكسرا غارقا بالكوابيس المزعجة حيال ذلك العوز والحوائج الإنسانية التي لم يستطع أن يطالها بفعل غياب ذلك التوازن بين ريالاته المهمشة وبين قاطرة المعيشة المجنونة التي تسحق جيوب البسطاء الذين يصطفون على طوابير البريد أو على هامش الرصيف ناظرين بترقب (علاوة الخبز) التي حوصرت بين أنياب الخطط والبرامج الهوجاء التي غيبت معها كل معاني الدفء والسكينة!

وبين هذا وذاك.. وحينما كانت رائحة العيد تشتم من الشارع حيث الفرح والألعاب النارية والأهازيج والرقصات وموائد المرح والحلويات، فإن كثيراً من الآباء أغلقوا الأبواب على أطفالهم وراحوا يحكون لهم عن التعفف والزهد والعزة، فيما أطفالهم يرمقونهم بحيرة دون أن يستوعبوا شيئا إزاء هذه المرارات.

مر العيد بأفراحه وأحزانه، فيما يطل علينا عام ميلادي جديد.. وها هي الأعوام والسنوات تقطع خطوط المكان والزمان بسرعة هائلة ليكتوي البسطاء معها ـ كل يوم ـ ذهولا وانكسارات عريضة ومؤلمة.

ومع كل هذا.. يبقى العيد عيدا زاهرا بالحب والرضى والقلوب المتصافحة وعيدا دائما للعافية.. وكل عام والأحبة بخير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى